«حادثة سيغنال» تهزّ أروقة الكونغرس

«ذي أتلانتك» تنشر رسالة من وزير الدفاع يحدد فيها موعد إحدى الضربات

زعيم الجمهوريين في «الشيوخ» جون ثون يتحدث مع الصحافيين بالكونغرس في 25 مارس 2025 (إ.ب.أ)
زعيم الجمهوريين في «الشيوخ» جون ثون يتحدث مع الصحافيين بالكونغرس في 25 مارس 2025 (إ.ب.أ)
TT

«حادثة سيغنال» تهزّ أروقة الكونغرس

زعيم الجمهوريين في «الشيوخ» جون ثون يتحدث مع الصحافيين بالكونغرس في 25 مارس 2025 (إ.ب.أ)
زعيم الجمهوريين في «الشيوخ» جون ثون يتحدث مع الصحافيين بالكونغرس في 25 مارس 2025 (إ.ب.أ)

هزّت «حادثة سيغنال» الكونغرس الأميركي، وأثارت موجة من الانتقادات، ولا سيّما عقب نشر مجلة «ذي أتلانتك» تفاصيل الدردشة بين كبار مسؤولي إدارة دونالد ترمب حول موعد الضربات الأميركية ضدّ الحوثيين وأهدافها.

ونشرت المجلة، الأربعاء، لقطة شاشة لمحادثة نصية حدّد فيها وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث موعد بدء عملية مقررة لقتل أحد الحوثيين في اليمن، وهو 15 مارس (آذار) الماضي، بالإضافة إلى تفاصيل أخرى عن موجات وشيكة من الضربات الأميركية.

النائب الديمقراطي كريشنامورثي يستعرض لقطة شاشة لرسالة وزير الدفاع في محادثة «سيغنال»... 26 مارس (أ.ف.ب)

وقالت المجلة إن رسالة هيغسيث تضمّنت تفاصيل عن انطلاق طائرات «إف-18» الساعة 12:15 بتوقيت شرق الولايات المتحدة في «أول حزمة من الضربات»، ثم بدء أول ضربة من طائرة «إف-18» في الساعة 13:45 «لاستهداف إرهابي موجود في موقعه المعروف»، وبالتالي يجب أن تكون الضربة في «الموعد المحدد»، بالإضافة إلى إطلاق «طائرات مسيرة من طراز (إم.كيو-9)».

دعوات للاستقالة

كشف جيفري غولدبيرغ، رئيس تحرير المجلة، الاثنين، أنه تم ضمه مطلع الشهر الحالي، بالخطأ، لمجموعة سرية تناقش خططاً حربية حساسة للغاية على تطبيق «سيغنال» للمراسلة المشفرة. ورفض هيغسيث مراراً ادّعاء غولدبيرغ أن المسؤولين تبادلوا رسائل نصية تتضمن خططاً حربية، في محاولة لاحتواء تداعيات التسريب. وقالت إدارة دونالد ترمب إنه لم يتم تبادل أي معلومات سرية في الدردشة، ما أربك الديمقراطيين ومسؤولين أميركيين سابقين يعتبرون معلومات الاستهداف من أكثر المواد سرية قبل أي حملة عسكرية أميركية.

ونشر غولدبيرغ تفاصيل الدردشة، الأربعاء، بعدما رفض في البداية القيام بذلك. وفيما عبّر الديمقراطيون عن غضب حادّ من تهديد التسريب لـ«الأمن القومي»، اكتفى الجمهوريون بالتأكيد على ضرورة فتح تحقيق في ملابسات الحادثة.

مديرو الاستخبارات أمام لجنة الاستخبارات في «الشيوخ» في 25 مارس 2025 (رويترز)

ووضعت هذه القضية وموقف الإدارة منها الحزب الجمهوري في الكونغرس في موقف حرج، خاصة أولئك الذين يتمتعون بمناصب قيادية ويترأسون اللجان المختصة. وبدا هذا واضحاً في جلسة الاستماع التي عقدتها لجنة الاستخبارات في الشيوخ، بحضور مديري الاستخبارات الأميركية كافة، الذين واجهوا وابلاً من الأسئلة بخصوص الحادثة.

ونفى هؤلاء مراراً وتكراراً أن تكون الرسائل التي تبادلوها مع مسؤولين آخرين على «سيغنال» بشأن الضربات الأميركية ضد الحوثيين في اليمن تحمل طابع السرية، ليعودوا ويجيروا الملف إلى وزير الدفاع بعد ضغوطات شديدة عليهم من قبل الديمقراطيين في اللجنة، قائلين إنه هو من يقرر سرية المعلومات الدفاعية التي شاركها في الرسائل المذكورة. ودفع ذلك بكبير الديمقراطيين في اللجنة، مارك وارنر، إلى دعوة كل من وزير الدفاع بيت هيغسيث ومستشار الأمن القومي مايك والتز للاستقالة.

وبعد هذه الادعاءات سرعان ما نشرت «ذي أتلانتيك» نصوصاً إضافية للرسائل أظهرت معلومات مفصلة عن الأسلحة التي تم توظيفها في العمليات بالإضافة إلى تفاصيل وقتية حول العملية. وكان كل من مديرة الاستخبارات الوطنية تلسي غابارد، ومدير الاستخبارات المركزية جون راتكليف، نفى خلال جلسة الاستماع وجود معلومات من هذا القبيل، قائلين إنهما «لا يتذكران» مشاركة تفاصيل عن أنواع الأسلحة في الرسائل المذكورة.

كما قالت الصحيفة إنها ارتأت عدم نشر اسم أحد عملاء الاستخبارات المركزية المذكورين في الرسائل، حفاظاً على سرية هويته.

خطأ وتحقيقات

وبينما لم يُقرّ مديرو الاستخبارات بأي خطأ في مشاركة الرسائل مع صحافي أميركي، إلا أن الإقرار بالخطأ جاء على لسان والتز في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز»، ما مهّد الطريق بالتالي إلى فتح تحقيقات من قبل الجمهوريين في الكونغرس بهذه القضية.

فمهما كان الغضب الديمقراطي كبيراً، إلا أن أياديهم مكبّلة، كونهم يشكلون أقلية في مجلسي الكونغرس، ما يجعل أي قرار رسمي بالتحقيق بيد الجمهوريين، الذين، وبعد تردد في اتخاذ موقف حاسم في هذا الإطار تجنباً لأي مواجهة علنية مع ترمب وفريقه، أعلنوا عن فتح تحقيقات في اللجان المختصة للنظر في خلفيات الحادثة.

وكان أول المعلنين رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، روجر ويكر، الذي دعا في الوقت نفسه المفتش العام في وزارة الدفاع لفتح تحقيق في المسألة بعد تصريحات مديري الاستخبارات، كما يتوقع أن تفتح لجنة الاستخبارات في الشيوخ التي استمعت إلى المديرين يوم الثلاثاء تحقيقها الخاص بالمسألة.

وبدا إصرار الجمهوريين على النظر في خلفيات الحادثة واضحاً من خلال تصريحات زعيمهم في الشيوخ جون ثون، الذي قال: «نحن نعمل على كشف الحقيقة كاملة حول محتوى سلسلة الرسائل. من الواضح أن الناس يطرحون أسئلة، وهم يستحقون الحصول على إجابات».

انتخابات على المحك

السيناتوران الجمهوري توم كوتون والديمقراطي مارك وارنر خلال جلسة استماع في لجنة الاستخبارات في «الشيوخ» (أ.ف.ب)

اعتُبر تصريح ثون تمهيداً لما يواجهه الجمهوريون في العامين المقبلين، فالحزب الجمهوري بدأ فعلياً التخطيط للانتخابات النصفية على أمل الاحتفاظ بأغلبيته في المجلسين، وقادته يعلمون جيداً أن قضية «سيغنال» سوف تكون أحد محاور المواجهة الديمقراطية معهم في حديثهم مع الناخبين. وسيكون تعامل الجمهوريين مع القضية أساسياً لضمان حظوظهم بالفوز مجدداً، وهذا ما دفعهم كذلك إلى التلويح بأن مجلس الشيوخ بالكامل سوف يحقق في القضية، بالإضافة إلى احتمال عقد جلسات استماع خلال سير التحقيقات.

لكن المشهد مختلف في مجلس النواب، حيث يسيطر ولاء الجمهوريين لترمب على قراراتهم، ومن المستبعد أن يشهد المجلس تحركات مشابهة للشيوخ، رغم الجلسة الحامية التي استضافت كذلك مديري الاستخبارات يوم الأربعاء في لجنة الاستخبارات في «النواب».


مقالات ذات صلة

رويترز: الحوثيون لم يعد بإمكانهم التحمل... فطلبوا هدنة مع الأميركيين

الولايات المتحدة​ دخان يتصاعد في صنعاء إثر ضربة جوية تعرض لها موقع مفترض للحوثيين (أرشيفية - رويترز)

رويترز: الحوثيون لم يعد بإمكانهم التحمل... فطلبوا هدنة مع الأميركيين

وقال اثنان من المسؤولين إن قادة الحوثيين بدأوا التواصل مع حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط في وقت ما خلال عطلة نهاية الأسبوع الأولى من شهر مايو (أيار).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية مكان سقوط صارخ أطلقه الحوثيون على مطار بن غوريون في تل أبيب في 4 مايو 2025 (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعترض صاروخاً أُطلق من اليمن

أعلن الجيش الإسرائيلي أن الدفاعات الجوية اعترضت بنجاح صاروخاً باليستياً أطلقه الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن على إسرائيل قبل قليل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة فضائية من شركة «بلانت لبس» ترصد قاذفات «بي-2» الشبحية في «دييغو غارسيا» مع استمرار الضربات الأميركية ضد الحوثيين (أ.ب)

واشنطن تعيد تموضع قاذفاتها الاستراتيجية في الشرق الأوسط

يعمل الجيش الأميركي على استبدال قاذفاته من طراز بي-2 وإحلال نوع آخر من القاذفات في قاعدة دييغو غارسيا التي تعد موقعا مثاليا لمباشرة أي نشاط في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي تراجع لافت في إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر (هيئة قناة السويس)

تحركات مصرية سياسية واقتصادية لتنشيط الملاحة في قناة السويس

تكثف مصر تحركاتها السياسية والاقتصادية بهدف عودة حركة الملاحة بقناة السويس إلى طبيعتها في ظل تراجع كبير لحركة السفن منذ بداية حرب غزة عام 2023.

عصام فضل (القاهرة)
شؤون إقليمية حريق ضخم جراء ضربات إسرائيلية استهدفت مخازن الوقود بميناء الحديدة اليمني (أرشيفية - أ.ف.ب)

إسرائيل تعلن موجة ثامنة ضد الحوثيين باستهداف موانئ الحديدة الثلاثة

أعلنت إسرائيل أن مقاتلاتها تتجه لتنفيذ ضربات جوية تستهدف موانئ الحديدة الثلاثة (الحديدة والصليف ورأس عيسى) الواقعة تحت سيطرة الحوثيين على الساحل الغربي لليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن)

قاضية تأمر بالإفراج عن طالب مؤيد للفلسطينيين في جامعة جورج تاون

جامعة جورج تاون (أرشيفية)
جامعة جورج تاون (أرشيفية)
TT

قاضية تأمر بالإفراج عن طالب مؤيد للفلسطينيين في جامعة جورج تاون

جامعة جورج تاون (أرشيفية)
جامعة جورج تاون (أرشيفية)

أمرت قاضية اتحادية أميركية أمس الأربعاء بالإفراج عن طالب هندي في جامعة جورج تاون اعتقلته إدارة الرئيس دونالد ترمب بسبب نشاطه المؤيد للفلسطينيين.

وتريد إدارة ترمب ترحيل بدر خان سوري الباحث بالجامعة. واعتقلت سلطات الهجرة سوري في مارس (آذار) الماضي بتهمة نشر دعاية تدعم المسلحين الفلسطينيين ومعاداة السامية. ويستهدف ترمب مواطنين أجانب، من بينهم سوري، ممن شاركوا في احتجاجات داعمة للفلسطينيين ومناهضة للحرب التي تشنها إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة، على غزة. وتتهم جماعات الدفاع عن الحقوق المدنية والمهاجرين إدارة ترامب باستهداف المنتقدين السياسيين بصورة غير عادلة.

وأظهرت وثيقة قضائية أن قاضية المحكمة الجزئية الأميركية باتريشيا توليفر جايلز، التي منعت سابقا ترحيل سوري، أمرت بالإفراج عنه بضمان شخصي منه من مركز احتجازه في ولاية تكساس ونقله إلى ولاية فرجينيا. وأضافت جايلز أن أي إعادة لاعتقاله ستتطلب إخطار المحكمة ومحاميه قبلها بثماني وأربعين ساعة.

وقالت تريشيا ماكلوفلين مساعدة وزيرة الأمن الداخلي إن سوري تربطه علاقات وثيقة بمستشار كبير بحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وأنه نشط في الدعوة إلى ممارسة العنف ضد اليهود. وأضافت في بيان «عندما تدافع عن العنف والإرهاب، يجب إلغاء حقك في الدراسة في الولايات المتحدة».