الحرائق تلتهم لوس أنجليس وسط نقص في المياه

مروحية تكافح النيران لدى المرتفعات الغربية لمدينة لوس أنجليس (أ.ب)
مروحية تكافح النيران لدى المرتفعات الغربية لمدينة لوس أنجليس (أ.ب)
TT

الحرائق تلتهم لوس أنجليس وسط نقص في المياه

مروحية تكافح النيران لدى المرتفعات الغربية لمدينة لوس أنجليس (أ.ب)
مروحية تكافح النيران لدى المرتفعات الغربية لمدينة لوس أنجليس (أ.ب)

واصلت الحرائق الهائلة في لوس أنجليس تمدّدها الخميس حيث أتت على منازل ومركبات وتسبّبت بإجلاء عشرات آلاف الأشخاص وبسقوط سبعة قتلى على الأقلّ.

وبقي الحريقان الرئيسيان المستعران في المدينة خارجين عن السيطرة الخميس. وفرّ أكثر من 130 ألف شخص من منازلهم بسبب الحرائق التي تزيد من شدّتها رياح عاتية في ثاني كبرى المدن الأميركية. وبعد ظهر الخميس لم تكن قد تمت بعد السيطرة على الحريق في حي باسيفيك باليساديس الراقي، حيث منازل أصحاب الملايين والمشاهير، الواقع بين ماليبو وسانتا مونيكا، وذلك رغم إرسال تعزيزات شملت مروحيات عملت على رش المياه.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يمضي آخر أيامه في منصبه، خلال اجتماع عُقد بعد ظهر الخميس في البيت الأبيض مع المسؤولين المعنيين بإدارة هذه الحرائق العنيفة، «هذه هي أكبر حرائق الغابات وأكثرها تدميرا في تاريخ كاليفورنيا». كما أصر بايدن على أن «التغير المناخي حقيقة واقعة».

وقالت السلطات المحلية الخميس إنه تم الإعلان عن تعزيزات عسكرية قوامها نحو 400 عنصر من الحرس الوطني لمكافحة الحرائق العنيفة التي تجتاح لوس أنجليس منذ ثلاثة أيام. وأوضحت السلطات «هناك نحو 400 عنصر من الحرس الوطني في جميع أنحاء الولاية (كاليفورنيا) مستعدون لدعمنا. ونتوقع أن يكونوا في الموقع في وقت مبكر من مساء اليوم (الخميس)».

وفي هوليوود، موطن صناعة السينما التي كانت مهددة لفترة من الوقت بسبب ألسنة اللهب، تمت السيطرة على الحريق في التلال، وفقا للسلطات المحلية، وتم رفع أمر الإخلاء صباح الخميس. وقال وليام غونزاليس الذي وضع كمامة سوداء أمام منزله الذي تحول رمادا في مدينة ألتادينا في شمال لوس أنجليس «فقدت كل شيء تقريبا. النيران أحرقت كل أحلامي ولم يبق سوى الرماد».

وقضى سبعة أشخاص على الأقلّ في هذه الحرائق الهائلة المستعرة في محيط لوس أنجليس والتي هدّدت حيّ هوليوود الشهير. وقالت رئيسة بلدية المدينة كارين باس خلال مؤتمر صحافي مساء الأربعاء إن لوس أنجليس تشهد «رياحا بقوة إعصار تترافق مع جفاف حاد جدا».

واندلع حريق أول صباح الثلاثاء على تلال حي باسيفيك باليسايدس الراقي الذي يضم منازل مشاهير وكثيرا من الدارات التي يقدر ثمنها بملايين الدولارات. وقد أتت الحرائق على 6500 هكتار وأكثر من ألف عمارة. وبدأت النيران تنتشر لاحقا في تلال هوليوود، على بعد مئات الأمتار من جادة هوليوود بولفارد ومسرح «تشاينيز ثياتر» الشهير.

مقارنة معبرة عن الحرائق التي تجتاح لوس أنجليس: (فوق) حي باسيفيك باليساديس الراقي بتاريخ 20 أكتوبر الماضي و(تحت) بعدما أتت النيران عليه (رويترز)

حرائق غير مسبوقة

وتكاثرت بؤر الحرائق وامتدت إلى الضواحي الشمالية للمدينة وراحت تنتشر أحيانا بسرعة فائقة. وتخشى السلطات ارتفاع حصيلة الضحايا. وقال أنتوني مارونه رئيس فرق الإطفاء في لوس أنجليس «ليس لدينا عدد كاف من عناصر الإطفاء في منطقة لوس أنجليس لمواجهة هذا الوضع». وأوضح الحاكم الديموقراطي لولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم مساء الأربعاء أن «أكثر من 7500 إطفائي» أتى بعضهم من ولايات أخرى، يكافحون هذه الحرائق «غير المسبوقة».

وأحد الضحايا السبع من سكان ألتادينا ويدعى فيكتور شو وقد حاول حتى النهاية حماية منزله من النيران. وقال صديقه آل تانر الذي عثر على جثته التي كانت لا تزال تمسك بقسطل الري لمحطة تلفزيونية «يبدو أنه حاول إنقاذ المنزل الذي يملكه والداه منذ أكثر من 55 عاما».

ودعت السلطات سكان كاليفورنيا إلى الاقتصاد في استهلاك المياه لأن ثلاثة خزانات تغذي محطات مكافحة الحرائق فرغت بسبب مكافحة النيران في باسيفيك باليسايدس.

ترامب يهاجم الديموقراطيين

ونشر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب معلومات خاطئة عبر شبكته للتواصل الاجتماعي «تروث سوشال» بتأكيده أن كاليفورنيا تعاني نقصا في المياه بسبب السياسات الحكومية الديموقراطية التي تحول مياه الأمطار «لحماية نوع غير مفيد من الأسماك». وفي الواقع تستخدم غالبية المياه المستهلكة في لوس أنجليس والمتأتية من نهر كولورادو، في الزراعة كأولوية.

ويزور الرئيس جو بايدن كاليفورنيا راهنا. وبعدما خصص مساعدات فدرالية فورية، ألغى زيارة كانت مقررة لإيطاليا الخميس على ما أعلن البيت الأبيض. واستغلّ الرئيس المنتخب الحرائق لمهاجمة المعكسر الديموقراطي وعلى رأسهم حاكم ولاية كاليفورنيا الذي يعدّ من الشخصيات الواعدة في الحزب.

وكتب ترمب الخميس على «تروث سوشال» إنه ينبغي لحاكم كاليفورنيا «غافين نيوسوم أن يستقيل. فالذنب ذنبه». وهو كان قد ندّد في رسالة سابقة بـ«عدم الكفاءة وسوء الإدارة للثنائي بايدن/نيوسوم». وكان الملياردير الجمهوري الذي سينصّب رئيسا للولايات المتحدة للمرّة الثانية في 20 يناير (كانون الثاني) قد توعّد في السابق بأنه سيحرم الحاكم الديموقراطي لكاليفورنيا من المساعدات الفدرالية في حال اندلاع حرائق إذا ما عاد إلى البيت الأبيض.

أما حليف ترمب الكبير إيلون ماسك، فنشر رسائل على شبكة «إكس» تندّد بدور البشر في مفاقمة التغيّر المناخي وتربط بلا أيّ أدلّة بين نطاق الحرائق وسياسات التنوّع في توظيف عناصر الإطفاء في لوس أنجليس أو تستنكر الإعلان عن حزمة مساعدات أميركية جديدة بقيمة 500 مليون دولار لأوكرانيا.

السينما تأثرت

وتؤثر الحرائق في النشاط السينمائي في هوليوود. فقد توقف تصوير أفلام ومسلسلات عدة فيما أغلق متنزه «يونيفرسال ستوديوز» الترفيهي في هوليوود. وأرجئ إعلان الترشيحات لجوائز الأوسكار إلى 19 يناير (كانون الثاني) بدلا من 17 منه فضلا عن مراسم توزيع جوائز النقاد التي كان يفترض أن تقام الأحد. وبين من طلب منهم إخلاء المناطق المنكوبة العديد من نجوم هوليوود. وكشف مارك هاميل أحد أبطال سلسلة «ستار وورز» عبر إنستغرام أنه غادر الثلاثاء منزله في منطقة ماليبو الراقية.

والرياح التي تهب راهنا معروفة باسم «سانتا آنا» وهي مألوفة في فصلي الخريف والشتاء في كاليفورنيا. لكن خلال الأسبوع الحالي بلغت حدة غير مسبوقة منذ العام 2011، على ما أفاد خبراء الأرصاد الجوية. وتشكل هذه الرياح كابوسا للإطفائيين لأن كاليفورنيا عرفت سنتين ماطرتين جدا أدت إلى إنعاش الغطاء النباتي الذي يبس الآن بسبب الشتاء الجاف الذي تشهده المنطقة. ويشير العلماء بانتظام إلى أن التغير المناخي يزيد تواتر الظواهر الجوية القصوى.


مقالات ذات صلة

إصابة 15 شخصاً وتدمير 12 منزلاً في حريق بالقاهرة

شمال افريقيا جانب من الحريق الذي نشب في حارة اليهود بالعاصمة المصرية القاهرة (أرشيفية - وسائل إعلام محلية)

إصابة 15 شخصاً وتدمير 12 منزلاً في حريق بالقاهرة

أصيب 15 شخصاً واحترق 12منزلاً ومصنعاً للبلاستيك من جراء حريق شب بالقرب من دير القديس سمعان بمنشأة ناصر غرب القاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أمر إخلاء إلزامي للمقيمين بوسط هوليوود مع اشتداد حرائق لوس أنجليس

أمر إخلاء إلزامي للمقيمين بوسط هوليوود مع اشتداد حرائق لوس أنجليس

حرائق غابات مستعرة حاصرت مدينة لوس أنجليس الأميركية يوم الأربعاء وأسفرت عن مقتل زهاء خمسة أشخاص وتدمير مئات المنازل.

«الشرق الأوسط» (هوليوود (الولايات المتحدة))
أوروبا رجال إطفاء يخمدون خزانات نفط في منشأة تخزين اشتعلت فيها النيران بعد أن استهدفتها طائرة مسيّرة أوكرانية، في بلدة كلينتسي في منطقة بريانسك، روسيا 19 يناير 2024 (رويترز)

هجوم مسيّرات أوكراني يسبّب حريقاً في مستودع نفط روسي

تسبّب هجوم بطائرة مسيّرة أوكرانية، غرب روسيا، في تسرب وقود وحريق في مستودع للنفط، وفق ما أفاد حاكم منطقة سمولينسك المتاخمة لأوكرانيا فاسيلي أنوخين الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كييف)
برج إيفل في العاصمة الفرنسية باريس (أ.ف.ب)

ماس كهربائي يتسبب بإخلاء برج إيفل

أخلت السلطات برج إيفل مؤقتاً، اليوم الثلاثاء، بعد حدوث ماس كهربائي في المعلم الباريسي الشهير.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا أحد عناصر الإطفاء يحاول إخماد حريق في روسيا (خدمة الطوارئ الروسية عبر تلغرام)

روسيا تشهد موجة من الحرائق المتعمدة

شهدت روسيا سلسلة محاولات لإشعال حرائق بشكل متعمد استهدفت مصارف ومراكز تسوق ومكاتب بريد ومباني حكومية خلال الأيام الثلاثة الماضية وفق وسائل إعلام

«الشرق الأوسط» (موسكو)

المحكمة الأميركية العليا تنظر في قانون حظر «تيك توك»

صورة تُظهر علَم الولايات المتحدة وشعار «تيك توك» والمطرقة (رويترز)
صورة تُظهر علَم الولايات المتحدة وشعار «تيك توك» والمطرقة (رويترز)
TT

المحكمة الأميركية العليا تنظر في قانون حظر «تيك توك»

صورة تُظهر علَم الولايات المتحدة وشعار «تيك توك» والمطرقة (رويترز)
صورة تُظهر علَم الولايات المتحدة وشعار «تيك توك» والمطرقة (رويترز)

تنظر المحكمة الأميركية العليا، الجمعة، في مصير تطبيق «تيك توك» الشهير المهدَّد بالحظر الوشيك في الولايات المتحدة إذا رفضت الشركة الصينية الأم بيعه، بموجب قانون صدر مؤخراً.

في خضم المواجهة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين، أقر الكونغرس الأميركي هذا القانون في أبريل (نيسان) 2024 بأغلبية كبيرة على خلفية منع مخاطر قيام السلطات الصينية بالتجسس والتلاعب على مستخدمي المنصة الذين يناهز عددهم 170 مليوناً في الولايات المتحدة.

ويحدد القانون الذي وقَّعه الرئيس جو بايدن على الفور، موعداً نهائياً في 19 يناير (كانون الثاني) الحالي لشركة «بايت دانس»، المالكة للتطبيق، لبيعه. وتؤكد «تيك توك» و«بايت دانس» وكذلك الجمعيات الحقوقية أن القانون ينتهك التعديل الأول للدستور الأميركي الذي يضمن الحق في حرية التعبير.

هذا هو السؤال الذي سيتعين على القضاة التسعة في المحكمة العليا ذات الأغلبية المحافِظة أن يجيبوا عنه بعد أن وافقت المحكمة في ديسمبر (كانون الأول) على النظر في القانون، ولكن من دون تعليق تنفيذه الذي طلبته «تيك توك» و«بايت دانس».

قالت إليزابيث بريلوغار، المستشارة القانونية لإدارة بايدن، في مرافعاتها المكتوبة: «لا يمكن لأحد أن يعارض بجدية حجة التهديد الخطير للأمن القومي الذي تطرحه سيطرة الحزب الشيوعي الصيني على (تيك توك) من خلال (بايت دانس)».

وأضافت أن: «جمع (تيك توك) كميات هائلة من البيانات الحساسة حول ما يقرب من 170 مليون أميركي وجهات اتصالهم يجعله أداة تجسس قوية... القانون يستهدف سيطرة عدو أجنبي وليس حرية التعبير».

نفت شبكة التواصل الاجتماعي مراراً وتكراراً نقل أي معلومات إلى الحكومة الصينية، وأكدت أنها سترفض أي طلب للقيام بذلك إذا وُجِّه إليها.

ويقول محاموها إن القانون «يخالف الدستور» لأنه يستهدف «تيك توك» حصرياً، ويطلبون من المحكمة على الأقل تعليق دخوله حيز التنفيذ لحين الحكم في القضية.

مشترون محتملون

تَعْرِف الشركة أيضاً أن بإمكانها الاعتماد على تعاطف الرئيس المنتخَب دونالد ترمب الذي سيتولى منصبه في 20 يناير، والذي قال إن لديه «نقطة ضعف» تجاه «تيك توك».

طلب ترمب الذي استضاف في ديسمبر رئيس «تيك توك» شو زي تشو في مارالاغو، مقر إقامته في فلوريدا، في خطوة غير عادية، من المحكمة تعليق القانون لمنحه الوقت، بمجرد وصوله إلى البيت الأبيض، للتوصل إلى حل تفاوضي من شأنه تجنُّب إغلاق «تيك توك».

وحاول ترمب نفسه حظر «تيك توك» في صيف عام 2020، خلال ولايته الأولى، لكنه لم يُفلح.

غير أنه غيَّر رأيه بعد ذلك، داعياً الناخبين المرتبطين بالتطبيق للتصويت له. ويرى ترمب الجمهوري في «تيك توك» بديلاً لمنصتي «فيسبوك» و«إنستغرام» التابعتين لشركة «ميتا» واللتين حجبتا حسابه مؤقتاً بعد دعمه المشاركين في الهجوم على الكابيتول في 6 يناير 2021.

ومن بين الخيارات التي تجري دراستها إذا أيدت المحكمة القانون، أن تبيع «بايت دانس» أسهمها لمستثمرين غير صينيين، وهو احتمال عبَّرت الشركة عن رفضها إياه من قبل، لكن كثيراً من المشترين المحتملين عبَّروا عن استعدادهم لذلك بمن فيهم الملياردير الأميركي فرنك ماكورت، الذي يقود حملة من أجل شبكات اجتماعية أكثر أماناً من خلال مؤسسته «ليبرتي بروجكت».

وقال فرنك ماكورت في بيان صحافي، الخميس: «قدَّمنا عرضاً لشركة (بايت دانس)» للاستحواذ على «تيك توك» في الولايات المتحدة.