مرشحو ترمب يواجهون مساراً معقداً لنيل «مصادقة الشيوخ»

تفاؤل في فريق الرئيس المنتخب بعد تراجع بعض الأصوات المنتقدة لهيغسيث

طريق المصادقة على المرشحين الوزاريين في مجلس الشيوخ طويلة وشاقة (رويترز)
طريق المصادقة على المرشحين الوزاريين في مجلس الشيوخ طويلة وشاقة (رويترز)
TT

مرشحو ترمب يواجهون مساراً معقداً لنيل «مصادقة الشيوخ»

طريق المصادقة على المرشحين الوزاريين في مجلس الشيوخ طويلة وشاقة (رويترز)
طريق المصادقة على المرشحين الوزاريين في مجلس الشيوخ طويلة وشاقة (رويترز)

في العشرين من يناير (كانون الثاني)، يقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب على منصة أمام الجهة الشرقية لمبنى الكابيتول للإدلاء بقسم اليمين في حفل تنصيبه الرسمي لاستلام مهامه رسمياً الرئيس الـ47 للولايات المتحدة.

بانتظار هذا اليوم التاريخي، وداخل المبنى الذي سيبدو خلفية إدلائه لقسم اليمين، يعمل المشرعون قبل موعد التنصيب كخلية نحل للتمهيد لوصول ترمب إلى البيت الأبيض عبر الغوص في مسار المصادقة على تعييناته الوزارية الطويل والشاق. فترمب سيدخل إلى المكتب البيضاوي برفقة فريقه المصغّر الذي لا يحتاج إلى مصادقة الكونغرس، هناك سيجلس منتظراً ومراقباً لمصير فريقه الوزاري الذي يحتاج إلى مباركة مجلس الشيوخ، في مسار معبد بالمفاجآت، خصوصاً فيما يتعلق بمجموعة من المرشحين المثيرين للجدل، على رأسهم وزير الدفاع المعين بيت هيغسيث، يتبعه وزير الصحة المعين روبرت كينيدي جونيور، مروراً بمديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، ووصولاً إلى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، كاش باتيل.

مشوار طويل

ترمب في حفل لمعهد «أميركا فيرست» بفلوريدا 14 نوفمبر 2024 (رويترز)

فعلياً، بدأ المشرعون بمشوار المصادقة الطويل عبر لقاءات مكثفة عقدوها مع المرشحين وراء أبواب مجلس الشيوخ المغلقة. هناك طرح المشككون أسئلتهم، وحصلوا على ما أمكنهم من أجوبة لتحديد قرارهم بالتصويت. هذه اللقاءات أدت في بعض الحالات إلى تغيير وجهة بعض المشرعين المعارضين لبعض الترشيحات، والإعراب عن انفتاحهم وتقبلهم لاستكمال المسار. من بين هؤلاء مثلاً السيناتورة الجمهورية، جوني إرنست، التي كانت من أبرز المشككين بوزير الدفاع المعين بسبب سجلّه المتعلق بالتحرش ومواقفه الرافضة لخدمة النساء في الجيش.

فبعد سلسلة من اللقاءات بهيغسيث، خرجت إرنست معلنة عن «انفتاحها» ودعمها لمسار المصادقة، من دون الإعراب عن دعمها التام له بعدُ. موقف مهم وأساسي لاستكمال عملية المصادقة، أعطى هيغسيث دفعاً كان بأمسّ الحاجة إليه لإنقاذه من مصير مشابه لمصير وزير العدل المعين السابق مات غايتس، الذي سحب ترشيحه بعد لقاءات عقدها مع «الشيوخ»، تبين خلالها أنه من المستحيل أن يحصل على دعمهم بسبب تاريخه الجدلي.

لكن دعم مسار المصادقة لا يعني بالضرورة التصويت لصالح المرشح في مجلس الشيوخ. فالعملية معقدة، واللقاءات مع المرشحين هي مجرد خطوة أولى في مشوار طويل سيكون العنصر الحاسم فيه جلسات الاستماع والمساءلة التي ستعقدها اللجان المختصة في الكونغرس الجديد الذي سيستلم مهامه في الثالث من يناير.

جلسات «مصيرية»

مرشح ترمب لمنصب وزير الدفاع بيت هيغسيث خلال لقاءاته مع مشرعين في «الشيوخ» 17 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

من المتوقع أن تكون الجلسات المفتوحة مؤلمة ومصيرية للمرشحين المثيرين للجدل مثل هيغسيث، إذ سيطرح خلالها المشرعون أسئلتهم وتحفظاتهم بشكل علني، مسلّطين الضوء على تاريخ المرشح، وكل الفضائح والخبايا المحيطة به، في مشاهد ستكون مشابهة إلى حد كبير بمشاهد جلسات بريت كفاناه، قاضي المحكمة العليا الذي رشّحه ترمب لهذا المنصب في إدارته الأولى.

فقد واجه كافاناه اتهامات بالتحرش مشابهة إلى حد ما للاتهامات التي يواجهها هيغسيث، ورغم المصادقة عليه في منصبه فإن هذه الجلسات كانت من أكثر الجلسات المثيرة للجدل في المجلس، فهي لم تقتصر على إفادات كافاناه فحسب، بل وصلت إلى حد دعوة المرأة التي اتهمته بالتحرش، كريستين بلازلي فورد، للإدلاء بإفادتها أمام اللجنة القضائية في «الشيوخ».

ويرجح بعضهم أن يكون السيناريو مشباهاً مع هيغسيث، الذي وعلى ما يبدو تخلى عن القيود المرتبطة بالتسوية القضائية التي فُرضت على المرأة التي اتهمته بالاعتداء الجنسي، المعروفة بالاسم المستعار «جين دو»، بحسب ما أعلن عنه السيناتور الجمهوري، ليندسي غراهام.

هذا يعني أن اللجنة المعنية بالمصادقة الأولية على هيغسيث، وهي لجنة القوات المسلحة في هذه الحالة، قد تستدعي متهمة هيغسيث للاستماع إلى إفادتها قبل حسم أعضائها لقرارهم بالتصويت، ما ينذر بأيام طويلة وحافلة في أروقة المجلس.

وجوه أخرى

مرشحة ترمب لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد خلال لقاءاتها مع أعضاء مجلس الشيوخ 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

ومما لا شك فيه أن الصعوبات التي سيواجهها هيغسيث في طريقه للمصادقة أكبر من تلك التي تنتظر زملاءه الآخرين المثيرين، مثل غابارد وكينيدي جونيور وباتيل. فالتحديات التي تواجه هؤلاء متعلقة بمواقفهم السابقة، وليست اتهامات معينة كما هي الحال مع هيغسيث.

في حالة غابارد مثلاً، تثير مواقفها السابقة المتعلقة بالتودد إلى الرئيس السوري السابق بشار الأسد خلال المقاطعة الأميركية له، والتقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والدفاع عن إدوراد سنودن، قلق المشرعين، لكنهم أعربوا عن تفاؤلهم الحذر بعد لقائها. وقالت السيناتورة الجمهورية سوزان كولينز إنها عقدت لقاءً «جيداً» مع غابارد، مضيفة: «سوف أنتظر جلسة الاستماع العلنية التي سأشارك فيها بحكم موقعي في لجنة الاستخبارات في (الشيوخ)، قبل أن أحسم قراري».

الأمر مشابه بالنسبة لكينيدي جونيور، المعروف بمواقفه المثيرة للجدل والمشككة باللّقاحات، وقد عقد أيضاً اجتماعات مكثفة مع أعضاء مجلس الشيوخ خرج من بعدها عدد منهم بمواقف منفتحة، وهذا ما تحدث عنه السيناتور الجمهوري، تيد باد، الذي توقع المصادقة على كل التعيينات، مشيراً إلى أنه عقد اجتماعات «مثمرة» معهم وطرح عليهم «أسئلة صعبة».

أغلبية بسيطة

السيناتورة الجمهورية سوزان كولينز وزميلتها ليزا مركوفكسي خلال جلسة استماع في «الشيوخ» 17 يونيو 2021 (رويترز)

ومع الأغلبية البسيطة التي يتمتع بها الجمهوريون في مجلس الشيوخ، لا يمكن لترمب خسارة أصوات كثيرة في صفوف حزبه في عملية التصويت على المصادقة. فبعد جلسات الاستماع وتصويت اللجان المختصة على المرشحين، تتوجه هذه التعيينات إلى مجلس الشيوخ الذي سيجري التصويت النهائي لتثبيت المرشحين في مناصبهم.

هذا التصويت يحتاج إلى الأغلبية البسيطة، أي 51 صوتاً في المجلس المؤلف من 53 جمهورياً و47 ديمقراطياً بتشكيلته الجديدة. ولعلّ الوجوه الجمهورية «المشاغبة» الأبرز التي تجدر مراقبتها في عملية المصادقة هي وجوه لثلاثة أعضاء معروفين بانتقادهم لترمب؛ وهم السيناتورة عن ولاية ماين، سوزان كولينز، والسناتورة عن ولاية آلاسكا، ليزا مركوفسكي، وزعيم الجمهوريين السابق الذي يمثل ولاية كنتاكي، ميتش مكونيل.


مقالات ذات صلة

أميركا تلوّح لإيران بـ«الجزرة والعصا» نووياً

شؤون إقليمية وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن متحدثاً في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك الأربعاء (أ.ف.ب)

أميركا تلوّح لإيران بـ«الجزرة والعصا» نووياً

لوّح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بـ«الجزرة والعصا» التي يمكن لإدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالطموحات النووية لدى إيران.

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية العضوان المتطرفان في الحكومة الإسرائيلية إيتمار بن غفير (يسار) وبتسلئيل سموتريتش (أرشيفية - أ.ف.ب)

تقرير: إدارة بايدن لن تفرض عقوبات على سموتريتش وبن غفير قبل نهاية ولايتها

نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مسؤولين أميركيين قولهما إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لن تفرض عقوبات على الوزيرين الإسرائيليين اليمينيين المتطرفين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية جلسة مجلس الأمن حول حظر الانتشار النووي وإيران الثلاثاء (د.ب.أ)

طهران: نظام «الهيمنة» يريد استخدام «الذرية الدولية» لبلوغ أهدافه

انتقدت طهران ضغوط القوى الغربية بشأن برنامجها النووي، ووجهت أصابع الاتهام إلى «نظام الهيمنة» باستخدام الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتحقيق «أهدافه».

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

منع المدعية ويليس من مقاضاة ترمب في قضية التدخل بنتائج الانتخابات في جورجيا

قضت محكمة استئناف في جورجيا، الخميس، بمنع المدعية العامة لمقاطعة فولتون، فاني ويليس، من مقاضاة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والعديد من حلفائه.

«الشرق الأوسط» (أتلانتا)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال مؤتمر صحافي 16 ديسمبر 2024 (أ.ب)

ترمب يعارض اتفاقا توصّل إليه الكونغرس لتجنّب «الإغلاق الحكومي»

قال ترمب في بيان مشترك مع نائبه جاي دي فانس "يتعيّن على الجمهوريين أن يكونوا أذكياء وصارمين. إذا هدّد الديموقراطيون بإغلاق الحكومة ما لم نمنحهم كل ما يريدون".

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

منع المدعية ويليس من مقاضاة ترمب في قضية التدخل بنتائج الانتخابات في جورجيا

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)
TT

منع المدعية ويليس من مقاضاة ترمب في قضية التدخل بنتائج الانتخابات في جورجيا

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

قضت محكمة استئناف في جورجيا، اليوم الخميس، بمنع المدعية العام لمقاطعة فولتون، فاني ويليس، من مقاضاة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والعديد من حلفائه لمحاولتهم التدخل في انتخابات عام 2020 في الولاية.

ووفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، يثير الحكم شكوكاً حول مستقبل القضية، التي تضم ترمب و14 من حلفائه. ووجدت محكمة الاستئناف أن العلاقة الرومانسية بين ويليس ونائب سابق خلقت «مظهراً مستمراً من عدم اللياقة».

وكان من المتوقع بالفعل إيقاف القضية مؤقتاً على الأقل ضد ترمب عندما يعود إلى الرئاسة الشهر المقبل. فيما قال ترمب إنه يجب رفضها بالكامل.