قدّم محامو الداعية المتشدد أبو حمزة المصري، المحتجَز في سجن «سوبرماكس» الأميركي الشديد الحراسة، استئنافاً جديداً للمطالبة بالإفراج الرحيم عنه بسبب حالته الصحية المتدهورة.
الداعية المتشدد أبو حمزة يتوسل الإفراج من «أسوأ سجون أميركا»؛ لأنه عاجز عن استخدام المرحاض.
محبوس 23 ساعة يومياً
كان أبو حمزة المصري، يوماً ما، أحد أكثر دعاة الكراهية شهرةً في العالم الغربي، فطالما حرّض جيلاً من الشباب الجهاديين بخطاباته النارية وهو يلوّح بيده الصناعية ذات الخطاف في الهواء، ويحدق بعينه السليمة بنظرات متوحشة. أما اليوم، فأبو حمزة المصري يعيش حياة بؤسٍ وانعزال، محبوساً 23 ساعة يومياً في زنزانة لا تتجاوز 12 قدماً طولاً و7 أقدام عرضاً داخل أكثر السجون الأميركية تحصيناً.
في هذا المعتقل الحديدي لا يوجد مرحاض مزوَّد بدُشّ ماء (بيديه)، مما يجعل الإمام السابق، الذي فقَدَ يديه، عاجزاً عن تنظيف نفسه بعد قضاء حاجته. وبسبب ذلك، أُصيبت أطرافه المبتورة بالتهابات مؤلمة، كما بدأ يفقد البصر في عينه الوحيدة السليمة، وسقطت أسنانه المتآكلة، بعدما عجز عن استخدام فرشاة الأسنان.
وفي هذه الحال المأساوية، يتوسل الداعية المتطرف، البالغ من العمر 67 عاماً، الإفراج عنه لأسباب إنسانية، وفق تقرير لـ«ديلي ميل» البريطانية، الأربعاء.
أُدين أبو حمزة، عام 2015، في نيويورك، بتُهم تتعلق باختطاف 16 سائحاً في اليمن عام 1998، قُتل منهم أربعة، إلى جانب محاولته إنشاء معسكر تدريب متشدد في ولاية أوريغون الأميركية، وتقديم دعم مادي لشبكة أسامة بن لادن.
ومنذ الحكم عليه، يقضي عقوبته في سجن «ADX فلورنس» شديد الحراسة في ولاية كولورادو، المعروف باسم «ألكاتراز بجبال الروكي».
ويضم هذا السجن أخطر المجرمين في العالم، من بينهم تاجر المخدرات المكسيكي إل تشابو، ومفجر ماراثون بوسطن جوهار تسارناييف، و«مفجر الحذاء» ريتشارد ريد.
وفي مارس (آذار) الماضي، رفضت محكمة فيدرالية طلبه للإفراج المشروط لأسباب إنسانية، لكن محاميه تقدّموا، الآن، بطعن جديد من 81 صفحة باسم أبو حمزة الحقيقي؛ مصطفى كامل مصطفى.
وجاء في الالتماس أن موكّلهم يُحتجز في زنزانة غير مهيأة لذوي الإعاقة، إذ «صُممت لشخص مقعد لا لشخص بلا يدين»، وأن «أطرافه المبتورة مصابة من حواف الصنابير الحادة، ولا يستطيع تنظيف نفسه في غياب يديه». وأشار الطعن إلى أن السجين ممنوع من استخدام فرشاة أسنان كهربائية، ما تسبّب له في تسوس شديد وفقدان معظم أسنانه، وأنه يعتمد على أسنانه المتبقية لفتح علب الطعام، والقيام بأبسط المهام اليومية.
كما أكّد أن بصره يتدهور تدريجياً دون علاج كافٍ. وفي وقت سابق من هذا العام، دخل أبو حمزة في إضراب عن الطعام، بعدما نُقل من زنزانة رقم 511 إلى أخرى لا تناسب إعاقته. وبعد أيام، أُعيد إلى زنزانته القديمة، لكن إدارة السجن عاقبته بحرمانه من الاتصالات الهاتفية غير القانونية حتى يناير (كانون الثاني) 2026. واستشهد الدفاع بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، مشيراً إلى أنه لو علمت المحكمة الأوروبية أن المتهم سيُسجن في مثل هذه الظروف القاسية، لَما وافقت على تسليمه من بريطانيا إلى الولايات المتحدة قبل أكثر من عقد.
وفي مارس الماضي، رفضت القاضية أناليزا توريس الإفراج عنه، مؤكدة أنها غير مقتنعة بوجود «توبة حقيقية»، وأن إطلاق سراحه قد يجعله يواصل التحريض على العنف. وكانت زوجته قد أرسلت رسالة إلى المحكمة قالت فيها: «لقد ترك غيابه فراغاً لا يُملأ في حياتنا. نحن، أبناؤه وأحفاده، نفتقده بشدة يوماً بعد يوم».
يُذكر أن «أبو حمزة»، الذي كان إماماً لمسجد فنسبري بارك في شمال لندن، اكتسب شهرة واسعة بخُطبه النارية التي كان يلقيها، رافعاً خُطافه المعدني، وممجّداً أسامة بن لادن وهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.
وقبل تسليمه لأميركا في عام 2012، قضى ثماني سنوات في سجون بريطانيا بتُهم التحريض على العنف، في حين قالت السلطات البريطانية والأميركية إنه كان مصدر إلهام لعدد كبير من المتطرفين. أما اليوم، فالداعية الذي دأب على تمجيد الموت والدعوة إلى الشهادة، يصارع وحدته وضعفه في زنزانة إسمنتية وسط أخطر السجناء في العالم، طالباً من المحكمة رحمةً طالما أنكرها على غيره.
وبعد أن رفضت محكمة المقاطعة الأميركية، في مارس، طلبه بالإفراج الرحيم أو تخفيف الحكم عنه، قدَّم محاموه استئنافاً جديداً مكوناً من 81 صفحة ضد هذا القرار، مسجَّلاً باسم مصطفى كامل مصطفى، اسمه الحقيقي.
وفي الاستئناف، أوضح المحامون أنه خضع لإجراءات إدارية خاصة تسمح له بالتواصل معهم فقط، وعند تسجيل المكالمات مع بعض أفراد أسرته المباشرة.
وزعم الاستئناف أنه محتجَز في زنزانة «مصممة لشخص مُقعَد على كرسي متحرك وليس لشخص يستطيع المشي لكنه بلا يديْن»، حيث إنه فقَدَ يده اليسرى وعينه، خلال الفترة ما بين 1991 و1993 تقريباً، بينما اليد اليمنى لديه تالفة جزئياً أو محدودة الحركة.
وأضاف الاستئناف أنه «أصبح أعمى في عينه الثانية أيضاً نتيجة العلاج غير الكافي»، لافتاً إلى أنه، في وقت سابق من هذا العام، خاض إضراباً عن الطعام بعد أن نقله حارس جديد من الزنزانة 511 إلى الزنزانة 300.
وقال الاستئناف: «الزنزانة 300 لا تحتوي، على سبيل المثال، على مرحاض مناسب لإعاقته، لذلك لا يستطيع تنظيف نفسه بشكل صحيح، ولا يوجد ممرضة أو مساعد للمساعدة في النظافة الشخصية».
