محاولة اغتيال ترمب تعيد حسابات هاريس وشطرنج السياسة الأميركية

تساؤلات عن العواقب على زخم مرشحة الديمقراطيين قبل 7 أسابيع من الانتخابات

المرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب متحدثاً في ظل صورة لمنافسته الديمقراطية نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (أ.ب)
المرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب متحدثاً في ظل صورة لمنافسته الديمقراطية نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (أ.ب)
TT

محاولة اغتيال ترمب تعيد حسابات هاريس وشطرنج السياسة الأميركية

المرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب متحدثاً في ظل صورة لمنافسته الديمقراطية نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (أ.ب)
المرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب متحدثاً في ظل صورة لمنافسته الديمقراطية نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (أ.ب)

حققت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تقدماً كبيراً لمواجهة الرئيس السابق دونالد ترمب عندما بدأت معركتها الانتخابية معه في 21 يوليو (تموز) الماضي، أي بعد نحو أسبوع فحسب من نجاته من محاولة اغتياله الأولى خلال تجمع انتخابي في 13 منه بمدينة باتلر في بنسلفانيا.

ازدادت التساؤلات مع محاولة اغتيال ترمب الثانية المفترضة، الأحد، في منتجع وست بالم بيتش في فلوريدا حول ما إذا كانت ستؤثر على هذا الزخم الذي حصلت عليه المرشحة الديمقراطية بعد نحو شهرين من ترشحها، وبعد نحو أسبوع من مناظرتها الوحيدة التي وضعت خلالها خصمها الجمهوري في موقف دفاعي، علماً بأن محاولة الاغتيال الأولى كانت بمثابة نذير شؤم لبايدن الذي خرج من السباق على أثرها وبعد أدائه «الكارثي» في مناظرته مع ترمب خلال يونيو (حزيران) الماضي.

وفي وقت يترقب فيه المسؤولون الأميركيون نتائج التحقيقات الجارية من جهاز الشرطة السريّة ومكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) والشرطة المحلية وغيرها من الأجهزة الأمنية والقانونية لكشف كل ملابسات محاولتي الاغتيال بفارق زمني تصل مدته إلى شهرين فقط، يتوقع أن يتواصل الشوط الأخير من السباق بين ترمب وهاريس لتحديد اسم الرئيس المقبل بعد 7 أسابيع حاسمة.

خلال الأسابيع القليلة الماضية، تغيّرت الموازين أكثر من مرة على رقعة الشطرنج السياسية الأميركية. بدا مرات أن ترمب عائد بقوة إلى البيت الأبيض لو كانت المواجهة استمرت مع بايدن. لكن محاولة اغتيال ترمب الأولى كانت عاملاً في زيادة قوّته، فاضطر بايدن إلى الانكفاء لمصلحة هاريس. وبدت الأخيرة أنها جمعت حولها زخماً استثنائياً، والآن جاءت محاولة اغتيال ترمب الثانية، فهل تتغير المعادلة مجدداً؟

بين بايدن وهاريس

الرئيس الأميركي جو بايدن متحدثاً إلى وسائل الإعلام قبيل مغادرة البيت الأبيض في رحلة إلى ويلمينغتون ثم فيلادلفيا الاثنين (إ.ب.أ)

أنعشت هاريس أمل الديمقراطيين في الاحتفاظ بالبيت الأبيض 4 سنوات إضافية، والحصول على الأكثرية في الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ بعدما أعادت إلى اللعبة ليس فقط بعض الولايات مثل جورجيا وويسكونسن وأريزونا التي بدت شبه محسومة لمصلحة ترمب لو خاض السباق مع بايدن، بل أحيت تطلعاتهم إلى إحراز تقدُّم كبير في ولايات حمراء محسوبة جمهورية منذ سنوات طويلة بما في ذلك فلوريدا، بل إن استطلاعاً جديداً في أيوا أظهر أن هاريس قلصت إلى حد كبير فارق تقدم ترمب في هذه الولاية من الغرب الأوسط الأميركي.

وعلى غرار ما فعل بعد محاولة اغتياله الأولى، اتسم رد فعل ترمب بالتحدي وإظهار القوة التي يتمتع بها بعيد محاولة اغتياله الثانية، فأكد أنه «لن يستسلم»، و«لن يوقفه» أي خطر يمكن أن يعترض طريق عودته إلى البيت الأبيض، مصوراً نفسه مدافعاً لا يلين عن الشعب الأميركي. وبدأ من الساعات الأولى لحادث الأحد في «استثماره» انتخابياً عبر حشد قاعدته الصلبة، واستقطاب الناخبين المترددين أو الذين لم يحسموا خياراتهم حتى الآن. وحض مستشارا حملته كريس لاسيفيتا وسوزي وايلز الموظفين في رسالة بالبريد الإلكتروني على «البقاء يقظين» في «الذهاب والإياب اليومي» إلى عملهم. غير أن حليف ترمب السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام كان الأوضح في التعبير عما يفكر به ترمب، وقال في منشور على منصة «إكس» إنه تحادث مع ترمب وأنه «في حالة معنوية جيدة، وهو أكثر تصميماً من أي وقت مضى على إنقاذ بلدنا».

«منزعجة للغاية»

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (أ.ب)

أخذ بايدن وهاريس في الحسبان التأثيرات المحتملة على الزخم الذي حظيت به المرشحة الديمقراطية التي أكدت أن «لا مكان للعنف السياسي» في الولايات المتحدة مع «التنديد» بالحادث، قائلة إنها «منزعجة للغاية من محاولة الاغتيال المحتملة للرئيس السابق».

وأجمع الجمهوريون والديمقراطيون على حد سواء على التنديد بالعنف السياسي. قال زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس النواب ستيف سكاليس عبر «إكس» إنه «لا يوجد مكان على الإطلاق للعنف في السياسة».

وكذلك كتب النائب الديمقراطي آدم شيف: «يجب أن يتوقف هذا الجنون (...) العنف ليس هو الحل لخلافاتنا السياسية».

وجاءت محاولة الاغتيال هذه مع ظهور نتائج لأحدث استطلاع أجرته صحيفة «دي موينز ريدجيستر» مع مؤسسة «ميدياكوم آيوا» ونُشر، الأحد، وقد أكدت أن هاريس قلصت تقدم ترمب عليها إلى 4 نقاط، 47 في المائة مقابل 43 في المائة في الولاية، فيما يمثل «انقلاباً صادماً» عن وضع ترمب في الولاية خلال الربيع، عندما أظهر استطلاع مماثل تقدم ترمب على بايدن بفارق 18 نقطة في أيوا، بنسبة 50 في المائة إلى 32 في المائة.

وقالت رئيسة شركة «سيلزر آند كو» خبيرة الاستطلاعات جاي آن سيلزر: «لا أعتقد أن 4 نقاط مريحة» لترمب، مضيفة أن «المنافسة اشتدت بشكل كبير».

وكثيراً ما كانت أيوا فكرة ثانوية في سباق هذا العام، ولم يجر تضمينها بوصفها ولاية متأرجحة إلى جانب أريزونا ونيفادا وجورجيا ونورث كارولينا وبنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن، حيث يعتقد معظم المحللين أن أيوا ستكون حمراء بأمان. وكان ترمب قد فاز فيها بفارق 10 نقاط مئوية عام 2016 وبهامش مماثل عام 2020، وهو الهامش الذي بدا أنه من الصعب التغلب عليه بالنسبة لهاريس عام 2024.

أحمر وأزرق

لكن أيوا كانت ولاية متأرجحة في الماضي، إذ ذهبت إلى نائب الرئيس الديمقراطي آل غور عام 2000، والرئيس الجمهوري جورج دبليو. بوش عام 2004، والرئيس السابق باراك أوباما في عامي 2008 و2012.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أرشيفية - د.ب.أ)

وكان الديمقراطيون قد أمضوا أشهراً في مراقبة الثلاثي المألوف من الولايات الشمالية التي من شأنها أن تؤدي إلى البيت الأبيض في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني): ويسكونسن وميشيغان وبنسلفانيا، لأنها «تشكل المسار الأكثر وضوحاً» إلى النصر، كما كتب قادة حملة نائبة الرئيس كامالا هاريس في يوليو الماضي.

وفي المقابل، ركز فريق ترمب على مساره الخاص شرقاً في ثلاثية «الجدار الأحمر» الحقيقي الذي يتداخل مع «الجدار الأزرق» شمالاً حول البحيرات العظمى. وقال مسؤول في حملة ترمب خلال الشهر الماضي إنه «ما دمنا نحتفظ بنورث كارولاينا، فنحن بحاجة فقط إلى الفوز بجورجيا وبنسلفانيا. هذا كل ما نحتاج إليه للفوز».

ومع ذلك، تحتفظ الحملتان الرئيسيتان للحزبين بموظفين في ولايات مثل مينيسوتا وفيرجينيا ونيوهامشير، علماً بأن الحملتين تركزان إنفاقهما على مساحة أصغر تتألف من 7 ولايات فقط: أريزونا وجورجيا وميشيغان ونيفادا ونورث كارولاينا وبنسلفانيا وويسكونسن - بالإضافة إلى الدائرة الثانية للكونغرس في نبراسكا.

لكن تعيد محاولة الاغتيال الثانية ضد ترمب خلط الأوراق الانتخابية ومكان كل منهما، وعناصر القوة لديهما، على رقعة شطرنج السياسة الأميركية.


مقالات ذات صلة

ترمب يتعرّض لمحاولة اغتيال ثانية قبل شهرين من الانتخابات الرئاسية

الولايات المتحدة​ الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترمب يتعرّض لمحاولة ثانية لاغتياله قبل شهرين من إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية (رويترز)

ترمب يتعرّض لمحاولة اغتيال ثانية قبل شهرين من الانتخابات الرئاسية

أثارت محاولة اغتيال ترمب للمرة الثانية، خلال شهرين، مخاوف سياسية متزايدة حول العنف السياسي في أميركا، وما يمكن أن تؤدي إليه خطابات الانقسام والاستقطاب.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ روبرت كيندي جونيور (رويترز)

التحقيق مع روبرت كيندي لقطعه رأس حوت ميت بمنشار كهربائي

قال روبرت كيندي، المرشح الرئاسي الأميركي السابق، إنه يخضع للتحقيق بسبب قطع رأس حوت ميت بمنشار كهربائي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)

«لا أحد يحاول اغتيال بايدن أو كامالا»... ماسك يحذف منشوراً مثيراً للجدل بعد اتهامه بـ«التحريض»

أثار إيلون ماسك كثيراً من الجدل بعد نشره تغريدة على موقع «إكس»، تعليقاً على محاولة اغتيال ترمب الأخيرة، قال فيها: «ولا أحد يحاول اغتيال بايدن أو كامالا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا  رايان ويسلي روث المتهم بمحاولة اغتيال دونالد ترمب، خلال مشاركته في مظاهرة في العاصمة الأوكرانية كييف، 30 أبريل (نيسان) 2022 (أ.ب)

الكرملين عن صلة مطلق النار على ترمب بأوكرانيا: «اللعب بالنار له عواقب»

قال الكرملين إن ما أثير حول صلات المشتبه به في محاولة اغتيال المرشح الرئاسي الأميركي دونالد ترمب بأوكرانيا، يُظهر أن «اللعب بالنار» له تبعات وعواقب.

«الشرق الأوسط» (موسكو )
الولايات المتحدة​ المرشح الجمهوري دونالد ترمب والمغنية الأميركية تايلور سويفت (أ.ف.ب)

ترمب: أكره تايلور سويفت

لا تزال العداوة بين المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترمب ومغنية البوب ​​تايلور سويفت تتصاعد بعد أن أيدت منافسته الديمقراطية في الانتخابات الرئاسية لعام 2024.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

التحقيق مع روبرت كيندي لقطعه رأس حوت ميت بمنشار كهربائي

روبرت كيندي جونيور (رويترز)
روبرت كيندي جونيور (رويترز)
TT

التحقيق مع روبرت كيندي لقطعه رأس حوت ميت بمنشار كهربائي

روبرت كيندي جونيور (رويترز)
روبرت كيندي جونيور (رويترز)

قال روبرت كيندي، المرشح الرئاسي الأميركي السابق، إنه يخضع للتحقيق بسبب قطع رأس حوت ميت بمنشار كهربائي.

ووفق شبكة «سكاي نيوز» البريطانية، فقد قال كيندي خلال فعالية انتخابية للمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية، دونالد ترمب، في غلينديل بولاية أريزونا: «تلقيت رسالة من (المعهد الوطني لمصايد الأسماك البحرية) تفيد بأنهم يحققون معي لجمعي عينة حوت قبل أكثر من 20 عاماً».

ولم يتحدث الرجل البالغ من العمر 70 عاماً عن أي تفاصيل أخرى، لكن ابنته قالت في تصريح سابق إنه استخدم منشاراً كهربائياً لقطع رأس حوت ميت قبل 30 عاماً.

وفي تصريحات قالتها لمجلة «تاون آند كانتري» في عام 2012، وصفت كاثلين كيندي (36 عاماً) كيف قام والدها عندما كانت في السادسة من عمرها بقطع رأس الحوت بعد أن جرفته الأمواج إلى الشاطئ في ميناء هيانيس بولاية ماساتشوستس، وربطه بسيارة العائلة بحبال مطاطية لنقله إلى منزلهم في نيويورك.

وتُدوولت هذه التصريحات على نطاق واسع مؤخراً.

وقال روبرت كيندي إن هذا التحقيق الذي يخضع له هو مثال على الأساليب التي تستخدمها الحكومة ضد المعارضين السياسيين.

وأكد لشبكة «إن بي سي نيوز» أنه لم يقتل حوتاً قط.

يأتي ذلك بعد شهر من تعرض كيندي لانتقادات واسعة بعد اعترافه بأنه ترك دباً صغيراً نافقاً بحديقة «سنترال بارك» في مانهاتن عام 2014؛ لأنه اعتقد أن الموضوع سيكون «مسلّياً».

وقال كيندي إنه كان يقود سيارته في وادي هدسون بنيويورك عندما شاهد سيدة تصدم دباً صغيراً وتقتله.

وتابع: «توقفت والتقطت الدب الصغير، ووضعته في شاحنتي، وكنت أنوي الحصول على فَرْوِه. لقد كان في حال جيدة، وكنت أنوي الاحتفاظ بلحمه في المبرد».

وروى كيندي أنه تناول العشاء برفقة أصدقائه في مطعم بنيويورك، ثم توجّه للمطار بعده؛ مما يعني أنه كان عليه التخلص من الدب الصغير، فوضعه في حديقة «سنترال بارك» وبجانبه دراجة قديمة حتى يبدو كأن أحداً صدمه بالدراجة.

وقرر كيندي الانسحاب من السباق الرئاسي الأميركي الشهر الماضي، معلناً دعمه ترمب.

وعقب إعلان انسحابه، أدان كيندي ترشيح الحزب الديمقراطي نائبة الرئيس كامالا هاريس من دون إجراء انتخابات تمهيدية، مشيراً إلى كثير من التحفظات إزاء حزبه السابق قال إنها دفعته إلى «تقديم الدعم للرئيس ترمب».