ترمب الثاني يتشدد لتجفيف المستنقع في أميركا… وتغيير العالم

واشنطن والعالم تحت وطأة «الصدمة والرعب» خلال الأيام الـ100 الأولى

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونائب الرئيس جاي دي فانس وكبيرة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز ومستشار الأمن القومي مايك والز خلال اجتماع ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونائب الرئيس جاي دي فانس وكبيرة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز ومستشار الأمن القومي مايك والز خلال اجتماع ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (أ.ب)
TT
20

ترمب الثاني يتشدد لتجفيف المستنقع في أميركا… وتغيير العالم

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونائب الرئيس جاي دي فانس وكبيرة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز ومستشار الأمن القومي مايك والز خلال اجتماع ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونائب الرئيس جاي دي فانس وكبيرة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز ومستشار الأمن القومي مايك والز خلال اجتماع ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (أ.ب)

أدخل الرئيس دونالد ترمب، في الأسابيع الثلاثة الأولى من عهده الثاني، مؤسسات الدولة الأميركية العميقة والركائز التقليدية للعلاقات الدولية في تحديات لا سابق لها حتى خلال ولايته الأولى بأعوامها الأربعة بين عامي 2017 و2020.

لم يكتف الرئيس العائد بقوة إلى البيت الأبيض بما عرف عنه سابقاً في عهده الأول: سليط اللسان أطلق العنان لمنشورات غير متوقعة على مدار الساعة، ومنها تغريدات الفجر عبر منصة «تويتر» التي صارت لاحقاً «إكس» بعدما اشتراها الملياردير إيلون ماسك في أواخر عام 2022، ويتسلح بالسلطات الهائلة التي يحظى بها تقليدياً أي رئيس يقيم في البيت الأبيض. غير أن ترمب الثاني الآتي بتجارب كبيرة وعناصر جديدة مضافة إلى قوته كرئيس للدولة العظمى، استقطب أيضاً أباطرة المال والتكنولوجيا وغيرهم لتنفيذ أجندته الرئاسية ووعوده الانتخابية. منح «دائرة الكفاءة الحكومية» («دوج» اختصاراً) بقيادة إيلون ماسك صلاحيات مذهلة لـ«تطهير» الوكالات الفيدرالية و«تجفيف مستنقع» السياسة في واشنطن. ولدى ترمب أيضاً قدرة أكبر على النجاح في تنفيذ ما يريده مستعيناً بمن يعتبرها «أقوى امرأة في العالم» كبيرة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز.

كبيرة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز في المكتب البيضوي أثناء توقيع الرئيس دونالد ترمب على قرارات تنفيذية (أ.ب)
كبيرة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز في المكتب البيضوي أثناء توقيع الرئيس دونالد ترمب على قرارات تنفيذية (أ.ب)

لا يزال ترمب، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، عازما على إحداث القدر الأكبر الممكن من «الصدمة والرعب» التي يؤمن بها العسكريون في حروبهم، وذلك ضمن مرحلة الأيام المائة الأولى من عهده الثاني. ورغم أن قراراته تشكل جزئياً امتداداً لأجندة ولايته الأولى، عندما تعهد باتخاذ إجراءات صارمة ضد الهجرة وتعزيز ميزة البلاد في التجارة الدولية، فإنه يأتي هذه المرة إلى السلطة مصحوباً ببرنامج آيديولوجي. فإذ كرر في أكثر من مناسبة أن لديه تفويضا شعبيا استثنائيا تجلى في الانتخابات، التي أفرزت أيضاً مجلسين للنواب والشيوخ يسيطر عليهما أنصاره من الجمهوريين، فضلاً عن المحكمة العليا التي عيّن خلال ولايته الأولى ثلاثة من قضاتها التسعة، فأحكم المحافظون اليمينيون سيطرتهم بستة من قضاتها.

وعلاوة على ذلك، ادعى ترمب أنه يحظى بـ«تفويض مقدس» بعدما «أنقذتني مشيئة الله» من محاولتي اغتيال خلال الصيف الماضي، في كل من بنسلفانيا حين لامست رصاصة أعلى أذنه اليمنى، وفي فلوريدا حين قبضت الأجهزة الأمنية على مسلح كان يترصده.

بين الـ45 والـ47

ومع أن ترمب لم يكن محافظاً إلى كبير عندما كان الرئيس الـ45، إذ كان ينفق بسخاء مثل العديد من الرؤساء الديمقراطيين. ولكن عندما صار الرئيس الـ47، أطلق العنان لماسك الذي وضع الحكومة الفيدرالية ووكالاتها في «فرّامة الخشب». وكتب ترمب على منصته «تروث سوشال» للتواصل الاجتماعي أنه يريد الوصول إلى «ميزانية متوازنة!!!».

وخارجياً، حمل ترمب الأول على العديد من دول العالم، بما فيها الأعضاء في حلف شمال الأطلسي «الناتو» وكندا والمكسيك، وسعى إلى إخراج الولايات المتحدة من الشرق الأوسط لتركيز موارد البلاد داخل حدودها الخاصة. غير أن ترمب الثاني يبدو عازماً على توسيع حدود «أميركا أولاً» بضم دول وأراض شاسعة، بما فيها كندا لتكون الولاية الأميركية الـ51، وغرينلاند، وقناة بنما التي تعد شرياناً حيوياً للتجارة الدولية في النصف الغربي من الكرة الأرضية، وصولاً إلى تملك غزة وترحيل أكثر من مليونين من سكانها الفلسطينيين. هناك من يعتبر ذلك توسعاً استعمارياً للولايات المتحدة.

عندما رحب بمثل هذه الأفكار الاستفزازية خلال فترة ولايته الأولى، سعى الجمهوريون المؤسسون والجنرالات المتقاعدون من ذوي الأربع نجوم في مداره إلى ثنيه - بنجاح في كثير من الأحيان. ويوضح ترمب الآن أنه ندم على الاستماع إلى نصائحهم. أتى حالياً ببدل لهؤلاء: ماسك وطاقم من اليمينيين المتطرفين الذين يهتفون له.

«أزمة دستورية»؟

المحكمة العليا الأميركية (أ.ب)
المحكمة العليا الأميركية (أ.ب)

إلى ذلك، ظهر الأثر الداخلي الأول لعمليات «دوج» في «تصفية» الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وتسريح نحو عشرة آلاف من الموظفين لديها والمتعاقدين معها إلى وقف المساعدات التي تقدمها داخل الولايات المتحدة وعبر والعالم. ولكن أيضاً إلى الدخول في معركة لم تنته بعد مع المحاكم والقضاة المسؤولين عن تطبيق القانون فيما يتعلق بهؤلاء العاملين والموظفين، فضلاً عن دعاوى أخرى بخصوص الإجراءات التي يتخذها ترمب تصريحاً أو عبر قراراته التنفيذية أو وزرائه. ويخشى بعض الخبراء القانونيين أن تؤدي هذه القرارات والإجراءات إلى «أزمة دستورية» في الولايات المتحدة بسبب تحدي ترمب للقوانين والأحكام القضائية، فيما يمثل «منحدراً» يمكن أن يزداد سوءاً، وفقاً لتقديرات صحيفة «نيويورك تايمز».

يعتقد عميد كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا في بيركلي أروين تشيمرينسكي أن البلاد دخلت «في خضم أزمة دستورية الآن»، عازياً ذلك إلى «الكثير من الإجراءات غير الدستورية وغير القانونية» التي اتخذها ترمب، ومنها إلغاء الجنسية بالولادة، وتجميد الإنفاق الفيدرالي، وإغلاق «وكالة التنمية الدولية»، وإقالة قادة وكالات أخرى، وطرد الموظفين الحكوميين الخاضعين لحماية الخدمة المدنية والتهديد بترحيل الأشخاص بناءً على آرائهم السياسية، محذراً من أن «الأفعال غير الدستورية وغير القانونية المنهجية تخلق أزمة دستورية».

الرئيس دونالد ترمب مع وكيلي الدفاع عنه المحاميين تود بلانش وإميل بوف خلال محاكمته الجنائية في نيويورك (رويترز)
الرئيس دونالد ترمب مع وكيلي الدفاع عنه المحاميين تود بلانش وإميل بوف خلال محاكمته الجنائية في نيويورك (رويترز)

الثابت والمتحول

ويمكن أن تؤدي أوامر القضاة في العديد من الولايات بوقف تنفيذ هذه القرارات، وعدم التزام ترمب بهذه الأوامر القضائية، إلى تدخل المحكمة العليا. وقالت أستاذة القانون في جامعة بنسلفانيا كيت شو إن «السؤال مفتوح عما إذا كانت الإدارة ستحتقر المحاكم»، ولا سيما أن «عدداً من القرارات التنفيذية للإدارة الجديدة والإجراءات التنفيذية الأخرى تنتهك بوضوح القوانين التي أقرها الكونغرس».

وظهرت نذر المواجهة بإعلان نائب الرئيس جاي دي فانس عبر وسائل التواصل الاجتماعي أنه «لا يُسمح للقضاة بالسيطرة على السلطة الشرعية للسلطة التنفيذية».

نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس متحدثاً خلال اجتماعه مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فان دير لاين والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كاجا كالاس في باريس (رويترز)
نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس متحدثاً خلال اجتماعه مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فان دير لاين والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كاجا كالاس في باريس (رويترز)

هذا ما يرقى وفقاً أستاذة القانون في جامعة ستانفورد باميلا كارلان إلى «أزمة دستورية»، معتبرة أن ترمب «لا يهتم بما ينص عليه الدستور بصرف النظر عما إذا كان الكونغرس أو المحاكم يقاومون إجراءً ما غير دستوري».

ومع وجود هذه المعارك في المحاكم العادية، وربما انتقالها لاحقاً إلى المحكمة العليا الأميركية لإصدار أحكام نهائية، يخشى أن تفقد هذه الدعاوى معناها حتى لو جاءت الأحكام ضد قرارات الرئيس. فالوكالة الأميركية للتنمية الدولية ومكتب حماية المستهلك المالي، على سبيل المثال، سيكونان قد تفككا، ولا يمكن لأي قرار قضائي إعادة إنشائهما.

وقال المؤرخ في جامعة برينستون جوليان زيليزر، الذي حرر كتاباً عن ولاية ترمب الأولى: «يبدو ترمب الأول وترمب الثاني مختلفين تماماً»، فهو غير الحزب السياسي خمس مرات قبل أن يترشح للمرة الأولى للرئاسة كجمهوري عام 2016، وفي مرحلة أو أخرى كان لصالح حقوق الإجهاض، والسيطرة على الأسلحة، والضرائب الأعلى على الأغنياء، وغزو العراق، قبل أن يعارض كل ذلك.

ولكن خط ترمب الأكثر ثباتاً هو عقليته كمطور عقاري ازدهر نشاطه في الثمانينيات من القرن الماضي، واقتناعه بأن الولايات المتحدة تتعرض للخداع من الأصدقاء والأعداء على حد سواء، وهو ما أثر على وجهات نظره بشأن التجارة والأمن والتحالفات. بخلاف ذلك، كان على استعداد لتغيير الاتجاه إذا كان ذلك يناسب مصالحه.


مقالات ذات صلة

زلزال ميانمار... أول كارثة طبيعية تُعاني من تخفيضات ترمب لتمويل وكالة التنمية الدولية

آسيا متطوعون يبحثون عن ناجين في مبنى متضرر بعاصمة ميانمار (أ.ب)

زلزال ميانمار... أول كارثة طبيعية تُعاني من تخفيضات ترمب لتمويل وكالة التنمية الدولية

لفتت شبكة سكاي نيوز البريطانية إلى أن الزلزال الذي تعرضت له ميانمار وبلغت قوته 7.7 درجة يعد أول كارثة طبيعية تُعاني من وطأة التخفيض الذي أجراه الرئيس الأميركي

العالم المدير العام لمنظّمة الصحّة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية» تخفض موازنتها 20 % بعد انسحاب واشنطن

اقترحت منظمة الصحة العالمية خفض موازنتها بنسبة 20 في المائة إثر قرار أميركا، أكبر مساهم فيها، الانسحاب، الأمر الذي يستدعي تقليص مهماتها وأفراد طاقمها.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية رسام إيراني يرسم إحدى الجداريات المناهضة للولايات المتحدة في طهران (إ.ب.أ)

تحذيرات لإيران من «مجازفة الحرب»

أطلق مسؤولون غربيون تحذيرات جديدة من أن إيران ستتعرض إلى ضربات قوية في حال رفضت عرض التفاوض الذي يقدمه الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ الرئيس دونالد ترمب مجتمعاً بأعضاء حكومته في البيت الأبيض 24 مارس (رويترز)

ترمب يقاوم ضغوط إقالة مستشاريه بعد «فضيحة سيغنال»

كشفت «فضيحة سيغنال» عن اختلاف جوهري في مقاربة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإدارة حكومته بين ولايتيه الأولى والثانية.

إيلي يوسف (واشنطن)
الاقتصاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حديثه في فعالية بالبيت الأبيض (رويترز)

ترمب يضغط لتصعيد الرسوم الجمركية

حث الرئيس الأميركي دونالد ترمب كبار مستشاريه على اتخاذ موقف أكثر حزماً بشأن الرسوم الجمركية واستعداد الإدارة الأميركية لتصعيد كبير في حربها التجارية العالمية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تقرير: زوجة وزير الدفاع الأميركي حضرت اجتماعات حساسة مع مسؤولين عسكريين أجانب

وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث (أ.ب)
TT
20

تقرير: زوجة وزير الدفاع الأميركي حضرت اجتماعات حساسة مع مسؤولين عسكريين أجانب

وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث (أ.ب)

كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن وزير الدفاع الأميركي، بيت هيغسيث، الذي يتعرض لانتقادات لاذعة بسبب مشاركته تفاصيل حول ضربة عسكرية على الحوثيين في دردشة جماعية على تطبيق سيغنال، أحضر زوجته، وهي منتجة سابقة في قناة «فوكس نيوز»، إلى اجتماعين مع مسؤولين عسكريين أجانب، حيث نوقشت معلومات حساسة.

ووفقاً لعدة أشخاص حضروا أو كانوا على دراية بالأمر، عُقد أحد الاجتماعين في وزارة الدفاع (البنتاغون) في 6 مارس (آذار) بين هيغسيث ووزير الدفاع البريطاني جون هيلي، في لحظة حساسة لحلف الناتو، بعد يوم واحد من إعلان الولايات المتحدة قطع تبادل المعلومات الاستخباراتية العسكرية مع أوكرانيا.

النائب الأميركي راجا كريشنامورثي يشير إلى رسائل نصية لوزير الدفاع بيت هيغسيث خلال جلسة استماع سنوية لتقييم التهديدات العالمية في مبنى مكتب لونغورث هاوس بعد تسريب «محادثات سيغنال» (أ.ف.ب)
النائب الأميركي راجا كريشنامورثي يشير إلى رسائل نصية لوزير الدفاع بيت هيغسيث خلال جلسة استماع سنوية لتقييم التهديدات العالمية في مبنى مكتب لونغورث هاوس بعد تسريب «محادثات سيغنال» (أ.ف.ب)

وناقشت المجموعة التي اجتمعت في البنتاغون، والتي ضمّت توني راداكين، قائد القوات المسلحة البريطانية، السبب وراء هذا القرار، بالإضافة إلى التعاون العسكري المستقبلي بين الحليفين.

ووفقاً لمسؤولي الدفاع وأشخاص مطلعين على الاجتماع، يمكن للوزير الأميركي دعوة أي شخص لحضور اجتماعات مع نظرائه الزائرين، ولكن عادةً ما تقتصر قوائم الحضور بعناية على من يحتاجون إلى الحضور، ويُتوقع عادةً من الحضور امتلاك تصاريح أمنية نظراً لطبيعة المناقشات الدقيقة، وغالباً ما تكون هناك حراسة أمنية بالقرب من مكان الاجتماع لإبعاد الحضور غير المدعوين.

وقال مسؤولون في وزارة الدفاع إن زوجة هيغسيث، جينيفر، ليست موظفة في الوزارة، وليس من غير المألوف أن تمتلك أزواج كبار المسؤولين تصاريح أمنية منخفضة المستوى، لكن متحدثاً باسم البنتاغون رفض الإفصاح عما إذا كانت جينيفر تمتلك واحداً.

وكذلك حضرت جينيفر أيضاً اجتماعاً الشهر الماضي في مقر الناتو في بروكسل، حيث ناقش مسؤولو الدفاع دعمهم لأوكرانيا.

وكان اجتماع بروكسل، الذي عُقد على هامش مؤتمر وزراء دفاع الناتو في فبراير (شباط)، بمثابة تجمع لمجموعة تقودها الولايات المتحدة، تضم نحو 50 دولة، تجتمع دورياً لتنسيق إنتاج وتسليم الأسلحة وغيرها من أشكال الدعم لأوكرانيا. وفي المناقشات المغلقة، تعرض معلومات سرية، مثل التبرعات لأوكرانيا، التي لا يرغبون في كشفها.

ووفقاً لأشخاص مطلعين على كلا الاجتماعين، لم يكن بعض الحضور الأجانب في الاجتماعات على دراية بجينيفر هيغسيث، وقالوا إن آخرين فوجئوا بحضورها، لكنهم مضوا قدماً دون إبداء أي اعتراضات.

ولم يتضح بعد ما إذا كان وجودها قد أثّر على ما نوقش في أي من الجلستين.

وأثار أعضاء في الكونغرس من كلا الحزبين مخاوف بشأن تعامل هيغسيث مع معلومات عسكرية حساسة، عقب الكشف عن استخدامه هو ومسؤولين آخرين في الإدارة محادثة جماعية على منصة سيغنال للمراسلة، ضمّت صحافياً، لمناقشة وتنفيذ ضربة على الحوثيين في اليمن.

ووجّه السيناتور روجر ويكر، رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، والسيناتور جاك ريد، العضو الديمقراطي البارز في اللجنة، رسالة يوم الأربعاء يطلبان فيها من المفتش العام لوزارة الدفاع فتح تحقيق في المحادثة.

ويصطحب كبار مسؤولي وزارة الدفاع زوجاتهم أحياناً في رحلات رسمية ومناسبات احتفالية. ففي مؤتمر صحافي عُقد خلال مؤتمر حلف (الناتو) في بروكسل، صرّح هيغسيث للصحافيين بأن جينيفر انضمت إليه و«التقت بعائلات جنود أميركيين» في بلجيكا وألمانيا.

لكن من النادر أن يحضر الأزواج، وهم مواطنون عاديون، اجتماعات الأمن القومي، وفقاً لمسؤولين حاليين وسابقين في وزارة الدفاع.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ووزير الدفاع بيت هيغسيث في البيت الأبيض (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ووزير الدفاع بيت هيغسيث في البيت الأبيض (أ.ب)

وقال تشاك هاغل، وزير الدفاع السابق في عهد الرئيس باراك أوباما: «عندما تُعقد اجتماعات مع وزراء أو مسؤولين رفيعي المستوى في حلف الناتو، غالباً ما تتضمن هذه الاجتماعات محادثات أمنية حساسة». وأضاف: «إذا كنت ستناقش قضايا أمنية قومية بالغة السرية، فعليك أن تكون انتقائياً للغاية. ما مدى أهمية الشخص الذي تدعوه؟»

وذكر أن حضور زوجة الوزير في مثل هذه المحادثات «يُرسل رسالة إلى الوزارة؛ لماذا يفعل الوزير ذلك؟ إنه يُثير قلق الموظفين بشأن ما يجب قوله ولمن. إنه يُثير قضية لا داعي لطرحها».

وقال مسؤول سابق رفيع المستوى في إدارة أوباما إن بيل كلينتون لم يحضر أي اجتماع مع وزير الخارجية آنذاك هيلاري كلينتون.

وفي إدارة ترمب السابقة، واجه مايك بومبيو التدقيق بشأن دور زوجته، سوزان، عندما كان رئيساً لوكالة المخابرات المركزية، ثم وزارة الخارجية.

وشاركت سوزان في الفعاليات الاجتماعية لوكالة المخابرات المركزية، وشغلت منصباً فخرياً في إدارة تدعم أفراد عائلات العاملين بالوكالة، وعملت غالباً بالقرب من زوجها في المخابرات، وهو ما أقرّ به متحدث باسم الوكالة في عام 2018 رداً على تقارير وسائل الإعلام.

كما وافقت على طلبات لموظفي وزارة الخارجية نيابة عن زوجها، بما في ذلك بعض الأعمال ذات الطابع الشخصي، التي وجدها تقرير المفتش العام للوكالة «غير مناسبة».

بيت هيغسيث (أ.ب)
بيت هيغسيث (أ.ب)

وبالنسبة لهيغسيث، يشارك فرد ثانٍ من أفراد أسرته في أعمال الوزارة أيضاً حيث انضم شقيقه الأصغر فيليب هيغسيث، وهو منتج بودكاست، مؤخراً إلى وزارة الأمن الداخلي كحلقة وصل مع وزارة الدفاع، وفقاً للمتحدثة باسم البنتاغون كينغسلي ويلسون.

وقالت ويلسون إن فيليب يسافر حالياً مع هيغسيث في جولة لزيارة حلفاء وقواعد أميركية في آسيا.