أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية بأن الرئيس دونالد ترمب، وفي اليوم نفسه الذي أصدر فيه قراراً ببناء قبة حديدية للدفاع عن سماء الولايات المتحدة ضد الصواريخ، قرر مكتب الإدارة والميزانية تعليق تمويل الجهود المبذولة للحد من كمية الوقود النووي التي قد يستولي عليها الإرهابيون. كما شمل القرار تعليق تمويل الإجراءات الرامية لتوفير الحماية من الهجمات باستخدام الأسلحة البيولوجية، وكذلك المبادرات المتعلقة بالحد من انتشار الأسلحة النووية.
وأضافت الصحيفة أن تلك القرارات تجسد الرغبات المتضاربة لإدارة ترمب في أسابيعها الأولى، فترمب يُريد بناء قوة فضائية ضخمة، حتى مع خطر إشعال سباق جديد للتسلح، وقد بدأ هذا الجهد منذ أيام الرئيس السابق رونالد ريغان، ولم يُسفر إلا عن نتائج مختلطة.
ولكن في سعيها إلى إغلاق البرامج التي تعتقد أنها قد تكون من صنع ما يُسمى بـ«الدولة العميقة»، أي المؤسسات التي تسيطر على مقاليد الحكم في أميركا، تريد الإدارة قطع التمويل عن عدد من البرامج التي تسعى إلى الحد من فرص وقوع هجوم على الولايات المتحدة، وهو الهجوم الذي قد يأتي في أشكال أخرى غير صاروخ يُطلق من كوريا الشمالية أو الصين أو روسيا.
![عسكريون أمام منصة إطلاق نظام «باتريوت» خلال الاحتفال بيوم القوات الجوية الأوكرانية في مكان غير محدد الأحد (رويترز)](https://static.srpcdigital.com/2025-01/937803.jpeg)
ولفتت الصحيفة إلى أن أحد القضاة قد أوقف تجميد الإنفاق الذي فرضه ترمب، الثلاثاء، ولكن نيات الرئيس الأميركي واضحة.
وذكرت أنه على الرغم من أن ترمب يُطلق على خطته اسم «القبة الحديدية»، فإنها لا تُشبه إلى حد كبير المنظومة الإسرائيلية التي تحمل الاسم نفسها.
وتابعت: إن أي نظام صاروخي يهدف إلى حماية الولايات المتحدة سيكون عليه مواجهة ترسانة روسية تضم 1250 صاروخاً، إضافة إلى ترسانة صينية سريعة النمو؛ حيث يعتقد البنتاغون أن هذه الترسانة ستصل إلى الحجم نفسه خلال عقد من الزمن، وربما قبل ذلك. كما يضاف إلى ذلك تهديد كوريا الشمالية الذي تزايد بشكل كبير منذ انهيار الجهود الدبلوماسية التي بذلها الرئيس ترمب مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون.
![جنود إسرائيليون بجانب نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي «القبة الحديدية» (أ.ف.ب)](https://static.srpcdigital.com/2025-01/937801.jpeg)
وكذلك قالت الصحيفة إن الروس والصينيين يجربون أسلحة تفوق سرعة الصوت تتخذ مسارات غير متوقعة في الغلاف الجوي، ما يجعل مسارها أكثر صعوبة في التوقع، في حين يتباهى الروس بـ«طوربيد» نووي تحت الماء يُمكنه عبور المحيطات لضرب الساحل الغربي.
ولفتت «نيويورك تايمز» إلى احتفال المتحمسين للدفاعات الصاروخية بقرار ترمب، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تنشيط البرامج التي كانت تعمل منذ بعض الوقت.
وقال مدير مشروع الدفاع الصاروخي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، توماس كاراكو، الثلاثاء، إن القرار من شأنه أن يسرع العمل على أجهزة الاستشعار الفضائية للكشف عن الصواريخ الأسرع من الصوت، مثل تلك التي أطلقتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن العام الماضي.
وأضاف: «لكن الأمر المهم هو الصواريخ الاعتراضية الفضائية، حتى لو لم يستوعب الناس أهمية الفضاء بصفته مجالاً حربياً».
لطالما كان الدفاع الصاروخي موضوعاً مفضلاً لترمب، الذي يُصور المشروع بوصفه الخطوة التالية لقوة الفضاء، التي أنشأها في ولايته الأولى. لكن بعض الخبراء يخشون من أن يؤدي ذلك أيضاً إلى إشعال سباق تسلح جديد.
ولفتت الصحيفة إلى أن قرار ترمب الجديد لم يتناول تهديدات الإرهاب النووي، في حين يرى عدد من الخبراء أن التهديد الإرهابي أكبر بكثير من مجرد عدو يُطلق صاروخاً واحداً أو سرباً من الصواريخ.
ففي عام 2001، بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، سارعت الحكومة الفيدرالية إلى الحصول على نصائح حول كيفية مواجهة الإرهابيين وحماية الأميركيين بشكل أفضل من تهديدات الهجمات الجرثومية والإلكترونية والكيميائية والنووية.
وقال إرنست مونيز، وزير الطاقة في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، والذي يرأس الآن مبادرة التهديد النووي: «إن الجمع بين نشر نظام دفاع صاروخي بفاعلية مشكوك فيها ضد أي تهديد حقيقي مع تعليق البرامج ضد الإرهاب النووي أو البيولوجي أو الهجمات السيبرانية أو غيرها تعد مقايضة رهيبة».
وأضاف مونيز، الأستاذ السابق في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، الذي يتمتع بخبرة طويلة في الأسلحة النووية: «إن الإشارة إلى القبة الحديدية -في إشارة للمنظومة الصاروخية الإسرائيلية- يُعدّ أمراً مضللاً بالنظر إلى الصواريخ قصيرة المدى نسبياً، التي تطلق على إسرائيل والأراضي الصغيرة التي تحتاج إلى الدفاع عنها».
وكذلك وصف ثيودور بوستول، أستاذ شؤون الأمن القومي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، خطة ترمب الصاروخية بأنها «مجموعة من أنظمة الأسلحة المعيبة التي ثبت أنها غير قابلة للتنفيذ»، وقال: «ستكون بمثابة ثقب أسود عملاق لأموال دافعي الضرائب دون أن يخرج منها شيء».
![صورة ملتقطة بتاريخ 3 يوليو 2023 في زاموسك ببولندا تظهر جنوداً يقومون بتحميل المقذوفات لأنظمة «باتريوت» المنتشرة في وحدة قوة الدفاع الجوي والصاروخي الألمانية (د.ب.أ)](https://static.srpcdigital.com/2025-01/937802.jpeg)
ويقدر ستيفن شوارتز، المستشار المستقل الذي يدرس تكلفة المشاريع العسكرية، بأن الولايات المتحدة أنفقت على مدى عقود أكثر من 400 مليار دولار على الصواريخ التي يقول ترمب الآن إنها ستوفر «للدفاع المشترك» للولايات المتحدة وحلفائها.
وخلال فترة ولايته الأولى، تعهّد ترمب في عام 2019 بإعادة تصنيع المنظومات الدفاعية التي يُمكنها إسقاط صواريخ العدو، وقال: «هدفنا بسيط: ضمان قدرتنا على اكتشاف وتدمير أي صاروخ يتم إطلاقه ضد الولايات المتحدة في أي مكان، وفي أي وقت».
يُذكر أن كارولين ليفيت، المتحدثةً باسم البيت الأبيض عندما سُئِلت، الثلاثاء، عن تعليق برامج مكافحة الأسلحة النووية خلال أول مؤتمر صحافي لها قالت: «إن هذا ليس حظراً، وهذا توقف مؤقت وتجميد لضمان أن تكون جميع الأموال سيتم إنفاقها بطريقة متوافقة مع أجندة الرئيس».