قرارات «قمة العشرين» رهينة مواقف ترمب المرتقبة

الرئيس الأميركي جو بايدن لدى مشاركته خلال اليوم الأول من قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن لدى مشاركته خلال اليوم الأول من قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ب)
TT

قرارات «قمة العشرين» رهينة مواقف ترمب المرتقبة

الرئيس الأميركي جو بايدن لدى مشاركته خلال اليوم الأول من قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن لدى مشاركته خلال اليوم الأول من قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ب)

بينما يشارك الرئيس الأميركي جو بايدن في قمة «مجموعة العشرين»، بمدينة ريو دي جانيرو في البرازيل الاثنين، فإن محللين يشيرون إلى أن القرارات المزمع اتخاذها ستكون رهينة المواقف التي يفترض أن يتبناها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب عندما يتولى السلطة مطلع العام المقبل.

وتوفر اجتماعات «قمة العشرين» فرصة للرئيس بايدن لتوديع الساحات الدولية وتوديع زعماء أكثر من 30 دولة قبل أن يرحل من البيت الأبيض ويسلم مقاليد السلطة إلى ترمب.

وأكد مسؤولون في البيت الأبيض أن رسالة بايدن في هذه القمة هي التأكيد على أن الولايات المتحدة شريك موثوق به، وأنها ستحاول الحفاظ على العمل الذي قام به لبناء تحالفات إقليمية مع دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا والمملكة المتحدة. وقال جوناثان فينر، نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، للصحافيين، الاثنين، إن الرئيس الأميركي جو بايدن سيعلن عن تعهد «تاريخي» بتطوير صندوق النقد الدولي من أجل تنمية أفقر دول العالم، وإنه سيطلق شراكة ثنائية للطاقة النظيفة عندما يلتقي الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا يوم الثلاثاء.

الرئيس الأميركي جو بايدن يصافح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي على هامش اجتماعات «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ب)

تعهدات رمزية

وبينما يعمل بايدن على إبراز إرثه التاريخي في هذه القمم وتعزيز القيادة الأميركية، فان القادة يناقشون في الكواليس كيفية التعامل مع الإدارة الأميركية المرتقبة والتحسب للتغييرات التي قد يحدثها الرئيس المنتخب دونالد ترمب على الساحة الدولية، ويَعدّون تعهدات بايدن بشأن المناخ والتنمية تعهدات رمزية ستُمحى بمجرد مجيء الإدارة الأميركية المقبلة.

وأشار محللون إلى أن «قمة ريو»، التي تمثل نهاية ولاية بايدن، تتزامن مع توقعات بتغييرات في السياسة الخارجية الأميركية فور تسلم ترمب السلطة للسنوات الأربع المقبلة، بتغيير جوهري في الزعامة الأميركية للنظام الدولي نحو نهج أكثر برغماتية لترمب، الذي خاض حملته الانتخابية بشعار «أميركا أولاً» وبوعود تقليص الدور الأميركي في الخارج، وفرض تعريفات جمركية واسعة على الواردات من دول العالم.

وتتابع دول العالم تحركات واختيارات الرئيس المنتخب للشخصيات التي ستتولى المناصب المهمة في إدارته، في محاولة للتنبؤ بخطواته المقبلة ومواقفه من التحالفات العسكرية والاقتصادية الأميركية، وما قد تعنيه هذه التعيينات من ترجمة لنهج ترمب في التعامل معها ومع ومؤسسات دولية، مثل الأمم المتحدة و«حلف شمال الأطلسي»، التي لطالما لعبت الولايات المتحدة دوراً تقليداً رائداً فيها.

ضرائب على الأغنياء

وتناقش قمة «مجموعة العشرين» قضايا عدة؛ ضمنها التنمية المستدامة، وفرض ضرائب على الأثرياء، ومحاربة الفقر والجوع، وإصلاح الحوكمة العالمية، وإصلاح المؤسسات المالية متعددة الأطراف... وهي القضايا التي قد تشهد وجهات نظر مختلفة من البيت الأبيض في عهد ترمب. وقال مسؤول في وزارة المالية البرازيلية لوكالة «رويترز» إن «ترمب لا يقدّر التعددية، ولا يوجد كثير من احتمالات انخراط إدارة ترمب في هذه القضايا أو إظهار الاهتمام بها».

ويقول دبلوماسيون أوروبيون: «نعلم أن الولايات المتحدة لاعب مهم للغاية، لكننا نعتقد أنه يتعين علينا تشكيل مصيرنا دون الاعتماد بشكل مفرط على الولايات المتحدة». ويتوقع هؤلاء تحولاً كبيراً بعد مجيء ترمب إلى السلطة معتمداً على مبدأ «أميركا أولاً» واستخدام تدابير حمائية لترهيب الحلفاء لتغيير سلوكهم بطرق تعود بالنفع على الولايات المتحدة.

ولا يتوقع المحللون تحقيق نتائج جوهرية في هذه القمة. ويشير جاستن لوغان، الباحث في «معهد كاتو»، إلى أن دول «مجموعة العشرين» قد لا ترغب في إنجاز قضايا مع بايدن انتظاراً لمجيء ترمب، مع مخاوف من موافقة الدول الأوروبية ذات الحكومات اليمينية على توجهات وإملاءات ترمب؛ مما قد يؤدي إلي تفتيت كتلة الاتحاد الأوربي الذي كان يتحرك تقليدياً بصفته كياناً موحداً. وحذر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بأن ترمب سيستخدم سياسات التجارة لدق إسفين بين الصين وأوروبا.

وتشير تقارير صحافية إلى أن الدبلوماسيين في القمة يكافحون لصياغة بيان ختامي بلغة دقيقة بشأن موقفها من الصراعات العالمية، وكيفية معالجة الحرب في أوكرانيا، وحتى فيما يتعلق بالدعوة إلى إحلال السلام بشكل عام، في محاولة تستهدف كسب ود إدارة ترمب المقبلة.

وهدد الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، الذي أصبح أول زعيم يلتقي ترمب وجهاً لوجه، بعرقلة البيان الختامي، معترضاً على اللغة المتعلقة بالضرائب المفروضة على الأثرياء، في خطوة فسرها محللون بأنها محاولة للتقرب من ترمب وسياساته. وأشار مسؤولون آخرون إلى أن انسحاب ترمب المتوقع من اتفاقيات، مثل «اتفاق باريس للمناخ»، قد يلهم زعماء مثل الرئيس الأرجنتيني ليحذو حذوه؛ مما يؤدي إلى انقسامات كبيرة في «مجموعة العشرين».


مقالات ذات صلة

أب لـ9 أطفال ونجم تلفزيون الواقع... مَن هو شون دافي مرشح ترمب لوزارة النقل؟

الولايات المتحدة​ شون دافي مرشح ترمب لمنصب وزير النقل (رويترز)

أب لـ9 أطفال ونجم تلفزيون الواقع... مَن هو شون دافي مرشح ترمب لوزارة النقل؟

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مساء الاثنين، النائب السابق في الكونغرس عن ولاية ويسكونسن شون دافي مرشحاً لمنصب وزير النقل.

لينا صالح (واشنطن)
الولايات المتحدة​ أرشيفية لإطلاق مركبة من مجمع كيب كانافيرال في فلوريدا باستخدام صاروخ فالكون هيفي من شركة «سبيس إكس» 14 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

ترمب قد يحضر مراسم إطلاق صاروخ «سبيس إكس» في تكساس

ستكون عملة الإطلاق سادس رحلة تجريبية تقوم بها شركة سبيس إكس للمركبة ستارشيب.

«الشرق الأوسط» (وست بالم بيتش (فلوريدا))
الولايات المتحدة​  النائب السابق في الكونغرس عن ولاية ويسكونسن شون دافي (أرشيفية)

ترمب يرشح شون دافي لمنصب وزير النقل

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مساء الإثنين، إنه يرشح النائب السابق في الكونغرس عن ولاية ويسكونسن شون دافي لمنصب وزير النقل.

«الشرق الأوسط» (فلوريدا)
الولايات المتحدة​ تعيينات دونالد ترمب في إدارته الجديدة تثير قلق تركيا (رويترز)

ترمب يؤكد عزمه على استخدام الجيش لتطبيق خطة ترحيل جماعي للمهاجرين

أكد الرئيس المنتخب دونالد ترمب أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية بشأن أمن الحدود واستخدام الجيش الأميركي لتنفيذ عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير الشرعيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية ظريف يخاطب «اليهود في العالم» عبر فيديو نشره على حسابه في منصة «إكس»

ظريف ينتقد دور نتنياهو في تعطيل الاتفاق النووي

انتقد محمد جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واتهمه بالوقوف وراء انسحاب ترمب من الاتفاق النووي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ترمب في يومه الأول ينشر الجيش لترحيل المهاجرين جماعياً

الرئيس المنتخب دونالد ترمب يتحدث مع إيلون ماسك خلال بطولة للمصارعة في ماديسون سكوير غاردن نيويورك (إيميجن إميجيز)
الرئيس المنتخب دونالد ترمب يتحدث مع إيلون ماسك خلال بطولة للمصارعة في ماديسون سكوير غاردن نيويورك (إيميجن إميجيز)
TT

ترمب في يومه الأول ينشر الجيش لترحيل المهاجرين جماعياً

الرئيس المنتخب دونالد ترمب يتحدث مع إيلون ماسك خلال بطولة للمصارعة في ماديسون سكوير غاردن نيويورك (إيميجن إميجيز)
الرئيس المنتخب دونالد ترمب يتحدث مع إيلون ماسك خلال بطولة للمصارعة في ماديسون سكوير غاردن نيويورك (إيميجن إميجيز)

أكد الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، الاثنين أنه سيبدأ من اليوم الأول في عهده الجديد بالبيت الأبيض عمليات الترحيل الجماعي للمهاجرين غير المسجلين، بإعلان حالة الطوارئ الوطنية واستخدام الجيش، بينما واصل إضافة شخصيات مثيرة للجدل إلى إدارته، وأحدثهم اختيار بريندان كار رئيساً للجنة الاتصالات الفيدرالية، مما ينذر بمعركة ضد شركات التواصل الاجتماعي والمحطات التلفزيونية التي يعتبرها الجمهوريون ليبرالية.

وكان ترمب يعلق عبر منصته «تروث سوشال» للتواصل الاجتماعي على منشور بشأن الترحيل الجماعي لطوم فيتون، وهو حليف له يقود مجموعة «جوديشال واتش» القانونية المحافظة، بعبارة «صحيح!!!». وكتب فيتون: «أخبار جيدة: تفيد التقارير بأن إدارة (ترمب) المقبلة مستعدة لإعلان حالة الطوارئ الوطنية وستستخدم الأصول العسكرية لعكس غزو (الرئيس جو) بايدن من خلال برنامج الترحيل الجماعي».

وكان اقتراح الترحيل الجماعي أحد أهم وعود حملة ترمب وانعكس في التعيينات الأولى التي أعلن عنها لإدارته المقبلة. فهو اختار القائم بأعمال المدير السابق لإنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية توم هومان ليكون «قيصر الحدود» الذي يساعد في الإشراف على عمليات الترحيل. وقال هومان إن «التهديدات المتعلقة بالسلامة العامة والأمن القومي» ستكون لها الأولوية في عمليات الترحيل.

الاتصالات الفيدرالية

المفوض لدى لجنة الاتصالات الفيدرالية بريندان كار (رويترز)

في غضون ذلك، أعلن الرئيس المنتخب أنه سيعين الجمهوري بريندان كار رئيساً للجنة الاتصالات الفيدرالية، وهي وكالة مستقلة مسؤولة عن تنظيم عمل شركات وسائل التواصل الاجتماعي ومحطات البث التلفزيوني والإذاعي، بالإضافة إلى مقدمي خدمات الهاتف والإنترنت وكذلك الأقمار الاصطناعية.

وكان كار تعهد، وهو أحد المفوضين الخمسة في لجنة الاتصالات الفيدرالية، محاربة ما سماه «كارتيل الرقابة»، بما في ذلك شركات «فيسبوك» و«غوغل» و«أبل» و«مايكروسوفت». وفي وقت سابق من هذا العام، وضع أجندة عدوانية للجنة الاتصالات الفيدرالية في «مشروع 2025»، الذي أعدته مؤسسة «هيريتيج» المحافظة لعهد ترمب الثاني. ويعبر كار عن تأييده الصريح للملياردير إيلون ماسك الذي عينه ترمب مع الملياردير الآخر فيفيك ماراسوامي على رأس «دائرة الكفاءة الحكومية» المستحدثة.

وقال ترمب في بيان: «المفوض كار محارب من أجل حرية التعبير، وواجه الحرب القانونية التنظيمية التي خنقت حريات الأميركيين، وأعاقت اقتصادنا»، مؤكداً أن كار «سينهي الهجوم التنظيمي الذي كان يشل المبدعين والمبتكرين في أميركا، ويضمن أن لجنة الاتصالات الفيدرالية تقدم خدماتها لأميركا الريفية».

ورد كار على منصة «إكس» أنه سيسعى إلى «تفكيك كارتيل الرقابة واستعادة حقوق حرية التعبير للأميركيين العاديين».

رسالة تحذيرية

وبدأ كار في التحرك حتى قبل تعيينه لتولي المسؤولية في ظل إدارة ترمب. ووجه الأربعاء رسالة إلى الرؤساء التنفيذيين لـ«أبل» تيم كوك و«ميتا» مارك زوكربرغ و«مايكروسوفت» ساتيا ناديلا و«ألفابيت» سوندار بيتشاي، مشيراً إلى أنهم كانوا يراقبون بعض وجهات النظر. وكتب: «عاش الأميركيون زيادة غير مسبوقة في الرقابة (...) لعبت شركاتكم أدواراً مهمة في هذا السلوك غير اللائق». كما أشار إلى أنه سينظر في «التحيّز السياسي» لشبكات التلفزيون، من خلال السلطة القانونية الضيقة التي تتمتع بها لجنة الاتصالات الفيدرالية بشأن مثل هذه القضايا، بما في ذلك ظهور نائبة الرئيس كامالا هاريس في برنامج «ساترداي نايت لايف» قبل أيام من الانتخابات.

ويبشر تعيين كار بالكثير لآفاق الأعمال التجارية لماسك، أغنى رجل في العالم، حيث قام الاثنان بتوثيق علاقتهما في الأشهر الأخيرة. وأشاد ماسك بخطط كار لمواجهة «كارتيل الرقابة».

وتتضمن القرارات المعلقة أمام لجنة الاتصالات الفيدرالية ما إذا كانت ستسمح لأقمار «ستارلينك» التابعة لماسك بالدوران في مدار أقرب إلى الأرض، مما سيجعل خدمة الإنترنت أسرع ومنافساً شرساً للمقدمين التقليديين لهذه الخدمة.

ووصف كار، وهو صقر صريح في الصين، منصة «تيك توك» مراراً بأنها «خطرة» على الأمن القومي الأميركي ودعم حظرها في الولايات المتحدة.

صقور ترمب

وبذلك ينضم كار إلى مجموعة صقور آخرين موالين بشدة لترمب، وبينهم مات غايتز لوزارة العدل، وتولسي غابارد لـ«وكالة الاستخبارات الوطنية»، وبيت هيغسيث لوزارة الدفاع (البنتاغون)، وروبرت كيندي لوزارة الصحة العامة والخدمات البشرية، الذين سيواجهون مقاومة في مجلس الشيوخ للمصادقة على تعيينهم.

وينظر ترمب حالياً في تعيين وزير للخزانة بين مجموعة من المرشحين، وأبرزهم رئيس للاحتياط الفيدرالي الأميركي السابق كيفن وارش والملياردير مارك روان والرئيس التنفيذي لشركة «وول ستريت كانتور فيتزجيرالد» هوارد لوتنيك ومؤسس شركة «كي سكوير كابيتال مانجمنت» سكوت بيسنت.

وسيتم تكليف وزير الخزانة الجديد بالإشراف على العديد من السياسات الاقتصادية الشعبوية لترمب.

الرئيس دونالد ترمب يحيي المصارع جون جونز بعد فوزه على ستيب ميوسيتش في ماديسون سكوير غاردن في نيويورك (أ.ب)

وبشكل منفصل، أخبر ترمب فريقه الانتقالي بأنه سيقف إلى جانب هيغسيث لمنصب وزير الدفاع، رغم الأنباء عن أنه اعتدى جنسياً على امرأة عام 2017. واعترف محامي هيغسيث بأن موكله دفع للمرأة التي اتهمته بالاعتداء عليها على أنه جزء من اتفاق تسوية مع بند السرية.