يتقدّم المرشّح الجمهوري للرئاسة دونالد ترمب، على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس في إدارته للاقتصاد، وفق استطلاعات الرأي. وفيما يستغلّ ترمب غضب الناخبين من تراجع مستوى المعيشة في الولايات المتّحدة، يُحذّر كبار الخبراء الاقتصاديين من تداعيات سياسة التعريفات الجمركية التي يدفع بها الرئيس السابق.
وقالت شبكة «سي إن إن» الأميركية إن أكثر من نصف الحائزين على جائزة نوبل في الاقتصاد بالولايات المتحدة، وقّعوا على رسالة وصفت أجندة نائبة الرئيس، كامالا هاريس، الاقتصادية بأنها «متفوقة بشكل كبير» على الخطط التي وضعها الرئيس السابق دونالد ترمب. ووقّع على الرسالة 23 من خبراء الاقتصاد الحائزين على جائزة نوبل، بما في ذلك اثنان من أحدث ثلاثة حائزين على الجائزة. وكتب خبراء الاقتصاد في الرسالة: «بينما لكل منا وجهات نظر مختلفة حول تفاصيل السياسات الاقتصادية المختلفة، فإننا نعتقد أن أجندة هاريس الاقتصادية ستُحسّن بشكل عام صحة أمتنا واستثماراتها واستدامتها ومرونتها، وفرص العمل والعدالة، وستكون متفوقة بشكل كبير على الأجندة الاقتصادية غير المنتِجة لدونالد ترمب».
وتُعدّ الرسالة ختْمَ موافقة لهاريس قبل أقل من أسبوعين من يوم الانتخابات، بشأن القضية التي يصنّفها الناخبون باستمرار على أنها الأكثر أهميةً في الاستطلاعات، وهي الاقتصاد.
وكان صراع الناخبين مع التضخم، والنظرة القاتمة لحالة الاقتصاد الأميركي، بمثابة نقطة ضعف واضحة للمرشحة الديمقراطية، حيث كافح الرئيس الحالي جو بايدن لشهور؛ لتسليط الضوء على السياسة الاقتصادية لإدارته، قبل أن يتنحى عن الترشح للانتخابات، ودعم ترشح هاريس لتصبح مرشحة الحزب.
زعزعة للاستقرار
وقاد الموقّعون على الرسالة جوزيف ستيغليتز، الأستاذ في جامعة كولومبيا، والفائز بالجائزة عام 2001، والتي تمثل الموقف الثاني من قِبل مجموعة من الحائزين على جائزة نوبل. فقد قاد ستيغليتز جهداً في يونيو (حزيران)، مع 15 من زملائه الحائزين على جائزة نوبل، لتسليط الضوء على ما قاله الموقِّعون إنه سيكون «تأثيراً مزعزعاً للاستقرار» لولاية ترمب الثانية على الاقتصاد الأميركي. وقالت المجموعة في ذلك الوقت إن الأجندة الاقتصادية للمرشح بايدن كانت أيضاً «متفوقة إلى حد كبير».
ورفض ترمب رسالة المجموعة في ذلك الوقت، وانتقدت حملتُه أولئك الذين وقّعوا عليها، ووصفوهم بأنهم اقتصاديون «عديمو القيمة، ومنفصلون عن الواقع».
ولكن الرسالة الجديدة، التي نُشرت بعد أن شرحت هاريس رؤيتها الاقتصادية في أواخر الشهر الماضي، تضم 7 موقِّعين جُدُداً، وتمثّل شريحة واسعة في هذا المجال من حيث مجالات الخبرة، والنهج في التعامل مع الاقتصاد.
وتضم المجموعة الموسّعة اثنين من أحدث ثلاثة فائزين بالجائزة، هم سيمون جونسون ودارون عاجم أوغلو من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وقد حصلا على الجائزة إلى جانب جيمس روبنسون من جامعة شيكاغو، الأسبوع الماضي. وترجّح الرسالة أن سياسات ترمب الجمركية والضريبية قد تؤدي إلى تضخم العجز، وهي وجهة نظر منتشرة بين خبراء الاقتصاد. وكتب الخبراء في رسالتهم: «من بين أهم العوامل التي تحدّد النجاح الاقتصادي سيادة القانون، واليقين الاقتصادي والسياسي، وترمب يهدّدها كلّها».
«كلمتي المفضّلة»
وعلى الرغم من التحذيرات والتوقعات من خبراء الاقتصاد، فإن ترمب كان ثابتاً في تعهّده بتطبيق أجندته الاقتصادية. وقال في مقابلة أجرتها معه وكالة «بلومبرغ» مؤخراً، بالنادي الاقتصادي في شيكاغو، إن خططه «سيكون لها تأثير هائل، وإيجابي»، وأضاف أن «الكلمة الأكثر جمالاً في القاموس هي التعريفة الجمركية، إنها كلمتي المفضلة».
ووعد ترمب بتخفيضات ضريبية واسعة النطاق، تتجاوز قانون الضرائب لعام 2017، وكذلك بإلغاء الضرائب على الإكراميات والعمل الإضافي وفوائد الضمان الاجتماعي، التي يقول المحلّلون إنها ستكلّف تريليونات الدولارات، بينما ينظر خبراء الاقتصاد إلى التعريفات الجمركية على أنها ضريبة على المستهلكين الذين يشترون السلع المستوردة.
وكذلك تعهد ترمب بإلغاء القيود التنظيمية على نطاق واسع، وأطلق العنان للزيادة في حفر النفط والغاز، كما تعهد بترحيل جميع المهاجرين غير النظاميين بالولايات المتحدة في «أكبر عملية ترحيل» في تاريخ البلاد، ما قد يكون له تداعيات اقتصادية كبيرة.
ويحظى ترمب يدعم أكبر من منافسته في قضايا الاقتصاد، وفق استطلاعات الرأي، بينما ينتقد الناخبون على نطاق واسع ارتفاع تكاليف المعيشة. وسعى ترمب وحلفاؤه إلى استغلال هذا السخط في حملته، مع التركيز بشكل خاص على الأسعار المرتفعة التي أثقلت كاهل المستهلكين الأميركيين في السنوات القليلة الماضية.
ردّ حملة هاريس
ووفقاً لاستطلاعات الرأي، قلّصت حملة هاريس ميزة ترمب في هذه القضية في الأسابيع الأخيرة، ويرى مستشارو حملة هاريس فرصة لتقليص قوة ترمب في هذه القضية في الأيام الأخيرة من الحملة.
وتعزّزت هذه الجهود من خلال تدفق ثابت للبيانات الاقتصادية التي عزّزت الثقة بين صُنّاع السياسات الاقتصادية في الولايات المتحدة، بأنهم نجحوا في ترويض التضخم دون دفع الاقتصاد إلى الركود.
وبدأ البنك المركزي الأميركي في خفض أسعار الفائدة، وأظهرت بيانات التوظيف لسبتمبر (أيلول) انتعاشاً في عدد الوظائف، وانخفاض معدل البطالة، ونمواً قوياً للأجور.
وتحرّكت هاريس، ضمن أجندتها الاقتصادية، لمعالجة مخاوف الناخبين بشأن الأسعار، وتكلفة الإسكان، ورعاية الأطفال وكبار السن، ودفعت نحو تخفيضات ضريبية تستهدف الأميركيين من ذوي الدخل المتوسط والمنخفض. كما أشارت إلى دعمها للسياسات الصناعية التي يدافع عنها بايدن، والمصمَّمة لدعم التصنيع الأميركي للصناعات الحيوية.
وقالت «سي إن إن» إن التباين بين المرشحين بشأن الاقتصاد يشكّل جوهر الرسائل التي تروّج لها الحملتان في الأيام الأخيرة من السباق. وبالنسبة للموقّعين على الرسالة، فإن سياسات هاريس هي المفضلة بشكل واضح. وكتب خبراء الاقتصاد: «ببساطة، ستؤدي سياسات هاريس إلى أداء اقتصادي أقوى، مع نمو أكثر قوةً واستدامةً وإنصافاً».