ترمب يجري تغييرات جذرية تثير الجدل حول إدارة الانتخابات الأميركية

شكوك إزاء تغييرات تميل لصالح الجمهوريين في التجديد النصفي وتقليص سلطات الولايات

الرئيس ترمب يوقّع أمراً تنفيذياً لإصلاح نظام الانتخابات الأميركية يثير الكثير من التساؤلات القانونية والحزبية (إ.ب.أ)
الرئيس ترمب يوقّع أمراً تنفيذياً لإصلاح نظام الانتخابات الأميركية يثير الكثير من التساؤلات القانونية والحزبية (إ.ب.أ)
TT

ترمب يجري تغييرات جذرية تثير الجدل حول إدارة الانتخابات الأميركية

الرئيس ترمب يوقّع أمراً تنفيذياً لإصلاح نظام الانتخابات الأميركية يثير الكثير من التساؤلات القانونية والحزبية (إ.ب.أ)
الرئيس ترمب يوقّع أمراً تنفيذياً لإصلاح نظام الانتخابات الأميركية يثير الكثير من التساؤلات القانونية والحزبية (إ.ب.أ)

أثار الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول إصلاح نظام الانتخابات الأميركية، الكثير من التساؤلات حول أهدافه من وراء تغيير هذا النظام الراسخ منذ عقود تحت عنوان «الإصلاح»، وما إذا كان الهدف هو، وضع معايير لضمان نزاهة الانتخابات وحمايتها، أم وضع قيود تعيد تشكيل كيفية إجراء الانتخابات، بخاصة مع اقتراب موعد التجديد النصفي للكونغرس في عام 2026.

ورجَّح الكثير من الخبراء، أن يثير الأمر التنفيذي معارك سياسية وقانونية ودستورية مكثفة، بخاصة في الولايات التي تضع قوانين للتصويت تختلف بشكل كبير عن الأمور الواردة فيه... كما أبدت جماعات حماية الحقوق المدنية، شكوكاً حول محاولات إدارة ترمب قمع مشاركة الأقليات وكبار السن والمواطنين ذوي الدخل المنخفض.

وقد نصّ الأمر التنفيذي، على شرط يلزم الناخبين بإثبات أنهم مواطنون أميركيون، وعليهم تقديم إثبات للمواطنة مثل جواز السفر أو شهادة الميلاد، كما يمنع احتساب بطاقات الاقتراع التي تصل عن طريق البريد بعد يوم الانتخابات، ورصد وملاحقة غير الأميركيين الذين يسجلون أو يصوّتون في الانتخابات ومقاضاتهم من خلال وزارة العدل. كما فرض الأمر التنفيذي، قيوداً على الولايات التي لا تمتثل لهذا القرار، وهدد بسحب التمويل الفيدرالي عنها.

انتخابات خالية من الاحتيال

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال اجتماع مع المرشحين للسفراء في غرفة مجلس الوزراء في البيت الأبيض (إ.ب.أ)

وقال ترمب: «إن الانتخابات الحرة والنزيهة والصادقة الخالية من الاحتيال والأخطاء والشكوك، هي الأساس للحفاظ على الجمهورية الدستورية»، محذراً من أن «الممارسات الحالية في الكثير من الولايات، لا ترقى إلى مستوى المعايير العالمية المعمول بها في دول مثل ألمانيا والهند والبرازيل والسويد».

وأثناء التوقيع في البيت الأبيض مساء الثلاثاء، قال للصحافيين: «تزوير الانتخابات... سمعتم هذا المصطلح، وسيسهم هذا (الأمر التنفيذي) في وضع حد له (التزوير)، وعلينا أن نحسن انتخاباتنا».

وأضاف الرئيس الأميركي، أن الولايات المتحدة «لم تطبّق بشكل كافٍ متطلبات الانتخابات الفيدرالية، التي تحظر على الولايات فرز الأصوات التي تتلقاها بعد يوم الانتخابات، أو تمنع غير المواطنين من التسجيل للتصويت».

وطالب حكام الولايات «بالعمل مع الوكالات الفيدرالية ووزارة العدل ووزارة الأمن الداخلي لمشاركة قوائم الناخبين في الولايات وملاحقة الجرائم الانتخابية».

قبعة «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى» معروضة في قاعة التداول ببورصة نيويورك (رويترز)

ودافع الجمهوريون عن هذا القرار الذي وصفوه، بأنه «يحمي الانتخابات الأميركية من الأنشطة السياسية الممولة من الخارج، ويحسّن نظام تأمين الانتخابات ضد التهديدات السيبرانية الأجنبية».

في حين شكَّك الديمقراطيون في الهدف من رفض بطاقات الاقتراع عبر البريد بعد يوم الانتخابات، التي يبدو أنها تستهدف بشكل مباشر، الولايات التي تعتمد بشكل كبير على البريد مثل كاليفورنيا وألاسكا.

وقال السيناتور الديمقراطي من ولاية كاليفورنيا اليكس باديا في بيان، إن الأمر التنفيذي لترمب «لا يفعل شيئاً لتحسين أمن الانتخابات الفيدرالية، بل ما سيفعله، هو حرمان ملايين الناخبين الأميركيين من حقهم في التصويت».

وأشار خبراء القانون، إلى «أن الرئيس لا يملك السلطة القانونية لفرض بعض التغييرات التي طالب بها في الأمر التنفيذي، والتي قد تؤدي إلى تعطيل طريقة تصويت الأميركية، وأسلوب احتساب الأصوات بطريقة قد تحرم الكثير من الناخبين الشرعيين من حقهم في التصويت مقابل كل ناخب غير شرعي محتمل أن يتم إيقافه».

المحكمة الدستورية العليا (أ.ب)

وتركزت ردود الفعل، على انتقاد محاولات ترمب فرض السيطرة الفيدرالية على السلطة الدستورية للحكومات المحلية، وتقويض سلطة الولايات في وضع الإجراءات المتعلقة بالانتخابات. فالمادة الأولى من القسم الرابع من الدستور، تمنح الولايات سلطة تحديد الأوقات والأماكن والطريقة التي تجري بها الانتخابات.

وتتمتع الولايات بمساحة واسعة في تنظيم وإدارة الانتخابات، ولا تسمح بفرز أصوات، إذا تم الإدلاء بها بعد يوم الانتخابات، في حين تقبل بعض الولايات بطاقات الاقتراع عبر البريد بعد يوم الانتخابات (يمكن أن يصل إلى سبعة أيام)، ما دام أنها تحمل ختم البريد بتاريخ قبل يوم الانتخابات أو في يوم الانتخابات. وتقبل 18 ولاية، بطاقات الاقتراع بالبريد بهذه الطريقة، وتعدّ ولاية كاليفورنيا الأكثر اكتظاظاً بالسكان، الأكثر شهرة في مسألة طول فترة فرز الأصوات التي قد تمتد لأسابيع، ومعظم الناخبين يرسلون أصواتهم عبر البريد. وهناك ولايات تشترط أن تكون بطاقات الاقتراع في حوزة مسؤولي الانتخابات بحلول وقت إغلاق صناديق الاقتراع مثل ولاية فلوريدا التي تشترط استلام بطاقة الاقتراع بحلول السابعة مساءً.

واشترط الأمر التنفيذي، إجراء إصلاحات على أنظمة التصويت خلال ستة أشهر، ويركز على عدم استخدام بطاقات الاقتراع التي تستخدم باركود (الرموز الشريطية)؛ وهو ما أثار تساؤلات في ولاية جورجيا، التي تعد ساحة معركة مهمة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، حيث يستخدم الناخبون بطاقات اقتراع تستخدم الباركود الذي يقرأه الماسح الضوئي (سكانر) لاحتساب الأصوات.

دعاوى قضائية

وأشار ريك هاسن، أستاذ القانون بجامعة كاليفورنيا، إلى أن ترمب «لا يملك سلطة إملاء كيفية إدارة الولايات لانتخاباتها».

وقال: «إنه من غير المرجح أن تمتثل لجنة الانتخابات لهذا القرار التنفيذي بخاصة فيما يتعلق بتغيير نموذج تسجيل الناخبين»، مشيراً إلى أنها ستكون محاولة للالتفاف على الكونغرس، وتعزيز الأفكار في مشروع القانون الذي يقوده الجمهوريون، مثل طلب إثبات الجنسية للتصويت في الانتخابات الفيدرالية».

وقال ديفيد بيكر، الرئيس التنفيذي لـ«مركز ابتكار الانتخابات والبحوث»، إن هذا الأمر التنفيذي «يعدّ استيلاءً فيدرالياً على سلطات الولايات في إجراء الانتخابات، ومحاولة للاستيلاء على تكنولوجيات الانتخابات والعمليات على المستوى المحلي، وعلى مستوى كل ولاية، وهو أيضاً يتجاوز موافقة الكونغرس على هذه التغيرات»... وتوقع بيكر «تكلفة ضخمة لتطبيق هذه القواعد، تكلف دافعي الضرائب عشرات المليارات من الدولارات»، كما توقع أن يواجه الأمر التنفيذي الكثير من الدعاوى القضائية.

إيلون ماسك وانتخابات ويسكونسن

الرئيس التنفيذي لشركة «تسلا» إيلون ماسك يرتدي قبعة تحمل شعار «ترمب كان على حق في كل شيء!» أثناء حضور اجتماع مجلس الوزراء بالبيت الأبيض. وتساؤلات حول نفوذه في انتخابات ويسكونسن (رويترز)

وتتجه الأضواء إلى ولاية ويسكونسن، التي تجري انتخابات الثلاثاء المقبل لشغل مقعد في المحكمة العليا، هي ولاية حاسمة فاز بها ترمب بأقل من نقطة مئوية، وساعده إيلون ماسك بملايين الدولارات التي ضخها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ويكرر ماسك إقحام نفسه في هذه الانتخابات، التي ستحدد لمن ستكون الأغلبية في المحكمة العليا، التي تناقش قضايا حقوق الإجهاض والانتخابات ويمكن أن تكون لها آثار كبيرة على انتخابات التجديد النصفي عام 2026، والانتخابات الرئاسية عام 2028، إذا أقرَّت المحكمة العليا إعادة تقسيم دوائر الولايات، ورسم خرائط انتخابية جديدة تخدم الجمهوريين.

رجل يدلي بصوته في مركز اقتراع مبكر لانتخابات الأول من أبريل التي تشمل مقعداً في المحكمة العليا لولاية ويسكونسن (رويترز)

ويؤيد ترمب وماسك المرشح المدعوم من الحزب الجمهوري براد شيميل ضد سوزان كروفورد المرشحة المدعومة من الديمقراطيين، والتي يدعمها رجل الأعمال جورج سورس بملايين الدولارات.

ويتبنى شميل نظريات المؤامرة حول تزوير الانتخابات التي يروّج لها ترمب. وتبرع ماسك عبر مجموعات حزبية، بأكثر من 73 مليون دولار؛ ما جعل من هذا السباق الأعلى كلفة في هذا المضمار القضائي، في تاريخ الولايات المتحدة.

ويدفع الحزب الديمقراطي في ويسكونسن بإعلانات تقول: «لا تدعوا إيلون ماسك يشتري المحكمة العليا».


مقالات ذات صلة

الكرملين: روسيا منفتحة على إيجاد تسوية للأزمة الأوكرانية

أوروبا المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف (رويترز)

الكرملين: روسيا منفتحة على إيجاد تسوية للأزمة الأوكرانية

قال الكرملين، اليوم الاثنين، إن الرئيس فلاديمير بوتين وروسيا لا يزالان منفتحين على إيجاد تسوية للأزمة الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (موسكو )
الاقتصاد العلمان الأميركي والصيني يرفرفان في متنزه «غنتنغ» الثلجي استعداداً لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية 2022 (أرشيفية- رويترز)

الصين تحذِّر الدول من إبرام اتفاقيات تجارية مع الولايات المتحدة لتخفيف الرسوم الجمركية

حذَّرت بكين من أنها سترد على الدول التي تتفاوض على صفقات تجارية مع الولايات المتحدة «على حساب مصالحها».

الولايات المتحدة​ البيت الأبيض (إ.ب.أ)

إرسال مستندات حساسة بالخطأ يكشف ثغرات أمنية في البيت الأبيض

كشفت صحيفة «واشنطن بوست» عن حادثة خطيرة تسلّط الضوء على استمرار الإهمال في التعامل مع المستندات الحساسة داخل المؤسسات الحكومية الأميركية، في ظل إدارتي الرئيسين…

الاقتصاد تمثال لرأس يتأرجح للرئيس الأميركي دونالد ترمب على مكتب في بورصة نيويورك أثناء العمل (أ.ف.ب)

شركات التكنولوجيا تواجه موسم أرباح غامضاً بعد 100 يوم من عودة ترمب

مع انطلاق موسم أرباح شركات التكنولوجيا الكبرى هذا الأسبوع، تجد الشركات الرائدة في القطاع نفسها في خضم دوامة من عدم اليقين والاضطرابات.

«الشرق الأوسط» (سان فرانسيسكو)
الولايات المتحدة​ حَرَم كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد في ولاية ماساتشوستس (رويترز)

إدارة ترمب تخطط لسحب مليار دولار إضافي من تمويل جامعة هارفارد

يخطط الرئيس الأميركي دونالد ترمب لسحب مليار دولار إضافي من التمويل الفيدرالي لجامعة هارفارد، وسط معركته العلنية مع المؤسسة، وفقاً لتقرير نُشر أمس الأحد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

إرسال مستندات حساسة بالخطأ يكشف ثغرات أمنية في البيت الأبيض

البيت الأبيض (إ.ب.أ)
البيت الأبيض (إ.ب.أ)
TT

إرسال مستندات حساسة بالخطأ يكشف ثغرات أمنية في البيت الأبيض

البيت الأبيض (إ.ب.أ)
البيت الأبيض (إ.ب.أ)

كشفت صحيفة «واشنطن بوست» عن حادثة خطيرة تسلّط الضوء على استمرار الإهمال في التعامل مع المستندات الحساسة داخل المؤسسات الحكومية الأميركية، في ظل إدارتي الرئيسين جو بايدن ودونالد ترمب.

فقد تم عن طريق الخطأ مشاركة مجلد يحتوي على معلومات أمنية حساسة عبر «غوغل درايف» مع أكثر من 11,200 موظف في إدارة الخدمات العامة الأميركية، بحسب سجلات داخلية اطلعت عليها الصحيفة.

المجلد تضمن ملفات تتعلق بمخططات طوابق داخل البيت الأبيض، وتصميمات لباب مقاوم للانفجارات في مركز الزوار، إضافة إلى بيانات مصرفية لمتعهد شارك في مؤتمر صحافي خلال إدارة ترمب.

وأُثيرت تساؤلات حول ما إذا كانت تلك المعلومات مصنفة بوصفها وثائق سرية، لكن تسعة من أصل 15 ملفاً احتوت على تصنيف «CUI»، وهو ما يشير إلى معلومات غير مصنفة لكنها خاضعة للرقابة، ما يجعلها محمية بموجب السياسات الفيدرالية.

بدأت مشاركة تلك الملفات منذ أوائل عام 2021، أي مع بداية إدارة بايدن، واستمرت حتى وقت قريب. وتبين أن عشرة من الملفات كانت متاحة ليس فقط للعرض بل أيضاً للتعديل من قبل الموظفين، ما زاد من خطورة التسريب.

الحادثة أثارت قلقاً داخل الأوساط الأمنية، وأدت إلى فتح تحقيق رسمي من قبل مكتب المفتش العام في إدارة الخدمات العامة الأميركية، بعد اكتشافها أثناء تدقيق أمني روتيني في استخدام منصة «غوغل درايف». وقد تم التواصل مع فريق الاستجابة للحوادث، الذي بدوره أوقف المشاركة فوراً وحدد مالكي المستندات، رغم عدم تلقيه رداً مباشراً من المعنيين.

وقال أحد الموظفين المخضرمين في «GSA» رفض الكشف عن هويته، إن الإدارة تعتمد على أنظمة لمراقبة المشاركات غير المناسبة وتدريب الموظفين سنوياً على الأمن المعلوماتي، لكنه أقرّ بأن الضوابط ليست مثالية.

وتعليقاً على الحادثة، أوضح مايكل ويليامز، أستاذ الأمن الدولي بجامعة سيراكيوز، أن هذا النوع من الأخطاء يشكل تحدياً مستمراً لكافة الإدارات، عادّاً أن مشاركة مخططات البيت الأبيض مع آلاف الموظفين أمر لا يمكن تبريره.

وسبق أن شهدت الإدارتان الأميركية الحالية والسابقة حالات مماثلة من التساهل في حماية المعلومات الحساسة، بينها استخدام البريد الإلكتروني الشخصي في المراسلات الرسمية، أو مشاركة محادثات عسكرية غير مصنفة مع أطراف غير مخوّلة، ما يعكس، وفقاً للمراقبين، نمطاً مقلقاً من سوء إدارة الملفات المصنفة.

التحقيق لا يزال جارياً، فيما لم يصدر أي تعليق رسمي من البيت الأبيض أو إدارة الخدمات العامة أو ممثلي الرئيس بايدن حتى الآن.