فيما ينهمك الرئيس الأميركي دونالد ترمب في إصدار موجات متعاقبة من قرارات تنفيذية ترافقها تصريحات متعاقبة تهدف إلى الإسراع في تطبيق أجندته الرئاسية ووعوده الانتخابية، يعمل مجلس الشيوخ ببطئه المعتاد للمصادقة على بقية تعييناته الرئاسية.
فحتى الساعة صادق المجلس على أبرز التعيينات المرتبطة بملف الأمن القومي، وهي لطالما كانت أولوية للمجلس التشريعي، ليكون ماركو روبيو، وزير الخارجية، أول الوزراء الذين تسلموا مهامهم رسمياً في إدارة ترمب، مباشراً بتطبيق أجندة طموحة ومثيرة للجدل في بعض الأحيان في وزارة الخارجية، من بعده، صادق المجلس على كل من مدير الاستخبارات المركزية جون راتكليف، ووزيرة الأمن القومي كريستي نومان، ووزير الدفاع بيت هيغسيث الذي واجه أكبر معارضة حتى الساعة، ما دفع بنائب الرئيس جي دي فانس إلى الإدلاء بصوته الحاسم للمصادقة عليه. وفي آخر جولة من التصويت، صادق المجلس كذلك على وزير الخزانة سكوت بيسينت على أن يتبعه وزير المواصلات شان دافي الذي يتوقع أن يلقى دعماً كبيراً من الحزبين.
أسماء مثيرة للجدل

لكن هذا الدعم لا ينطبق على ثلاثة مرشحين أساسيين ينتظرون جلسات الاستماع للمصادقة عليهم في الشيوخ، هذا الأسبوع، وهم: تلسي غابارد، المرشحة لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية، وروبرت كينيدي جونيور لمنصب وزير الصحة، وكاش باتيل لمنصب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي إيه).
ولعلّ التحدي الأبرز يكمن في المصادقة على غابارد التي لم تتمكن حتى الساعة من حشد الدعم الكافي لها في ظل تحفظات المشرعين من الحزبين على مواقفها السابقة. فغابارد، الديمقراطية سابقاً، لديها مواقف مثيرة للجدل حيال ملفات حساسة، أبرزها معارضتها السابقة للبند 702 في قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية (FISA) والذي يسمح بجمع معلومات استخباراتية لأشخاص أجانب يعيشون خارج الأراضي الأميركية. غابارد غيّرت موقفها في بيان داعم بعد تعيينها، لكن هذا لم يقنع جميع المشككين خاصة في ظل الأهمية الاستخباراتية لهذا البند ضمن القانون الذي أقره الكونغرس في عام 1978.
تودد للأسد وسنودان

بالإضافة إلى ذلك تواجه غابارد انتقادات حادة بسبب مواقفها السابقة من الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد الذي زارته في دمشق في عام 2017، وتصريحاتها الداعمة لإدوارد سنودان، مسرّب الوثائق السرية. وقد بدا تحفظ المشرعين واضحاً من خلال تصريحات على لسان الجمهوري ليندسي غراهام، المقرب من ترمب، الذي قال: «أريد أن أنتظر جلسة الاستماع قبل حسم موقفي. لماذا ذهبت إلى سوريا؟ ماذا فعلت فيما يتعلق بالأسد؟ لماذا تعتقد أنه يجب معاملة إدوارد سنودان كبطل؟».
تحفظات شاركتها الجمهورية سوزان كولينز التي صوتت ضد المصادقة على وزير الدفاع، والتي شككت بتطمينات غابارد بأنها غيّرت مواقفها السابقة، مشيرة إلى أنها ستحسم موقفها بعد جلسة الاستماع في لجنة الاستخبارات، الخميس.
ورغم المعارضة المتزايدة التي تهدد حظوظ غابارد بالمصادقة، فإن الجمهوريين يتوقعون ألا تؤثر هذه المعارضة بالشكل نفسه على حظوظ كينيدي جونيور في منصب وزير الصحة، وباتيل في منصب مدير الـFBI، مرجحين أن تتم المصادقة على الرجلين، حتى ولو احتاجت إلى تدخل فانس مرة جديدة كما فعل في التصويت على وزير الدفاع.
الثلاثي «المعطّل»

ويكمن التحدي الأكبر لترمب في مساره السريع لتطبيق أجندته والمصادقة على تعييناته في أسماء جمهورية ثلاثة في مجلس الشيوخ: سوزان كولينز، السيناتورة عن ماين، وليزا مركوفكسي، السيناتورة عن ألاسكا، وميتش مكونيل زعيم الجمهوريين السابق في مجلس الشيوخ، عن ولاية كنتاكي. فهؤلاء وجهوا طلقة تحذير لترمب في تصويتهم ضد مرشحه لوزارة الدفاع بيت هيغسيث، في رسالة واضحة مفادها أنهم لن ينضموا آلياً إلى الصف الجمهوري المرصوص دعماً للرئيس الأميركي في تعييناته وأجنداته، ما يعني بالتالي أن زيارات نائب الرئيس جي دي فانس إلى مجلس الشيوخ ستكون كثيرة؛ إذ لديه الصوت الفاصل الذي يضمن للجمهوريين الأغلبية في حال انشقاق الشيوخ الثلاثة..
تعيينات أخرى

هذا ولم يحدد المجلس بعدُ مواعيد للنظر في تعيينات السفراء الذين اختارهم ترمب، وعلى رأسهم السفير إلى إسرائيل مايك هاكبي المثير للجدل في مواقفه الشرسة الداعمة لإسرائيل. والسفير إلى فرنسا، صهر ترمب، تشارلز كوشنر، والد جاريد كوشنر، والذي عفا عنه ترمب بعد إدانته بالتهرب الضريبي والتلاعب بالشهود، وغيرهما. ولم تكتمل تعيينات السفراء بعد، بانتظار إعلان ترمب عن المزيد من الأسماء في الأيام المقبلة.