المخاوف من العنف تهيمن على «اليوم التالي» للانتخابات في أميركا

تساؤلات متزايدة عن «ثأر» الأميركيات من ترمب و«انتقام» الأميركيين من هاريس

عمال يقيمون سياجاً أمنياً قرب البيت الأبيض قبل يوم واحد من الانتخابات الأميركية في واشنطن العاصمة (رويترز)
عمال يقيمون سياجاً أمنياً قرب البيت الأبيض قبل يوم واحد من الانتخابات الأميركية في واشنطن العاصمة (رويترز)
TT

المخاوف من العنف تهيمن على «اليوم التالي» للانتخابات في أميركا

عمال يقيمون سياجاً أمنياً قرب البيت الأبيض قبل يوم واحد من الانتخابات الأميركية في واشنطن العاصمة (رويترز)
عمال يقيمون سياجاً أمنياً قرب البيت الأبيض قبل يوم واحد من الانتخابات الأميركية في واشنطن العاصمة (رويترز)

هيمنت هواجس اليوم التالي على الأميركيات والأميركيين وهم يدلون بأصواتهم لاختيار الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة بعد سباق محموم طغت عليه الخطابات النارية بين الرئيس السابق الجمهوري دونالد ترمب الذي كان في لحظة ما على مسافة ملليمترات قليلة من الموت بسبب محاولة اغتيال، ومنافسته الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس، التي تحاول اختراق السقف الأعلى للسلطة التنفيذية بعد عزوف الرئيس جو بايدن عن الترشح.

وتوجه عشرات الملايين من الأميركيين في طول البلاد وعرضها إلى صناديق الاقتراع، ليس فقط للتصويت لمرشحي الحزبين: الديمقراطي والجمهوري وغيرهما على مستويات كثيرة، بل أيضاً لتحديد مواقفهم من قضايا تمس الحياة اليومية للأميركيين، ومنها الضائقة الاقتصادية الناجمة عن التضخم وارتفاع أسعار السلع والمحروقات بنسب عالية للغاية، مما قد يحدث مفاجأة إذا قررت غالبية الناخبين التصويت لمصلحة ترمب؛ احتجاجاً على سياسات إدارة الرئيس جو بايدن، التي تمثل هاريس جزءاً رئيسياً منها.

ناخبون يدلون بأصواتهم في مركز اقتراع في بهو متحف بروكلين خلال الانتخابات في بروكلين بنيويورك (إ.ب.أ)

«التصويت السرّي»

ولئن كان الاقتصاد عاملاً رئيسياً في تحريك الميول الانتخابية لدى الأميركيين عموماً، فإن قضية الإجهاض يمكن أن تكون القضية الأولى عند الأميركيات اللواتي يشكلن أكثر من نصف القوة الناخبة، وأن تقودهن إلى ما يسمى «التصويت السريّ» بكثافة لمصلحة هاريس «انتقاماً» من ترمب الذي قاد حملة ناجحة لحظر هذا الحق الفيدرالي تحت شعار «الحق في الحياة». وفي حال حصول ذلك، يمكن أن تحصل مفاجأة مدويّة بما في ذلك خارج الولايات السبع المتأرجحة التي غالباً ما يجري التركيز عليها: أريزونا وبنسلفانيا وجورجيا وميشيغان ونورث كارولاينا نيفادا وويسكونسن.

وبالإضافة إلى هذين العاملين، نجح الرئيس السابق في إثارة مخاوف واسعة النطاق من تأثيرات الهجرة عبر الحدود الجنوبية تحت شعار مكافحة الجريمة والاتجار بالمخدرات، مما يلقى تجاوباً كبيراً من الغالبية البيضاء في التركيبة السكانية الهشة أصلاً للولايات المحاذية للمكسيك. ويأمل أنصار ترمب في إحداث اختراق كبير في واحدة من الولايات الزرقاء المحسوبة تاريخياً على الديمقراطيين.

ولعل القضية الأبرز خارج النطاق الجغرافي للولايات المتحدة هي إسرائيل، التي ينظر إليها كثيرون بوصفها «شأناً داخلياً» يعيرونه الكثير من العناية والاهتمام في ظلّ التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط، على خلفية التوترات مع إيران والحرب مع الميليشيات التي تدور في فلكها؛ أكانت «حماس» في غزة، أو «حزب الله» في لبنان، أو الحوثيين في اليمن، فضلاً عن برنامجيها النووي والصاروخي وتهديداتها للأمن والاستقرار الإقليميين.

وأضيفت هذه القضايا الرئيسية إلى هواجس الأميركيين من الانقسامات والتوترات العميقة التي يعانونها ومخاوفهم المبررة من حصول أعمال عنف في الأيام والأسابيع المقبلة.

هليكوبتر تابعة لشرطة مقاطعة بالم بيتش حيث يتوقع أن يدلي الرئيس السابق دونالد ترمب والسيدة الأولى السابقة ميلانيا ترمب بصوتيهما في مركز ماندل الترفيهي في فلوريدا (رويترز)

«سرقة الانتخابات»

وتعبر هذه الانتخابات عن أخشى ما يخشاه الأميركيون من حصول أعمال عنف على غرار ما حصل بعد انتخابات عام 2020 التي رفض ترمب، ولا يزال يرفض، الاعتراف بنتائجها. ولا تزال ماثلة أمام الأميركيين مشاهد العنف الدامي حين اقتحم أنصار ترمب مبنى الكابيتول في 6 يناير (كانون الثاني) 2021؛ سعياً إلى منع الكونغرس بغرفتيه النواب والشيوخ من المصادقة على انتخاب بايدن رئيساً.

ويقول الجمهوريون إنهم قلقون خصوصاً من عدم الاستقرار في الخارج والهجرة غير الشرعية وأمن الانتخابات. ويستمر الكثيرون في تصديق ادعاءات ترمب عن أن انتخابات 2020 «سُرقت» ويتوقعون تكرارها. في الأسابيع الأخيرة، كان ترمب يضع الأساس للادعاء مرة أخرى بوجود «تزوير واسع النطاق» للناخبين إذا خسر.

في المقابل، وعلى عكس انتخابات 2020، يخشى بعض الجمهوريين الآن من أن الديمقراطيين لن يقبلوا فوز ترمب. ويتفق الديمقراطيون مع هاريس وبعض مستشاري ترمب السابقين ومنتقديه المحافظين، قائلين إنهم يخشون أن تنزلق البلاد إلى حكومة استبدادية إذا فاز. ويشيرون إلى تهديداته بمقاضاة وسجن مجموعة واسعة من الأشخاص الذين يرى أنهم يعملون ضده، بمن في ذلك خصومه السياسيون الذين يسميهم «العدو الداخلي»، وحتى العاملين في الانتخابات.

بعد الانتخابات

شاحنة صغيرة عليها صورة تدعم المرشح الرئاسي الجمهوري الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب متوقفة في سبرينغفيلد بأوهايو (رويترز)

ومع عودة تلك المشاهد إلى الأذهان، يتخوف كثيرون من أن «اليوم التالي» للانتخابات الأميركية لم يعد يمثل لحظة وطنية جامعة بعد تعبير المواطنين عن مواقفهم وتسوية خلافاتهم في صناديق الاقتراع، بصرف النظر عن حدة الخلافات. وبرز في الأيام الأخيرة مؤشر سيئ تَمثّل في حرق صناديق اقتراع في بعض الولايات، علماً بأن ذلك جاء بعد محاولتي اغتيال تعرض لهما ترمب، الذي توعد أيضاً بالانتقام من المعارضين.

وعلاوة على ذلك، عكست الاستطلاعات مخاوف الأميركيين من مختلف الطيف السياسي، أنهم توجهوا إلى صناديق الاقتراع في الولايات المتأرجحة وهم يشعرون بأن بلادهم على وشك الانهيار. فيما عبر البعض عن ارتياحهم لأن موسم الانتخابات الطويل يقترب أخيراً من نهايته.

وتعكس هذه المخاوف، مخاوف بلاد مرت بأربع سنوات مضطربة، بعدما صور ترمب وهاريس (وقبلها بايدن) هذه الانتخابات بوصفها معركة وجودية على سلامة الولايات المتحدة وسكانها. وفي إعلانات المرشحين وفي نشاطاتهم، روى الديمقراطيون طويلاً قصصاً عن النساء اللواتي كدن يمتن نتيجة لحظر الإجهاض، ووصف الجمهوريون الجرائم الوحشية التي يرتكبها أعضاء العصابات الأجانب في البلاد بشكل غير قانوني.

عنف حقيقي

وشهدت الأسابيع الأخيرة من السباق ملامح عن عنف حقيقي. وبدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي»، الأسبوع الماضي، تحقيقات في هجمات وحرق متعمد لصندوقين انتخابيين، وعثر على أدوات حارقة كتبت عليها عبارة «حرروا غزة». وأغلقت المدارس في منطقة ألينتاون في بنسلفانيا «من باب الحيطة والحذر» عندما عقد ترمب تجمعاً انتخابياً هناك. وفي سان ماركوس بتكساس، حققت الشرطة في تقارير عن منشورات تهديدية مرفقة بلافتات حملة هاريس، تحمل توقيع «ترمب كلان» في إشارة إلى عصبة «كو كوكس كلان» اليمينية المتطرفة. وفي فلوريدا، خارج موقع التصويت المبكر، لوح شاب يبلغ من العمر 18 عاماً يدعم ترمب بمنجل في وجه امرأتين أكبر سناً تدعمان هاريس.

فريق شبكة تلفزيونية أميركية يصور بثاً مباشراً في يوم الانتخابات أمام الجناح الغربي للبيت الأبيض في واشنطن (أ.ف.ب)

في واشنطن، غطى الكثير من المطاعم القريبة من البيت الأبيض، النوافذ الأمامية بألواح خشبية سميكة.

وفي محاولة لإيجاد أوجه تشابه لهذه اللحظة في الحياة السياسية الأميركية، عاد المؤرخون إلى بعض أحلك أيام الأمة، مستشهدين بشكل متكرر بالحرب الأهلية والاضطرابات في الستينات من القرن الماضي. لكن حتى تلك الأوقات لا تشترك تماماً في مزيج عدم الثقة العميق بالانتخابات والتفكير التآمري واللغة النارية اللاذعة لهذه الحملة.


مقالات ذات صلة

وزارة العدل الأميركية تطالب بإسقاط قضية ترمب بشأن تدخله في انتخابات 2020

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

وزارة العدل الأميركية تطالب بإسقاط قضية ترمب بشأن تدخله في انتخابات 2020

تحركت وزارة العدل الأميركية من أجل إسقاط القضية المقامة ضد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بشأن التدخل في انتخابات 2020 بعد فوزه في انتخابات الرئاسة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي «حماس» تقول إن عرض هدنة في قطاع غزة لمدة 5 أيام هو أمر مرفوض (أ.ف.ب)

قيادي في «حماس»: الحديث عن هدنة 5 أيام في غزة مرفوض

قال القيادي في حركة «حماس» أسامة حمدان اليوم الاثنين إن عرض هدنة في قطاع غزة لمدة 5 أيام هو أمر مرفوض، مؤكدا أن الحركة معنية في الوقت نفسه بوقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ مبنى الكابيتول في واشنطن (أ.ف.ب)

أزمة في الكونغرس بسبب «الحمامات» مع وصول أول نائبة متحولة جنسياً

وافق رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون على تشريع قدمته النائبة الجمهورية نانسي ماس مؤخراً يحظر على النساء المتحولات جنسياً استخدام حمام النساء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ ترمب ونجله دونالد جونيور (أ.ف.ب) play-circle 01:19

حكومة ترمب الجديدة تحمل بصمات نجله

اختتم الرئيس المنتخب دونالد ترمب ترشيحات حكومته الجديدة، بإعلان رئيسة مركز «أميركا فيرست بوليسي إنستيتيوت»، بروك رولينز، وزيرةً للزراعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

حكومة ترمب الجديدة تحمل بصمات نجله

TT

حكومة ترمب الجديدة تحمل بصمات نجله

ترمب ونجله دونالد جونيور (أ.ف.ب)
ترمب ونجله دونالد جونيور (أ.ف.ب)

اختتم الرئيس المنتخب دونالد ترمب ترشيحات حكومته الجديدة، بإعلان رئيسة مركز «أميركا فيرست بوليسي إنستيتيوت»، بروك رولينز، وزيرةً للزراعة.

وفي انتظار انطلاق عملية المصادقة على اختيارات الرئيس المنتخب في مجلس الشيوخ، برز تأثير نجل ترمب دونالد جونيور على تعيينات والده وتوجهاته السياسية. وقالت 6 مصادر مطلعة لوكالة «رويترز» إن دونالد ترمب الابن برز بوصفه أكثر أفراد العائلة نفوذاً خلال العملية الانتقالية الحالية.

وكثيراً ما اعتمد ترمب على أفراد عائلته في الحصول على المشورة السياسية، لكن هذه المرة لعب ابنه دوراً محورياً في اختيار المرشحين لشغل المناصب الوزارية واستبعاد آخرين، مثل دعمه للسيناتور جيه دي فانس لمنصب نائب الرئيس، ومعارضته انضمام وزير الخارجية السابق مايك بومبيو إلى الحكومة، وفقاً للمصادر التي تشمل متبرعين لحملة ترمب وأصدقاء شخصيين وحلفاء سياسيين.