ماذا نعرف عن الشاب الذي كاد يقتل ترمب؟

ترمب بعد أن أطلق توماس كروكس النار عليه وأصابه في أذنه (غيتي)
ترمب بعد أن أطلق توماس كروكس النار عليه وأصابه في أذنه (غيتي)
TT

ماذا نعرف عن الشاب الذي كاد يقتل ترمب؟

ترمب بعد أن أطلق توماس كروكس النار عليه وأصابه في أذنه (غيتي)
ترمب بعد أن أطلق توماس كروكس النار عليه وأصابه في أذنه (غيتي)

توماس كروكس كان طالب هندسة متفوقاً في لائحة الشرف، يبلغ من العمر 20 عاماً، وكان يخزن مواد متفجرة على مدى أشهر قبل هجومه على المرشح للرئاسة الأميركية آنذاك، دونالد ترمب، في حين كانت صحته النفسية تتدهور. فقد كان يتصرف بغرابة؛ أحياناً يرقص في غرفته حتى وقت متأخر من الليل، وأحياناً أخرى يتحدث إلى نفسه. وتصاعدت هذه السلوكيات غير المألوفة في صيف العام الماضي، بعد تخرجه بمرتبة الشرف العليا. لكنه كان قد زار ميداناً للرماية، وبحث عبر الإنترنت عن «الاضطراب الاكتئابي الكبير» و«أزمة اكتئاب». كما لاحظ والده هذا التغير؛ إذ إن مشكلات الصحة النفسية كانت شائعة في العائلة.

في ظهيرة 13 يوليو (تموز)، أخبر كروكس والدَيه أنه ذاهب إلى ميدان الرماية، وغادر المنزل وهو يحمل بندقية. بعد ساعات، اعتلى سطح مبنى في تجمع انتخابي رئاسي في غرب بنسلفانيا، وحاول اغتيال دونالد ترمب. والآن، بعد مرور نحو عام، ومع وجود ترمب في فترته الرئاسية الثانية، نسي معظم العالم أمر الشاب الذي حاول قتله.

وقد كشفت تحقيقات صحيفة «نيويورك تايمز» حول السنوات الأخيرة من حياة هذا الشاب أنه مرّ بتحول تدريجي وخفي إلى حد كبير، من طالب هندسة خجول ينتقد الاستقطاب السياسي، إلى قاتل حاول تصنيع قنابل. وعلى مدى شهور كان يعمل في الخفاء مستخدماً أسماء مستعارة وشبكات مشفرة، في حين ظهرت عليه مؤشرات مرض نفسي قد يؤدي إلى انهيار عقله.

طريق مظلم

الشاب العشريني توماس كروكس الذي حاول اغتيال ترمب (رويترز)

سار كروكس في طريقه المظلم دون أن يلحظ المقربون منه ذلك. فقد خزن مواد متفجرة في المنزل الصغير الذي كان يعيش فيه مع والدَيه في بلدة بيثل بارك بولاية بنسلفانيا. وعثر المحققون على قنبلة بدائية الصنع في غرفة نومه، على بعد أمتار قليلة من غرفة نوم والدَيه. وعندما انتشرت صور وجهه في وسائل الإعلام، لم يصدق زملاؤه في الدراسة ما حدث.

وفي المدرسة الثانوية، حقق كروكس أعلى درجة؛ إذ حصل على 1530 من أصل 1600، ونال درجات كاملة في ثلاثة امتحانات من المستوى المتقدم، وفقاً لسجلاته الأكاديمية. لكنه لم يكن اجتماعياً، وخرج مرة واحدة من عزلته ضمن برنامج تقني قام فيه ببناء حواسيب. وأطلق عليه معلمه لقب «ماسيلز» (عضلات) - كناية ساخرة عن جسمه النحيل - وكان يضحك لهذا اللقب.

وقالت إحدى زميلاته في المدرسة الثانوية إن كروكس كان يستمتع بالحديث عن الاقتصاد والعملات المشفرة، مشجعاً الآخرين على الاستثمار فيها. وفي المرات النادرة التي كان يُطرح فيها الحديث السياسي، بدا وكأنه في المنتصف؛ لا يميل إلى أي اتجاه سياسي.

لا انتماء سياسياً

في يوم تنصيب الرئيس جو بايدن في يناير (كانون الثاني) 2021، تبرع كروكس بمبلغ 15 دولاراً لصالح لجنة تدعم الحزب الديمقراطي. لكن عندما بلغ 18 عاماً في الخريف التالي، سجّل نفسه كناخب جمهوري. كانت الانتماءات السياسية في عائلته متنوعة مثل الولاية المتأرجحة التي يعيشون فيها. فقد كانت شقيقته الكبرى كاثرين ووالدهما ليبراليين، أما والدته فكانت ديمقراطية.

وفي أبريل (نيسان) 2023، أعرب كروكس عن استيائه من المشهد السياسي الأميركي. ففي مقال كتبه دفاعاً عن نظام التصويت التفضيلي، انتقد «الحملات الانقسامية والمثيرة التي تمزق البلاد». وكتب: «بينما نقترب من انتخابات 2024، ينبغي أن نفكر بعناية في الوسائل التي ننتخب بها مسؤولينا». وأضاف: «نحتاج إلى نظام انتخابي يعزز اللطف والتعاون بدلاً من الانقسام والغضب».

وفي نفس الفترة التي كتب فيها هذا المقال، بدأ باستخدام اسم مستعار لشراء معدات من بائعي الأسلحة عبر الإنترنت، وفقاً لما ذكره مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI). كما أجرى ما لا يقل عن 25 عملية شراء تتعلق بالأسلحة قبل التجمع الانتخابي الذي هاجم فيه ترمب.

التحضير الأخير

مؤيدون للرئيس دونالد ترمب خلال الانتخابات الأخيرة (أرشيفية - أ.ف.ب)

في 6 ديسمبر (كانون الأول) 2023؛ أي قبل نحو سبعة أشهر من إطلاق النار على ترمب، تنقل كروكس بسرعة بين نحو 12 موقعاً إخبارياً، منها «سي إن إن» و«نيويورك تايمز» و«فوكس نيوز» قبل أن يزور أرشيف إدارة ترمب، حسب سجلات التصفح. وبعد دقائق، زار 7 مواقع إلكترونية للأسلحة، بما فيها موقع مخصص لبندقية «AR-15»، وهو نوع السلاح الذي استخدمه في الهجوم. وفي وقت لاحق من اليوم نفسه، زار ميدان الرماية.

وتُظهر مقابلات مع معلميه وأصدقائه وزملائه في العمل أن العديد من الأشخاص الذين كانوا يتعاملون معه بانتظام لم يكونوا يعلمون أنه قادر على ارتكاب جريمة قتل مخطط لها مسبقاً. لاحظ والده تدهوراً في حالته النفسية خلال السنة التي سبقت إطلاق النار، خصوصاً في الأشهر التي تلت التخرج في الكلية. وأخبر والده المحققين لاحقاً أنه كان يرى ابنه يتحدث إلى نفسه، ويرقص في غرفته في وقت متأخر من الليل، وأن لدى الأسرة تاريخاً من الأمراض النفسية ومشكلات الإدمان، وفقاً لتقرير صادر عن شرطة ولاية بنسلفانيا.

وفي الأسابيع التي تلت إطلاق النار، أصدر مكتب التحقيقات الفيدرالي نتائج أولية بناءً على تفاصيل تم الحصول عليها من المقابلات والأجهزة الإلكترونية لكروكس، تشير إلى أنه كان يخطط للهجوم منذ أكثر من عام.

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

مكالمة ترمب مع بوتين «إيجابية»

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يمد يده لمصافحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أنكوردج (ألاسكا) - 15 أغسطس 2025 (أ.ف.ب)

مكالمة ترمب مع بوتين «إيجابية»

أعلن البيت الأبيض، ظهر الاثنين، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أجرى مكالمة هاتفية «إيجابية» مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قاعدة عسكرية في أنكوريج بولاية ألاسكا الأميركية 15 أغسطس 2025 (رويترز)

البيت الأبيض: ترمب أجرى مكالمة هاتفية «إيجابية» مع بوتين بشأن أوكرانيا

أجرى الرئيس الأميركي دونالد ترمب مكالمةً هاتفيةً «إيجابيةً» مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين، بشأن الحرب مع أوكرانيا، وفق المتحدثة باسم البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا لقطة من فيديو نشرته قيادة المسرح الشرقي لجيش التحرير الشعبي الصيني لسفينة حربية تُطلق مقذوفاً خلال تدريبات شرق تايوان (رويترز)

الصين تجري مناورات حول تايوان بعد صفقة أسلحة أميركية

بعد أيام من إعلان واشنطن صفقة أسلحة مقترحة تتجاوز قيمتها 11 مليار دولار لتايوان، بدأت الصين مناورات عسكرية شملت قوات بحرية، وجوية، وبرية، وصاروخية حول الجزيرة.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي المتحدث الجديد باسم «كتائب القسّام» الذي اعتمد اسم سلفه الراحل أبو عبيدة (أ.ف.ب)

«كتائب القسّام» تؤكد عدم التخلي عن السلاح قبيل لقاء ترمب ونتنياهو

جدّدت «كتائب عز الدين القسام»، الجناح المسلّح لحركة «المقاومة الإسلامية» (حماس)، الاثنين، تأكيدها عدم التخلي عن سلاحها، وهي قضية رئيسية.

«الشرق الأوسط» (غزة (الأراضي الفلسطينية))
الولايات المتحدة​ الديمقراطي زهران ممداني رئيس بلدية نيويورك وزوجته راما دوجي في نيويورك (أ.ف.ب) play-circle

زهران ممداني المعارض القوي لترمب يتولى الخميس رئاسة بلدية نيويورك

يتولى الديمقراطي زهران ممداني، المعارض البارز والمناهض لسياسات دونالد ترمب، الخميس، رئاسة بلدية نيويورك، ليكون بذلك أول مسلم يشغل هذا المنصب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

مكالمة ترمب مع بوتين «إيجابية»

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يمد يده لمصافحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أنكوردج (ألاسكا) - 15 أغسطس 2025 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يمد يده لمصافحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أنكوردج (ألاسكا) - 15 أغسطس 2025 (أ.ف.ب)
TT

مكالمة ترمب مع بوتين «إيجابية»

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يمد يده لمصافحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أنكوردج (ألاسكا) - 15 أغسطس 2025 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يمد يده لمصافحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أنكوردج (ألاسكا) - 15 أغسطس 2025 (أ.ف.ب)

أعلن البيت الأبيض، ظهر الاثنين، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أجرى مكالمة هاتفية «إيجابية» مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، غداة لقائه مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فلوريدا.

وقالت كارولاين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض عبر منصة «إكس»، إن الرئيس ترمب اختتم مكالمة إيجابية مع الرئيس بوتين بشأن أوكرانيا، بينما أكد الكرملين أن بوتين أبلغ ترمب بقيام أوكرانيا بشن هجمات بطائرات مسيّرة على مقر إقامة بوتين؛ مما دفع موسكو إلى «مراجعة» موقفها التفاوضي.

وأثارت هذه الاتهامات الروسية شكوكاً حول فرص نجاح جهود السلام.

وفي المكالمة التي استمرت أكثر من ساعة، أبلغ بوتين ترمب بوقوع هجوم بـ91 مسيّرة أوكرانية على مقر إقامته في منطقة نوفغورود شمال روسيا ليل 28-29 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للمسؤول في الكرملين يوري أوشاكوف ووزير الخارجية سيرغي لافروف. وأكدت موسكو أن الدفاعات الجوية أسقطت جميع المسيّرات دون أضرار أو إصابات، لكنها اعتبرت الهجوم «إرهابياً» يستدعي «ضربات انتقامية» ومراجعة الموقف في مفاوضات السلام.

زيلينسكي سارع إلى نفي الاتهامات الروسية فوراً، واصفاً إياها بـ«الكذب التام» و«التلفيق» الهادف إلى تقويض التقدم في المحادثات مع ترمب. واتهم الرئيس الأوكراني موسكو بـ«التمهيد لضربات على كييف، ربما مبانٍ حكومية»، وحض الولايات المتحدة على الرد المناسب على التهديدات الروسية. وأكد زيلينسكي التزام أوكرانيا بالسلام عبر الجهود الأميركية مع الشركاء الأوروبيين.

وأشار محللون إلى أن الادعاء الروسي بوقوع ضربات أوكرانية جاء في توقيت حساس، بعد لقاء ترمب - زيلينسكي الذي وُصف بـ«الإيجابي» وأحرز تقدماً نحو اتفاق سلام. ويرى المحللون أن موسكو تستخدم الاتهام لتعزيز موقفها التفاوضي، خاصة مع رفضها وقف إطلاق نار مؤقت أو تقديم تنازلات إقليمية، وهو ما يعكس إحباطاً روسياً من تقارب أميركي - أوكراني، كما يمكن النظر إليه كمحاولة روسية لدفع ترمب لممارسة ضغوط أكثر على كييف.

ولم يصدر البيت الأبيض تعليقاً فورياً على الادعاء، مما يشير إلى حذر أميركي لتجنب التصعيد، لكن الاتهامات الروسية تضيف عقبة جديدة، قد تؤخر التقدم في جهود الإدارة الأميركية لوضع إطار لاتفاق سلام، وتكشف بصورة واضحة صعوبة التوفيق بين المواقف المتضاربة بين موسكو وكييف.


البيت الأبيض: ترمب أجرى مكالمة هاتفية «إيجابية» مع بوتين بشأن أوكرانيا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قاعدة عسكرية في أنكوريج بولاية ألاسكا الأميركية 15 أغسطس 2025 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قاعدة عسكرية في أنكوريج بولاية ألاسكا الأميركية 15 أغسطس 2025 (رويترز)
TT

البيت الأبيض: ترمب أجرى مكالمة هاتفية «إيجابية» مع بوتين بشأن أوكرانيا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قاعدة عسكرية في أنكوريج بولاية ألاسكا الأميركية 15 أغسطس 2025 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قاعدة عسكرية في أنكوريج بولاية ألاسكا الأميركية 15 أغسطس 2025 (رويترز)

أجرى الرئيس الأميركي دونالد ترمب مكالمة هاتفية «إيجابية»، مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين، بشأن الحرب مع أوكرانيا، غداة عقده لقاءً مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فلوريدا، على ما أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض.

وقالت كارولاين ليفيت، عبر «إكس»، إن «الرئيس ترمب اختتم مكالمة إيجابية مع الرئيس بوتين بشأن أوكرانيا»، وذلك بعدما اتهمت موسكو، كييف، بإطلاق مسيّرات على مقر بوتين، معلنةً أنها «ستراجع» موقفها التفاوضي حول إنهاء الحرب.

من جهته، قال الكرملين ​إن بوتين أبلغ ترمب بأن روسيا ستراجع ‌موقفها في ‌مفاوضات ‌السلام ⁠بعد ​ما وصفته ‌موسكو بهجوم أوكراني بطائرة مسيّرة على أحد مقار إقامة الرئيس الروسي.

ورفضت أوكرانيا التصريحات الروسية بأن ⁠91 طائرة مسيّرة هاجمت ‌مقر إقامة بوتين في شمال روسيا ووصفتها بالأكاذيب، واتهمت موسكو بمحاولة تقويض محادثات السلام.

وقال مستشار السياسة الخارجية ​للكرملين يوري أوشاكوف، إن بوتين وترمب تحدثا ⁠اليوم، وإن ترمب وكبار مستشاريه أطلعوا بوتين على المفاوضات مع أوكرانيا. وأبلغ بوتين ترمب بهجوم الطائرة المسيّرة على مقر الرئاسة الروسية، وقال لترمب إن روسيا تراجع موقفها ‌نتيجة لذلك.


زهران ممداني المعارض القوي لترمب يتولى الخميس رئاسة بلدية نيويورك

الديمقراطي زهران ممداني رئيس بلدية نيويورك وزوجته راما دوجي في نيويورك (أ.ف.ب)
الديمقراطي زهران ممداني رئيس بلدية نيويورك وزوجته راما دوجي في نيويورك (أ.ف.ب)
TT

زهران ممداني المعارض القوي لترمب يتولى الخميس رئاسة بلدية نيويورك

الديمقراطي زهران ممداني رئيس بلدية نيويورك وزوجته راما دوجي في نيويورك (أ.ف.ب)
الديمقراطي زهران ممداني رئيس بلدية نيويورك وزوجته راما دوجي في نيويورك (أ.ف.ب)

يتولى الديمقراطي زهران ممداني، المعارض البارز والمناهض لسياسات دونالد ترمب، الخميس، رئاسة بلدية نيويورك، ليكون بذلك أول مسلم يشغل هذا المنصب منذ انتخابه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لولاية مدتها أربع سنوات وتحمل دلالات سياسية ورمزية كبيرة.

حفل تنصيب حاشد

سيؤدي زهران ممداني اليمين الدستورية بعد منتصف الليل بقليل أمام ليتيسيا جيمس، المدعية العامة لولاية نيويورك المقرَّبة منه والخصم اللدود للرئيس دونالد ترمب الذي رفعت دعوى قضائية ضده، وحاول بدوره مؤخراً توجيه اتهامات لها. ومن المقرر بعد ذلك إحياء حفل أمام مبنى البلدية، يترأسه بيرني ساندرز، الشخصية البارزة في اليسار الأميركي، بالإضافة إلى احتفال شعبي يُقام في الحي ظهراً.

ويعكس هذا الحدث «إحدى الرسائل الرئيسة» التي أكد عليها ممداني خلال حملته الانتخابية، وهي أن «نيويورك مدينة رائعة يطيب العيش فيها»، وفق ما يرى لينكولن ميتشل، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كولومبيا، في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

التحديات السياسية

بنى ممداني، الذي يُعرّف عن نفسه بأنه اشتراكي في بلدٍ يُربط فيه هذا المصطلح باليسار المتطرف، برنامجه الانتخابي على أساس مكافحة غلاء المعيشة في المدينة العملاقة التي يبلغ عدد سكانها 8.5 مليون نسمة. إلا أن سلفه، إريك آدامز، سعى إلى تعقيد إجراءٍ رئيس يتعلق بتجميد الإيجارات لأكثر من مليون شقة من خلال تعيين أو إعادة تعيين عددٍ من المقربين منه في اللجنة المسؤولة عن اتخاذ القرار.

ولم تُعرف بعد تفاصيل تنفيذ وعود زهران ممداني الأخرى بدءاً من بناء 200 ألف وحدة سكنية بأسعار معقولة، وتوفير رعاية الأطفال للجميع، وإقامة متاجر كبرى عامة بأسعار مخفَّضة، وتوفير وسائل نقل عام مجانية.

من ناحية أخرى، تربط ممداني علاقات ممتازة مع كاثي هوتشول، حاكمة ولاية نيويورك الديمقراطية التي لها صلاحية اتخاذ قرار تنفيذ العديد من الإجراءات البلدية، بما في ذلك الزيادات الضريبية التي يعتزم فرضها.

معارضة ترمب

خلافاً لكل التوقعات، وبعد حملة انتخابية حامية، كان اللقاء بين دونالد ترمب وزهران ممداني في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) ودياً.

والآن وقد انتهت الانتخابات، يقول جون كين، الأستاذ بجامعة نيويورك، إن «النتائج أهم من الرموز»، مشيراً إلى أن رئيس البلدية المنتخب سعى «بحكمة إلى إيجاد أرضية مشتركة مع ترمب بجعل نيويورك من جديد مدينة رائعة يطيب العيش فيها».

ومع زيادة انتشار عناصر شرطة الهجرة في المدينة، يصعب التكهن بمدى استمرار هذا التقارب. ويشير لينكولن ميتشل إلى أن الناخبين «يتوقعون حقاً» من رئيس بلدية نيويورك الجديد أن يقف بحزم في وجه سياسات ترمب.

طمأنة الجمهور

يُعد زهران ممداني البالغ من العمر (34 عاماً) أحد أصغر رؤساء البلدية الذين تعاقب 111 منهم على الأقل على المنصب في نيويورك، كما أنه لم يشغل سابقاً سوى منصب واحد وهو عندما كان ممثلاً عن دائرة انتخابية في مجلس الولاية.

وعلى الرغم من الانتقادات الموجهة إليه بسبب قلة خبرته، أحاط رئيس البلدية نفسه بفريق عمل متمرس، بعض أعضائه من إدارات سابقة بما في ذلك إدارة الرئيس السابق جو بايدن.

كما بدأ حواراً، حتى قبل انتخابه، مع مجتمع الأعمال الذي توقع بعض أفراده هجرة جماعية لأثرياء نيويورك، وهو ما لم يتحقق بعد، وفق مديري عدد من الشركات العقارية في الأسابيع الأخيرة.

وبصفته مناصراً للقضية الفلسطينية، يضطر هذا المسلم من أصل هندي إلى مواصلة استرضاء الجالية اليهودية. ومؤخراً، استقالت إحدى مساعداته بعد الكشف عن تغريدات نشرتها في شبابها، وعُدت معادية للسامية.

«شخصية ثقافية»

يخلص لينكولن ميتشل إلى أن «رئيس بلدية نيويورك كان على الدوام (تقريباً) شخصية ثقافية» لا تكف وسائل الإعلام عن تحليلها، وفي مقدمتها صحيفة «نيويورك تايمز» التي تناولت تجربته القصيرة في موسيقى الراب، وحصص الارتجال في مانهاتن، ومشاركته في فريق كرة القدم في بروكلين، فضلاً عن اختياره «بدلات بسيطة وبسعر معقول، يرتديها رجل في الثلاثين يسعى لأن يبدو جاداً ومهنياً».

وتحظى زوجته راما دوجي، وهي رسامة من أصل سوري، بقدر مماثل من الاهتمام. فقد سجل حسابها على «إنستغرام» أكثر من مليون متابع منذ الانتخابات، وفقاً لإحصائيات موقع «سوشال بليد».

وعندما اختيرت موضوع غلاف لمجلة «ذا كات» (The Cut)، وهي مجلة نيويورك المتخصصة في الموضة والثقافة، صرّحت راما دوجي مؤخراً بأنها ليست «سياسية»، بل «من مؤيدي» زد Z، وهو اللقب الذي يُطلق على زهران ممداني، وأنها ترغب في اغتنام موقعها الجديد في نيويورك بتقديم «أفضل ما لديها من قدرات فنية».