دعوات أميركية لرفع القيود عن استخدام أوكرانيا صواريخ «أتاكمز»

باحثون أميركيون: تردد بايدن يسمح لبوتين بتصعيد هجماته وإطالة الحرب

منظومة «باتريوت» المضادة للطيران التي زُوِّدت بها أوكرانيا لتعطيل فاعلية الطيران الروسي (د.ب.أ)
منظومة «باتريوت» المضادة للطيران التي زُوِّدت بها أوكرانيا لتعطيل فاعلية الطيران الروسي (د.ب.أ)
TT

دعوات أميركية لرفع القيود عن استخدام أوكرانيا صواريخ «أتاكمز»

منظومة «باتريوت» المضادة للطيران التي زُوِّدت بها أوكرانيا لتعطيل فاعلية الطيران الروسي (د.ب.أ)
منظومة «باتريوت» المضادة للطيران التي زُوِّدت بها أوكرانيا لتعطيل فاعلية الطيران الروسي (د.ب.أ)

تصاعدت، في الآونة الأخيرة، الدعوات لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لرفع القيود التي تفرضها على استخدام أوكرانيا الأسلحة الأميركية الصاروخية بعيدة المدى، في استهداف العمق الروسي.

وحثّ وزير الخارجية الأوكراني، دميتري كوليبا، الخميس، حلفاء بلاده في الاتحاد الأوروبي على تسريع تسليم أنظمة الدفاع الجوي، التي تعهّدوا بتزويد كييف بها. وقال، على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي، عقب اجتماعه مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل: «عبّرتُ عن الحاجة المُلحة لتسليم المساعدات العسكرية التي جرى التعهد بها بالفعل، ومن بينها أنظمة الدفاع الجوي».

وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليبا (إ.ب.أ)

وأعلنت روسيا، الخميس، أنها سيطرت على قريتين إضافيتيْن في منطقتيْ دونيتسك ولوغانسك بشرق أوكرانيا، في حين تُواصل قواتها تقدمها في عمق البلاد. وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية، في تحديث، هذا الصباح، إن القوات الأوكرانية صدَّت هجمات في منطقة ستيلماكيفكا.

ومع وصول وزير الدفاع الأوكراني إلى واشنطن، للقاء المسؤولين الأميركيين؛ في محاولة جديدة لرفع تلك القيود، عبر توضيح «قائمة الأهداف» الموسَّعة، يرى بعض الخبراء أن تمكن الجيش الأوكراني، في الأسابيع الأخيرة، من السيطرة على أكثر من 1200 كيلومتر بمنطقة كورسك الروسية، يزيد قدرته على استهداف عمقٍ أكبر من الأراضي الروسية، وإصابة كثير من الأصول العسكرية التي قام الجيش الروسي بسحبها، لتجنب استهدافها. وهي إحدى الحجج التي يقول المسؤولون في إدارة بايدن إنها تقف وراء عدم جدوى رفع تلك القيود، التي لن تؤدي إلّا إلى «استفزاز» روسيا، فضلاً عن عدم تغيير الوضع الميداني.

قصف صاروخي روسي على أوكرانيا (أ.ف.ب)

وفي الأسبوع الماضي، قال مسؤول أميركي كبير إن استخدام صواريخ «أتاكمز» بعيدة المدى لن يُحدث فرقاً كبيراً، وإن روسيا نقلت 90 في المائة من الطائرات التي تطلق قنابل انزلاقية على البنية التحتية المدنية خارج نطاق هذه الصواريخ.

وهو ما طرح تساؤلات عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء تمسك الرئيس بايدن بموقفه، على الرغم من إعلان بريطانيا أخيراً سماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ «ستورم شادو/ سكالب» بعيدة المدى، في ضرب عمق الأراضي الروسية.

تردد بايدن يقيد واشنطن

يقول مايكل روبن، كبير الباحثين في الشأن الروسي بمعهد «أميركان إنتربرايز»، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إن هناك سببين لهذا الموقف؛ الأول أن بايدن يردع نفسه، فهو يسمح لخوفه مما قد يفعله بوتين بتقييد السياسة الأميركية، لكنه لا يدرك أن هذا هو رد الفعل الذي يُعوّل عليه بوتين ويشجعه، في الواقع، على أن يكون أكثر عدوانية ويطيل الحرب. ثانياً يأمل فريق بايدن بأن يتمكنوا من «إعادة ضبط العلاقات» مع روسيا بالطريقة نفسها التي فعلتها هيلاري كلينتون في بداية إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما.

ورغم أن روسيا أعادت نشر بعض الطائرات من 16 قاعدة جوية تقع ضمن نطاق نظام «أتاكمز»، يشير «معهد دراسة الحرب» في واشنطن، في تقرير جديد، إلى أن هذا «لا يقلل من أهمية السماح لأوكرانيا باستخدام نظام (أتاكمز) ضد مئات الأهداف العسكرية الروسية الأخرى». ويحدد التقرير «ما لا يقل عن 245 هدفاً عسكرياً وشبه عسكري روسياً يمكن أن تضربها أوكرانيا إذا جرت إزالة القيود».

وتشمل القائمة «قواعد عسكرية كبيرة، ومحطات اتصالات، ومراكز لوجستية، ومرافق إصلاح، ومستودعات وقود، ومستودعات ذخيرة، ومقرات دائمة» تدعم وتُزوّد القوات الروسية في أوكرانيا. ويشير المعهد إلى أنه سيكون من «الصعب تماماً أو المستحيل» بالنسبة لروسيا أن تقوم بسرعة بتعزيز هذه الأهداف المحتملة. كما ستواجه روسيا أيضاً صعوبة في نقل الأصول؛ مثل مرافق إصلاح الدبابات، إلى ما هو أبعد من نطاق نظام تلك الصواريخ. ويقول إنه، حتى لو تمكنت روسيا من إعادة نشرها بالسرعة الكافية، فإن الاضطرابات ستُقيّد العمليات الهجومية الروسية على خط المواجهة. ولطالما خشيت إدارة بايدن من أن يقوم بوتين بتصعيد حربه، إذا تعرضت قواته لمزيد من الهجمات الخطيرة، ما قد يجرُّها مع حلف «الناتو» للتورط.

واشنطن زوّدت كييف بصواريخ «أتاكمز» طويلة المدى (رويترز)

استرضاء بوتين لا يفيد

وهنا تقول إيفانا سترادنر، كبيرة الباحثين في الشأن الروسي بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، إن إدارة بايدن تبنّت نهجاً يتجنب المخاطرة بشأن أوكرانيا؛ خوفاً من التصعيد. وتضيف، في حديث مع «الشرق الأوسط»، قائلة: «ومع ذلك فإن هذا النهج لا يفيد سوى بوتين الذي صعَّد بالفعل ووضع واشنطن في موقف دفاعي. وفي حين تخشى الولايات المتحدة التهديدات النووية الروسية، يعلم بوتين أن التهديد بسيناريو الكارثة النووية يتردد صداه لدى عدد من صُناع القرار في الغرب الذين يسترضون موسكو»، لكن سترادنر تضيف: «لقد حان الوقت لكي تتوقف إدارة بايدن عن الوقوع في فخ حِيل موسكو؛ لأن ذلك جزء من ألعاب روسيا النفسية. بوتين لا يقدّر سوى القوة، وينبغي على واشنطن أن تسمح لأوكرانيا باستخدام الأسلحة الأميركية بعيدة المدى».

وفي حين تُشكك إدارة بايدن أيضاً بقدرة أوكرانيا على الصمود دون تدخل مباشر من واشنطن، يقول روبن إن هذا الأمر غير صحيح؛ لأن بايدن يسمح لأمانيه الخاصة بتشكيل التحليل. وأضاف: «في كل لحظة حاسمة، تحدّت أوكرانيا تحليل إدارة بايدن، وأثبتت خطأ البيت الأبيض: زيلينسكي لم يهرب. أوكرانيا لم تسقط في غضون أسبوعين. ولم يكن الجيش الروسي قوياً، بل كان عبارة عن قذيفة فارغة». لذا فإن أفضل طريقة لإنهاء هذه الطريق هي جعل روسيا تدفع الثمن، وليس حصر القتال في الأراضي التي تريد روسيا احتلالها». وقال: «سواء أكانت أوكرانيا أم لا، ينبغي لأحد ألا يأخذ ادعاءات إدارة بايدن على محمل الجِد، أو أن يُقيّمها على أنها صحيحة».


مقالات ذات صلة

ترمب يعين جنرالاً سابقاً مقرباً منه موفداً إلى أوكرانيا وروسيا

الولايات المتحدة​ ترمب وكيلوغ خلال لقاء سابق عام 2017 (أ.ف.ب)

ترمب يعين جنرالاً سابقاً مقرباً منه موفداً إلى أوكرانيا وروسيا

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الأربعاء)، أنه عيّن الجنرال السابق كيث كيلوغ المقرب منه للغاية، موفداً إلى أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا جانب من الدمار جراء الغارات الروسية على أوكرانيا (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة قلقة بشأن «تصعيد جديد» للحرب في أوكرانيا

أعرب مسؤول كبير في الأمم المتحدة، اليوم (الأربعاء)، عن قلقه بشأن «تصعيد جديد» للحرب في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا دبابة تابعة لقوات من المتطوعين موالية لأوكرانيا توغلت في الأراضي الروسية (إ.ب.أ)

15 ألف «مرتزق أجنبي» من 100 بلد يقاتلون الروس إلى جانب أوكرانيا

شكل انخراط آلاف من «المرتزقة الأجانب» من زهاء 100 بلد في العمليات العسكرية إضافة نوعية إلى الدعم العسكري والاستخباراتي الواسع الذي تحصل عليه أوكرانيا

رائد جبر (موسكو)
أرشيفية لتجربة أجرتها كوريا الشمالية لصاروخ باليستي (أ.ب)

موسكو ستبقي القنوات مفتوحة مع واشنطن... لكن تحذرها من «دوامة التصعيد»

حثت موسكو الأربعاء الولايات المتحدة على ضرورة وقف ما سمته «دوامة تصعيد» بشأن أوكرانيا

«الشرق الأوسط» (موسكو) «الشرق الأوسط» (سيول)
أوروبا رجال إطفاء أوكرانيون يعملون في مكان ما بعد هجوم جوي في دنيبرو وسط الغزو الروسي لأوكرانيا (أ.ف.ب)

باحثة روسية: بوتين لا يخادع وإطلاق صاروخ فرط صوتي متوسط المدى يُعدّ «تحذيراً»

ردت روسيا باختبار صاروخ «أوريشنيك» الذي تفوق سرعته سرعة الصوت؛ ليؤكد بذلك قوته مع تجنب تصعيد أوسع نطاقاً.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بايدن: أميركا تبذل جهداً آخر للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة

فلسطينيون يبكون أمام جثث أقاربهم الذين قُتلوا في الغارات الإسرائيلية بمستشفى الأهلي العربي (المعمداني) بغزة قبل تشييع جنازتهم (د.ب.أ)
فلسطينيون يبكون أمام جثث أقاربهم الذين قُتلوا في الغارات الإسرائيلية بمستشفى الأهلي العربي (المعمداني) بغزة قبل تشييع جنازتهم (د.ب.أ)
TT

بايدن: أميركا تبذل جهداً آخر للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة

فلسطينيون يبكون أمام جثث أقاربهم الذين قُتلوا في الغارات الإسرائيلية بمستشفى الأهلي العربي (المعمداني) بغزة قبل تشييع جنازتهم (د.ب.أ)
فلسطينيون يبكون أمام جثث أقاربهم الذين قُتلوا في الغارات الإسرائيلية بمستشفى الأهلي العربي (المعمداني) بغزة قبل تشييع جنازتهم (د.ب.أ)

قال الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم الأربعاء، إن بلاده ستبذل جهداً آخر مع تركيا ومصر وقطر وإسرائيل وآخرين؛ للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن.

وأضاف، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «إكس»: «بالإضافة إلى إنهاء الحرب دون وجود (حماس) في السلطة».

من جانبه، صرّح مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان، في مقابلة على قناة «إم إس إن بي سي» الأميركية، بأن بايدن يعتزم بدء العمل نحو وقف إطلاق النار المحتمل في غزة، اليوم. يأتي هذا غداة دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية، حيز التنفيذ، في وقت مبكر من صباح اليوم الأربعاء، بعد أن وافق الجانبان على اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة وفرنسا، في انتصار نادر للمساعي الدبلوماسية في منطقة تعصف بها الحرب منذ أكثر من عام.

في سياق متصل، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، اليوم، إن الهدف الأبرز لتل أبيب، بعد وقف إطلاق النار في لبنان، يتمثل بصفقة جديدة للإفراج عن الرهائن المحتجَزين في غزة.

وقال كاتس، خلال مؤتمر عُقد بوزارة الدفاع: «نتائج الحملة في الشمال تخلق ضغوطاً إضافية على (حماس)، ونعتزم بذل كل جهد ممكن لتهيئة الظروف لصفقة رهائن جديدة، وإعادة الجميع إلى بيوتهم. هذا هو الهدف الأبرز والأكبر أهمية لنا الآن»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».