ترمب ينشط لإعادة ترتيب رقعة الشطرنج على الساحة الدولية

نفي روسي للاتصال مع بوتين... وخشية من توجهات ترمب صينياً

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع لهما في اليابان عام 2019 بمشاركة وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي مايك بومبيو (رويترز)
الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع لهما في اليابان عام 2019 بمشاركة وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي مايك بومبيو (رويترز)
TT

ترمب ينشط لإعادة ترتيب رقعة الشطرنج على الساحة الدولية

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع لهما في اليابان عام 2019 بمشاركة وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي مايك بومبيو (رويترز)
الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع لهما في اليابان عام 2019 بمشاركة وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي مايك بومبيو (رويترز)

كشف مقربون من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنه باشر مساعي لإعادة ترتيب رقعة الشطرنج مع حلفاء الولايات المتحدة وخصومها على الساحة الدولية، وسط تقارير نفاها الكرملين عن اتصال أجراه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنصحه بعدم تصعيد الحرب في أوكرانيا، وازدياد الخشية من العودة إلى سياسته في ولايته الأولى لتصعيد الحرب التجارية مع الصين عبر فرض تعريفات جمركية إضافية بنسبة 60 في المائة أو أكثر على كل الواردات الصينية.

ونقلت صحيفة «الواشنطن بوست» عن مطلعين على نشاطاته في منتجع مارالاغو بفلوريدا أنه خلال المحادثة الهاتفية الأولى مع بوتين منذ فوز ترمب بالانتخابات حصلت الخميس الماضي، ناقشا هدف السلام في القارة الأوروبية. وعبر ترمب عن اهتمامه بمحادثات متابعة لمناقشة «حل حرب أوكرانيا قريباً».

غير أن الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف قال للصحافيين إن ما أوردته الصحيفة «لا يمت للواقع بأي صلة على الإطلاق، هذا مجرد اختلاق... هذا ببساطة نبأ كاذب»، مضيفاً أنه «حتى الآن، ليس هناك من خطط ملموسة» لإجراء مثل هذه المحادثات.

وكان ترمب أفاد، خلال حملته الرئاسية، بأنه سيضع نهاية فورية للحرب في أوكرانيا، لكنه لم يقدم تفاصيل حول كيفية القيام بذلك. وخلال المكالمة «أثار لفترة وجيزة قضية الأرض»، علماً أن ترمب أبلغ شبكة «إن بي سي» الأميركية للتلفزيون أنه منذ فوزه الساحق في الانتخابات تحادث مع نحو 70 من زعماء العالم، وبينهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مكالمة انضم إليها الملياردير إيلون ماسك.

ونسبت الصحيفة إلى شخصين مطلعين أن المسؤولين الأوكرانيين «أُبلغوا عن مكالمة بوتين ولم يعترضوا على إجراء المحادثة» وكذلك «فهموا منذ فترة طويلة أن ترمب سينخرط مع بوتين في حل دبلوماسي للحرب».

وأفاد أشخاص مطلعون على المكالمة مع زيلينسكي أنها كانت ودية.

أميركا إلى الصدارة

وتجرى محادثات الرئيس المنتخب بصورة مباشرة وليس عبر القنوات الرسمية. وأفاد مدير الاتصالات لدى ترمب، ستيفن تشيونغ في رسالة بالبريد الإلكتروني «الرئيس ترمب فاز بانتخابات تاريخية بشكل حاسم، ويعلم الزعماء من كل أنحاء العالم أن أميركا ستعود إلى الصدارة على المسرح العالمي. ولهذا السبب بدأ الزعماء عملية تطوير علاقات أقوى مع الرئيس الخامس والأربعين والسابع والأربعين لأنه يمثل السلام والاستقرار العالميين».

وكان بوتين هنأ ترمب بفوزه. وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين إن علامات تحسن العلاقات في ظل رئاسة ترمب كانت «إيجابية»، مذكراً بأن «ترمب تحدث خلال حملته عن كيفية رؤيته لكل شيء من خلال الصفقات، وأنه يستطيع توقيع صفقة تقود الجميع إلى السلام. على الأقل يتحدث عن السلام، وليس عن المواجهة والرغبة في إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا». وأضاف أنه في حين كانت استراتيجية الرئيس جو بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس فيما يتعلق بأوكرانيا متوقعة، فإن «ترمب أقل قابلية للتنبؤ، وأيضاً (من) الأقل قابلية للتنبؤ إلى أي مدى سيلتزم ترمب بالتصريحات التي أدلى بها خلال الحملة الانتخابية. دعونا ننتظر ونرى».

وتحتاج أوكرانيا إلى مليارات الدولارات من الدعم الاقتصادي والعسكري كل شهر لمواصلة التصدي لروسيا، التي تملك جيشاً أكبر وأفضل تجهيزاً. واشتكى ترمب مراراً من تكلفة الحرب على دافعي الضرائب الأميركيين. وتصاعد التوتر بين كييف وحملة ترمب في أعقاب زيارة زيلينسكي لمصنع ذخيرة في بنسلفانيا في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ومع أنه لم يوضح خطته لإنهاء الحرب، رأى ترمب أنه كان من المفيد لأوكرانيا أن تتوصل إلى اتفاق في وقت مبكر من الحرب عوض الاستمرار في خسارة الجنود والمدنيين والبنية الأساسية. وقال في سبتمبر الماضي إن «أي اتفاق -أسوأ صفقة- كان ليكون أفضل مما لدينا الآن. لو عقدوا صفقة سيئة لكان الأمر أفضل بكثير».

ورأى مسؤول أميركي سابق اطلع على مكالمة بوتين أن ترمب ربما لا يريد أن يبدأ ولايته مع أزمة جديدة في أوكرانيا ناجمة عن التصعيد من جانب روسيا.

تصعيد مع الصين؟

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والصيني شي جينبينغ خلال اجتماع لهما في اليابان (أ.ب)

وفيما يستعد لولايته الثانية بدءاً من 20 يناير (كانون الثاني) المقبل في البيت الأبيض، ازدادت الخشية من قيام ترمب بتكثيف النشاطات العدائية التجارية مع الصين من خلال فرض تعريفات جمركية إضافية بنسبة 60 في المائة أو أكثر على كل الواردات الصينية، في خطوة يتوقع أن تضغط بقوة على البلاد التي تواجه نهاية كارثية للاستثمار العقاري وخسائر ضخمة في نظامها المصرفي، فضلاً عن أزمة ديون ونمو اقتصادي متعثر، فيما ينذر باحتمال حصول ركود طويل الأجل. ودفعت هذه الأزمات الشركات الصينية إلى التركيز بشكل خاص على المبيعات في الخارج. وهذا ما يمكن أن يعزز الضغوط المتوقعة من إدارة ترمب في خططها للسعي إلى التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يرفع نسبة المشتريات الصينية من السلع الأميركية.

ونقلت صحيفة «النيويورك تايمز» عن أستاذ السياسة التجارية في جامعة كورنيل إسوار براساد، الذي عمل سابقاً كرئيس لقسم الصين في صندوق النقد الدولي أن «ميزان القوى تحوّل بالتأكيد لصالح الولايات المتحدة. الاقتصاد الصيني (...) يكافح».

وتعتمد الصين بشكل أقل على الوصول إلى الأسواق الأميركية مقارنة بالمرة الأخيرة التي رفع فيها ترمب التعريفات الجمركية بدءاً من عام 2018 واستمرت في عهد بايدن، بنسبة نحو 400 مليار دولار من البضائع الصينية.

وطوال السنوات الست الماضية، انخفضت حصة الصين من الواردات الأميركية من 20 في المائة إلى 13 في المائة، وفقاً لشركة «تي إس لومبارد» للأبحاث الاستثمارية في لندن، رغم أن بعض هذا التحول يعكس السلع التي تنتهي في الولايات المتحدة بعد توجيهها عبر دول مثل المكسيك وفيتنام من أجل تجنب التعريفات الجمركية الأميركية.

ومع ذلك، يمكن لترمب أن يختار تخفيف تهديداته بالرسوم الجمركية إذا استنتج أن الاقتصاد الأميركي سيتعرض للخطر بسببها. ويحذر خبراء الاقتصاد من أن الضرائب واسعة النطاق على الواردات من شأنها أن تزيد من أسعار المستهلك وتعوق الشركات المصنعة المحلية التي تعتمد على المكونات المستوردة.


مقالات ذات صلة

مرشح موالي لروسيا يتصدر الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا

أوروبا كالين جورجيسكو المرشح لمنصب الرئيس يتحدث لوسائل الإعلام في بوخارست (ا.ب)

مرشح موالي لروسيا يتصدر الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا

أثار مرشح مؤيد لروسيا مفاجأة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا، بحصوله على نتيجة متقاربة مع تلك التي حققها رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا.

«الشرق الأوسط» (بوخارست)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)

موسكو تؤكد عزمها الرد على التصعيد الأميركي «غير المسبوق»

أكدت موسكو، الأحد، عزمها الرد على ما سمّته التصعيد الأميركي «غير المسبوق»، فيما دعا الرئيس الأوكراني إلى تعزيز الدفاعات الجوية لبلاده بعدما أسقطت وحدات الدفاع…

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا القوات الروسية تتقدم بأسرع وتيرة بأوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022 (تاس)

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

قال مدونون ووسائل إعلام روسية إن موسكو أقالت جنرالاً كبيراً في أوكرانيا لتقديمه تقارير مضللة عن تقدم في الحرب، بينما يحاول وزير الدفاع إقصاء القادة غير الأكفاء.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

قال الكرملين، الأحد، إن موسكو يجب أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته واشنطن، بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

TT

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)
تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)

ترمب «رمز للسلام وقاهر الحروب»، هكذا صوّر الرئيس المنتخب نفسه في حملته الانتخابية التي مهّدت لولايته الثانية في البيت الأبيض. فالرئيس الـ47 انتزع الفوز من منافسته الديمقراطية، بانياً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية وهي على مشارف عامها الثالث.

يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، خطط ترمب لإنهاء النزاعات، ودلالات اختياره وجوهاً معيّنة في إدارته لديها مواقف متناقضة بعض الأحيان في ملفات السياسة الخارجية.

التصعيد في المنطقة

دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

تعهّد الرئيس الأميركي المنتخب بإنهاء الحروب ووقف التصعيد المستمر في المنطقة. ومع استمرار الحرب في غزة ولبنان، تعتبر دانا ستراول، نائبة وزير الدفاع سابقاً لشؤون الشرق الأوسط ومديرة الأبحاث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أنه لا يزال من المبكّر قراءة المشهد في إدارة ترمب المستقبلية، مشيرة إلى أن الرئيس المنتخب «وعد بإحلال سلام في منطقة لم تنعم بالسلام أبداً». وتقول ستراول: «دونالد ترمب يعد بإحلال السلام في المنطقة من جهة، لكنه يعد من جهة أخرى بالدعم القاطع لإسرائيل. وهذا يُعدّ مشكلةً حقيقية؛ لأن من الأمور التي يجب أن تحصل لتحقيق السلام إعطاء الأولوية للمدنيين الفلسطينيين في غزة، والمدنيين اللبنانيين في لبنان، والحرص على وصول المساعدات الإنسانية لهؤلاء وتوفير الأمن لهم وما يحتاجون إليه من قادتهم. لكن ذلك سيتطلّب قرارات صعبة في إسرائيل. والسؤال الأكبر برأيي هو ما إذا كان دونالد ترمب يستطيع دفع هؤلاء القادة على الاتفاق هذه المرة، وهم لم يتفقوا أبداً في السابق».

ويتحدث كيفن بارون، الصحافي المختص بالشؤون العسكرية والمدير التحريري السابق في «Politico Live»، عن تحديات كثيرة يواجهها فريق ترمب الذي اختاره لقيادة السياسة الخارجية، مشيراً إلى أنه مؤلّف من «مزيج من التقليديين الذين يرغبون في علاقات قديمة الطراز مع الشرق الأوسط والقادة هناك، وبين من هم أكثر تقدماً ويبحثون عن مهاجمة إيران، والرد بالمثل وتغيير الديناميكية التي برأيهم كانت لينة جداً خلال السنوات الأربع الماضية تحت جو بايدن».

ويتساءل بارون: «هل ستتمكن هاتان المجموعتان من الالتقاء في الوسط؟» ويعطي بارون مثالاً «معرقلاً للسلام» في فريق ترمب، وهو السفير الأميركي المعيّن في إسرائيل، مايك هاكابي، الداعم بشدة لتل أبيب والرافض للاعتراف بالضفة الغربية وحقوق الفلسطينيين. ويقول بارون: «إن تعيين مايك هاكابي مثال جيد هنا، فهو داعم قوي لدولة إسرائيل مهما كلّف الأمر. لكنه يدعمها من وجهة نظر معينة؛ فهو مسيحي قومي وهو جزء من حركة متنامية ومجموعة من الأميركيين المسيحيين الذين يشعرون بأن وجود علاقة قوية مع دولة إسرائيل اليهودية أفضل من عدم وجودها لأسباب دينية».

ترمب والسفير المعين في إسرائيل مايك هاكابي خلال حدث انتخابي في بنسلفانيا 12 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وهنا يسلّط ريتشارد لوبارون، السفير الأميركي السابق إلى الكويت ونائب مدير البعثة الأميركية إلى تل أبيب سابقاً وكبير الباحثين في معهد «ذي أتلانتيك»، الضوء على سياسة الرؤساء الأميركيين بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط، مذكراً بأنهم لا يريدون تورطاً عميقاً في المنطقة. ويتحدث عن ترمب بشكل خاص فيقول: «ترمب لم يُنتخب من قبل أشخاص يهتمون بالشرق الأوسط، بل انتخبه الأشخاص الذين يرغبون بجعل أميركا عظيمة مجدداً، وهذه وجهة نظر انعزالية. لذا أعتقد أنه سيضغط للتوصل إلى حلول تخرج الولايات المتحدة من مستوى تورطها الحالي في الشرق الأوسط، لا أعتقد أنه سيكون متعاطفاً مع التورط في صراعات كبرى، وسيرغب بالحفاظ على أسعار منخفضة للنفط بسبب تأثير ذلك على الداخل. لكنه سيفاجأ على غرار معظم الرؤساء الأميركيين بقدرة الشرق الأوسط على جذبهم إلى داخله رغم جهود البقاء بعيداً».

ترمب يعتمر قبعة تحمل شعار «اجعل أميركا عظيمة مجدداً» (أ.ف.ب)

وتوافق ستراول مع مقاربة الانعزالية في فريق ترمب، مشيرة إلى وجود وجوه كثيرة ضمن فريقه من الداعمين للانعزالية الذين يسعون للتركيز على الوضع الداخلي و«جعل أميركا عظيمة مجدداً»، وأن هؤلاء سيعملون على تقليص الدور العسكري للولايات المتحدة حول العالم، ومنح دولارات دافعي الضرائب الأميركيين لأي بلد.

لكن ستراول تُذكّر في الوقت نفسه بأن العامل المشترك في فريق ترمب الذي اختاره، هو أنه «يريد من الفريق المحيط به أن يفكّر فيه هو وفي ما يريده». وتفسر قائلة: «ما نعلمه من رئاسته الأولى هو أن ما يريده أو ما يفكّر به قد يتغير من يوم إلى آخر، ومن ساعة إلى أخرى. هذا النوع من الغموض عادة ما لا يكون جيداً بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وبالنسبة إلى الحلفاء والشركاء في أماكن مثل الشرق الأوسط، وهي أماكن نريد التعاون معها. فهم يطلبون قيادة أميركية يمكن الاتكال عليها ومستقرة. وبرأيي، استناداً إلى الفريق الذي يتم تشكيله حتى الآن، حيث يقوم أناس مختلفون بقول أشياء مختلفة وعقد اجتماعات مختلفة، فإنه من غير الواضح إن كانوا سيتمكنون في الواقع من العمل بعضهم مع بعض».

تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

وضمن الحديث عن حلول واستراتيجيات في المنطقة، يعرب لوبارون عن تشاؤمه من فرص التوصل إلى حلّ الدولتين، مُرجّحاً أن تقوم إسرائيل «بضم الأراضي المحتلة والضفة الغربية بموافقة أميركية، أو حتى من دونها». ويضيف السفير السابق: «هناك أيضاً احتمال استمرار وجود انقسام في إسرائيل حول هذه القضايا، وسنضطر إلى التدخل بسبب علاقتنا. أعتقد أن هناك مسائل وجودية بحتة ينبغي أن تواجهها إسرائيل حول ماذا تريد أن تصبح بعد 5 إلى 10 سنوات، أو حتى بعد 20 أو 50 سنة. هل تريد أن تصبح دولة ديمقراطية؟ أو أن تكون متورطة في صراع إلى الأبد في الشرق الأوسط؟ أو هل تريد التوصل إلى سلام حقيقي يحترم الآمال الفلسطينية؟».

ويُفسر لوبارون أسباب استمرار الحرب في لبنان وغزة فيقول: «من الأسباب المحزنة لاستمرار الحرب في لبنان وفي غزة أن نتنياهو لا يمكنه الاستغناء عن الحرب، وهذه إحدى مشاكل علاقته مع ترمب. فترمب لا يريد الحرب، لكن نتنياهو يحتاج إليها وسيكون من المثير للاهتمام مشاهدة كيف سيقوم الاثنان على الاتفاق خلال الـ6 أشهر أو السنة المقبلة. لكن لحظة الحساب قادمة في إسرائيل، وهي تأجلت بسبب النزاع. سيكون لها نتائج كبيرة، وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى إن كان ترمب سيقرر اللعب في السياسة الإسرائيلية المحلية كما فعل نتنياهو في السياسة المحلية الأميركية».

إيران وسياسة الضغط القصوى

تعهد ترمب باستعادة سياسة الضغط القصوى مع إيران (أ.ف.ب)

تلعب إيران دوراً بارزاً في التصعيد في المنطقة، ومع استعداد ترمب لتسلُّم الرئاسة في العشرين من يناير (كانون الثاني)، تزداد التساؤلات حول ما إذا كان سيعود إلى سياسة الضغط القصوى التي اعتمد عليها في إدارته الأولى. وهنا يتساءل بارون: «ترمب يعد بالانسحاب من الحروب الخارجية بينما يخوض حروباً خارجية فيما يتعلق بإيران». ويضيف: «إذن، ماذا يعني الضغط الأقصى على الإيرانيين؟ أتوقع أموراً مثل دعم نتنياهو وإسرائيل بالكامل حين يقومون بهجمات في لبنان وغيره من دون أي انتقاد، ومن دون أي قيود. قد يعني أيضاً القتال في أماكن مثل سوريا والعراق ومناطق أخرى لم نسمع عنها كثيراً علناً».

وهنا تشدد ستراول على أن سياسة الضغط القصوى هي «نشاط»، وليس هدفاً، وتفسر قائلة: «ما لم نره بعد من فريق ترمب هو تحديد أو عرض الهدف المثالي: هل الهدف احتواء البرنامج النووي الذي تم الاستثمار فيه بشكل كبير؟ هل الهدف التراجع عن هذا البرنامج أو تفكيكه أو القضاء عليه؟ هل الهدف صد دعم إيراني للإرهاب؟ لتحقيق ذلك، سيحتاج إلى أكثر من سياسة ضغط قصوى، وسيحتاج للتعاون مع حلفاء وشركاء أي أنه سينبغي أن يبذل جهوداً دبلوماسية، لأن الأمر لا يتعلّق فقط بما يمكن أن نقوم به عسكرياً، فسيتوجب عليه أن يرغب بإقامة حوار مع النظام في طهران على بعض النقاط».

الحرب الروسية - الأوكرانية

ترمب يصافح بوتين في مؤتمر صحافي في هلسنكي 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

من الوعود التي أطلقها ترمب إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية في 24 ساعة. ويصف لوبارون الوضع الحالي بمثابة «رقصة بين بوتين وترمب للوصول إلى طريقة لإنهاء هذا النزاع». وأوضح: «لقد انضم زيلينسكي إلى تلك الرقصة مؤخراً. يجب أن نتذكر أن هذين الخصمين قد أرهقتهما الحرب، لا يمكنهما العثور على المزيد من العناصر من شعبهم للقتال، كما يريان أن تسلُّم ترمب الرئاسة سيضع حدوداً على الفترة التي يستطيعان فيها الاستمرار بهذه الحرب». ويرجّح السفير السابق أن تنتهي الحرب «بحل دبلوماسي غير مناسب وغير مرض لن يسعد أياً من الأطراف، على غرار كل الحلول الدبلوماسية. وهذا سيشكل نقطة يعلن فيها ترمب عن نجاحه ليقول: لقد أنهيت الحرب في أوكرانيا».

ويشير بارون إلى رفع إدارة بايدن الحظر عن أوكرانيا لاستعمال الأسلحة الأميركية في روسيا، فيقول إن «ما تغيّر هو أن ترمب فاز بالانتخابات، وهناك فترة شهرين سيسعى بايدن خلالهما لتقديم كل ما بوسعه إلى أوكرانيا؛ لأن الأمور ستتغير في 20 يناير عندما يتولى ترمب منصبه». ويضيف: «إذن، الفكرة هي التوفير لأوكرانيا أكبر قدر من الدفاعات الآن لكي ينتقلوا إلى طاولة المفاوضات».

وتوافق ستراول مع هذا التقييم قائلة: «إن هذا التصعيد الذي يجري حالياً هو فرصة لكل من الطرفين لكي يعززا موقفهما قبل تنصيب دونالد ترمب، الذي بدوره صرّح بأنه سيطالب أن ينضم الجميع إلى طاولة المفاوضات. وسيعمل على تقليل سلطة التفاوض الأوكرانية عبر التهديد بإيقاف المساعدات العسكرية».