هوس ترمب بضم كندا... حلم توسّعي أم مجرّد أداة للضغط؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
TT
20

هوس ترمب بضم كندا... حلم توسّعي أم مجرّد أداة للضغط؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

هل هو مجرّد تكتيك ذكي للتفاوض أم مسعى للسيطرة على الموارد الطبيعية أم مجرّد حلم صعب المنال؟ يعد هوس الرئيس الأميركي دونالد ترمب بضم كندا فريداً بشكل يصعب إيجاد تفسير سهل له.

وقال أستاذ العلوم السياسية لدى جامعة جورج واشنطن تود بيلت: «أعتقد أن هذا أحد الأمور التي يظن ترمب أن تحقيقها سيكون أمراً لطيفاً، لكنه يدرك أن احتمال ذلك أقل من ضئيل». وأضاف أن «خطابه يهدف على الأرجح إلى اتّخاذ وضعية تفاوضية لا يمكن التنبؤ بها».

وأعلن الجمهوري البالغ 78 عاماً الذي كان على وشك إطلاق حرب تجارية عالمية في الأسابيع الأخيرة، عن رغبته التوسعية مرة أخرى على منصته الاجتماعية «تروث سوشيال».

وكتب ترمب أن «الأمر الوحيد المنطقي بالنسبة لكندا هو أن تصبح ولايتنا الواحدة والخمسين العزيزة»، راسماً صورة عن مستقبل مشرق بضرائب أقل ومن دون رسوم جمركية وينعم فيه الكنديون بالأمن.

33 في المائة

ترك حديث ترمب عن الضم الكنديين في حالة ذهول. وقال رئيس الوزراء الكندي المنتهية ولايته جاستن ترودو الأسبوع الماضي: «ما يريد (ترمب) رؤيته هو انهيار كامل للاقتصاد الكندي»، بعدما أعلنت واشنطن عن رسوم جمركية نسبتها 25 في المائة على جميع الواردات الكندية قبل أن تتراجع لاحقاً.

أثارت تصريحات ترمب مواقف معادية للولايات المتحدة شمال الحدود، حيث بات النشيد الوطني الأميركي يقابل بصيحات استهجان في المباريات الرياضية.

وأفاد استطلاع للرأي أجراه «معهد ليجيه» هذا الشهر بأن 33 في المائة من الكنديين فقط لديهم رأي إيجابي حيال الولايات المتحدة، مقارنة مع 52 في المائة في يونيو (حزيران) 2024.

وفي الاستطلاع ذاته، قال 77 في المائة من المستطلعين إنهم ينظرون بإيجابية إلى الاتحاد الأوروبي.

وفي منشوره على «تروث سوشيال»، أول من أمس، وصف ترمب الحدود الأميركية الكندية بأنها «خط فاصل اصطناعي رُسم قبل العديد من السنوات».

وتوجّه إلى الكنديين قائلاً إنه عندما تختفي الحدود «ستكون لدينا أمّة هي الأكثر أماناً وروعة في العالم. وسيتواصل عزف نشيدكم الوطني الرائع لكنه سيمثل الآن ولاية عظيمة وقوية ضمن أعظم أمّة عرفها العالم على الإطلاق!».

يبدو ترمب عازما على إعادة رسم الخرائط، وهو ما اتضح من خلال قراره الذي صدر بعد وقت قصير على تنصيبه بتغيير اسم خليج المكسيك إلى خليج أميركا.

كما طالب علنا بضم غرينلاند وقال إنه يريد استعادة السيطرة على قناة بنما.

وقال بيلت إن «جزءاً كبيراً من هذا التوسع الإقليمي (غرينلاند وبنما وكندا) جاء بعد الانتخابات وأعتقد أن أحداً ما أقنعه بأن الرؤساء العظماء يسيطرون على الأراضي باعتبارها إرثاً».

وتعهّد ترودو في خطابه، الأسبوع الماضي، بأن ضم كندا لن يتحقق. وقال: «لن يحدث ذلك إطلاقاً... لن نكون الولاية الـ51 أبداً».

موارد المياه

وبحسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز»، استغل ترمب فرصة المحادثات مع ترودو الشهر الماضي للتشكيك في معاهدة أُبرمت عام 1908 وأسست الحدود بين البلدين.

وانتقد الرئيس الأميركي المعروف باهتمامه بموارد المياه الاتفاقات التي تنظم الوصول إلى المياه بين البلدين، بحسب ما ذكرت تقارير إعلامية.

تمر الحدود الكندية الأميركية شرقاً عبر منطقة البحيرات العظمى. وأمّا غرباً، باتّجاه ساحل الهادئ، تعبر الحدود نهر كولومبيا الذي تنظّم معاهدة دولية مفصّلة الوصول إلى المياه فيه.

يرى أستاذ الاقتصاد لدى جامعة كارلتون في أوتاوا إيان لي أن من شأن اندلاع حرب تجارية بين الولايات المتحدة وكندا، المرتبطتين اقتصادياً بشكل وثيق، أن يمثّل «تهديداً وجودياً» للكنديين.

وأضاف: «لكن بغض النظر عن مدى صراخنا وتعبيرنا عن غضبنا، لا يغير ذلك الواقع»، مؤكداً: «نحن الفأر وهم الفيل البالغ وزنه 5 أطنان. علينا التوصل إلى تسوية والتعامل مع مطالب الولايات المتحدة».

لكن رئيس الوزراء الكندي الجديد مارك كارني الذي سيتسلم منصبه الجمعة لا يتفق مع هذا الموقف الانهزامي.

وقال الأحد الماضي: «على الأميركيين ألا يخطئوا: في التجارة كما في الهوكي، كندا ستفوز».

وأعلنت أوتاوا، أمس، عن رسوم جمركية جديدة على منتجات أميركية معيّنة، رداً على رسوم اعتبرتها «غير مبررة ولا منطقية» فرضها ترمب على الصلب والألمنيوم.


مقالات ذات صلة

ويتكوف في موسكو لبحث الهدنة... والكرملين يستبق وصوله بتحفظات على «وقف مؤقت للنار»

أوروبا تُظهر صورةٌ التقطتها طائرةٌ دون طيار مركزَ مدينة سودزا في سياق الصراع الروسي - الأوكراني (رويترز)

ويتكوف في موسكو لبحث الهدنة... والكرملين يستبق وصوله بتحفظات على «وقف مؤقت للنار»

ويتكوف في موسكو لبحث الهدنة... والكرملين يستبق وصوله بتحفظات على «وقف مؤقت للنار» ويحدد أولوياته ويطالب بتسوية مستدامة

رائد جبر (موسكو) «الشرق الأوسط» (كييف)
شؤون إقليمية المبعوث الأميركي لشؤون الرهائن آدم بوهلر في وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن 6 مارس 2025 (أ.ف.ب)

إعفاء بوهلر مبعوث ترمب من متابعة ملف الرهائن الإسرائيليين

قال مسؤولون أميركيون وصلوا إلى إسرائيل إن مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب الخاص لشؤون الرهائن آدم بوهلر أُعفي من متابعة ملف الرهائن الإسرائيليين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار «بينانس» في مؤتمر «فيفا تكنولوجي» بباريس (أرشيفية - رويترز)

تقرير: عائلة ترمب تفاوض على حصة في «بينانس أميركا»

ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن ممثلين لعائلة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أجروا محادثات للاستحواذ على حصة مالية في الفرع الأميركي لمنصة «بينانس».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد أحد المتداولين في بورصة نيويورك (أ.ب)

تهديدات ترمب الجديدة ضد أوروبا تخفّض الأسهم الأميركية

تراجعت الأسهم الأميركية يوم الخميس، مع تهديد الرئيس دونالد ترمب الأخير بفرض رسوم جمركية على واردات الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ مركز احتجاز تابع لـ«إدارة الهجرة والجمارك الأميركية» في لويزيانا (رويترز)

إدارة ترمب تعيد المهاجرين من غوانتانامو إلى الأراضي الأميركية

أعادت السلطات الأميركية، فجأة، إلى الولايات المتحدة مجموعة من المهاجرين الذين كانت نقلتهم للقاعدة العسكرية الأميركية بخليج غوانتانامو في كوبا؛ لأسباب لم تعلن.

علي بردى (واشنطن)

إدارة ترمب تعيد المهاجرين من غوانتانامو إلى الأراضي الأميركية

مركز احتجاز تابع لـ«إدارة الهجرة والجمارك الأميركية» في لويزيانا (رويترز)
مركز احتجاز تابع لـ«إدارة الهجرة والجمارك الأميركية» في لويزيانا (رويترز)
TT
20

إدارة ترمب تعيد المهاجرين من غوانتانامو إلى الأراضي الأميركية

مركز احتجاز تابع لـ«إدارة الهجرة والجمارك الأميركية» في لويزيانا (رويترز)
مركز احتجاز تابع لـ«إدارة الهجرة والجمارك الأميركية» في لويزيانا (رويترز)

أعادت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، فجأة إلى الولايات المتحدة مجموعة من المهاجرين الذين كانت نقلتهم إلى القاعدة العسكرية الأميركية بخليج غوانتانامو في كوبا، التي كان يُراد منها أن تكون محطة رئيسية في خطط ترمب لترحيل المهاجرين غير النظاميين من البلاد.

وكشف مسؤول أميركي عن أن 40 محتجزاً نُقلوا إلى لويزيانا، حيث يوجد مركز لتنفيذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية، علماً بأن وزارة الأمن الداخلي أعادت قبل أسبوعين مجموعة أخرى من 48 مهاجراً من غوانتانامو إلى الولاية ذاتها.

ويُحتجز نحو 300 مهاجر في غوانتانامو منذ تولي الرئيس ترمب منصبه خلال يناير (كانون الثاني) الماضي. وكان أمر ببدء احتجاز المعتقلين بالقاعدة البحرية في جزء من خطته لتنفيذ «أكبر عملية ترحيل في تاريخ الولايات المتحدة».

ولم تعلن وزارة الأمن الداخلي الأميركية سبب إعادة هؤلاء المهاجرين إلى الولايات المتحدة، بعدما تكبدت تلك التكاليف الباهظة للرحلات الجوية إلى القاعدة العسكرية في كوبا.

وأعيد المهاجرون عبر رحلتَي طيران من قبل «هيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية»، في خيار أقل تكلفة مقارنةً بالرحلات الجوية العسكرية الـ17 التي نقلت المهاجرين إلى غوانتانامو منذ بدء إدارة ترمب العملية قبل أكثر من شهر. وغادرت الرحلة الجوية الأخيرة غوانتانامو الثلاثاء الماضي، مُتّجهة إلى لويزيانا، وفقاً لمتتبعي الرحلات الجوية.

محطة لويزيانا

برز مطار وسط لويزيانا، يخدم الرحلات العسكرية وتلك المستأجرة، مركزاً لعمليات احتجاز المهاجرين. وأرسلت «دائرة الهجرة والجمارك» نحو مائة مهاجر إلى هناك من غوانتانامو. كما نُقل الناشط البارز المؤيد للفلسطينيين محمود خليل، الذي اعتقلته إدارة ترمب في نيويورك بسبب مشاركته في احتجاجات ضد العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزة، إلى منشأة أخرى تابعة لـ«دائرة الهجرة والجمارك الأميركية» في لويزيانا، على بُعد نحو ساعة بالسيارة شمال ذلك المطار. وتحاول إدارة ترمب ترحيل خليل رغم أنه يحمل «البطاقة الخضراء (غرين كارد)»، أي إنه مقيم دائم بصورة قانونية، ومتزوج من أميركية حامل في شهرها الثامن. غير أن محاولة ترحيله تواجه تحديات قانونية وتساؤلات بشأن حرية التعبير في الولايات المتحدة.

محتجون خارج محكمة في نيويورك على اعتقال الناشط محمود خليل (أ.ف.ب)
محتجون خارج محكمة في نيويورك على اعتقال الناشط محمود خليل (أ.ف.ب)

وكانت إدارة ترمب رحّلت، في 20 فبراير (شباط) الماضي، مجموعة فنزويليين تتكون من 177 رجلاً، إلى بلادهم؛ وهو أكبر عدد من المهاجرين الذين كانوا محتجزين في غوانتانامو، خلال العهد الثاني لترمب. وكانت تلك أول مرة تُعيد فيها إدارة ترمب سجناءها المهاجرين إلى بلادهم.

ولفت عضوان ديمقراطيان من الكونغرس، كانا أجريا جولة في غوانتانامو الأسبوع الماضي، إلى أن المسؤولين هناك أبلغوهما بأنهم طلبوا عدم إرسال المهاجرين الذين يعانون حالات طبية ومشكلات سلوكية إلى غوانتانامو.

وبلغت تكاليف العملية حتى الآن 16 مليون دولار، وفقاً لممثلي بعثة احتجاز المهاجرين في غوانتانامو، الذين أطلعوا وفد الكونغرس على الأمر خلال زيارة الأسبوع الماضي. ويعمل في البعثة ألف فرد من قوات الأمن والمتعاقدين المدنيين، وجُنّد كثير منهم من قواعد عسكرية بالولايات المتحدة.

المهاجرون «الخطرون»

وبدءاً من الاثنين الماضي، أعلنت الإدارة الأميركية أن 23؛ من أصل 40 مهاجراً محتجزين في غوانتانامو، يشكلون «خطراً كبيراً»، واحتُجزوا في منشأة عسكرية، بينما احتُجز 17 آخرون في مكان منفصل يُعرف باسم «مركز عمليات المهاجرين»، وفقاً لمسؤول في وزارة الدفاع الأميركية.

ووصفت الإدارة الأميركية السجن بأنه منشأة احتجاز جيدة للمحتجزين الذين يُصنَّفون خطرين، مثل الفنزويليين الذين صُوّروا على أنهم أعضاء في عصابة «ترين دي أراغوا»، المصنفة أميركياً «منظمة إرهابية أجنبية».

مسؤول الحدود في البيت الأبيض توم هومان متحدثاً في واشنطن (أ.ب)
مسؤول الحدود في البيت الأبيض توم هومان متحدثاً في واشنطن (أ.ب)

ورفع «الاتحاد الأميركي للحريات المدنية» و«مركز الحقوق الدستورية»، ومنظمات أخرى، دعويين قضائيتين منفصلتين، تطالبان بمنع نقل 13 مهاجراً محتجزين في الولايات المتحدة إلى غوانتانامو. وأصدر أحد القضاة أمراً تقييدياً مؤقتاً يمنع إرسال 3 من المهاجرين المذكورين إلى القاعدة البحرية. وجرى ترحيل الرجال لاحقاً إلى فنزويلا.

ومن المقرر أن تستمع محكمة فيدرالية في واشنطن العاصمة، الجمعة، إلى حجج دعويين قضائيتين رفعتهما منظمات حقوق مدنية ضد عملية إدارة ترمب في غوانتانامو بشأن المهاجرين: الأولى رُفعت يوم 12 فبراير الماضي بخصوص عدم إتاحة الوصول القانوني إلى المهاجرين في القاعدة، والدعوى الثانية في 1 مارس (آذار) الحالي سعياً إلى منع نقل 10 مهاجرين محتجزين في الولايات المتحدة إلى غوانتانامو.

وأفاد الكولونيل في الجيش الأميركي، روبرت غرين، بأن موظفي «دائرة الهجرة والجمارك» يراقبون القوات الأميركية وهي تُجري عمليات تفتيش عارٍ للمهاجرين الذين جُلبوا حديثاً إلى هناك بوصفهم «أجانب غير نظاميين يُشكّلون خطراً كبيراً»، مضيفاً أنه بعد ذلك يُفتَّش المهاجرون عند نقلهم من الزنازين.

وأقرّ بأن القوات وجدت نفسها في مواقف متوترة. ففي يوم واحد قبل ترحيل الفنزويليين، قال إن موظفي السجن ربطوا 6 مهاجرين بكراسي تقييد أو نقالة طبية بعدما أقدم كل رجل على ما تُسمى «حادثة إيذاء النفس»، وهو مصطلح عسكري يُشير إلى التهديد أو الإيماءة أو محاولة الانتحار.