بعد خفض تمويلها بـ400 مليون دولار... جامعة كولومبيا «تسترضي» ترمب بإجراءات جديدة

طلاب ينظمون احتجاجاً عند مدخل مكتبة جامعة كولومبيا (رويترز)
طلاب ينظمون احتجاجاً عند مدخل مكتبة جامعة كولومبيا (رويترز)
TT
20

بعد خفض تمويلها بـ400 مليون دولار... جامعة كولومبيا «تسترضي» ترمب بإجراءات جديدة

طلاب ينظمون احتجاجاً عند مدخل مكتبة جامعة كولومبيا (رويترز)
طلاب ينظمون احتجاجاً عند مدخل مكتبة جامعة كولومبيا (رويترز)

كشفت جامعة كولومبيا الأميركية التي خفضت إدارة الرئيس دونالد ترمب تمويلها الفدرالي بسبب ما شهدته من احتجاجات طلابية ضد الحرب على غزة ومزاعم بمعاداة بعض المتظاهرين للسامية، عن حزمة سياسات جديدة الجمعة في محاولة لاسترضاء الرئيس، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت أنشطة الحركة الطلابية في جامعة كولومبيا في مقدمة الاحتجاجات التي كشفت عن انقسام عميق بين الأميركيين بشأن حرب غزة.

ووصف الناشطون الطلاب احتجاجاتهم بأنها إظهار دعم للشعب الفلسطيني، في حين ندد ترمب بها واعتبرها معادية للسامية.

وخفض الرئيس 400 مليون دولار من التمويل الفدرالي لجامعة كولومبيا، متهماً المؤسسة الأكاديمية بعدم توفير الحماية الكافية للطلاب اليهود من المضايقات.

وأعلنت جامعة كولومبيا الجمعة عن «تحسينات في إجراءاتنا التأديبية»، بالإضافة إلى إلزام المتظاهرين بالتعريف عن أنفسهم عند اعتراضهم، حتى لو كانوا يضعون أقنعة كما فعل كثيرون خلال ذروة الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين.

كما أعلنت عن توسيع فريقها الأمني، بما في ذلك توظيف 36 ضابطاً يملكون صلاحية إبعاد أو اعتقال كل من يخالف قوانين الجامعة.

وفي الوثيقة التي أصدرتها تحت عنوان «تعزيز عملنا لمكافحة التمييز والمضايقة ومعاداة السامية في كولومبيا»، أعلنت الجامعة عن تحديث سياساتها لمكافحة هذه التصرفات التي يتعرض لها الطلاب والمجموعات وإنشاء مكتب لتلقي الشكاوى بشأنها.

وجاء في الوثيقة أن هذه السياسات «سوف تتضمن تعريف معاداة السامية كما أوصى به فريق العمل المعني بمعاداة السامية في جامعة كولومبيا في أغسطس (آب) 2024».

وبالإضافة إلى خفض الميزانية الفدرالية لجامعة كولومبيا، استهدف مسؤولو الهجرة زعيم الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين، محمود خليل.

نظّم ناشطون مظاهرة في مانهاتن السفلى احتجاجاً على اعتقال الناشط الفلسطيني محمود خليل (رويترز)
نظّم ناشطون مظاهرة في مانهاتن السفلى احتجاجاً على اعتقال الناشط الفلسطيني محمود خليل (رويترز)

وألقي القبض على خليل، الطالب في كولومبيا من أصول فلسطينية والمقيم الدائم في الولايات المتحدة، من قبل ضباط الشرطة حيث جرى احتجازه في لويزيانا والتهديد بترحيله.

وكانت الرئيسة الانتقالية لجامعة كولومبيا، كاترينا أرمسترونغ، قد أقرت في بيان صدر مؤخراً بأن التعليم الجامعي يمر بـ«لحظة حرجة».

والأسبوع الماضي، أعلنت الجامعة عن مجموعة من إجراءات تأديبية، بينها الإيقاف عن الدراسة وسحب الشهادات العلمية والطرد، ضد الطلاب الذين احتلوا مبنى في حرم الجامعة العام الماضي.

وكانت إدارة ترمب قد منحت جامعة كولومبيا في رسالة بعثت بها إليها مؤخراً، أسبوعاً واحداً للموافقة على سلسلة من الإصلاحات الجذرية في حال أرادت التفاوض لاستعادة الـ400 مليون دولار من الأموال الفدرالية.

وطالبت الرسالة جامعة كولومبيا بوضع تعريف لمعاداة السامية يتضمن التركيز على معاداة الصهيونية، وشددت على وضع أقسام الدراسات الشرق أوسطية والأفريقية والجنوب آسيوية تحت «الوصاية الأكاديمية».

ولم تستخدم الجامعة في إعلانها الصادر الجمعة هذا التعبير لوصف التدابير التي ستتخذها حيال هذه الأقسام، لكنها أعلنت عن مراجعة عملها.


مقالات ذات صلة

نتنياهو يطالب «حماس» بتسليم سلاحها... والحركة تتعهد باستمرار «المقاومة»

المشرق العربي تصاعد دخان من انفجارات فوق مبانٍ مُدمَّرة شمال قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

نتنياهو يطالب «حماس» بتسليم سلاحها... والحركة تتعهد باستمرار «المقاومة»

تعهدت حركة «حماس»، اليوم (الأحد)، بالمضي في طريق «المقاومة» حتى النصر والتحرير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب) play-circle

نتنياهو يزور المجر الأربعاء رغم مذكرة توقيف ضده من «الجنائية الدولية»

يعتزم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارة المجر في 2 أبريل (نيسان)، رغم مذكرة التوقيف الصادرة بحقه من المحكمة الجنائية الدولية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يشترون الطعام قبل عيد الفطر في سوق الزاوية بمدينة غزة يوم الجمعة (أ.ب) play-circle

مخاوف من مجاعة وشيكة في غزة بسبب الحصار الإسرائيلي

قالت الأمم المتحدة إن مخابز غزة سينفد منها الدقيق في غضون أسبوع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي أماني أبو عكر تحمل جثمان ابنة أختها سلمى البالغة من العمر عامين التي قُتلت خلال غارة للجيش الإسرائيلي قبل دفنهما في المستشفى المعمداني في مدينة غزة الاثنين (أرشيفية - أ.ب) play-circle

مقتل 20 فلسطينيًا بينهم أطفال بغارة إسرائيلية جنوب غزة

أفادت وسائل إعلام فلسطينية اليوم (الأحد) بمقتل 20 شخصا في عمليات القصف الإسرائيلية على مناطق في قطاع غزة منذ فجر اليوم.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يستريحون بعد أداء صلاة عيد الفطر في خان يونس جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

تحت أزيز القصف والموت... غزاويون يؤدون صلاة عيد الفطر وسط الدمار

 أدى أهالي قطاع غزة صلاة عيد الفطر صباح اليوم (الأحد)، على ركام المساجد وفي أطراف الخيام وداخل مدارس النزوح، لإحياء شعيرة العيد تحت أزيز القصف والموت.

«الشرق الأوسط» (غزة)

تقرير: الذكاء الاصطناعي يحسم مستقبل السباق بين أميركا والصين

علما الصين وأميركا جنباً إلى جنب (أرشيفية - أ.ب)
علما الصين وأميركا جنباً إلى جنب (أرشيفية - أ.ب)
TT
20

تقرير: الذكاء الاصطناعي يحسم مستقبل السباق بين أميركا والصين

علما الصين وأميركا جنباً إلى جنب (أرشيفية - أ.ب)
علما الصين وأميركا جنباً إلى جنب (أرشيفية - أ.ب)

واجهت الولايات المتحدة لحظات حاسمة من قبل، مثل الحربين العالميتين الأولى والثانية، والحرب الباردة، والكساد الاقتصادي في السبعينات، وصعود اليابان في الثمانينات، وهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 الإرهابية، لكن المنافسة الحالية مع الصين مختلفة تماماً.

فالصين تنافس الولايات المتحدة على صعيد حجم الاقتصاد والتطور التكنولوجي والنفوذ العالمي والطموح الجيوسياسي. في المقابل، لا يمتلك صناع السياسة في واشنطن استراتيجية متماسكة لمواجهة هذا التحدي غير المسبوق، وإنما يدورون في حلقة خطيرة من القرارات التي تأخذ شكل رد الفعل، وهو ما يصب في النهاية في صالح بكين، على حد قول ديوي مورديك، المدير التنفيذي لمركز الأمن والتكنولوجيا الناشئة بجامعة جورج تاون الأميركية، ووليام هاناس، المحلل الرئيسي بالمركز، في التحليل المشترك الذي نشره موقع مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية.

علمي االصين وأميركا (رويترز)
علمي االصين وأميركا (رويترز)

وتعتمد الولايات المتحدة حالياً في مواجهة التحديات، على أدوات تشمل الإكراه من خلال العقوبات الاقتصادية، والتهديد بالعمل العسكري. ورغم فاعلية هذا النهج إلى حد ما في الماضي، فإنه غير كافٍ لمواجهة التحدي الصيني، خصوصاً أن الولايات المتحدة تتعامل مع تحركات الصين على أساس رد الفعل، بدلاً من السعي الإيجابي وراء تحقيق أهدافها.

وتحتاج واشنطن إلى استراتيجيات جديدة، مدعومة بالبحث والرصد المستمرين، لتقييم قدرات الصين التنافسية، وتتبع تقدمها التكنولوجي، وتقييم المخاطر الاقتصادية، وتمييز أنماط تعاملها مع الدول الأخرى. وكلما اتخذت واشنطن تدابير أفضل، وحققت فهماً أعمق للتحديات التي تواجهها الصين، نجحت في بلورة رؤية استباقية لضمان نجاح طويل الأمد في ظل المنافسة الجيوسياسية.

وفي حين أن النهج الحالي الأميركي، وهو مزيج من ردود الفعل التي تشعر الولايات المتحدة بالرضا، وتعالج الأعراض وتتجاهل الأسباب الكامنة، يعدُّ وصفة للهزيمة.

ويرى ديوي مورديك ووليام هاناس في تحليلهما، أن فكرة إمكانية احتفاظ الولايات المتحدة بالريادة العالمية إلى أجل غير مسمى، من خلال إبطاء صعود الصين من خلال قيود التصدير، وغيرها من العقبات، هي فكرة قصيرة النظر. فالقدرة النووية للصين ومكانتها المرموقة في مجال الذكاء الاصطناعي، تظهران مدى سخافة الاعتماد على مثل هذه الأساليب.

وعلى صناع القرار في واشنطن إدراك حقيقة أن عواقب سوء فهم الصين باهظة بالنسبة للولايات المتحدة، التي قد تجد نفسها في مواجهة حرب أو نشر لمسببات الأمراض (فيروسات أو خلافه)، أو هجمات على البنية التحتية في أسوأ السيناريوهات، لذلك يجب التواصل المستمر وبناء الثقة مع بكين، للتخفيف من حدة هذه المخاطر، كما يجب على واشنطن التخلي عن الغطرسة التي صبغت موقفها تجاه الصين، ومعظم دول «العالم الثالث» السابق.

لكن لا يعني ذلك أن الصين تخلو من نقاط الضعف، وفي مقدمتها سيطرة الحزب الشيوعي الحاكم، واعتماده جزئياً على شبكة من المراقبة والقمع تجرم التفكير والتعبير غير التقليديين. ومقابل القمع والطاعة، يضمن الحزب للشعب استمرار الرخاء. لكن هذه الصفقة تصبح هشة عندما تبدأ تناقضات الديكتاتورية والاقتصاد الموجه بالظهور، أو كما يقال في الصين التقليدية، عندما يفقد الحاكم «تفويض السماء».

وبالفعل، تشهد الصين اليوم تصدعات في هذه المعادلة، حيث يكافح الشباب لإيجاد وظائف، ويواجه قطاع العقارات، حيث تدخر العائلات الصينية ثرواتها، صعوبات. والحكومات المحلية التي اقترضت بكثافة غارقة في الديون. ويعاني المجتمع الصيني من الشيخوخة المتسارعة، مع تناقص عدد العمال الذين يعيلون مزيداً من المتقاعدين.

وإذا كان الفوز هو الهدف، فهناك فرصة أمام إدارة ترمب لاستغلال نقاط الضعف الصينية، من خلال شن الحرب النفسية نفسها التي تمارسها الصين ضد الولايات المتحدة وحلفائها، من خلال عمليات «الجبهة المتحدة»، أو على الأقل، بتأكيد التمييز بين الشعب الصيني والنخبة التي تحكمه. كما يمكن أن تستفيد الولايات المتحدة في مواجهتها مع الصين، من خلال منع وصول التكنولوجيا الأجنبية المتقدمة إلى الصين، وتشجيع الدول والشركات الأجنبية التي تتعاون مع الصين على وضع مصالح الولايات المتحدة في الحسبان، عند اتخاذ قراراتها بشأن التعاون مع الصين.

في الوقت نفسه، فإن استغلال نقاط ضعف الصين لترجيح كفة الولايات المتحدة، يبعد السياسة الأميركية عن دائرة رد الفعل التي تدور داخلها منذ سنوات، لكي تركز على أهداف محددة. ومع ذلك، يظل على واشنطن إدراك 3 نقاط أساسية؛ وهي:

أولاً، على إدارة ترمب، وقادة الشركات، والمتبرعين في الولايات المتحدة ضخ استثمارات عامة وخاصة غير مسبوقة في تنمية المواهب، بما في ذلك المهارات الصناعية التي لا تتطلب شهادات جامعية، وفي البحث والتطوير عالي المخاطر - عالي العائد.

ثانياً، الاعتراف بأن التكنولوجيا غير كافية لضمان هيمنة الولايات المتحدة. فالصين تدرك ضرورة تحويل الاكتشافات إلى منتجات، وقد صقلت مهاراتها في ذلك على مدى آلاف السنين. وحالياً، تشغل الصين مئات «مراكز الأبحاث» الممولة من الدولة في جميع أنحاء البلاد، بعيداً عن المدن الكبرى الساحلية، لتسهيل ترجمة الأفكار الجديدة إلى منتجات. كما تنشئ «سلاسل صناعية متكاملة للذكاء الاصطناعي» لتوفير تقنيات الحوسبة والذكاء الاصطناعي للشركات المحلية، بما في ذلك الشركات العاملة في المناطق الداخلية، وهو ما يضمن لها تحقيق قفزات كبيرة في هذا المجال، ويزيد خطورتها على الولايات المتحدة، حيث أصبح من الواضح أن التفوق في ميدان الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يحسم مستقبل التنافس الجيوسياسي والاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة.

ثالثاً، تحتاج إدارة ترمب إلى آلية فعالة لجمع وتحليل البيانات العلمية الأجنبية تشبه في جوهرها، وإن لم تكن بنطاق الآلية نفسها التي تستخدمها الصين، لتحديد أساس تطورها. فالجهود الأميركية الحالية لتتبع العلوم الأجنبية من خلال وكالات متخصصة في جمع المعلومات السرية لا تناسب مهمة رصد المعلومات «السرية». وستساعد هذه النافذة التي تطل على البنية التحتية التكنولوجية، الصين، في توجيه قرارات الاستثمار، وتعزيز أمن البحث العلمي، من خلال كشف الثغرات التي يسعى المنافسون إلى سدها من خلال التعاملات غير المشروعة للحصول على التكنولوجيا الأميركية أو الغربية، المحظور تصديرها إلى الصين.

أخيراً، يمكن القول إن الولايات المتحدة لن تنجح في التصدي للصين بمجرد العمل على وقف صعودها، فهذا أمر غير محتمل وغير ضروري. ولكن ستنجح إدارة الرئيس ترمب في تحقيق الهدف من خلال إعادة بناء الطاقة الإنتاجية الأميركية، لخلق فرص لكل الأميركيين. ويتطلب هذا النهج الصبر والاستثمار المستدام، لكن البديل الذي يعتمد على تعليق الآمال على المعرفة المجردة، والرد على تحركات الصين، في حين تتدهور المجتمعات الأميركية، أسوأ بكثير.