تهديدات بالقنابل ودعوات لإرسالهم إلى «غوانتنامو»... قضاة يعانون تبعات إيقاف قرارات ترمب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
TT

تهديدات بالقنابل ودعوات لإرسالهم إلى «غوانتنامو»... قضاة يعانون تبعات إيقاف قرارات ترمب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

أثارت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب الغاضبة، الثلاثاء، حول عزل قاضٍ أصدر أحكاماً ضد إدارته بشأن رحلات ترحيل المهاجرين غير الشرعيين؛ إذ وصف القاضي بأنه «مجنون يساري متطرف، ومثير للمشاكل، ومُحرّض»، موجةً من الاستهزاء والتهديدات على وسائل التواصل الاجتماعي تضمنت صوراً لقضاة يُقتادون مكبلين بالأصفاد.

ووفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، يشعر القضاة بالقلق من أن التهديدات الموجهة ضد من يشرفون على قضايا بارزة تتحدى سياسات إدارة ترمب، قد تؤدي إلى عنف حقيقي.

وكان رئيس القضاة جون روبرتس وبّخ ترمب في بيان عام نادر، وكتب: «العزل ليس رداً مناسباً على الخلاف حول قرار قضائي».

ووصفت حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي بأسماء مستعارة، القضاة الذين أصدروا أحكاماً ضد ترمب بـ«الخونة» و«الخارجين عن القانون»، وذكر أحد المنشورات قاضي بأنه «مُحب للإرهاب»، واقترح آخر إرساله «إلى معتقل غوانتنامو لمدة 20 عاماً».

الرئيس ترمب ورئيس المحكمة العليا جون روبرتس (أ.ف.ب)

ولفتت لورا لومر، الحليفة المقربة لترمب، انتباه متابعيها على الإنترنت، البالغ عددهم 1.5 مليون، إلى ابنة قاضٍ، وكتبت: «عائلته تُشكل تهديداً للأمن القومي».

وكررت هذه التدوينة حادثة سابقة عندما أعاد إيلون ماسك، مستشار ترمب ومالك منصة التواصل الاجتماعي «إكس»، نشر ما زعمته لومر أنه معلومات شخصية جمعتها من صفحة ابنة القاضي على موقع «لينكد إن».

واستعرضت الصحيفة حوادث تهديد تعرض لها قضاة قبل تصريحات ترمب الغاضبة؛ فقبل تسعة أيام تم استدعاء ضباط شرطة إلى منزل إحدى شقيقات قاضية المحكمة العليا، آمي كوني باريت، بسبب تهديد بوجود قنبلة في صندوق بريدها.

وجاء في التهديد المُرسَل عبر البريد الإلكتروني: «سيتم تفجير العبوة فور فتح صندوق البريد في المرة التالية»، ولكن ثبت أن القنبلة كانت خدعة، لكن القضاة يقولون إن التهديد والترهيب الذي واجهه القضاة وعائلاتهم في الأسابيع الأخيرة حقيقي.

وقالت القاضية إستر سالاس، من المحكمة الجزئية الأميركية لمنطقة نيوجيرسي، التي قُتل ابنها البالغ من العمر 20 عاماً بالرصاص في منزلها عام 2020 على يد محامٍ يصف نفسه بأنه «مناهض للنسوية»: «أشعر وكأن الناس يلعبون الروليت الروسي بحياتنا»، وأضافت: «هذا ليس مبالغة، وأتوسل إلى قادتنا أن يدركوا أن هناك أرواحاً على المحك».

وبعد أن أصدر القاضي جون كوغينور أمره الأول بمنع محاولة إدارة ترمب إلغاء حق المواطنة بالولادة للأطفال المولودين في الولايات المتحدة لأجانب، قال في مقابلة إنه كان هدفاً لهجوم «مُباغت»؛ إذ قدم مجهولون بلاغاً كاذباً بوجود متسلل مسلح، وأعقب ذلك تهديد آخر بوجود قنبلة في صندوقه البريدي، والذي ثبت أنه خدعة.

وكذلك القاضي جون ماكونيل، بعد أن عرقل محاولة إدارة ترمب تجميد ما يصل إلى 3 تريليونات دولار من التمويل الفيدرالي للولايات، تلقت محكمته عدداً كبيراً من الرسائل الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني الغاضبة، أُحيل بعضها إلى السلطات لفحصها.

مبنى المحكمة العليا الأميركية في العاصمة واشنطن (أ.ف.ب)

وقالت الصحيفة إن التهديدات ربما لم تتحول بعدُ إلى عنف فعلي، لكن يبدو أنها تتزايد؛ إذ يشكك ترمب ومستشاروه وأنصاره بشكل شبه يومي في شرعية النظام القانوني الأميركي. ولا يوجد دليل على أن أحكام القضاة في القضايا البارزة المعروضة عليهم قد حُرّفت من قِبل خصومهم، ولكن على أقل تقدير، يُمكن أن يُشكّل حجم الهجمات على المحاكم التصورات العامة للأحكام القضائية.

وذكرت أن محاولات الترهيب اتخذت أشكالاً متعددة، منها: تهديدات بالقنابل، ومكالمات مجهولة المصدر لإرسال فرق التدخل السريع التابعة للشرطة إلى عناوين المنازل، وحتى توصيل البيتزا، وهي مزحة تبدو بريئة، لكنها تحمل رسالة.

وقال قاضٍ يُشرف على دعوى قضائية ضد إدارة ترمب وقد تسلم بيتزا، طلب ​​عدم الكشف عن هويته، مُشيراً إلى مخاوفه على أمنه وسلامة عائلته: «إنهم يعرفون مكان إقامتك أنت وأفراد عائلتك».

صورة لمحكمة بولاية فرجينيا (أ.ف.ب)

وفي اليوم الذي ذهبت الشرطة لمنزل شقيقة القاضية باريت، أصدرت خدمة المارشالات الأميركية المعنية بإنفاذ القانون نشرة قالت فيها: «يُستهدف القضاة الفيدراليون بتوصيلات طلبات بيتزا مجهولة المصدر، ولوحظ أن هذه المضايقات حدثت في عدة مقاطعات».

ووفقاً للصحيفة، كان القضاة الذين رشحهم رؤساء من كلا الحزبين هدفاً لهذه التهديدات، ولكنْ ثمة نمط واحد؛ إذ تستهدف العديد من التهديدات القضاة الذين ينظرون في دعاوى قضائية ضد إدارة ترمب.

ولفتت إلى أن التهديدات ضد القضاة ليست جديدة؛ ففي يونيو (حزيران) 2022 أُلقي القبض على رجل مسلح بالقرب من منزل قاضٍ، وأخبر الشرطة أنه سافر إلى هناك من كاليفورنيا لقتله.

مع ذلك، يُحذر أعضاء النظام القضائي من أن المخاطر تبدو متصاعدة، سواء على الإنترنت أو في العالم الواقعي.


مقالات ذات صلة

ترمب يعيد تعريف علاقة واشنطن مع الحلفاء... والخصوم

الولايات المتحدة​ ترمب مع فريقه في البيت الأبيض خلال اجتماع مع أمين عام «ناتو» 13 مارس 2025 (أ.ف.ب)

ترمب يعيد تعريف علاقة واشنطن مع الحلفاء... والخصوم

سلطت الأزمات الدولية الضوء على اختلاف الآيديولوجيات في صفوف فريق ترمب، خصوصاً بين الوجوه التقليدية وأنصار «ماغا».

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ جنود مسلحون ينتظرون بالقرب من مركبات للجيش الروسي خارج نقطة حرس الحدود الأوكرانية بمدينة بالاكلافا في شبه جزيرة القرم يوم 1 مارس 2014 (رويترز)

تقرير: أميركا منفتحة على الاعتراف بسيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم

ذكرت وكالة «بلومبرغ» نقلاً عن مصادر مطلعة أن الولايات المتحدة مستعدة للاعتراف بالسيطرة الروسية على شبه جزيرة القرم الأوكرانية في إطار اتفاق سلام أوسع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)

بعد تقليص ترمب تمويل الأبحاث... ماكرون يدعو العلماء للعمل بفرنسا

دعا الرئيس الفرنسي العلماء من جميع أنحاء العالم إلى القدوم للعمل في فرنسا أو أوروبا في وقت تبدأ فيه إدارة الرئيس الأميركي تقليص تمويل الجامعات والهيئات البحثية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني والرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض، 17 أبريل (نيسان) 2025 (أ.ف.ب)

إيطاليا وأميركا تنتقدان الضرائب «التمييزية» على التكنولوجيا

أصدرت إيطاليا والولايات المتحدة بياناً مشتركاً ينتقد الضرائب «التمييزية» على الخدمات الرقمية في إشارة محتملة إلى أن روما تبتعد عن ضرائب تثير انزعاج واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مهاجرون فنزويليون مرحَّلون من أميركا يصلون إلى بلادهم (رويترز)

تقرير: إدارة ترمب تُعد خططاً لتنفيذ عمليات ترحيل عسكرية لمهاجرين

نقلت شبكة «إيه بي سي نيوز» الإخبارية عن مسؤول أميركي القول، اليوم الجمعة، إن واشنطن تُعِد خططاً لتنفيذ عمليات ترحيل عسكرية، بموجب قانون «الأعداء الأجانب».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب يعيد تعريف علاقة واشنطن مع الحلفاء... والخصوم

ترمب مع فريقه في البيت الأبيض خلال اجتماع مع أمين عام «ناتو» 13 مارس 2025 (أ.ف.ب)
ترمب مع فريقه في البيت الأبيض خلال اجتماع مع أمين عام «ناتو» 13 مارس 2025 (أ.ف.ب)
TT

ترمب يعيد تعريف علاقة واشنطن مع الحلفاء... والخصوم

ترمب مع فريقه في البيت الأبيض خلال اجتماع مع أمين عام «ناتو» 13 مارس 2025 (أ.ف.ب)
ترمب مع فريقه في البيت الأبيض خلال اجتماع مع أمين عام «ناتو» 13 مارس 2025 (أ.ف.ب)

منذ وصوله إلى البيت الأبيض، كان من الواضح أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيغير من الأعراف الدولية وبروتوكولات التعامل مع الحلفاء والخصوم على حد سواء. فقد هدَّد بضم كندا وتعهد بالاستحواذ على غرينلاند، و«استعادة» قناة بنما. انتقد الأوروبيين، هاجم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وتودد إلى روسيا. قرر إجراء مفاوضات مباشرة مع إيران، تغنَّى بالرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وشن حرباً تجارية بتعريفات من كل حدب وصوب.

الرئيس الأميركي معروف بمواقفه المفاجئة وغير التقليدية، التي تؤرّق نوم حلفاء الولايات المتحدة وخصومها على حد سواء.

يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، مواقف ترمب في هذه الملفات، وما إذا كانت تهدف إلى الحصول على تنازلات معينة، بالإضافة إلى استراتيجية إدارته في التعامل مع الأزمات الدولية ودور فريقه فيها.

عامل المفاجأة

ترمب ونتنياهو في اجتماع بالبيت الأبيض 7 أبريل 2025 (د.ب.أ)

يعرب دايفيد شينكر، الذي عمل في عهد ترمب الأول في منصب مساعد وزير الخارجية، عن مفاجأته من المواقف التي اتخذها ترمب في ملفات السياسة الخارجية، «رغم أنه أنذر بهذه المواقف قبل وصوله إلى الرئاسة». وخص شينكر بالذكر اجتماعه «الصادم» مع الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي، عاداً أن «رؤية حليف وشريك ودولة ديمقراطية صديقة يعامَل بهذه الطريقة في المكتب البيضاوي هو أمر مزعج». ويرى شينكر أن القاسم المشترك لمواقف ترمب هو «زعزعة الوضع القائم»، وأن هدف خطواته «تجاري يهدف إلى التوصل إلى صفقات وتقاسم الأعباء» مع الشركاء.

أما جايكوب هيلبورن، كبير الباحثين في معهد «ذي أتلانتيك» والمحرر في مجلة «ناشيونال إنترست» للسياسة الخارجية، فأشار إلى أن ترمب «بنسخته الثانية» لديه رؤية متسقة للسياسة الخارجية، التي يمكن أن تلخَّص بـ«أميركا القلعة» غير المقيّدة وغير المثقلة بالحلفاء الأجانب، أكانوا في أوروبا أم في آسيا. وأعطى مثالاً على ذلك في لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عاداً أنه «قام فعلياً بإضعافه أمام إيران». وأضاف هيلبورن: «ترمب لا يملك ولاءً لأي بلد أجنبي. فهو لا يكترث بألمانيا أو بإسرائيل، وسيستخدم أياً كان لأهدافه الخاصة». لكن هيلبورن يحذّر من أن سياسات ترمب التي تهدف إلى وضع أميركا أولاً قد تنقلب عليه. ويفسر: «يقود الولايات المتحدة نحو الركود، ويحاول منافسة أو تحدي الصين من دون أي حلفاء معه. إذن تكتيكاته متناقضة مع نفسها، وقد يؤدي إلى إيصال الولايات المتحدة إلى حافة الهاوية المالية».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال لقاء عاصف في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)

من ناحيته، يشير تشارلز كوبشان، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي في إدارتي باراك أوباما وبيل كلينتون وكبير الباحثين في مجلس السياسة الخارجية، إلى أن ترمب يعتمد على «عامل المفاجأة في سياسته الخارجية، فقد تم انتخابه كي يزعزع ويتحدى المنظومة السياسية» وهو يقوم بذلك.

وقارن كوبشان بين عهد ترمب الأول والثاني، مشيراًِ إلى أن فريقه الذي أحاط به في إدارته الأولى تضمن وجوهاً جمهورية تقليدية تمكنت من السيطرة على «بعض اندفاعاته»، وقد غابت هذه الوجوه عن إدارته الثانية.

لكن كوبشان يرى أن هذه الاندفاعات ليست خاطئة تماماً، ويفسر قائلاً: «هل تستغل الصين النظام التجاري العالمي؟ نعم. هل كان للولايات المتحدة سياسة هجرة غير فعالة؟ نعم. هل الطبقة الوسطى في أميركا تعاني تدهور جودة الحياة على مدى العقود؟ نعم. هل يجب على حلفائنا أن يساهموا بمبالغ أكبر للدفاع عن أنفسهم؟ نعم. لذا هناك نوع من الحقيقة في الكثير مما يقوله ويفعله ترمب، لكنه لم يترجم ذلك إلى سياسة منسجمة».

لهذا السبب، يقول كوبشان إن الجهود التي رأيناها حتى الساعة تسبب الضرر أكثر من النفع «لأنها غير مترابطة».

«ابتزاز» أم تنازلات؟

وفي ظل هذه التناقضات، يقول شينكر إن ترمب ليس لديه تقدير للنظام العالمي الذي أنشأته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، والذي يعود عليها بفوائد كبيرة، «رغم وجود بعض المشاكل»، بحسب تعبيره. ويعزو السبب في ذلك إلى غياب القيم الجمهورية التقليدية في إدارة ترمب الثانية؛ نظراً إلى عدم اعتماده على شخصيات جمهورية تقليدية على خلاف ولايته الأولى.

يتهم البعض ترمب بالتودد لبوتين (أ.ف.ب)

وفي حين يرى البعض أن ترمب يعتمد على هذه السياسات والمواقف المثيرة للجدل للحصول على تنازلات خاصة من الأوروبيين، يرفض هيلبورن هذه المقاربة، واصفاً ما يجري بـ«الابتزاز» وليس بالسعي للحصول على تنازلات. ويقول: «إنه يتصرّف كزعيم مافيا؛ فهو يريد أن يفكك الاتحاد الأوروبي، والتفاوض على اتفاقيات تجارية فردية مع دول أوروبية». وأعطى مثالاً على ذلك قائلاً: «يقول ترمب إنه يجب على الدول الأوروبية أن تساهم أكثر. لكن حتى لو فعلت ذلك، فهو سيقول إنها تدين للولايات المتحدة بمبالغ سابقة، وهذا ما ذكره مؤخراً».

وهنا يذكر كوبشان أن النظام العالمي يحتاج فعلاً إلى إصلاحات جذرية، عاداً أنه من المحتمل أن يكون ترمب هو الرئيس الذي سيؤدي إلى تلك الإصلاحات لإنشاء توازن أفضل بين الولايات المتحدة وحلفائها، وجعل النظام التجاري العالمي أكثر عدالة بحيث تستفيد منه دول أكثر. لكنه يحذّر من أنه يقوم حالياً «بتدمير النظام العالمي بدلاً من إصلاحه»، مضيفاً: «قد يغير موقفه مع وجود معطيات سلبية، فقد رأيناه يغير توجهه حول التعريفات الجمركية حينما بدأت سوق السندات في التراجع».

إيران والشرق الأوسط

وزير الخارجية الإيراني والرئيس الروسي في موسكو 17 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

يحتل ملف الشرق الأوسط مساحة واسعة على أجندة الإدارة الأميركية الحالية، مع ارتباط عدد كبير من القضايا به؛ من حرب غزة المستمرة وجماعة الحوثي في اليمن، إلى سوريا بعد سقوط نظام الأسد، ولبنان مع مساعي ضبط نفوذ «حزب الله».

ويرى شينكر أن هناك فرصاً هائلة في المنطقة، مشيراً إلى أن إدارة ترمب بدأت تنظر إلى فرصة لنزع السلاح بشكل نهائي من «حزب الله» في لبنان، وإخضاع الحكومة لمعايير صارمة من الأداء والمسؤولية ووضع توقعات عالية لها. أما عن سوريا، فقد عدّ شينكر أن الإدارة الأميركية لا تنتهز «الفرصة الهائلة الموجودة هناك حالياً». ويفسر قائلاً: « لقد تم إسقاط نظام الأسد، حليف إيران، وهناك اليوم نظام إشكالي، لكنه ما زال أفضل من السابق، وهو نظام (أحمد) الشرع. ما زلنا لا نستطيع تجاوز فكرة أن كل من كان جهادياً سيظل كذلك. وهذا ما يعيقنا».

أما عن إيران، وفي ظل المحادثات المباشرة معها، يحذّر شينكر من أن الإدارة قد ترتكب خطأً فادحاً في التفاوض بسبب «انخفاض معاييرها لدرجة أصبحت فيها مشابهة للاتفاق النووي لذي أبرمته إدارة أوباما». ويعارض هيلبورن شينكر في الملف الإيراني معرباً عن تفاؤله بجهود ترمب مع طهران. وقال: «أعتقد أنه سيسعى إلى افتتاح سفارة أميركية في طهران، وإبرام اتفاقية عظمى بما أنه معروف بإتمامه للصفقات. إن الباب مفتوح أمامه وهو فعلياً أغلق الطريق أمام نتنياهو في الملف الإيراني». وتابع: «ترمب لا ينفّذ أوامر أي أحد، فلديه أجندته الخاصة في ما يتعلّق بإيران».

ويوافق كوبشان مع مقاربة هيلبورن، عاداً أن ترمب «يقوم بالصواب» من خلال التواصل مع خصوم أميركا. وأوضح: «من الجيد أن يتصل ترمب ببوتين، ومن الحكمة أنه دعا شي جينبينغ إلى حفل تنصيبه، ومن الجيد أيضاً أن الولايات المتحدة تقوم بخطوات دبلوماسية مع إيران». ورجَّح كوبشان التوصل إلى اتفاقية دبلوماسية مع طهران «لأنها في موقف ضعيف حالياً»، على خلاف روسيا والصين.

انقسامات في فريق ترمب

وزير الخارجية ماركو روبيو ومبعوث ترمب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف في باريس 17 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

سلطت الأزمات الدولية الضوء على اختلاف الآيديولوجيات في صفوف فريق ترمب، خصوصاً بين الوجوه التقليدية كوزير الخارجية ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي مايك والتز من جهة، أنصار «ماغا» كمبعوث ترمب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف ونائب الرئيس جاي دي فانس من جهة أخرى.

ويرجّح شينكر فوز مقاربة فريق «ماغا»: «حين يصل إلى نقطة الفصل التامة، وهي الإدراك بأن توجه الفريق التقليدي لا يأتي بالنتيجة المرغوبة». ويرى شينكر ان روبيو في خطر، مشيراً إلى أن ريتشارد غرينيل الذي عيَّنه ترمب مبعوثاً خاصاً للمهام الخاصة «يراقبه من كثب ساعياً إلى تولي منصبه».

ويوافق هيلبورن على أن روبيو هو من الوجوه التي سيتم دفعها خارج الإدارة، مذكراً بوصف ترمب له بـ«روبيو الصغير» خلال السباق الانتخابي الذي جمع بين الرجلين. وأشار هيلبورن إلى أن ترمب دفع بروبيو إلى الصفوف الخلفية في إدارته؛ إذ أنه لا يشارك بشكل فعلي في ملفات الصين أو إيران أو حتى أوروبا، وأنه يفضل التعامل مع مبعوثه الخاص ويتكوف «الخارج عن الدائرة السياسية» في هذه الملفات.

من ناحيته، يُرجّح كوبشان أن يكون روبيو ووالتز من أوائل «ضحايا» ترمب في إدارته الثانية، مضيفاً: « تدريجياً سوف إما أن يتم طرد أنصار العولمة أو سيتم إسكاتهم، فالجناح الآيديولوجي لـ(ماغا) هو الجناح الذي يكسب اهتمام ترمب، ويفوز في هذه المعارك الداخلية».