كيف سارت القمم السابقة بين ترمب وبوتين... وما الذي نتوقعه هذه المرة؟

جانب من لقاء بوتين بترمب في هيلسينكي يوم 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)
جانب من لقاء بوتين بترمب في هيلسينكي يوم 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

كيف سارت القمم السابقة بين ترمب وبوتين... وما الذي نتوقعه هذه المرة؟

جانب من لقاء بوتين بترمب في هيلسينكي يوم 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)
جانب من لقاء بوتين بترمب في هيلسينكي يوم 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

وصفت «هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)» القمة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، التي تُعقد في ولاية ألاسكا، اليوم (الجمعة)، بأنها لحظة فارقة في السياسة العالمية تُذكّر بالعديد من الاجتماعات السابقة التي لا تُنسى.

وأضافت أن هذه الأحداث لطالما تصدّرت عناوين الأخبار الرئيسية، إلى جانب لمحات من العلاقة الشخصية المثيرة للاهتمام وغير المتوقَّعة، التي تُراقب بدقة بين الرئيسين.

صورة مدمجة تجمع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

وذكرت أن إعادة النظر في الصور تُقدّم دلائل على كيفية تعاملهما مع لقائهما المباشر، اليوم، في ألاسكا، حيث سيناقشان إنهاء الحرب في أوكرانيا.

وقالت: «يتبع الرئيسان نهجَين مختلفين تماماً في الاجتماعات الخاصة، وفقاً لمسؤولين سابقين تعاملوا مع أحدهما أو كليهما خلف الأبواب المغلقة».

وذكرت أن اجتماعهما الأول عُقد، في يوليو (تموز) 2017، خلال قمة «مجموعة العشرين» في ألمانيا، وكان ذلك بعد أشهر قليلة من دخول ترمب البيت الأبيض، بينما كان بوتين يتمتع بخبرة سياسية تمتد لعقود.

وأمام كاميرات العالم، تبادل الرجلان كلمات دافئة ومصافحة ودية، مما مهَّد الطريق لعلاقة سادها الاحترام بشكل عام.

وفي السنوات التالية، عبّر الرجلان عن إعجابهما المتبادل، رغم أن ترمب صرّح مؤخراً لـ«هيئة الإذاعة البريطانية» بأنه «يشعر بخيبة أمل» من بوتين بسبب إراقة الدماء في أوكرانيا.

وفي الواقع، طُرحت قضية أوكرانيا في ذلك الاجتماع الأول، عندما سلّط ترمب الضوء على جهود روسيا لزعزعة استقرار جارتها.

وقبل ثلاث سنوات، كانت موسكو قد ضمّت شبه جزيرة القرم بشكل غير قانوني.

وذكرت «بي بي سي» أنه مع دخول غزو بوتين لأوكرانيا عامه الرابع، يتطلع ترمب إلى لعب دور صانع السلام، من خلال التفاوض على وقف إطلاق النار.

جانب من لقاء بوتين بترمب وزوجته ميلانيا في هيلسينكي يوم 16 يوليو 2018 (أ.ب)

وقال ترمب، يوم الأربعاء، إنه ستكون هناك «عواقب وخيمة للغاية»، إذا لم يوافق الرئيس الروسي على إنهاء الحرب. وفي أحيان أخرى، اتخذ نبرة أكثر هدوءاً، وقال إنه يتصور أن الاجتماع سيكون «مجرد تمرين استطلاعي».

ولفتت إلى أن ترمب التقى بوتين وجهاً لوجه مجدداً في عام 2017، في منتدى اقتصادي بفيتنام، وقد صُوِّرا وهما يتحدثان مع قادة عالميين آخرين. وفي إحدى الصور، بدا أن بوتين يتحدث مباشرةً في أذن نظيره.

ويُدرك ترمب قدرة بوتين على السيطرة على المحادثات، بحواراته المطوَّلة والسريعة، مما لا يمنح المتحدثين معه سوى فرص قليلة للرد، وفقاً لدبلوماسيين وصفوا أسلوب الرئيس الروسي لـ«هيئة الإذاعة البريطانية».

وعلّق السير لوري بريستو، سفير المملكة المتحدة السابق لدى روسيا، قائلاً: «كل شيء في الاجتماعات مع بوتين يدور حول السلطة: من يتحكم في التوقيت والمضمون وجدول الأعمال والنبرة. والنقطة المهمة أنك لا تعرف أبداً ما ستحصل عليه».

ونتيجة لذلك، قال: «قد يجد المترجمون الفوريون صعوبة في مواكبة الحديث»، وكان من الضروري من وجهة نظر ترمب أن يحضر مترجماً فورياً خاصاً به.

ويُزعم أن مبعوث ترمب، ستيف ويتكوف، اعتمد على مترجمين من الكرملين خلال اجتماع خاص به في وقت سابق من هذا العام.

واتفقت فيونا هيل، مساعدة ترمب السابقة، مع السير لوري، مستذكرةً في مقابلة مع صحيفة «تلغراف» تجاربها الشخصية في التعامل مع بوتين: «إنه يسخر من ترمب بالفعل. يستخدم اللغة الروسية بطريقة قد تكون ساخرة ومثيرة للسخرية، وهي تضيع تماماً في الترجمة».

ووفقاً لـ«بي بي سي»، لعل أبرز مظاهر الود العلنية بين ترمب وبوتين عندما التقيا في محادثات مغلقة في هلسنكي، فنلندا، يوليو 2018.

ودافع ترمب عن روسيا في مواجهة اتهامات التدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016، وانحاز إلى بوتين في تقييمات وكالاته الاستخباراتية، وقد أكسبته هذه الخطوة إدانة من مختلف الأطراف في الولايات المتحدة.

كما أسفر اجتماع هلسنكي عن صورة غير رسمية لا تُنسى لبوتين وهو يُهدي ترمب كرة قدم من كأس العالم للرجال الأخيرة، التي استضافتها روسيا.

وكانت هذه اللفتات من جانب بوتين دائماً مدروسة بعناية، وفقاً للسير توني برينتون، وهو سفير بريطاني سابق لدى روسيا.

جانب من لقاء ترمب ببوتين في هلسنكي يوم 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

ويتذكر السير توني أن بوتين أظهر «لباقة روسية أصيلة» خلال الاجتماعات التي حضرها في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، رغم وجود قدر من التحفّظ الكامن في ذلك، ولم يكن يوماً شخصاً عفوياً.

وأضاف: «كرات القدم والابتسامات والنكات وما شابه ذلك... ليس بطبيعته شخصاً يُرحب بالجميع، لكنه يجتهد في ذلك عندما يرى أن الأمر مهم للعلاقة».

والتقى الرجلان في قمم «مجموعة العشرين» بالأرجنتين، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، وفي اليابان، في يونيو (حزيران) 2019.

وحضر جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق لترمب، الذي اختلف معه لاحقاً، هذه القمة، وصرّح لـ«بي بي سي» بأنه اندهش من اختلاف مواقف الرجلين تجاه التفاصيل، وعزاه إلى تدريب بوتين في جهاز الاستخبارات السوفياتي.

وقال عن بوتين: «لم أره قط إلا مستعداً، هادئاً جداً، ومنطقياً جداً في عرضه، وأعتقد أن هذا جزء من تدريبه في الاستخبارات السوفياتية».

وعلى النقيض من ذلك، قال بولتون إن «أسلوب ترمب في الاجتماعات الخاصة كان مشابهاً لمؤتمراته الصحافية العلنية، حيث كان يميل إلى الإدلاء بتصريحات غير مباشرة قد تفاجئ حتى مساعديه، ولا يُعِدّ لها جيداً، لأنه لا يعتقد أنه بحاجة إلى ذلك. ولا يعتقد أنه بحاجة إلى المعلومات الأساسية، وأنا متأكد من أنهم يُعِدّون مواد إحاطية كما فعلنا دائماً، لكنه لن يقرأها».

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

قال بولتون إن ترمب كان يعتقد أن علاقة شخصية سليمة مع زعيم آخر تعني علاقة سليمة بين الدولتين – وبوتين كان يعلم ذلك، وسيستخدم تدريبه في المخابرات السوفياتية لمحاولة التلاعب بترمب. لقد فعل ذلك من قبل وسيفعله مرة أخرى.

وقلّل ترمب نفسه من شأن التوقعات قبل قمة يوم الجمعة في ألاسكا، مُعلّقاً: «أعتقد أنها ستكون جيدة، لكنها قد تكون سيئة».


مقالات ذات صلة

زيلينسكي: سنرسل مسودة خطة السلام إلى أميركا غداً بعد مراجعتها

العالم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ) play-circle

زيلينسكي: سنرسل مسودة خطة السلام إلى أميركا غداً بعد مراجعتها

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم (الاثنين)، إن الجانب الأوكراني قد يرسل مسودة خطة السلام إلى أميركا غداً بعد مراجعتها.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مركز كيندي بواشنطن الأحد (أ.ب)

ترمب «خائب الأمل» من زيلينسكي... هل ينسحب من محادثات السلام؟

اتهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب، نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بعدم قراءة مقترح السلام الأميركي لإنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية.

هبة القدسي (واشنطن)
أوروبا زيلينسكي يصافح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس في لندن الاثنين (رويترز)

الأوروبيون يجددون دعمهم لزيلينسكي بعد انتقادات ترمب للرئيس الأوكراني

أبدى حلفاء أوكرانيا الأوروبيون دعمهم للرئيس فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، إذ عبروا عن شكوك بشأن أجزاء من مقترح أميركي لإنهاء الحرب مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني قبل انطلاق اجتماعهم في «10 داوننغ ستريت» بلندن الاثنين (أ.ف.ب)

«الترويكا الأوروبية» تربط أمن أوكرانيا بأمن القارة

مصدر رئاسي فرنسي: المشاورات الأوروبية - الأوكرانية في لندن لبلورة موقف يتم التفاوض حوله مع الأميركيين.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا أفراد من الشرطة الروسية (أ.ف.ب)

محكمة روسية تقضي بسجن جنود قتلوا أميركياً مؤيداً للكرملين

أصدرت محكمة في منطقة أوكرانية خاضعة لسيطرة روسيا حكماً بالسجن بحق أربعة جنود روس لقتلهم شيوعياً أميركياً قاتل في صفوف انفصاليين موالين لموسكو.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

ترمب يهدد المكسيك بزيادة الرسوم 5% بسبب نزاع حدودي على المياه

الرئيس دونالد ترمب يتحدث خلال مائدة مستديرة حول دعم المزارعين بالبيت الأبيض (أ.ب)
الرئيس دونالد ترمب يتحدث خلال مائدة مستديرة حول دعم المزارعين بالبيت الأبيض (أ.ب)
TT

ترمب يهدد المكسيك بزيادة الرسوم 5% بسبب نزاع حدودي على المياه

الرئيس دونالد ترمب يتحدث خلال مائدة مستديرة حول دعم المزارعين بالبيت الأبيض (أ.ب)
الرئيس دونالد ترمب يتحدث خلال مائدة مستديرة حول دعم المزارعين بالبيت الأبيض (أ.ب)

هدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب اليوم الاثنين بفرض رسوم جمركية إضافية خمسة بالمئة على المكسيك، متهما إياها بانتهاك معاهدة لتقاسم المياه.

وكتب ترمب في منشور على موقع تروث سوشيال «تطالب الولايات المتحدة المكسيك بالإفراج عن 200 ألف فدان-قدم من المياه قبل 31 ديسمبر (كانون الأول)، ويجب أن تأتي البقية بعد ذلك بفترة وجيزة». وقال «المكسيك لا تستجيب حتى الآن، وهذا أمر غير عادل للغاية لمزارعينا الأميركيين الذين يستحقون هذه المياه التي تشتد الحاجة إليها».


ترمب «خائب الأمل» من زيلينسكي... هل ينسحب من محادثات السلام؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مركز كيندي بواشنطن الأحد (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مركز كيندي بواشنطن الأحد (أ.ب)
TT

ترمب «خائب الأمل» من زيلينسكي... هل ينسحب من محادثات السلام؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مركز كيندي بواشنطن الأحد (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مركز كيندي بواشنطن الأحد (أ.ب)

أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عن «خيبة أمل» تجاه نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، متهماً إياه بعدم قراءة مقترح السلام الأميركي لإنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية.

وقال ترمب للصحافيين مساء الأحد، خلال حفل تكريم بمركز جون كيندي: «كنا نتحدث مع الرئيس الروسي، وكنا نتحدث مع المفاوضين الأوكرانيين والرئيس زيلينسكي، ويجب أن أقول إنني أشعر بخيبة أمل بعض الشيء، لأن الرئيس زيلينسكي لم يقرأ المقترح بعد». وأضاف: «شعبه معجب به، وروسيا موافقة عليه، لكنني لست متأكداً من أن زيلينسكي موافق عليه».

وكشفت هذه التصريحات عن توتر متزايد في علاقة ترمب بزيلينسكي، التي كانت متقلبة منذ تولي ترمب ولايته الثانية في يناير (كانون الثاني) الماضي، ومحاولة لتصوير أوكرانيا عائقاً أمام التوصل إلى السلام وإنهاء الحرب، من دون أي إشارة إلى الرفض الروسي للمقترح الأميركي، كما تأتي في سياق ضغط أميركي غير مسبوق على كييف لقبول صفقة سلام تعدّها الأوساط السياسية تميل بشكل كبير لصالح موسكو، فقد حث ترمب أوكرانيا مراراً على «التنازل عن أراضٍ لروسيا» لإنهاء الصراع الذي «أودى بحياة الكثيرين».

وجاءت تصريحات ترمب بعد أسابيع من المحادثات بين المفاوضين الأميركيين والأوكرانيين في جنيف وفلوريدا، التي انتهت إلى التوصل إلى خطة سلام من 19 نقطة عرضت على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي، في محادثات استمرت أكثر من 5 ساعات من دون أن تسفر عن توافقات، وتحدث الكرملين عن بعض التقدم في تلك المحادثات، مشدداً على أن كثيراً من العمل لا يزال مطلوباً.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لندن الاثنين (إ.ب.أ)

وكانت وثيقة الأمن القومي، التي أصدرتها إدارة ترمب يوم الجمعة، قد ركزت بشكل واضح على مبدأ السلام من خلال القوة، واتهمت الأوروبيين بالضعف، وأوضحت الاستراتيجية رفض الإدارة للحروب التي لا نهاية لها، واعتراضها على توسع حلف «الناتو»، وأكدت أن الولايات المتحدة تركّز على محو الانطباع بأن «الناتو» يتمدّد بلا انقطاع، والحيلولة دون تجسّد ذلك على أرض الواقع، مع رغبة واضحة لإدارة ترمب لتحسين العلاقات مع موسكو، والتأكيد على أن الولايات المتحدة يجب أن تعطي الأولوية لإدارة العلاقات الأوروبية مع روسيا، وإعادة إرساء الاستقرار الاستراتيجي في جميع أنحاء الكتلة الأوراسية.

شبح انسحاب أميركي

يقول محللون إن توجهات ترمب وتصريحاته المتذبذبة ضد روسيا أحياناً وضد أوكرانيا أحياناً أخرى، تعكس «دبلوماسية غير تقليدية» تعتمد على الضغط الشخصي والمواعيد القصيرة، لكنها تواجه عقبات، فروسيا تُرحب بالاستراتيجية الأمنية الأميركية، لكنها ترفض كثيراً من بنود المقترح، وتصر على تحقيق أهدافها في الحصول على اعتراف دولي بسيطرتها على شبه جزيرة القرم ومنطقة دونباس، ومنع أوكرانيا من الانضمام لحلف «الناتو» مع وضع قيود على حجم الجيش الأوكراني.

وتمارس إدارة ترمب ضغوطاً وتهديدات على كييف للموافقة على المقترحات الأميركية، وشملت تلك الضغوط تهديدات ضمنية بقطع الدعم العسكري الأميركي الذي يشكل أكثر من 70 في المائة من قدرات أوكرانيا الدفاعية.

وفي خطاب تلفزيوني في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قال زيلينسكي: «الآن، الضغط على أوكرانيا هو الأثقل، إما فقدان الكرامة، أو خطر فقدان شريك رئيسي».

وتشير عدة تقارير إلى أن واشنطن قد تفكر في الانسحاب الكامل من المحادثات إذا استمرت حالة الجمود بين الجانبين، خصوصاً مع رفض ترمب زيادة العقوبات على روسيا. وقد لمح ترمب مراراً إلى احتمالات انسحاب بلاده من المحادثات، قائلاً: «يحتاج الأمر إلى اثنين للرقص، إذا لم يعمل، فسأمشي».

وألقى دونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس الأميركي، مزيداً من الزيت على النار، مشيراً في إجابته عن أسئلة الجمهور بمنتدى الدوحة يوم الأحد، إلى أن والده قد ينسحب من مفاوضات السلام في أوكرانيا، لأنها ليست أولوية للأميركيين، كما أن الرئيس ترمب شخص لا يمكن توقع تصرفاته. وأثارت هذه التصريحات التكهنات بأن إدارة ترمب ترى هذه الحرب عبئاً لا بد من التخلص منه.


الكونغرس لإلغاء «قيصر» من دون شروط

لافتة تدعو إلى إلغاء قانون قيصر يحملها متظاهرون أمام البيت الأبيض في 10 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
لافتة تدعو إلى إلغاء قانون قيصر يحملها متظاهرون أمام البيت الأبيض في 10 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

الكونغرس لإلغاء «قيصر» من دون شروط

لافتة تدعو إلى إلغاء قانون قيصر يحملها متظاهرون أمام البيت الأبيض في 10 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
لافتة تدعو إلى إلغاء قانون قيصر يحملها متظاهرون أمام البيت الأبيض في 10 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)

بعد عملية شد حبال طويلة، توصل الكونغرس إلى اتفاق من شأنه أن يلغي عقوبات قيصر على سوريا نهائياً، ويغلق ملف الماضي، فاتحاً صفحة جديدة من الأمل للبلاد التي رسخت لأكثر من خمس سنوات تحت وطأة عقوبات قاسية فرضتها الولايات المتحدة على نظام الأسد.

وأصدرت لجنة القواعد في مجلس النواب نص مشروع موازنة الدفاع النهائي للعام المقبل، والذي تضمن بنداً يلغي العقوبات من دون شروط ملزمة أو إضافة شروط إليه لإعادة فرضها، وذلك بعد أشهر من الجهود السياسية الحثيثة لإقناع بعض المشرعين المعارضين لرفعها من دون شروط.

صورة لاجتماع ترمب والرئيس السوري أحمد الشرع في واشنطن بتاريخ 10 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)

ترحيب بالخطوة

ورحب المبعوث الخاص السابق إلى سوريا وللتحالف الدولي لهزيمة «داعش»، جيمس جيفري بهذه الخطوة، وقال في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إنها «خطوة كبيرة بالنسبة للشعب السوري، لأنها تزيل واحدة من آخر العقوبات المفروضة على سوريا».

وأشار جيفري إلى أنه بالإضافة إلى قيمتها الرمزية، «سيكون لها تأثيرات كبيرة على الاقتصاد، وخاصة على الاستثمارات وتحويل الأموال، وهي الجوانب التي كان قانون قيصر مصمَّماً لعرقلتها».

صورة أرشيفية لـ«قيصر» مخفياً هويته بمعطف أزرق خلال جلسة نقاش في الكونغرس الأميركي لقانون حماية المدنيين السوريين (أ.ف.ب)

من ناحيته، يقول أندرو تابلر مدير ملف سوريا في مجلس الأمن القومي سابقاً، إن قانون قيصر «لعب دوراً أساسياً في إضعاف نظام الأسد». ويشير في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن رفع العقوبات «يعني أن القانون لم يعد يشكّل عائقاً أمام التجارة والاستثمار في سوريا».

ويضيف: «إذا أرادت دمشق الاستفادة من هذه اللحظة، فعليها معالجة مشكلات حقيقية تتعلق بسيادة القانون والأنظمة والفساد في البلاد. وإلا فسيكون من الصعب جذب الأموال التي تحتاجها سوريا لعملية إعادة الإعمار».

ترمب يصافح الشرع أمام ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في 14 مايو الماضي (رويترز)

أما ويليام روبوك السفير الأميركي السابق لدى البحرين ونائب المبعوث السابق للتحالف الدولي لهزيمة تنظيم داعش، فقد أشاد بالخطوة «المهمة جداً التي ستمكن البلاد من بدء عملية إعادة البناء التي تحتاجها بشدة وإصلاح اقتصادها المنهار». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا القرار من شأنه أن يفتح الباب أمام المستثمرين من الخليج وأماكن أخرى لدعم مشروعات إعادة إعمار كبرى في سوريا، والسماح بتدفق الأموال الضخمة التي تتطلبها هذه العملية».

وأضاف أن «الولايات المتحدة وأصدقاء سوريا من الأمم المتحدة إلى أوروبا إلى دول الخليج لديهم مصلحة قوية في نجاح سوريا اقتصادياً، وإعادة بناء اقتصادها، وتمكينها في نهاية المطاف من استقبال ملايين النازحين واللاجئين، ووضعها على المسار الصحيح لانتقال مستقر وحكم تمثيلي».

وأشاد روبوك بدور الرئيس الأميركي دونالد ترمب «الذي استمع لنصائح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس التركي رجب طيب إردوغان ووضع ثقله السياسي في الولايات المتحدة لبناء الإجماع المطلوب لاتخاذ إجراء بهذا الخصوص في الكونغرس، كما رفض قبول حلول جزئية كانت ستُبقي العقوبات قائمة كخيار افتراضي للولايات المتحدة، في وقت تكافح فيه الحكومة السورية المؤقتة لاتخاذ الخطوات التي طالبت بها واشنطن كالانضمام إلى تحالف مكافحة تنظيم «داعش» وإبعاد المقاتلين الأجانب عن المناصب القيادية».

متظاهرون يحملون العلم السوري أمام البيت الأبيض في 10 نوفمبر الماضي (رويترز)

وبمجرد نشر نص المشروع، سارعت المنظمات الأميركية السورية للاحتفال بهذه الخطوة التي عملوا جاهدين لتحقيقها، فوصفها السياسي السوري الأميركي أيمن عبد النور بالانتصار الكبير للشعب السوري، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن هذا القرار سيسمح بتحقيق تقدم سريع في سوريا على مستوى الاقتصاد، وإعادة تطوير البنى التحتية والكهرباء وغيرها من أمور تحتاج إليها البلاد. وأضاف عبد النور: «لقد جاء هذا القرار نتيجة جهود مشتركة بين السعودية، وتركيا وقطر، والدبلوماسية السورية، والرئيس ووزير الخارجية، إضافة إلى الجالية السورية-الأميركية في الولايات المتحدة. لذلك نحن نحتفل بها».

تفاصيل المشروع

صورة لاجتماع ترمب والرئيس السوري أحمد الشرع في واشنطن بتاريخ 10 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)

وبحسب النص الذي تم التوافق عليه في مجلسي «الشيوخ» و«النواب» يتم رفع عقوبات قيصر نهائياً، مع شروط غير ملزمة، ويتضمن تقريراً تقدمه الإدارة إلى الكونغرس في مدة لا تتجاوز الـ90 يوماً من تاريخ إقراره، وكل 180 يوماً بعد ذلك على فترة 4 أعوام، يفصل ما إذا كانت الحكومة السورية تتخذ إجراءات ملموسة وفعّالة للقضاء على التهديد الذي يشكّله تنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى، بما في ذلك «القاعدة» وفروعها بالتعاون مع الولايات المتحدة، لمنع عودة التنظيم.

وأنها أبعدت، أو تتخذ خطوات لإبعاد المقاتلين الأجانب من المناصب العليا في حكومة سوريا، بما في ذلك في مؤسسات الدولة والأمن. إضافة إلى خطوات تحترم حقوق الأقليات الدينية والإثنية في سوريا، بما في ذلك حرية العبادة والمعتقد، وتسمح بالتمثيل العادل والمتكافئ في الحكومة، بما يشمل الوزارات والبرلمان

وألا تقوم بعمل عسكري أحادي الجانب وغير مبرر ضد جيرانها، بما في ذلك إسرائيل، وتواصل إحراز تقدم نحو اتفاقيات أمنية دولية، كما أنها تتخذ خطوات ملموسة وموثوقة لتنفيذ اتفاق 10 مارس (آذار) 2025 الذي تم التفاوض عليه بين حكومة سوريا وقوات سوريا الديمقراطية، بما في ذلك إجراءات متناسبة لدمج القوى الأمنية والتمثيل السياسي، بالإضافة إلى اتخاذها خطوات فعّالة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل، وفقاً للمعايير الدولية. وألا تقوم بتمويل أو مساعدة أو إيواء أفراد أو جماعات خاضعة للعقوبات والتي تُشكّل خطراً على الأمن القومي للولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في المنطقة.

متظاهرون يحملون العلم السوري أمام البيت الأبيض في 10 نوفمبر الماضي (رويترز)

إضافة إلى ذلك، على التقرير المطلوب أن يشمل ما تقوم به الحكومة السورية من خطوات تضمن ملاحقة قضائية فعّالة لأولئك الذين ارتكبوا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك المسؤولون عن مجازر بحق الأقليات الدينية وأنها تتخذ خطوات لمكافحة الإنتاج غير المشروع والانتشار الدولي غير المشروع للمخدرات، بما في ذلك الكبتاغون. وعلى الرئيس الأميركي أن يقوم كذلك بإبلاغ الحكومة السورية بنتائج التقرير المطلوب.

وعن إعادة فرض العقوبات، يعطي نص المشروع الرئيس الأميركي صلاحية «إعادة النظر» في فرض عقوبات على أفراد «إن لم يتمكن من تقديم إفادة إيجابية خلال فترتين متتاليتين من التقارير المطلوبة» من دون إلزامه بذلك، على ألا تشمل العقوبات هذه عقوبات على استيراد السلع.

إقرار المشروع

وتعد موازنة الدفاع من المشروعات التي عادة ما يتم الموافقة عليها بإجماع المجلسين نظراً لأهميتها، ومن المقرر أن يصوت مجلس النواب عليها هذا الأسبوع، على أن ينتقل التصويت إلى مجلس الشيوخ الأسبوع المقبل، قبل إقراره القانون رسمياً في الكونغرس وإرساله إلى مكتب الرئيس الأميركي الذي سيوقع عليه قبل نهاية العام، ليدخل إلغاء العقوبات حيز التنفيذ رسمياً، وتفتح البلاد أبوابها للاستثمارات الأجنبية التي تحفظت حتى الساعة عن المساهمة في إعادة إعمار البلاد لتخوفها من عودة العقوبات.