هل يستطيع ترمب الالتفاف على الدستور للحصول على فترة ثالثة؟

الرئيس الأميركي قال إنه «لا يمزح» بشأن الفكرة وتحدث عن «طرق ممكنة» لتحقيقها

الرئيس الأميركي دونالد ترمب قال إنه لا يمزح بشأن سعيه إلى الفوز بولاية ثالثة في انتخابات 2028 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب قال إنه لا يمزح بشأن سعيه إلى الفوز بولاية ثالثة في انتخابات 2028 (رويترز)
TT

هل يستطيع ترمب الالتفاف على الدستور للحصول على فترة ثالثة؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب قال إنه لا يمزح بشأن سعيه إلى الفوز بولاية ثالثة في انتخابات 2028 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب قال إنه لا يمزح بشأن سعيه إلى الفوز بولاية ثالثة في انتخابات 2028 (رويترز)

جدّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الجدل بحديثه عن احتمال سعيه إلى الفوز بفترة رئاسية ثالثة، وأثار مخاوف الخبراء من «جدية» محاولاته للالتفاف على الدستور، وانتهاك التعديل الثاني والعشرين للاستمرار في قيادة البلاد بعد انتهاء ولايته الثانية مطلع عام 2029.

وأفاد ترمب في مقابلة هاتفية مع شبكة «إن بي سي» الأحد بأنه «لا يمزح» بشأن محاولته الحصول على فترة ثالثة، وقال: «هناك طرق يمكنك من خلالها القيام بذلك». وسألت المذيعة كريستين ويلكر، ترمب، الذي سيبلغ 82 عاماً في نهاية ولايته الثانية، ما إذا كان يرغب في الاستمرار بالخدمة بـ«أصعب وظيفة في البلاد» بتلك المرحلة. فقال: «حسناً، أنا أحب العمل». وأشار إلى أن الأميركيين سيقبلون بفترة رئاسية ثالثة بسبب شعبيته. وادعى أنه حصل على «أعلى أرقام استطلاعات الرأي بين أي جمهوري خلال المائة عام الماضية».

وأوضح ترمب للصحافيين في وقت لاحق مساء الأحد على متن الطائرة الرئاسية من فلوريدا إلى واشنطن: «لقد طلب مني مزيد من الناس الترشح لولاية ثالثة، وهي في الواقع ولاية رابعة لأن الانتخابات الأخرى، انتخابات 2020، كانت مزورة تماماً». وأضاف: «لا أريد الحديث عن ولاية ثالثة الآن، لأنه بغض النظر عن الطريقة التي تنظر بها إلى الأمر، لا يزال أمامنا وقت طويل لنقطعه». ثم تابع قائلاً: «أمامنا أربع سنوات وهي فترة طويلة، لكن على الرغم من ذلك يقول كثير من الناس: يجب عليك الترشح مرة أخرى. إنهم يحبون العمل الذي نقوم به».

نصوص الدستور

وينص التعديل الثاني والعشرون، الذي أُضيف إلى الدستور عام 1951 بعد انتخاب الرئيس فرنكلين روزفلت أربع مرات متتالية، على أنه «لا يجوز انتخاب أي شخص لمنصب الرئيس أكثر من مرتين». ويقول خبراء إن أي محاولة من ترمب للبقاء في منصبه ستكون موضع شك من الناحية القانونية، لكنهم قلقون حول مدى الجدية التي قد يتبعها ترمب في متابعة هذه الفكرة، خاصة أن تعليقاته تعد انعكاساً لرغبته في انتهك التقاليد الديمقراطية، وانتهاك الدستور، ووضع الولايات المتحدة على مساء سريع نحو الديكتاتورية والاستبداد.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتحدث ترمب عن سعيه لولاية ثالثة، فقد أعلن ذلك مراراً، وقال في تجمع في ولاية نيفادا في يناير (كانون الثاني) الماضي: «سيكون أعظم شرف في حياتي أن أخدم ليس مرة واحدة ولكن مرتين وثلاث مرات وأربع مرات». وتسانده في هذا الأمر مجموعة من حلفائه في البيت الأبيض، مثل صديقه المقرب ستيف بانون الذي أشار إلى أن ترمب مؤهل لتولي فترات أخرى؛ لأن التعديل الدستوري لا يحدد فترات متتالية.

وقد نشر ترمب في شهر فبراير (شباط) الماضي على منصة «تروث سوشيال» صورة له يرتدي تاجاً ذهبياً على رأسه، وكتب عبارة: «عاش الملك». وساند البيت الأبيض هذه الصورة بنشرها على غلاف إحدى المجلات.

نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس (أ.ف.ب)

خطة ترمب

ويحاول ترمب استغلال ثغرة محتملة تلعب على إلقاء الضوء على صياغة الكلمات في التعديل الثاني والعشرين. ففي حين ينص الدستور صراحة على أنه لا يمكن انتخاب الرئيس أكثر من مرتين، فإن الصياغة لا تمنع رئيساً سابقاً شغل المنصب مرتين من تولي المنصب عن طريق «الخلافة».

ويطرح ترمب خطة افتراضية يقوم خلالها نائب الرئيس جي دي فانس بالترشح لخوض معركة الانتخابات الرئاسية في عام 2028، ويكون ترمب في منصب نائب الرئيس في خوض هذه الانتخابات، وحين يفوز جي دي فانس، يتنازل لصالح ترمب، أو يقدم استقالته ليتولى ترمب الرئاسة مرة أخرى.

وهناك سيناريو آخر محتمل، مفاده أن يترشح جي دي فانس للرئاسة ومعه في منصب نائب الرئيس ترمب جونيور الابن، وحين يفوزان بالانتخابات ينسحب ترمب جونيور الابن، ويختار جي دي فانس، ترمب نائباً له بموافقة مجلس الشيوخ، ثم يستقيل جي دي فانس بعد فترة قصيرة ويصبح ترمب رئيساً.

لكن خبراء قانونيين أشاروا إلى أن أي محاولة لترمب لاستخدام منصب نائب الرئيس طريقاً خلفياً والتفافاً على الدستور للفوز بولاية ثالثة، سيتم الطعن بها أمام المحاكم. وقد يكون للمحكمة الدستورية العليا القرار النهائي في هذا الشأن. وإذا اتبع ترمب هذه الاستراتيجية فسوف تضطر المحكمة العليا إلى تفسير ما إذا كان الحظر الدستوري ينطبق على الفرد الذي يتولى الرئاسة من خلال الخلافة.

المحكمة الدستورية العليا الاميركية (ا.ف.ب)

وتقول مجلة «ذي أتلانتيك» إن ترمب لديه إعجاب خاص بالقادة الديكتاتوريين، ويستمتع بالسلطة التي تأتي مع منصبه بوصفه رئيساً، ويعتقد أن ولايته الأولى فشلت لأن أعداءه في الدولة العميقة ووسائل الإعلام أوقفوه، ولذا يقوم بتنفيذ مجموعة معقدة من المخططات لتهميش المؤسسات والسيطرة على الدولة العميقة، وترهيب وسائل الإعلام.

وتضيف المجلة إنه من المرجح أن تحكم المحاكم بعدم السماح لترمب بالترشح لمنصب الرئيس أو نائب الرئيس في انتخابات 2028، لكن من غير المرجح أن تبت المحاكم في مثل هذه القضايا، إلا بعد أن يحسم المؤتمر الجمهوري اختيار الحزب للمنصبين، مما قد يجبر المحاكم إلى الاختيار بين إلغاء الانتخابات الرئاسية فعلياً، أو إنفاذ التعديل الثاني والعشرين، وهنا يصبح السؤال حول مدى ما يمتلكه قضاة المحكمة العليا من شجاعة كافية في ظل اتهامات محتملة من الجمهوريين للسلطة القضائية بإبطال الديمقراطية.

خطة بديلة صعبة

والمسار الثاني الذي يمكن أن يتخذه ترمب، هو إلغاء التعديل الثاني والعشرين، لكنه سيكون أصعب مسار، ويتطلب خطوات شاقة تشمل تصويت أغلبية الثلثين في كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ، أو عقد مؤتمر دستوري يحتاج فيه إلى تصديق ثلاثة أرباع الولايات الأميركية لتعديل هذه المادة، وهو سيناريو يقول الخبراء إنه غير مرجح للغاية.

لكن موقف الجمهوريين يثير التساؤلات والمخاوف مع تيار داخل الحزب الجمهوري يدعم فكرة تمديد فترة ولاية الرئيس ترمب، فقد قدم النائب آندي أوجلز قراراً يقترح تعديلاً من شأنه أن يسمح لترمب بالاستمرار في السلطة لمدة تصل إلى ثلاث فترات، بشرط ألا تكون متتالية، وبموجب هذا الاقتراح لن يكون الرؤساء السابقون الذين خدموا فترتين مثل باراك أوباما وجورج دبليو بوش وبيل كلينتون - مؤهلين للعودة إلى السلطة، في حين يكون ترمب الذي خدم لفترتين غير متتاليتين - مؤهلاً للترشح مرة أخرى في عام 2028.


مقالات ذات صلة

شؤون إقليمية نتنياهو خلال زيارة لقيادة سلاح الجو برفقة وزير الدفاع يسرائيل كاتس في ديسمبر الماضي (د.ب.أ)

أميركا حلها الوحيد... إسرائيل تواجه معضلة استراتيجية في إيران

أدى قرار الرئيس الأميركي، ترمب، تأجيل اتخاذ القرار بشأن الهجوم على إيران إلى وضع إسرائيل في مأزق استراتيجي، حيث يحتاج الجيش الإسرائيلي إلى مساعدة أميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
رياضة عالمية إلغاء معسكر منتخب سيدات السنغال لكرة السلة بأميركا (وسائل إعلام عالمية)

«سلة السنغال» يلغي معسكراً في الولايات المتحدة بسبب رفض التأشيرات

أعلن رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو (الخميس) إلغاء معسكر تدريبي كان مقرراً لمنتخب بلاده لكرة السلة للسيدات في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (دكار)
شؤون إقليمية رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب والمرشد الإيراني علي خامنئي (أ.ف.ب)

تقرير: النقاش الأميركي حول قصف إيران يُعيد إلى الأذهان معاناة حرب العراق

يتصاعد النقاش داخل الولايات المتحدة وخارجها بشأن احتمالية مشاركة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في توجيه ضربات مع إسرائيل ضد إيران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية علَما الاتحاد الأوروبي وإيران في هذه الصورة الملتقطة في 18 يونيو 2025 (رويترز) play-circle

دول أوروبية تحث إيران على العودة للدبلوماسية مع احتمال دخول أميركا المواجهة

من المقرر أن يلتقي وزراء خارجية أوروبيون بنظيرهم الإيراني، اليوم (الجمعة)، بهدف إيجاد مسار للعودة إلى الدبلوماسية بشأن برنامج طهران النووي.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

تحليق مفاجئ لـ«طائرة يوم القيامة» الأميركية نحو واشنطن... وسط تصاعد التوتر مع إيران

تحليق مفاجئ لـ«طائرة يوم القيامة» الأميركية نحو واشنطن... وسط تصاعد التوتر مع إيران
TT

تحليق مفاجئ لـ«طائرة يوم القيامة» الأميركية نحو واشنطن... وسط تصاعد التوتر مع إيران

تحليق مفاجئ لـ«طائرة يوم القيامة» الأميركية نحو واشنطن... وسط تصاعد التوتر مع إيران

في تحركٍ أثار كثيراً من التساؤلات والتكهنات، حلّقت إحدى طائرات القيادة الجوية الاستراتيجية، التابعة للجيش الأميركي، والمعروفة بـ«طائرة يوم القيامة» (E-4B Nightwatch)، مساء الثلاثاء، متجهةً إلى قاعدة جوينت بيس أندروز، القريبة من العاصمة واشنطن، تزامناً مع تصاعد الحديث عن احتمالات توجيه ضربة عسكرية أميركية ضد المنشآت النووية الإيرانية. وفقاً لصحيفة «نيويورك بوست».

وأظهرت بيانات تتبع الرحلات الجوية أن الطائرة، المصممة لضمان استمرارية القيادة والسيطرة في حالات الطوارئ القصوى؛ بما فيها الحرب النووية، سلكت مساراً طويلاً ومتعرجاً نحو وجهتها، ما أثار موجة من الجدل، خاصة في ظل استخدامها لنداء «ORDER01»، بدلاً من النداء الاعتيادي «ORDER6» الذي يرافق تحركاتها الدورية.

مركز قيادة في السماء

تُعرف طائرة E-4B بأنها أحد أعمدة الجاهزية العسكرية الأميركية في أوقات الأزمات، حيث تعمل بصفتها مركز قيادة جوياً يمكن للرئيس ووزير الدفاع ورؤساء الأركان الاعتماد عليه لمواصلة إدارة العمليات العسكرية، والتواصل مع مختلف الوحدات، حتى في حال وقوع هجوم نووي أو كارثة كبرى.

وتتسع الطائرة لنحو 112 شخصاً، وتملك قدرات استثنائية تتيح لها التحليق لمسافة تفوق 11 ألف كيلومتر دون توقف، كما يمكن تزويدها بالوقود جواً، ما يتيح لها البقاء في الأجواء لأيام متواصلة. ويُشار إلى أن أطول رحلة قامت بها الطائرة استمرت لأكثر من 35 ساعة.

ويُطلق على الطائرة أيضاً لقب «البنتاغون الطائر»؛ لكونها مزودة بثلاثة طوابق تضم غرف عمليات واجتماعات، وأماكن للراحة، ومرافق مخصصة للتعامل مع الأزمات على مدار الساعة.

قدرات ردعية متقدمة

وبالإضافة إلى كونها مؤمَّنة ضد الانفجارات النووية والتشويش الكهرومغناطيسي، فإن الطائرة مزودة بـ67 هوائياً وطبقاً للاتصال، ما يمكّنها من التواصل مع أي وحدة أو جهة في أي مكان بالعالم، حتى في أسوأ السيناريوهات الأمنية.

وتُعد E-4B جزءاً من أسطول خاص يتكون من أربع طائرات تجري رحلات منتظمة على مدار العام؛ لضمان الجاهزية القصوى في حالات الطوارئ.

رسائل ردعية وسط تصعيد إقليمي

تأتي هذه التحركات الجوية في ظل أجواء سياسية وأمنية مشحونة، حيث كشفت مصادر مطلعة أن ترمب يدرس خيارات عسكرية ضد إيران، في وقتٍ بلغ فيه التصعيد بين طهران وتل أبيب مستويات غير مسبوقة.

تحديث الأسطول الاستراتيجي

في سياق متصل، أعلن سلاح الجو الأميركي، في وقت سابق، عزمه استبدال عقد تطوير جديداً تبلغ قيمته 13 مليار دولار أُبرم مع شركة Sierra Nevada Corporation، بأسطول طائرات E-4B، لتصميم نموذج بديل يستوفي متطلبات القيادة الجوية المستقبلية.

وتعكس هذه التحركات إصرار واشنطن على الحفاظ على تفوقها الاستراتيجي، في ظل بيئة دولية تزداد توتراً، وتلعب فيها الجاهزية العسكرية دوراً محورياً في رسم توازنات القوى.