إخلاء مبان بمدينة سبرينغفيلد الأميركية يذكي نظرية مؤامرة ضد المهاجرين الهايتيين

رجل يحمل لافتة صممها الذكاء الاصطناعي لترمب محاولا إنقاذ قطط من مهاجرين هايتيين خارج تجمع انتخابي في أريزونا (أ.ف.ب)
رجل يحمل لافتة صممها الذكاء الاصطناعي لترمب محاولا إنقاذ قطط من مهاجرين هايتيين خارج تجمع انتخابي في أريزونا (أ.ف.ب)
TT

إخلاء مبان بمدينة سبرينغفيلد الأميركية يذكي نظرية مؤامرة ضد المهاجرين الهايتيين

رجل يحمل لافتة صممها الذكاء الاصطناعي لترمب محاولا إنقاذ قطط من مهاجرين هايتيين خارج تجمع انتخابي في أريزونا (أ.ف.ب)
رجل يحمل لافتة صممها الذكاء الاصطناعي لترمب محاولا إنقاذ قطط من مهاجرين هايتيين خارج تجمع انتخابي في أريزونا (أ.ف.ب)

أخلت السلطات الأميركية مبنى حكوميا ومدرسة في سبرينغفيلد بولاية أوهايو بعد تلقيها تهديدا بوجود قنبلة، الخميس، ما أحدث اضطرابا في المدينة الصغيرة التي تقع في صلب نظرية مؤامرة مناهضة للمهاجرين استخدمها ترمب خلال المناظرة الرئاسية.

وسُلطت الأضواء على سبرينغفيلد في الأيام الأخيرة بعد انتشار قصص على وسائل التواصل الاجتماعي عن مهاجرين من هايتي في المدينة يأكلون الحيوانات الأليفة للسكان، حيث كرر ترمب ذكرها خلال المناظرة الرئاسية لدعم موقفه من الهجرة على الرغم من كشف زيفها. واتهم الديمقراطيون ترمب ومرشحه لمنصب نائب الرئيس جاي دي فانس، السناتور عن ولاية أوهايو، بإذكاء التوترات العنصرية من خلال نشرهما نظرية مؤامرة تهدف للترويج لأخطار الهجرة من أجل جعلها قضية لحملتهما قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني).

وعلى الرغم من نفي مسؤولين محليين تلقي أي تقارير موثوقة عن سرقة حيوانات أليفة وأكلها، كرر ترمب هذا الادعاء خلال مناظرته الثلاثاء ضد منافسته الديموقراطية كامالا هاريس. وأعلنت بلدية المدينة في منشور على فيسبوك أنه "تم إغلاق مبنى البلدية اليوم بسبب تهديد بوجود قنبلة في منشآت عدة تقع في أنحاء سبرينغفيلد". وأضافت "جرى تنبيه مسؤولي المدينة إلى هذا التهديد عبر رسالة بريد إلكتروني هذا الصباح عند الساعة 8,24 صباحا"، مشيرة إلى وصول الرسالة أيضا إلى العديد من وسائل الإعلام.

وأُخليت أيضا مدرسة فولتون الابتدائية في المدينة الخميس، رغم أنه لم يكن واضحا على الفور ما إذا كان الأمر مرتبطا بنفس التهديد. وقال المهاجر الهايتي ماكينسو روزيمي لوكالة فرانس برس لدى وصوله إلى المدرسة لأخذ طفلته إن التوترات الحالية في المجتمع "مثيرة للقلق". أضاف "أنا متوتر قليلا. أعتقد أن شيئا ما قد يحدث".

وعُلقت لافتة باللغات الإنكليزية والإسبانية والهايتية لإبلاغ الأهالي بنقل الطلاب إلى إحدى المدارس الثانوية. ونقلت صحيفة "نيوز-صن" المحلية عن رئيس بلدية المدينة روب رو قوله إن التهديد بوجود قنبلة جاء من شخص يدّعي أنه من سبرينغفيلد وذكر في تهديده قضايا عن الهجرة الهايتية.

وعلى الرغم من هذا التهديد، أعاد ترمب بعد ساعات نشر منشورات متعلقة بنظرية المؤامرة في سبرينغفيلد على منصته "تروث سوشال". وادعى أن ولاية أوهايو "تغرق بالمهاجرين غير الشرعيين، معظمهم من هايتي، الذين يستولون على المدن والقرى بمستوى ومعدل لم نشهده من قبل".

وكان البيت الأبيض قد حذر الثلاثاء من أن مثل هذا الخطاب قد يؤدي إلى مخاطر حقيقية في المجتمع. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي للصحافيين "هذا النوع من المعلومات المضللة خطير لأنه سيكون هناك أشخاص يصدقونها، بغض النظر عن مدى سخافتها وغبائها، وقد يتصرفون بناء على هذا النوع من المعلومات بطريقة يمكن أن تُعرّض شخصا ما للأذى".

وشهدت سبرينغفيلد التي يبلغ عدد سكانها نحو 58 ألف نسمة زيادة في عدد المهاجرين الهايتيين في السنوات الأخيرة، حيث وصل عددهم إلى نحو 15 ألفا وفقا لصحيفة "نيوز-صن".


مقالات ذات صلة

لورا لومر: من هي الشخصية المثيرة للجدل التي تسافر مع ترمب؟

الولايات المتحدة​ لورا لومر تصل مع المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب لزيارة شركة إطفاء الحرائق التطوعية في شانكسفيل (أ.ب)

لورا لومر: من هي الشخصية المثيرة للجدل التي تسافر مع ترمب؟

أثار وجود مناصرة نظريات المؤامرة اليمينية لورا لومر إلى جانب المرشح الجمهوري دونالد ترمب في الحملة الانتخابية في الأيام الأخيرة تساؤلات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشحة الديمقراطية للرئاسة ونائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس خلال تجمع انتخابي في غرينسبورو بولاية نورث كارولاينا بالولايات المتحدة الأميركية في 12 سبتمبر 2024 (رويترز)

هاريس وترمب يتوجّهان إلى الولايات الأميركية الحاسمة لنتيجة الانتخابات

يتوجه مرشحا الانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترمب وكامالا هاريس إلى ولايات حاسمة بالنسبة للاقتراع، إذ يسعى كل منهما للتفوّق في سباق تبدو نتائجه متقاربة جداً

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترمب يتحدث خلال المناظرة الرئاسية مع نائبة الرئيس الأميركي والمرشحة الديمقراطية للرئاسة كامالا هاريس مساء الثلاثاء (أ.ف.ب)

السلطات الأميركية ستوجّه اتهامات جنائية بشأن الاختراق الإيراني لحملة ترمب

كشفت مصادر لصحيفة واشنطن بوست الأميركية أن السلطات تستعد لتوجيه اتهامات جنائية بشأن اختراق حملة دونالد ترمب الرئاسية المنسوب لإيران والذي أسفر عن تسريب وثائق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس جيه دي فانس يتحدث إلى صحافيين (إ.ب.أ)

جيه دي فانس يرى أن «آبل» تستفيد من العمالة القسرية الصينية

شنّ المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس، السيناتور جيه دي فانس، هجوماً على شركة «آبل».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشحة الديمقراطية للرئاسة كامالا هاريس (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب يوجه مجاملة مفاجئة لهاريس بعد المناظرة

قدّم الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترمب إطراءً مفاجئاً من كلمتين لمنافسته الديمقراطية كامالا هاريس حول أدائها في المناظرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الانتخابات الأميركية أمام تحدي مواجهة حملات التضليل المعلوماتي

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالية كامالا هاريس خلال المناظرة في فيلادلفيا ببنسلفانيا في الولايات المتحدة الأميركية في 10 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالية كامالا هاريس خلال المناظرة في فيلادلفيا ببنسلفانيا في الولايات المتحدة الأميركية في 10 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

الانتخابات الأميركية أمام تحدي مواجهة حملات التضليل المعلوماتي

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالية كامالا هاريس خلال المناظرة في فيلادلفيا ببنسلفانيا في الولايات المتحدة الأميركية في 10 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالية كامالا هاريس خلال المناظرة في فيلادلفيا ببنسلفانيا في الولايات المتحدة الأميركية في 10 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

تستعد الولايات المتحدة لخوض الانتخابات المقبلة وسط تفاقم المخاوف من تأثير التضليل الرقمي والذكاء الاصطناعي في الحملات الانتخابية، إلى جانب التراجع في قدرة المؤسسات الإعلامية والمجتمع المدني على مواجهة هذه التحديات. ومع اقتراب موعد الانتخابات، يزداد القلق من قدرة بعض الجهات الفاعلة على التأثير في مسار الديمقراطية الأميركية.

ويقول أليكس كراسودومسكي، الباحث في مجال أبحاث الإعلام الرقمي، في تقرير نشره «المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس)»، إن الانتخابات الأميركية ستُقام في أكثر بيئة معلومات ملوثة ومتدهورة في الذاكرة الحية. وكانت المخاوف المبالغ فيها من نهاية العالم التي أحدثها الذكاء الاصطناعي في بداية العام غير مبررة.

لكن تدفق الرسائل غير المرغوب فيها المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي والتزوير العميق و«الميمات» قد زاد من تأجيج الاتجاهات طويلة الأمد في الإعلانات السياسية الرقمية المخصصة، وتفكك وسائل الإعلام المحلية، وهشاشة البنية التحتية الديمقراطية الرقمية تجاه الاستخدام السيئ والإساءة، حسب «وكالة الأنباء الألمانية».

ويقول كراسودومسكي إن الانتخابات الأميركية ستُقام تحت حجاب كثيف، حيث يجد الأشخاص والمنظمات، الذين كانوا في السابق يسلطون الضوء على تهديد المعلومات المضللة، أنفسهم في حالة من الإقصاء، ويواجهون الأساليب القانونية والمضايقات، ويتم تقليص وصولهم إلى البيانات، وتخفيض تمويلهم.

وهذا تغيير نسبي حديث. وعلى الرغم من بعض التوترات، فإن الحكومات ومنصات التكنولوجيا والمجتمع المدني كانت في السابق على تواصل، بينما كانوا يتجادلون حول شكل وقواعد وقيم الحياة عبر الإنترنت.

فجوة المساءلة

وعمل الصحافيون والأكاديميون ومنظمات المجتمع المدني على سد فجوة المساءلة التي تركتها اللوائح البطيئة وإدارة السياسات القائمة على تردد الحكومات الغربية في التدخل في الإعلام أو الحريات الشخصية.

وعمل «مجتمع المساءلة» هذا على لفت الانتباه إلى الأماكن التي كانت فيها العمليات السياسية والديمقراطية، والمؤسسات، والقواعد تتآكل بسبب الانتقال إلى الإنترنت، في بعض الأحيان حتى قبل أن يكون لدى الشركات المشرفة على التكنولوجيا وعي بذلك. وشمل ذلك الكشف عن محاولات استخدام منصات التكنولوجيا لزعزعة العمليات الديمقراطية في الولايات المتحدة، مثل «فضيحة كامبريدج أناليتيكا» في عام 2018.

ولسنوات، كانت مثل هذه القصص والمنظمات التي تقف وراءها موضع ترحيب (على مضض في بعض الأحيان) من قبل كل من الصناعة وصانعي السياسات. ولكن مع بقاء أقل من ستين يوماً على الانتخابات الأميركية، فإن هذه الصداقة تبدو منتهية، ووجد مجتمع المساءلة نفسه يخوض حرب عصابات، فهو يعاني دوماً من نقص التمويل ويفتقر دائماً إلى الموارد، ولكنه الآن أيضاً في صراع مع منصات التكنولوجيا وعناصر المشهد السياسي الأميركي المستقطب.

ويرى كراسودومسكي أن هذا أمر مقلق في سياق مزاعم جديدة عن حملة تضليل مدعومة من روسيا تهدف إلى التأثير في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، واختراق إيراني مشتبه به لحملة المرشح الجمهوري دونالد ترمب، وبينما يقوم الحزبان الأميركيان بتجربة استخدام الذكاء الاصطناعي في اتصالاتهما عبر الإنترنت.

ويتضاءل الوصول إلى البيانات، وهي عنصر حاسم في فهم ما يحدث في الفضاء عبر الإنترنت.

وكانت هذه البيانات هي التي كشفت عملاء متحالفين مع روسيا يزعم أنهم يستخدمون المنصات الرقمية للتحريض على الصراع الاجتماعي في الفترة التي سبقت انتخابات عام 2016.

وفي الوقت نفسه، بعد استحواذ إيلون ماسك على تويتر («إكس» حالياً) في عام 2022، أصبح الوصول إلى البيانات على نطاق واسع مكلفاً للغاية، بعد أن كان مجانياً للباحثين، لدرجة أن الباحثين أبلغوا عن زيادة ما يطلب منهم دفعه. وقامت منصة «ريتدت» بخطوة مماثلة العام الماضي. وأصبحت هذه المساحات، وأجزاء مهمة من البنية التحتية السياسية الغربية، مظلمة.

«الأخبار المزيفة»

وخلال فترة مماثلة، دخلت «الأخبار المزيفة» إلى المعجم الأميركي، وأصبحت أبحاث المعلومات المضللة مشحونة سياسياً. واتهم الباحثون، حتى أولئك الذين يركزون على تدخل الدول الأجنبية، على نحو متزايد بالشروع في إسكات المعارضة السياسية الداخلية.

وفي مارس (آذار) من العام الماضي، أصدرت اللجنة الفرعية للنائب الأميركي جيم جوردان حول تسليح الحكومة الاتحادية، رسائل إلى الجامعات الأميركية تطلب معلومات عن أي شخص يدعم «نظام الرقابة» من خلال «تقديم المشورة بشأن ما تُسمى (المعلومات المضللة)».

وتم تضخيم تعميم نظريات المؤامرة التي تستهدف ممولي عمل مساءلة المنصات في الكونغرس، لا سيما مؤسسة المجتمع المفتوح.

ثم جاءت الدعاوى القضائية. وأقامت منصة «إكس» دعوى قضائية ضد «المركز البريطاني لمكافحة الكراهية الرقمية» بعد أن نشر المركز بحثاً يدعي زيادة خطاب الكراهية على المنصة. وتم رفض القضية، ولكن دعوى مماثلة في الولايات المتحدة، تستهدف جماعة مراقبة غير ربحية تُسمى «ميديا ماترز» من المقرر نظرها العام المقبل.

وهناك قضايا أخرى في الولايات المتحدة قد أصابت هدفها بالفعل، حيث تم إغلاق «التحالف العالمي للإعلام المسؤول»، وهو مجموعة إعلانية غير ربحية، من قبل المنظمة الأم بعد أن رفعت «إكس» دعوى قضائية تتهمه بالتآمر لحجب إيرادات الإعلانات.

والتأثيرات المروعة لهذا الرد واضحة، والباحثون في مجال المعلومات المضللة اليوم أكثر حذراً في التعبير عن آرائهم. وفقاً لصحيفة «واشنطن بوست»، فإن «الأكاديميين والجامعات والوكالات الحكومية يعيدون هيكلة أو إنهاء برامج بحثية مصممة لمكافحة انتشار المعلومات الخاطئة عبر الإنترنت، في ظل حملة قانونية يقودها سياسيون ونشطاء محافظون يتهمونهم بالتآمر مع شركات التكنولوجيا لفرض رقابة على الآراء اليمينية».

وفي أفضل حالاته، نجح العمل في مكافحة المعلومات المضللة في جمع القطاع والحكومة والمجتمع المدني لهدف مشترك، مع الاعتراف بأن الرقمنة السريعة للديمقراطيات قد أدخلت نقاط ضعف خطرة، وأن معالجتها كانت في مصلحة الجميع. ويقول كراسودومسكي: «مع اقترابنا من ذروة هذا العام الانتخابي، يظل العالم بعيداً عن تلك النقطة العالية».

ويرى أن عكس هذا الارتداد المفاجئ أمر مهم، على الرغم من أنه سيأتي متأخراً بالنسبة للانتخابات الأميركية في نوفمبر.

ويعدّ عمل مجتمع المساءلة ضرورياً لمراقبة كيفية تشكيل العالم الرقمي للديمقراطيات. ومن الضروري أن يستمر الدعم الخيري للصحافة الاستقصائية المتعلقة بالمعلومات المضللة.

هناك حاجة إلى حماية أفضل للمبلغين عن المخالفات، واقتراحات حكومية لتقييد «الحروب القانونية»؛ للحفاظ على نزاهة الانتخابات، وحماية الثقة العامة في النتائج. كما أن الاستثمار في بنية تحتية سياسية بديلة هو أيضاً مشروع يستحق المتابعة.