كيف ستؤثر نتيجة الانتخابات الأميركية على الصراعات العالمية؟

المرشحان لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب وكامالا هاريس (أ.ب)
المرشحان لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب وكامالا هاريس (أ.ب)
TT

كيف ستؤثر نتيجة الانتخابات الأميركية على الصراعات العالمية؟

المرشحان لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب وكامالا هاريس (أ.ب)
المرشحان لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب وكامالا هاريس (أ.ب)

ينظر العالم إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية، المقرر عقدها بعد أسبوع، والتي يعدها البعض الأهم في تاريخ أميركا الحديث، بترقب وقلق؛ حيث إنها قد تؤثر بشكل عميق على الصراع العالمي والحروب المدمرة في غزة ولبنان وأوكرانيا.

وينبع هذا الترقب من القوة الاقتصادية والعسكرية التي تتمتع بها الولايات المتحدة، ودورها الرئيسي في كثير من التحالفات، وإمكانية تأثيرها على كثير من دول العالم؛ خصوصاً تلك المنخرطة في الصراعات الحالية، حسب ما نقلته شبكة «بي بي سي» البريطانية.

فكيف ستؤثر هذه الانتخابات المهمة للغاية على العالم وصراعاته؟

وفقاً للخبراء، فإن هذا التأثير يتعلق بعدة مجالات، هي:

القوة العسكرية لواشنطن

قالت روز غوتيمويلر، النائبة السابقة للأمين العام لحلف شمال الأطلسي: «دونالد ترمب هو كابوس أوروبا؛ خصوصاً مع تردد أصداء تهديده بالانسحاب من (الناتو) في آذان الجميع».

إن الإنفاق الدفاعي لواشنطن يعادل ثلثي الميزانيات العسكرية لأعضاء «الناتو» البالغ عددهم 31 عضواً.

وبخلاف «الناتو»، تنفق الولايات المتحدة على جيشها أكثر من الدول العشر الكبرى التالية مجتمعة، بما في ذلك الصين وروسيا.

ويتباهى ترمب بأنه يلعب دوراً قوياً لإجبار دول «الناتو» الأخرى على تلبية أهداف الإنفاق العسكري الخاصة بها، والتي تبلغ 2 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي؛ حيث حققت 23 دولة فقط من الدول الأعضاء هذا الهدف في عام 2024. لكن تصريحاته المتناقضة والمتذبذبة في هذا الشأن تزعج وتقلق كثيراً من القادة.

وتعتقد غوتيمويلر أنه إذا فازت هاريس «فإن حلف (الناتو) سيكون بلا شك في أيد أمينة من جهة واشنطن».

لكنها تحذر أيضاً من أن هاريس «ستكون مستعدة لمواصلة العمل مع حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، لتحقيق النصر في أوكرانيا؛ لكنها لن تتراجع عن الضغط على أوروبا فيما يتعلق بالإنفاق العسكري».

لكن فريق هاريس في البيت الأبيض سيضطر إلى مشاركة القرارات مع مجلس الشيوخ أو مجلس النواب اللذين قد يصبحان قريباً في قبضة الجمهوريين، وسيكونان أقل ميلاً لدعم الحروب الخارجية من نظرائهم الديمقراطيين.

وهناك شعور متزايد بأنه بغض النظر عمن سيصبح رئيساً، فإن الضغوط ستتصاعد على كييف لإيجاد سبل للخروج من هذه الحرب، مع ازدياد تردد المشرعين الأميركيين في تمرير حزم مساعدات ضخمة.

التعامل مع الحروب

الواقع أن الرئيس الأميركي القادم سوف يضطر إلى التعامل مع عالم يواجه أعظم مواجهة بين القوى الكبرى منذ الحرب الباردة.

وتقول كومفورت إرو، رئيسة مجموعة «الأزمات الدولية» والمديرة التنفيذية لها: «تظل الولايات المتحدة الفاعل الدولي الأكثر أهمية في مسائل السلام والأمن؛ لكن قدرتها على المساعدة في حل النزاعات تقلصت».

وتضيف إرو أن الحروب أصبحت أكثر صعوبة في إنهائها. وتصف المشهد قائلة: «أصبح الصراع أكثر صعوبة، مع تسارع المنافسة بين القوى الكبرى وصعود القوى المتوسطة. تجذب الحروب مثل الحرب في أوكرانيا قوى متعددة، وتضع صراعات -مثل ذلك الذي يحدث في السودان- اللاعبين الإقليميين ذوي المصالح المتنافسة بعضهم ضد بعض، وبعض منهم أكثر استثماراً في الحرب منهم في السلام».

وتشير إرو إلى أن أميركا تفقد مكانتها الأخلاقية العالية، مضيفة: «يلاحظ الفاعلون العالميون أنها تطبق معياراً على تصرفات روسيا في أوكرانيا، ومعياراً آخر مختلفاً على تصرفات إسرائيل في غزة. وقد شهدت الحرب في السودان فظائع مروعة، ولكنها تُعامَل كقضية من الدرجة الثانية».

وتقول إن فوز هاريس «يمثل استمرارية للإدارة الحالية». أما فوز ترمب «فقد يمنح إسرائيل حرية أكبر في غزة وأماكن أخرى، وقد لمح إلى أنه قد يحاول إبرام صفقة مع موسكو بشأن أوكرانيا على حساب كييف».

وفيما يتعلق بالشرق الأوسط، رددت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس مراراً وتكراراً دعم بايدن القوي لـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»؛ لكنها أكدت أيضاً أن «قتل الفلسطينيين الأبرياء يجب أن يتوقف».

ومن جهته، قال ترمب إن الوقت قد حان «للعودة إلى السلام والتوقف عن قتل الناس»؛ لكن ورد أنه قال لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: «افعل ما عليك فعله».

ويردد المرشح الجمهوري باستمرار أنه «صانع سلام». وقد قال -في مقابلة مع قناة «العربية»- إنه «سيحقق السلام في الشرق الأوسط قريباً».

وتعهد ترمب بتوسيع «اتفاقيات أبراهام» التي عُقدت عام 2020 وأدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، ولكن يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها تسببت في تهميش الفلسطينيين، وساهمت في الأزمة الحالية غير المسبوقة.

وفيما يتعلق بأوكرانيا، لا يخفي ترمب إعجابه بالزعيم الروسي فلاديمير بوتين. وقد أوضح أنه يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا، وكذلك الدعم العسكري والمالي الضخم الذي تتلقاه كييف من الولايات المتحدة.

ومن جهتها، قالت هاريس: «لقد كنت فخورة بالوقوف مع أوكرانيا، وسأستمر في الوقوف معها. وسأعمل على ضمان انتصار كييف في هذه الحرب».

لكن إرو قلقة من أنه بغض النظر عمن سيتم انتخابه، فقد تسوء الأمور في العالم فيما يخص الحروب والصراعات.

التعامل التجاري مع بكين

يرى البروفسور رانا ميتر، الباحث الرائد في الشؤون الصينية، أن الرسوم الجمركية التي اقترحها ترمب، والتي كانت بنسبة 60 في المائة على جميع السلع الصينية المستوردة، تعد «أكبر صدمة للاقتصاد العالمي منذ عقود».

إن فرض تكاليف باهظة على الصين وكثير من الشركاء التجاريين الآخرين كان أحد أكثر التهديدات المستمرة التي أطلقها ترمب في إطار نهجه «أميركا أولاً».

لكن الرئيس السابق أشاد أيضاً بـ«ارتباطه الشخصي القوي» بالرئيس الصيني شي جينبينغ. فقد قال لصحيفة «وول ستريت جورنال»، إنه لن يضطر إلى استخدام القوة العسكرية إذا تحركت بكين لحصار تايوان؛ لأن الزعيم الصيني «يحترمني ويعرف أنني مجنون»،

ولكن كلاً من الجمهوريين والديمقراطيين البارزين لديهم آراء متشددة تجاه الصين. ويرى كلاهما أن بكين عازمة على محاولة التغلب على أميركا باعتبارها القوة الأكثر أهمية.

ويعتقد زعماء الصين أن كل من هاريس وترمب سيكونان صارمين في سياستهما تجاههم. ويرى البروفسور ميتر أن «مجموعة صغيرة من المؤسسات تفضل هاريس، عملاً بالمثل القائل: (عدو تعرفه خير من صديق لا تعرفه)».

وترى أقلية أن ترمب رجل أعمال يصعب التنبؤ بتصرفاته، فقد يعقد صفقة كبيرة مع الصين، مهما بدا ذلك غير مرجح.


مقالات ذات صلة

استطلاع: توقعات النمو العالمي تصل إلى 3.1 % في 2024

الاقتصاد يتجول الناس حول الحي المالي بالقرب من بورصة نيويورك (رويترز)

استطلاع: توقعات النمو العالمي تصل إلى 3.1 % في 2024

من المتوقَّع أن يحافظ النمو الاقتصادي العالمي على وتيرته القوية، العام المقبل؛ حيث ستقوم البنوك المركزية الكبرى بتقليص الفائدة، في ظل أداء قوي للاقتصاد الأميركي

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ ناخب يدلي بصوته في الانتخابات الرئاسية الأميركية خلال عملية التصويت المبكر في ميشيغان (رويترز)

 لماذا يصوت الأميركيون دائماً في أول ثلاثاء من شهر نوفمبر؟

تُجرى عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية الأميركية في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو أول يوم ثلاثاء من الشهر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي جان نويل بارو يتحدث خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية المغربي بالرباط يوم 29 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

«الخارجية الفرنسية»: يجب إجراء الانتخابات الأميركية في أجواء سلمية

قال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، اليوم (الخميس)، إنه يأمل أن تمر الانتخابات الرئاسية الأميركية الأسبوع المقبل بسلام.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الولايات المتحدة​ إيلون ماسك يبدي تأييده للمرشح الجمهوري دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا (أ.ف.ب)

جلسة استماع اليوم بشأن خطة ماسك للتبرع بمليون دولار يومياً لدعم ترمب

أمر قاضٍ جميع الأطراف، بمن في ذلك إيلون ماسك، بحضور جلسة استماع في محكمة بفيلادلفيا، اليوم، في دعوى قضائية ضد خطة ماسك للتبرع بمليون دولار يومياً لدعم ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الممثل الأميركي وحاكم كاليفورنيا السابق أرنولد شوارزنيغر (أ.ف.ب)

شوارزنيغر معلناً تأييده لهاريس: أنا أميركي قبل أن أكون جمهورياً

أعلن الممثل الأميركي الشهير والحاكم الجمهوري السابق لولاية كاليفورنيا، أرنولد شوارزنيغر، تأييده لكامالا هاريس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

جلسة استماع اليوم بشأن خطة ماسك للتبرع بمليون دولار يومياً لدعم ترمب

إيلون ماسك يبدي تأييده للمرشح الجمهوري دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا (أ.ف.ب)
إيلون ماسك يبدي تأييده للمرشح الجمهوري دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا (أ.ف.ب)
TT

جلسة استماع اليوم بشأن خطة ماسك للتبرع بمليون دولار يومياً لدعم ترمب

إيلون ماسك يبدي تأييده للمرشح الجمهوري دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا (أ.ف.ب)
إيلون ماسك يبدي تأييده للمرشح الجمهوري دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا (أ.ف.ب)

أمر قاضٍ جميع الأطراف، بمن في ذلك إيلون ماسك، بحضور جلسة استماع في محكمة بفيلادلفيا، اليوم (الخميس)، في دعوى قضائية تسعى إلى منع لجنة عمل سياسية يسيطر عليها الملياردير الأميركي من منح مليون دولار للناخبين الأميركيين المسجلين في الولايات المتأرجحة قبل انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، في خطة تستهدف دعم المرشح الجمهوري دونالد ترمب.

وبحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية؛ فقد رفع مكتب المدعي العام في فيلادلفيا الدعوى يوم الاثنين، ووصف الأموال المقدمة من قبل منظمة «أميركا باك» التابعة لماسك، التي تدعم ترمب، بأنها «يانصيب غير قانوني» يغري سكان بنسلفانيا بمشاركة بياناتهم الشخصية مع المنظمة.

وأمر قاضٍ بمحكمة فيلادلفيا بـ«أن يكون جميع الأطراف حاضرين في وقت الجلسة، اليوم».

ولم يستجب ممثل عن «أميركا باك» وممثلو ماسك لطلب التعليق.

ووعد ماسك بمنح مليون دولار كل يوم لأي شخص يوقّع على عريضته عبر الإنترنت بشأن حرية التعبير وحقوق حمل الأسلحة. وانقسم الخبراء القانونيون الذين استشارتهم وكالة «رويترز»، الأسبوع الماضي، حول ما إذا كانت هذه الأموال تنتهك القوانين الفيدرالية التي تحظر دفع أو عرض دفع مبلغ لشخص للتسجيل للتصويت.

وأفادت شبكة «سي إن إن»، الأسبوع الماضي، بأن وزارة العدل أرسلت خطاباً إلى «أميركا باك» تحذر فيه من أن دفع الملياردير أموالاً للناخبين المسجلين الذين يوقعون على عريضته قد ينتهك القانون الفيدرالي.

وقبل سباق رئاسي متقارب للغاية بين ترمب وكامالا هاريس، يُنظر إلى ولاية بنسلفانيا على أنها ولاية متأرجحة حاسمة يمكن أن تحدد نتيجة الانتخابات. وغرد ماسك يوم الأربعاء: «ستكون بنسلفانيا انتصاراً جمهورياً حاسماً».

وقدَّم ماسك حتى الآن ما لا يقل عن 75 مليون دولار إلى لجنة العمل السياسي الداعمة لحملة ترمب.