مستقبل «تيك توك» في الولايات المتحدة على المحك أمام محكمة فيدرالية

من أمام أحد مكاتب «تيك توك» في ولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)
من أمام أحد مكاتب «تيك توك» في ولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)
TT

مستقبل «تيك توك» في الولايات المتحدة على المحك أمام محكمة فيدرالية

من أمام أحد مكاتب «تيك توك» في ولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)
من أمام أحد مكاتب «تيك توك» في ولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)

سيسعى تطبيق «تيك توك» إلى إقناع محكمة فيدرالية أميركية، اليوم (الاثنين)، بأن القانون الذي يُلزم مالكي هذه المنصة الصينيين ببيعه وإلا يُحظر في الولايات المتحدة، مخالف للدستور الأميركي، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأصبحت مسألة وصول الأميركيين إلى منصة «تيك توك» في مقدمة النقاشات السياسية في هذا البلد، في وقت يعارض فيه المرشح الجمهوري دونالد ترمب حظر التطبيق الرائج.

ووقّع الرئيس الديمقراطي جو بايدن الذي تخوض نائبته كامالا هاريس المعركة الانتخابية أمام ترمب، القانون الذي يمهل «تيك توك» حتى يناير (كانون الثاني)، للتخلي عن ملكيته الصينية تحت طائلة الحظر في السوق الأميركية.

وقالت «بايت دانس»، الشركة الأم لـ«تيك توك»، إنها ليست لديها خطط لبيع التطبيق، ما يترك الطعن القضائي المقدم من الشركة الذي يركز على الضمانات الأميركية لحرية التعبير، الخيار الوحيد أمامها للاستمرار.

ومن شأن قرار بحظر «تيك توك» أن يثير رد فعل قوياً من الحكومة الصينية، ويفاقم التوتر القائم في العلاقات الأميركية - الصينية.

وستستمع لجنة من ثلاثة قضاة في محكمة الاستئناف بمنطقة واشنطن دي سي، لدفوع «تيك توك» و«بايت دانس» وعدد من المستخدمين. وسيركزون في الدفوع على أن القانون ينتهك الحق في حرية التعبير.

وسيعلن القضاة قرارهم في الأسابيع أو الأشهر المقبلة؛ لكن بغض النظر عن النتيجة فإن القضية ستصل على الأرجح إلى المحكمة العليا الأميركية.

وجاء في الطعن المقدم من «تيك توك»: «لا شك في أن القانون سيجبر (تيك توك) على إغلاق التطبيق بحلول 19 يناير (كانون الثاني) 2025» و«إسكات الذين يستخدمون المنصة للتواصل بطرق لا يمكن نسخها في أي مكان آخر».

وقال تطبيق «تيك توك» إنه حتى لو كان البيع ممكناً فإن التطبيق «سيظل أقل تأثيراً ومحروماً من الابتكار التكنولوجي القادر على التعبير الذي يصمّم المحتوى لكل مستخدم». ويؤكد التطبيق أن «الدستور بجانبنا»، ويدفع باتجاه صدور حكم يصبّ في مصلحة «تيك توك» ومستخدميه الأميركيين البالغ عددهم 170 مليوناً.

وترد الحكومة الأميركية قائلة إن القانون يتناول مخاوف الأمن القومي وليس حرية التعبير، وإن «بايت دانس» لا تستطيع استخدام حق التعديل الأول للدستور في الولايات المتحدة. وأوردت وزارة العدل الأميركية، في ملفها، أنه «نظراً إلى انتشار (تيك توك) الواسع داخل الولايات المتحدة، فإن قدرة الصين على استخدام ميزات (تيك توك) لتحقيق هدفها الأهم وهو تقويض المصالح الأميركية، تخلق تهديداً للأمن القومي على حجم ونطاق كبيرين».

وتقول الولايات المتحدة إن «بايت دانس» يمكنها أن تمتثل، وستمتثل لمطالب الحكومة الصينية بالحصول على بيانات حول المستخدمين الأميركيين، أو تخضع لضغوط الحكومة الصينية لفرض رقابة على المحتوى أو الترويج له على المنصة.

«صوّتوا لترمب»

وُضع تطبيق «تيك توك» تحت المجهر للمرة الأولى في عهد إدارة الرئيس السابق ترمب التي حاولت دون جدوى حظره.

وتوقفت هذه الجهود عندما منع قاضٍ فيدرالي مؤقتاً خطوة ترمب، لأسباب منها الانتهاك المحتمل لحق حرية التعبير. وغيّر ترمب موقفه مذّاك.

وقال في فيديو نشره الأسبوع الماضي: «لكل الذين يريدون إنقاذ (تيك توك) في أميركا، صوّتوا لترمب». في مقياس لشعبية التطبيق أنشأت حملة إعادة انتخاب بايدن حساباً على «تيك توك» في وقت سابق من العام.

وانسحب بايدن من المعركة الانتخابية، لكن هاريس المرشحة مكانه، لا تزال موجودة على التطبيق، بعد أن تبنّت وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة للتواصل مع الناخبين الأصغر سناً.

والقانون الجديد الموقّع من بايدن يتيح التغلب على العقبات القانونية السابقة التي واجهها ترمب، لكن بعض الخبراء يعتقدون أنه سيكون من الصعب على المحكمة العليا الأميركية أن تسمح لاعتبارات الأمن القومي بالتقدم على حماية حرية التعبير.

وقال البروفسور من كلية الحقوق بجامعة «ريتشموند»، كارل توبياس، إن كثيراً من حجج الجانب الأميركي المتعلقة بالأمن القومي مختومة، وهو ما «يعقّد الجهود الرامية إلى تقييمها».

«لكن المحكمة العليا الأميركية أبدت حذراً شديداً بوجه عام بشأن قبول الدفوع المتعلقة بالأمن القومي عندما تقيّد اللوائح الحكومية الحقوق المنصوص عليها في التعديل الأول، خصوصاً تلك المتعلقة بالإنترنت»، وفق توبياس.


مقالات ذات صلة

هل يلجأ فنانون مصريون إلى «تيك توك» لتعويض غيابهم عن الشاشة؟

يوميات الشرق مها أحمد (حسابها على فيسبوك)

هل يلجأ فنانون مصريون إلى «تيك توك» لتعويض غيابهم عن الشاشة؟

لجأ عدد من الفنانين المصريين خلال السنوات القليلة الماضية إلى موقع "تيك توك"، لأغراض وغايات متنوعة.

داليا ماهر (القاهرة)
شمال افريقيا طورت الداخلية مراكز الإصلاح والتأهيل في السنوات الماضية (وزارة الداخلية - أرشيفية)

ضبط «تيك توكر» مصري أجرى مشهداً تمثيلياً لـ«مراكز الإصلاح»

أعلنت وزارة الداخلية المصرية ضبط «تيك توكر» وبصحبته 3 آخرين، على خلفية تقديمهم «مشاهد تمثيلية» بوصفهم داخل إحدى غرف «مراكز الإصلاح والتأهيل».

أحمد عدلي (القاهرة)
صحتك الخبراء يحذرون من أن الجرعات العالية من صودا الخبز قد تشكل مخاطر صحية كبيرة (موقع ميديكال نيوز توداي)

«ترند» صودا الخبز لإنقاص الوزن: هل هي فعالة وآمنة؟

تنتشر عبر تطبيق «تيك توك» فيديوهات تزعم أن إضافة ملعقة صغيرة من صودا الخبز إلى كوب من الماء  يمكن أن تقلل من ارتداد الحمض، وتحسن الطاقة وتمنع أمراض الكلى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق تسببت وصفات سلطات الخيار التي يقدمها لوغان موفيت على «تيك توك» في نقص حاد للخيار في أسواق آيسلندا (د.ب.أ)

أزمة خيار في آيسلندا بسبب وصفة سلطة على «تيك توك»

تسببت وصفات سلطات الخيار التي يقدمها صانع محتوى كندي على تطبيق «تيك توك»، في نقص حاد للخيار في أسواق آيسلندا!

يوميات الشرق المؤثر لوغان موفيت خلال تحضير أحد أطباق السلطات بالخيار (تيك توك)

أزمة «خيار» في آيسلندا بسبب «تريند» عبر «تيك توك»

أصبحت المتاجر الكبرى في آيسلندا في مأزق، بعد أن دفع «تريند» منتشر عبر موقع «تيك توك» إلى ارتفاع غير مسبوق في الطلب على الخيار.

«الشرق الأوسط» (ريكيافيك )

محاولة اغتيال ترمب تعيد حسابات هاريس وشطرنج السياسة الأميركية

المرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب متحدثاً في ظل صورة لمنافسته الديمقراطية نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (أ.ب)
المرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب متحدثاً في ظل صورة لمنافسته الديمقراطية نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (أ.ب)
TT

محاولة اغتيال ترمب تعيد حسابات هاريس وشطرنج السياسة الأميركية

المرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب متحدثاً في ظل صورة لمنافسته الديمقراطية نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (أ.ب)
المرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب متحدثاً في ظل صورة لمنافسته الديمقراطية نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (أ.ب)

حققت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تقدماً كبيراً لمواجهة الرئيس السابق دونالد ترمب عندما بدأت معركتها الانتخابية معه في 21 يوليو (تموز) الماضي، أي بعد نحو أسبوع فحسب من نجاته من محاولة اغتياله الأولى خلال تجمع انتخابي في 13 منه بمدينة باتلر في بنسلفانيا.

ازدادت التساؤلات مع محاولة اغتيال ترمب الثانية المفترضة، الأحد، في منتجع وست بالم بيتش في فلوريدا حول ما إذا كانت ستؤثر على هذا الزخم الذي حصلت عليه المرشحة الديمقراطية بعد نحو شهرين من ترشحها، وبعد نحو أسبوع من مناظرتها الوحيدة التي وضعت خلالها خصمها الجمهوري في موقف دفاعي، علماً بأن محاولة الاغتيال الأولى كانت بمثابة نذير شؤم لبايدن الذي خرج من السباق على أثرها وبعد أدائه «الكارثي» في مناظرته مع ترمب خلال يونيو (حزيران) الماضي.

وفي وقت يترقب فيه المسؤولون الأميركيون نتائج التحقيقات الجارية من جهاز الشرطة السريّة ومكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) والشرطة المحلية وغيرها من الأجهزة الأمنية والقانونية لكشف كل ملابسات محاولتي الاغتيال بفارق زمني تصل مدته إلى شهرين فقط، يتوقع أن يتواصل الشوط الأخير من السباق بين ترمب وهاريس لتحديد اسم الرئيس المقبل بعد 7 أسابيع حاسمة.

خلال الأسابيع القليلة الماضية، تغيّرت الموازين أكثر من مرة على رقعة الشطرنج السياسية الأميركية. بدا مرات أن ترمب عائد بقوة إلى البيت الأبيض لو كانت المواجهة استمرت مع بايدن. لكن محاولة اغتيال ترمب الأولى كانت عاملاً في زيادة قوّته، فاضطر بايدن إلى الانكفاء لمصلحة هاريس. وبدت الأخيرة أنها جمعت حولها زخماً استثنائياً، والآن جاءت محاولة اغتيال ترمب الثانية، فهل تتغير المعادلة مجدداً؟

بين بايدن وهاريس

الرئيس الأميركي جو بايدن متحدثاً إلى وسائل الإعلام قبيل مغادرة البيت الأبيض في رحلة إلى ويلمينغتون ثم فيلادلفيا الاثنين (إ.ب.أ)

أنعشت هاريس أمل الديمقراطيين في الاحتفاظ بالبيت الأبيض 4 سنوات إضافية، والحصول على الأكثرية في الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ بعدما أعادت إلى اللعبة ليس فقط بعض الولايات مثل جورجيا وويسكونسن وأريزونا التي بدت شبه محسومة لمصلحة ترمب لو خاض السباق مع بايدن، بل أحيت تطلعاتهم إلى إحراز تقدُّم كبير في ولايات حمراء محسوبة جمهورية منذ سنوات طويلة بما في ذلك فلوريدا، بل إن استطلاعاً جديداً في أيوا أظهر أن هاريس قلصت إلى حد كبير فارق تقدم ترمب في هذه الولاية من الغرب الأوسط الأميركي.

وعلى غرار ما فعل بعد محاولة اغتياله الأولى، اتسم رد فعل ترمب بالتحدي وإظهار القوة التي يتمتع بها بعيد محاولة اغتياله الثانية، فأكد أنه «لن يستسلم»، و«لن يوقفه» أي خطر يمكن أن يعترض طريق عودته إلى البيت الأبيض، مصوراً نفسه مدافعاً لا يلين عن الشعب الأميركي. وبدأ من الساعات الأولى لحادث الأحد في «استثماره» انتخابياً عبر حشد قاعدته الصلبة، واستقطاب الناخبين المترددين أو الذين لم يحسموا خياراتهم حتى الآن. وحض مستشارا حملته كريس لاسيفيتا وسوزي وايلز الموظفين في رسالة بالبريد الإلكتروني على «البقاء يقظين» في «الذهاب والإياب اليومي» إلى عملهم. غير أن حليف ترمب السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام كان الأوضح في التعبير عما يفكر به ترمب، وقال في منشور على منصة «إكس» إنه تحادث مع ترمب وأنه «في حالة معنوية جيدة، وهو أكثر تصميماً من أي وقت مضى على إنقاذ بلدنا».

«منزعجة للغاية»

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (أ.ب)

أخذ بايدن وهاريس في الحسبان التأثيرات المحتملة على الزخم الذي حظيت به المرشحة الديمقراطية التي أكدت أن «لا مكان للعنف السياسي» في الولايات المتحدة مع «التنديد» بالحادث، قائلة إنها «منزعجة للغاية من محاولة الاغتيال المحتملة للرئيس السابق».

وأجمع الجمهوريون والديمقراطيون على حد سواء على التنديد بالعنف السياسي. قال زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس النواب ستيف سكاليس عبر «إكس» إنه «لا يوجد مكان على الإطلاق للعنف في السياسة».

وكذلك كتب النائب الديمقراطي آدم شيف: «يجب أن يتوقف هذا الجنون (...) العنف ليس هو الحل لخلافاتنا السياسية».

وجاءت محاولة الاغتيال هذه مع ظهور نتائج لأحدث استطلاع أجرته صحيفة «دي موينز ريدجيستر» مع مؤسسة «ميدياكوم آيوا» ونُشر، الأحد، وقد أكدت أن هاريس قلصت تقدم ترمب عليها إلى 4 نقاط، 47 في المائة مقابل 43 في المائة في الولاية، فيما يمثل «انقلاباً صادماً» عن وضع ترمب في الولاية خلال الربيع، عندما أظهر استطلاع مماثل تقدم ترمب على بايدن بفارق 18 نقطة في أيوا، بنسبة 50 في المائة إلى 32 في المائة.

وقالت رئيسة شركة «سيلزر آند كو» خبيرة الاستطلاعات جاي آن سيلزر: «لا أعتقد أن 4 نقاط مريحة» لترمب، مضيفة أن «المنافسة اشتدت بشكل كبير».

وكثيراً ما كانت أيوا فكرة ثانوية في سباق هذا العام، ولم يجر تضمينها بوصفها ولاية متأرجحة إلى جانب أريزونا ونيفادا وجورجيا ونورث كارولينا وبنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن، حيث يعتقد معظم المحللين أن أيوا ستكون حمراء بأمان. وكان ترمب قد فاز فيها بفارق 10 نقاط مئوية عام 2016 وبهامش مماثل عام 2020، وهو الهامش الذي بدا أنه من الصعب التغلب عليه بالنسبة لهاريس عام 2024.

أحمر وأزرق

لكن أيوا كانت ولاية متأرجحة في الماضي، إذ ذهبت إلى نائب الرئيس الديمقراطي آل غور عام 2000، والرئيس الجمهوري جورج دبليو. بوش عام 2004، والرئيس السابق باراك أوباما في عامي 2008 و2012.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أرشيفية - د.ب.أ)

وكان الديمقراطيون قد أمضوا أشهراً في مراقبة الثلاثي المألوف من الولايات الشمالية التي من شأنها أن تؤدي إلى البيت الأبيض في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني): ويسكونسن وميشيغان وبنسلفانيا، لأنها «تشكل المسار الأكثر وضوحاً» إلى النصر، كما كتب قادة حملة نائبة الرئيس كامالا هاريس في يوليو الماضي.

وفي المقابل، ركز فريق ترمب على مساره الخاص شرقاً في ثلاثية «الجدار الأحمر» الحقيقي الذي يتداخل مع «الجدار الأزرق» شمالاً حول البحيرات العظمى. وقال مسؤول في حملة ترمب خلال الشهر الماضي إنه «ما دمنا نحتفظ بنورث كارولاينا، فنحن بحاجة فقط إلى الفوز بجورجيا وبنسلفانيا. هذا كل ما نحتاج إليه للفوز».

ومع ذلك، تحتفظ الحملتان الرئيسيتان للحزبين بموظفين في ولايات مثل مينيسوتا وفيرجينيا ونيوهامشير، علماً بأن الحملتين تركزان إنفاقهما على مساحة أصغر تتألف من 7 ولايات فقط: أريزونا وجورجيا وميشيغان ونيفادا ونورث كارولاينا وبنسلفانيا وويسكونسن - بالإضافة إلى الدائرة الثانية للكونغرس في نبراسكا.

لكن تعيد محاولة الاغتيال الثانية ضد ترمب خلط الأوراق الانتخابية ومكان كل منهما، وعناصر القوة لديهما، على رقعة شطرنج السياسة الأميركية.