انقسامات وسط الديمقراطيين تُضعف قدرتهم على مواجهة ترمب

الديمقراطيون خلال حضور خطاب ترمب أمام الكونغرس في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)
الديمقراطيون خلال حضور خطاب ترمب أمام الكونغرس في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)
TT
20

انقسامات وسط الديمقراطيين تُضعف قدرتهم على مواجهة ترمب

الديمقراطيون خلال حضور خطاب ترمب أمام الكونغرس في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)
الديمقراطيون خلال حضور خطاب ترمب أمام الكونغرس في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)

أمام العاصفة التي أحدثها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يعيش الديمقراطيون أياماً مضطربة عكست انقساماتهم وسلطت الضوء على اختلافاتهم. فبدلاً من اعتماد استراتيجية موحدة للحزب بوجه القرارات التنفيذية المتلاحقة والأجندة التشريعية الجمهورية، يتخبط الديمقراطيون في موجة من التجاذبات العلنية والانتقادات الحادة التي طفت على السطح بعد إعلان زعيمهم في مجلس الشيوخ تشاك شومر، تأييده مشروع التمويل الفيدرالي الجمهوري، مما أنقذ فعلياً حزب الرئيس من خسارة فادحة في المجلس التشريعي وأدى إلى إقرار المشروع.

فرصة نادرة ضائعة

زعيم الديمقراطيين في «الشيوخ» تشاك شومر بمبنى الكابيتول 14 مارس 2025 (أ.ب)
زعيم الديمقراطيين في «الشيوخ» تشاك شومر بمبنى الكابيتول 14 مارس 2025 (أ.ب)

وقد دفع هذا الموقف المفاجئ لشومر بزملائه إلى توجيه انتقادات حادة إليه، وصلت إلى دعوات إلى تنحيه عن منصبه. ويقول هؤلاء إن شومر ضيَّع فرصة ذهبية ونادرة لحزبه بتحدي ترمب وأنه ألقى بسترة نجاة للجمهوريين الذين ما كانوا ليتمكنوا من إقرار المشروع من دون أصوات ديمقراطية في «الشيوخ»، وهو ما قدمه لهم شومر على طبق من فضة.

لكنَّ زعيم الديمقراطيين وجد نفسه في موقف لا يحسد عليه، فبعد إعلانه الأوّلي عن دعم المشروع، سارع ترمب وحزبه إلى توظيف استراتيجيتهم المفضلة: استراتيجية إلقاء اللوم على الديمقراطيين بشكل عام وشومر بشكل خاص في حال إغلاق المرافق الحكومية، فتصدر هاشتاغ «إغلاق شومر» منصة «إكس»، في تغريدات متلاحقة للرئيس الأميركي والمشرعين الجمهوريين. حينها علم شومر جيداً أنه يخوض معركة خاسرة مع الجمهوريين، وربما مع الأميركيين، فقرر تغيير موقفه مُعلناً انه سيؤيد المشروع لأن ترمب سيلوم حزبه على الإغلاق، وقد يُقنع الأميركيين فعلياً بأن الديمقراطيين هم المسؤولون عن ذلك.

وللحزب الديمقراطي أكثر من تجربة مؤلمة في هذا الإطار، أثبتت لهم مع مرور الزمن أن ترمب بارع في فن إلقاء اللوم وناجح أكثر منهم بكثير في استراتيجية التواصل مع الأميركيين. وفسّر شومر موقفه قائلاً: «إذا دخلنا في مرحلة الإغلاق الحكومي فلن يكن هناك مخرج، فالمخرج يقرره الجمهوريون في مجلسي الشيوخ والنواب، وهم أظهروا الطاعة العمياء لترمب و(دوج) وقد يُبقوننا في مرحلة الإغلاق لأشهر طويلة».

دعوات للتنحي

زعيم الديمقراطيين في «النواب» حكيم جيفريز يتحدث خلال مؤتمر صحافي في الكونغرس 14 مارس 2025 (إ.ب.أ)
زعيم الديمقراطيين في «النواب» حكيم جيفريز يتحدث خلال مؤتمر صحافي في الكونغرس 14 مارس 2025 (إ.ب.أ)

لكنَّ القيادات الديمقراطية الأخرى لا توافق على استراتيجية شومر، وتحدثت عن معارضتها له علناً، فدعت رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، شومر إلى اعتماد طرح ديمقراطي آخر، والسعي للتفاوض مع الجمهوريين للحصول على تنازلات، ووصفت المشروع، الذي أُقرَّ، بأنه مشروع مضرّ للولايات المتحدة. أما نظير شومر في مجلس النواب، الزعيم الديمقراطي حكيم جيفريز، فقد رفض تأكيد ثقته بزميله، كما أصدر بياناً قال فيه: «النواب الديمقراطيون لن يكونوا متواطئين. نحن نعارض بشدة المشروع الحزبي الموجود في (الشيوخ)».

ورغم هذه الانتقادات العلنية التي زعزعت البيت الديمقراطي وأظهرت هشاشة التنسيق بين قياداته، فإن شومر أصر على موقفه، فالزعيم المخضرم البالغ من العمر 74 عاماً، لا يزال قادراً على رص صفوف حزبه في «الشيوخ»، كما أنه لن يخوض الانتخابات للدفاع عن مقعده قبل عام 2028، مما يجعله أقل قلقاً من غضب القاعدة الديمقراطية الشعبية بسبب قراره.

مظاهرات معارضة لشومر بنيويورك بسبب دعمه مشروع التمويل في 15 مارس 2025 (أ.ف.ب)
مظاهرات معارضة لشومر بنيويورك بسبب دعمه مشروع التمويل في 15 مارس 2025 (أ.ف.ب)

إلا أن حزبه ليس في موقع القوة نفسها، إذ يواجه الديمقراطيون في «النواب» انتخابات نصفية بعد نحو عامين، يدافعون فيها عن كل مقاعدهم، كما يخوض بعض أعضاء الحزب في «الشيوخ» السباق نفسه، ويعول الديمقراطيون على أن تنسى القاعدة الشعبية موقف شومر مع مرور الوقت، آملين أن تؤدي قرارات ترمب العشوائية المتعلقة بتسريح الموظفين الفيدراليين، وإغلاق بعض المرافق الحكومية، وربما دخول البلاد في مرحلة ركود، إلى قلب الرأي العام الأميركي، ومكافأتهم بفوز ساحق بالأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب في الانتخابات النصفية، كي يستعيدوا توازنهم المفقود.


مقالات ذات صلة

60 يوماً من ولاية ترمب: عشرات القرارات التنفيذية لإعادة رسم صورة أميركا

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب حاملاً قراراً تنفيذياً في القاعة الشرقية للبيت الأبيض في واشنطن خلال 20 مارس (أ.ب)

60 يوماً من ولاية ترمب: عشرات القرارات التنفيذية لإعادة رسم صورة أميركا

خلال الأيام الـ60 الأولى من ولايته الثانية وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب زهاء 100 قرار تنفيذي، بعضها مثير، أراد منها إعادة رسم صورة أميركا داخلياً وخارجياً.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ متظاهر يرفع لافتة تطالب بإطلاق سراح الطالب الفلسطيني محمود خليل في نيويورك في 18 مارس 2025 (أ.ف.ب)

«أنا سجين سياسي»... رسالة من الطالب الفلسطيني محمود خليل

وصف محمود خليل، الطالب الفلسطيني في جامعة كولومبيا، نفسه بأنه «سجين سياسي»، في أول تصريح له منذ احتجازه والتهديد بترحيله من الولايات المتحدة.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب يوقع على أوامر تنفيذية في البيت الأبيض في 13 فبراير 2025 (رويترز)

قرارات ترمب التنفيذية تحيي الجدل حول «مشروع 2025» المحافظ

عاد «مشروع 2025» الجمهوري المحافظ إلى الواجهة في الولايات المتحدة، بعد نحو شهرين من وصول الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

رنا أبتر (واشنطن)
الاقتصاد مجلس الشيوخ الأميركي (أ.ف.ب)

مجلس الشيوخ الأميركي يوافق على مشروع قانون لتجنب الإغلاق الحكومي

وافق مجلس الشيوخ الأميركي على مشروع قانون إنفاق مؤقت لتجنب إغلاق حكومي جزئي بعد تراجع الديمقراطيين عن موقفهم في أزمة نابعة من غضبهم بسبب حملة تقليص الموظفين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مظاهرات في شوارع نيويورك أمس الاثنين تدعو للإفراج عن الطالب الفلسطيني محمود خليل (أ.ف.ب)

قضية الطالب الفلسطيني «محمود خليل» تثير بلبلة في الداخل الأميركي

أثار احتجاز محمود خليل، الطالب الفلسطيني في جامعة كولومبيا، على خلفية احتجاجات حرب غزة، ردود فعل شاجبة في الولايات المتحدة، وطَرَح تساؤلات حول قانونية الخطوة.

رنا أبتر (واشنطن)

ترمب: «بوينغ» ستنتج المقاتلة «إف 47» من الجيل السادس في غضون عامين

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث وإلى جانبه وزير دفاعه بيت هيغسيث (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث وإلى جانبه وزير دفاعه بيت هيغسيث (أ.ف.ب)
TT
20

ترمب: «بوينغ» ستنتج المقاتلة «إف 47» من الجيل السادس في غضون عامين

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث وإلى جانبه وزير دفاعه بيت هيغسيث (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث وإلى جانبه وزير دفاعه بيت هيغسيث (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الجمعة، أن سلاح الجو منح شركة «بوينغ» العملاقة عقد إنتاج الطائرة المقاتلة من الجيل السادس «إف 47».

وتوقع إنتاج المقاتلة الجديدة في غضون العامين المقبلين، كاشفاً عن أن نسخة تجريبية من «إف 47» تحلق منذ نحو 5 أعوام.

ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مصادر في وزارة الدفاع (البنتاغون) أن المقاتلة ستتمتع بقدرات خفية واختراقية، تفوق كثيراً قدرات الأسطول الجوي الحالي، وأنها ستكون ضرورية في صراع محتمل مع الصين.

وستعمل الطائرة كقائد لأسطول من الطائرات دون طيار المستقبلية المصممة لتكون قادرة على اختراق الدفاعات الجوية للصين وأي أعداء محتملين آخرين.

وتقدر قيمة العقد الأولي لبدء إنتاج نسخة مخصصة للقوات الجوية بنحو 20 مليار دولار. وصرّح الجنرال ديفيد ألفين، رئيس أركان القوات الجوية الأميركية: «سنكتب صفحات الجيل القادم من الحرب الجوية الحديثة بهذه الطائرة».

أما وزير الدفاع بيت هيغسيث فقال إن الأسطول الجوي المستقبلي «يبعث برسالة واضحة ومباشرة إلى حلفائنا بأننا لن نغادر موقعنا».

وعلاوة على ذلك، فإن قاذفة الشبح المستقبلية، وهي طائرة «بي-21 رايدر»، ستحتوي على العديد من التقنيات المتطورة والذكاء الاصطناعي، والقدرة على التخفي. ومن المقرر أيضاً إنتاج أسطول مكون من نحو 100 قاذفة من هذا الطراز بتكلفة إجمالية تقدر بـ130 مليار دولار على الأقل، علماً بأن أول طائرة من طراز «بي-21» تُجري الآن رحلات تجريبية.