تحرّكت إدارة الرئيس دونالد ترمب بعد فضيحة مدوية تتعلق باختلاس أموال مساعدات عامة في مينيسوتا، لشن حملة واسعة النطاق ضد الجالية الصومالية الضالعة فيها، وتطبيق سياسة هجرة أكثر تشدداً ضدها في هذه الولاية الشمالية.
وأثار مقطع فيديو نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي حول هذه القضية موجة غضب في الأوساط المحافظة خلال عطلة نهاية الأسبوع، وحمل الشرطة الفيدرالية على تنفيذ عملية في مينيسوتا، فيما بدأ بعض المسؤولين يتحدثون عن احتمال طرد مهاجرين، كما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية».
وكتب نائب الرئيس جيه دي فانس، السبت على «إكس»، أن «ما يحدث في مينيسوتا هو نموذج مصغر للاحتيال في مجال الهجرة داخل نظامنا». وتم توجيه التهمة رسمياً إلى 98 شخصاً في سياق قضية اختلاس الأموال العامة بالغة التشعب، وأكدت وزيرة العدل بام بوندي أن «85 منهم من أصل صومالي».
وفي الملف الرئيسي للقضية، جرى اختلاس أكثر من 300 مليون دولار من المساعدات العامة الممنوحة من أجل توزيع وجبات طعام مجانية على أطفال، من غير أن يتم توزيع أي شيء في غالب الأحيان.
اتّهامات للديمقراطيين
ويتّهم مسؤولون جمهوريون ومدعون عامون فيدراليون السلطات الديمقراطية المحلية بغض النظر على مدى سنوات عن كثير من التحذيرات، لأن عمليات الاحتيال شملت الجالية الصومالية في مينيسوتا، وهي الأكبر في البلاد؛ إذ تضم حوالي 80 ألف فرد.
وأوضحت النائبة الجمهورية المحلية، كريستن روبينز، المرشحة لمنصب الحاكم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «عندما أبدى مبلغون عن المخالفات مخاوفهم، قيل لهم إنه لا ينبغي عليهم قول أي شيء خوفاً من اتهامهم بالعنصرية أو معاداة الإسلام، أو لأن ذلك سيُسيء إلى القاعدة الانتخابية للحاكم وللحزب الحاكم، وهو الحزب الديمقراطي هنا».
Here is the full 42 minutes of my crew and I exposing Minnesota fraud, this might be my most important work yet. We uncovered over $110,000,000 in ONE day. Like it and share it around like wildfire! Its time to hold these corrupt politicians and fraudsters accountableWe ALL... pic.twitter.com/E3Penx2o7a
— Nick shirley (@nickshirleyy) December 26, 2025
غير أن الحاكم تيم والتز، الذي خاض الانتخابات الأخيرة مرشحاً لنيابة الرئاسة مع كامالا هاريس، رفض هذه الاتهامات. وكُشفت القضية منذ عام 2022، غير أن الفضيحة انفجرت هذه السنة مع ظهور معلومات جديدة، فاتخذت منحى سياسياً.
وقالت ليزا ديموث، الرئيسة الجمهورية لمجلس النواب المحلي في مينيسوتا والمرشحة هي أيضاً لمنصب الحاكم، متحدّثة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن هذا الملف «نال أخيراً كل الانتباه الذي يستحقه».
وحرّك صانع المحتوى على «يوتيوب» اليميني التوجه، نيك شيرلي، الاهتمام بهذه القضية خلال فترة الأعياد عبر مقطع فيديو يكشف، حسبه، عن مراكز لرعاية الأطفال تقوم باختلاس أموال عامة وتبديدها. ولقي الفيديو الذي انتشر بشكل هائل على «إكس»، حاصداً 127 مليون مشاهدة، وأعادت شبكة «فوكس نيوز» بثّه بصورة متواصلة، أصداء واسعة في أوساط حركة «ماغا» أو «لنجعل أميركا عظيمة من جديد» الموالية لترمب والمعارضة لسياسات تعدها شديدة السخاء في مجالي المساعدات الاجتماعية والهجرة.
تحرّك حكومي
واستجابت إدارة ترمب للاحتجاجات على الفور، فأعلنت الثلاثاء تجميد كل التمويل المُخصّص لحضانة الأطفال في مينيسوتا. بدورها، أعلنت وزارة الأمن الداخلي أن الشرطة نفذت، الاثنين والثلاثاء، عمليات في مواقع «يشتبه بوقوع عمليات احتيال فيها» في مينيابوليس، كبرى مدن الولاية. وقالت المتحدثة باسم الوزارة، تريشا ماكلولين، لشبكة «فوكس نيوز»: «نعتقد أن هناك عمليات احتيال متفشية، سواء في مراكز رعاية الأطفال أو مراكز الرعاية الصحية أو غيرها من المنظمات».
What's happening in Minnesota is a microcosm of the immigriation fraud in our system. Politicans like it because they get power. Welfare cheats like it because they get rich.But it's a zero sum game, and they're stealing both money and political power from Minnesotans. https://t.co/AHLc0QuaiP
— JD Vance (@JDVance) December 27, 2025
وأعلن مسؤولون فيدراليون في القطاع الصحي في هذا السياق تجميداً واسعاً للتمويل لمينيسوتا وأنحاء البلاد. وكتب نائب وزير الصحة والخدمات الإنسانية جيم أونيل على «إكس» الثلاثاء: «جمدنا كل المدفوعات لرعاية الأطفال لولاية مينيسوتا». وتمارس هذه الوزارة رقابة مالية واسعة على البرامج المخصصة للفئات المحرومة، بما فيها برامج المساعدة المؤقتة للأسر المحتاجة والتعليم المبكر للأطفال الصغار.
من جانبها، جمدت الوزيرة المكلفة بالشركات المتوسطة والصغرى، كيلي لوفلر، التمويل لمينيسوتا «ريثما يجري تحقيق». ودعا توم إيمر، أحد أبرز أعضاء الغالبية الجمهورية في كونغرس مينيسوتا إلى «نزع الجنسية عن جميع الصوماليين الضالعين في عملية الاحتيال وترحيلهم».
«فوضى» في مينيابوليس
وكانت وسيلة إعلامية محافظة أفادت، في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، بأن الأموال التي يتم اختلاسها في مينيسوتا تُستخدم في نهاية المطاف لتمويل حركة «الشباب» الإرهابية المرتبطة بتنظيم «داعش» في الصومال، وهو ما نفاه لاحقاً المدعي العام المكلف بالملف.
MINNESOTA FRAUD: @NickShirleyyy’s work has helped show Americans the scale of fraud in Tim Walz’s Minnesota. @TheJusticeDept has been investigating this for months. So far, we have charged 98 individuals – 85 of Somali descent – and more than 60 have been found guilty in...
— Attorney General Pamela Bondi (@AGPamBondi) December 29, 2025
غير أن ترمب اتّهم «عصابات صومالية بترهيب سكان» مينيسوتا، وألغى الوضع الخاص الذي كان يحظى به الصوماليون، والذي كان يمنع ترحيلهم إلى بلادهم. وبعد أسبوع، صعد الرئيس الجمهوري هجماته على المتحدرين من الصومال، مُعلناً أن «بلدهم نتن، نحن لا نريدهم في بلادنا». كما انتقد النائبة الديمقراطية عن مينيسوتا المتحدرة من الصومال إلهان عمر، ووصفها بأنها «قذرة». وأعقبت ذلك عمليات لشرطة الهجرة، أثارت، حسب رئيس بلدية مينيابوليس جيكوب فراي، «أجواء خطيرة من الفوضى وانعدام الاستقرار». ونددت النائبة الديمقراطية المحلية المتحدرة من الصومال، زينب محمد، بهذه العمليات، مؤكدة أن «الأمر لا يتعلق بالجريمة، ولا يتعلق بالأمن، بل المطلوب تطهير البلاد من أمثالي».






