وصف الرئيس الأميركي دونالد ترمب نظيره الكولومبي غوستافو بيترو بأنه «زعيم مخدرات»، معلناً خفض المساعدات من الولايات المتحدة، وفرض رسوم جمركية ضد كولومبيا، في مؤشر إضافي إلى توسيع الحملة العسكرية التي تقودها إدارته ضد تهريب المخدرات عبر البحر الكاريبي، وأدت حتى الآن إلى مقتل عشرات الأشخاص، وإلى توتر شديد مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.
ويعكس الخلاف بين الولايات المتحدة وكولومبيا تصاعد التوترات في المنطقة بسبب الانتشار العسكري الأميركي الضخم في البحر الكاريبي الذي يستهدف خصوصاً فنزويلا. وأعلن ترمب مرات عدة خلال الأسابيع الأخيرة أن القوات الأميركية قتلت عشرات الأشخاص على قوارب تتهمها إدارته بتهريب المخدرات من فنزويلا إلى الولايات المتحدة، ونشر مقاطع فيديو رُفعت عنها السريّة لأجزاء من الهجمات، التي وصفها خبراء بأنها عمليات قتل غير قانونية؛ لأن الجيوش لا يمكنها استهداف مدنيين لا يشكلون تهديداً وشيكاً، ولا يشاركون بشكل مباشر في أعمال عدائية.
وتعليقاً على مقتل صياد كولومبي في واحدة من الغارات الأميركية في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، كتب بيترو عبر منصات التواصل الاجتماعي: «ارتكب مسؤولو الحكومة الأميركية جريمة قتل، وانتهكوا سيادتنا في المياه الإقليمية»، مضيفاً أن القتيل أليخاندرو كارانزا كان «صياداً مخضرماً».
رئيس «مجنون»

وسارع ترمب إلى الرد متهماً بيترو بالتقصير في الحد من إنتاج المخدرات غير المشروعة. وفي منشور على منصته «تروث سوشال» للتواصل الاجتماعي، وصف ترمب بيترو بأنه «زعيم تجارة مخدرات غير مشروعة» و«ذو مكانة اجتماعية منخفضة وغير محبوب»، محذراً أنه «من الأفضل له أن يُنهي» بيترو عمليات المخدرات «وإلا فستنهيها الولايات المتحدة نيابة عنه، ولن يكون ذلك جيداً». وأعلن أن الولايات المتحدة ستوقف المساعدات لكولومبيا، التي تُعد منذ فترة طويلة من أكبر المتلقين للمساعدات الأميركية في مجال مكافحة المخدرات. ولاحقاً أبلغ الصحافيين على متن طائرة «أير فورس وان» الرئاسية أن كولومبيا «لا تُحارب المخدرات»، وأنهم «آلة لتصنيع المخدرات» ورئيسهم «مجنون»، مضيفاً أنه سيعلن رسوماً جمركية جديدة على السلع الكولومبية.
وتشهد العلاقة بين البلدين الحليفين توتراً منذ بداية إدارة ترمب الثانية. وخلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، ألغت وزارة الخارجية الأميركية تأشيرة بيترو.
«عدو المخدرات»
ورفض بيترو، الذي يُعرف بصراحته، اتهامات ترمب، مدافعاً عن عمله في مكافحة المخدرات في كولومبيا. وكتب أن «محاولة تعزيز السلام في كولومبيا لا تعني تهريب المخدرات». ورأى أن مستشاري ترمب يخدعونه، ووصف نفسه بأنه «العدو الرئيسي» للمخدرات في بلاده. واتهم ترمب بأنه «فظ وجاهل تجاه كولومبيا».
وكذلك نددت وزارة الخارجية الكولومبية بتعليقات ترمب، واصفة إياها بأنها هجوم وتهديد مباشر لسيادة كولومبيا. وتعهدت السعي إلى حشد الدعم الدولي دفاعاً عن الرئيس بيترو واستقلال كولومبيا. وقالت في بيان: «تمثل هذه الاتهامات عملاً شديد الخطورة، ويقوض كرامة رئيس الكولومبيين».

وإلى جانب تأثيره على المساعدات الأميركية، يُبرز الخلاف كيف يمكن أن تواجه كولومبيا تداعيات أكبر من الانتشار العسكري الأميركي في الكاريبي. ولا تزال كولومبيا المنتج الأكبر للكوكايين في العالم بلا منازع، وهي لاعب أكبر في تجارة المخدرات العالمية من فنزويلا، التي تنتج كميات ضئيلة من الكوكايين ولا تلعب أي دور يُذكر في إنتاج أو تهريب الفانتانيل.
وبعيد إعلان ترمب أنه سيوقف المساعدات لكولومبيا، أعلن وزير الدفاع بيت هيغسيث توجيه ضربة أخرى ضد قارب، مضيفاً أنه مرتبط بجماعة «جيش التحرير الوطني» الكولومبية المتمردة، وأنه كان محملاً بالمخدرات.
وتشهد المنطقة حالياً أكبر نشر للقوات الأميركية منذ عقود، إذ تضم نحو 10 آلاف جندي وعشرات الطائرات الحربية والسفن العسكرية. وتُفيد إدارة ترمب بأنها مهمة عسكرية لمكافحة المخدرات والإرهاب، غير أن بعض المسؤولين الأميركيين كشفوا أن الهدف الرئيسي هو إطاحة مادورو عن السلطة.
7 غارات

وعبَّر الرئيس بيترو، وهو مقاتل يساري سابق في حرب العصابات انتُخب رئيساً عام 2022، عن دعمه للرئيس مادورو، ولكن الرئيس الكولومبي أبدى استعداده للنقاش مع نظيره الأميركي، خلافاً للمواقف الحذرة التي تبناها معظم زعماء أميركا اللاتينية مع إدارة ترمب.
ورغم أن الحملة الأميركية في الكاريبي استهدفت في المقام الأول المشتبه في كونهم تجار مخدرات فنزويليين، فإن الغارات أدت إلى مقتل أو إصابة أفراد من دول أخرى. واستهدفت الطائرات الأميركية مركباً كان على متنه مواطن كولومبي آخر ومواطن إكوادوري قيل إنها السادسة من نوعها، الأسبوع الماضي، ونجا كلاهما. وأنقذتهما القوات الأميركية. وأعيد الاثنان إلى بلديهما وهما يخضعان فيهما للرعاية الصحية.
ومنذ أوائل سبتمبر (أيلول)، شنت القوات الأميركية 7 غارات في المنطقة؛ ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 32 شخصاً.

