أحد أهم الأسلحة الاستراتيجية لأميركا... صاروخ عمره 50 عاماً

صاروخ «مينتمان 3» داخل صومعة إطلاق أرضية في قاعدة مالمستروم الجوية (صفحة القاعدة العسكرية على فيسبوك)
صاروخ «مينتمان 3» داخل صومعة إطلاق أرضية في قاعدة مالمستروم الجوية (صفحة القاعدة العسكرية على فيسبوك)
TT

أحد أهم الأسلحة الاستراتيجية لأميركا... صاروخ عمره 50 عاماً

صاروخ «مينتمان 3» داخل صومعة إطلاق أرضية في قاعدة مالمستروم الجوية (صفحة القاعدة العسكرية على فيسبوك)
صاروخ «مينتمان 3» داخل صومعة إطلاق أرضية في قاعدة مالمستروم الجوية (صفحة القاعدة العسكرية على فيسبوك)

أسفل هذا الموقع المتواضع الذي يبعد عدة أميال عن الحدود الكندية، ويسمى «أوسكار6»، يقع أحد أقوى الأسلحة الأميركية على الإطلاق.

خلف باب مضاد للصدمات يستقر الصاروخ العابر للقارات «مينتمان 3» قمة الصاروخ فضية اللون تحمل رأساً نووياً يمكنه إصابة أي مكان في العالم، فمحركه الصاروخي يدفعه للطيران بسرعة 24 ألف كيلومتر في الساعة.

وفقاً لموقع «سي إن إن» هناك نحو 150 صومعة لصاروخ في محيط نورث داكوتا، كلها متصلة بعدة منشآت خارج قاعدة مينوت الجوية، حيث تعمل فرق من القوات على مدار الساعة استعداداً لأي أمر قد يأتي بإطلاق أحد أسلحة الولايات المتحدة للدمار الشامل.

صاروخ «مينتمان 3» داخل صومعة إطلاق أرضية في قاعدة مالمستروم الجوية (صفحة القاعدة العسكرية على فيسبوك)

وفقاً للقوات الجوية الأميركية، تمتلك الولايات المتحدة نحو 400 صاروخ «مينتمان 3»، موزعة على العديد من القواعد، ويجب أن تظل جاهزة للإطلاق طوال الوقت.

ويقول الكولونيل جيمس شابلاش، قائد جناح الصواريخ 91 في قاعدة مينوت الجوية: «القدرة التدميرية لهذه الصواريخ هائلة». تمثل الصواريخ الباليستية العابرة للقارات ضلعاً واحداً من الثالوث النووي، أي الوسائل التي تستخدمها الولايات المتحدة لشن هجوم نووي.

وعلى العكس من الضلعين الآخرين، وهما: القاذفات الاستراتيجية والصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات، فإن الصواريخ الباليستية العابرة للقارات تُطلق من مواقع ثابتة، وتتحكم كل منشأة في نحو 10 صوامع أرضية.

جنديان من القوات الجوية الأميركية داخل حجيرة تتحكم في 10 صواريخ «مينتمان 3» في قاعدة مينوت الجوية (صفحة القاعدة العسكرية على فيسبوك)

يوجد أسفل كل منشأة إنذار من الصواريخ، حجيرة صغيرة تقع خلف باب ضخم مغلق معظم الوقت. ويجلس جنديان داخل الحجيرة ويمكنهما التحكم في عشرة صواريخ.

وتقول الجندية الأميركية، إيفلين ماكوي، لموقع «سي إن إن»: «عندما نفتح هذا الباب الضخم ونعبر للداخل كأننا انتقلنا لعالم آخر، وعندما نجلس داخل هذه الحجيرات نتذكر أن أمام أطراف أصابعنا أسلحة تساوي مليارات الدولارات، وهذا ليس هيناً».

يقضي جنديان من القوات الجوية مناوبة من 24 ساعة في الحجيرة بقاعدة مينوت الجوية، ويستخدمان سريراً وحماماً وثلاجة ومايكروويف.

فرق صيانة تعمل في قاعدة مالمستروم الجوية (صفحة القاعدة العسكرية على فيسبوك)

قد يسبب قضاء وقت طويل في الحجيرة الضجر، خصوصاً أن التواصل مع العالم الخارجي يكون محدوداً. على السطح هناك فرق من الحراسة لحماية صوامع الصواريخ ومنشأة الإنذار، بينما تجهز مجموعة صغيرة من الطهاة 3 وجبات لكامل الفرق الموجودة بالمكان.

ويقول الليوتانيت جوزيف كامبيو: «نتدرب على القتال وعلى التعامل مع الأمور بجدية. وهناك أفراد مخصصون لصيانة أنظمة التسليح بشكل يومي، وكذلك فرق لحراسة الموقع، وفرق طبية لمساندتنا حين الحاجة. أي أن الجناح بالكامل مخصص لهذه المهمة».

صاروخ «مينتمان 3» داخل صومعة إطلاق أرضية في قاعدة مينوت الجوية (صفحة القاعدة العسكرية على فيسبوك)

تم نشر الصاروخ «مينتمان 3» للمرة الأولى في عام 1970، أي بعد أقل من عشر سنوات على أزمة الصواريخ الكوبية. وانتهى إنتاج الولايات المتحدة من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات في عام 1978، لذلك أحدث صاروخ من هذا النوع في مخزون الولايات المتحدة عمره نحو 50 عاماً، ومر بالعديد من عمليات التحديث والتطوير حتي يظل يعمل.

وأعلنت القوات الجوية عن عزمها استبدال الصاروخ القديم «مينتمان 3» بالصاروخ «سينتنال» الذي وصفته بأنه «الخيار الأكثر فعالية من حيث التكلفة» ضمن هذا الضلع من الثالوث النووي. لكن في يوليو (تموز) اعترفت القوات الجوية بأن برنامج إنتاج الصاروخ «سينتنال» سيتكلف نحو 140 مليار دولار أي أنه تخطى الميزانية بنحو 81% رغم عدم تسليم أي صاروخ منه.

جندية تحضّر طعاماً في قاعدة مالمستروم الجوية (صفحة القاعدة العسكرية على فيسبوك)

ودافع ويليام لابلانت، مساعد وزير الدفاع الأميركي، عن المشروع المكلف، مشيراً إلى أن روسيا والصين تسارعان في تطوير ترسانتهما من الأسلحة الاستراتيجية.

وصرح قائد القيادة الاستراتيجية الأميركية للبنتاغون، العام الماضي، بأن الصين تمتلك منصات إطلاق صواريخ استراتيجية أكثر مما تمتلكه الولايات المتحدة.

أما روسيا فنفذت تدريبات عسكرية تتضمن أسلحة نووية تكتيكية، ويهدد الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين مراراً باستخدام أسلحة نووية منذ غزو بلاده لأوكرانيا. في الوقت نفسه، تستمر كوريا الشمالية في اختبار صواريخ باليستية، وهناك قلق من أن تجري تجربة نووية جديدة.

فرق صيانة تعمل في قاعدة مالمستروم الجوية (صفحة القاعدة العسكرية على فيسبوك)

وأشار وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى أن أمام إيران أسبوع أو اثنين لصناعة قنبلة نووية إذا قررت ذلك.

واختتم شابلاش: «الحرب الباردة في عالم ذي قطبين كانت أقل تعقيداً من الوضع الحالي حيث تأتي التهديدات من مصادر متعددة، لذلك هناك حاجة لتطوير مخزون الصواريخ الباليستية».


مقالات ذات صلة

أميركا تكثف ضغوطها على إيران وإسرائيل لتفادي «حرب أوسع»

شؤون إقليمية مقاتلات «إف - 22» تصل إلى منطقة القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم)

أميركا تكثف ضغوطها على إيران وإسرائيل لتفادي «حرب أوسع»

كثفت الولايات المتحدة جهودها الدبلوماسية والعسكرية والسياسية لتجنب اندلاع حرب موسعة في الشرق الأوسط

هبة القدسي (واشنطن)
العالم العربي مقاتلة أميركية تقلع من حاملة الطائرات «يو إس إس أيزنهاور» لشن ضربات على أهداف للحوثيين في اليمن (أرشيفية -أ.ف.ب)

ضربات أميركية استباقية تدمر قدرات عسكرية حوثية

أعلن الجيش الأميركي، الخميس، تدمير قدرات عسكرية للحوثيين في ضربات استباقية في سياق عمليات التصدي التي تقودها واشنطن لحماية السفن من الهجمات المدعومة من إيران.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي صورة جوية ملتقطة في 29 ديسمبر 2019 من طائرة هليكوبتر لقاعدة «عين الأسد» الجوية غرب العراق (أ.ب)

مخاوف عراقية من انهيار الهدنة مع القوات الأميركية

تتصاعد المخاوف في العراق من انهيار الهدنة بين الفصائل الموالية لإيران والقوات الأميركية، بالتزامن مع التهديد الإيراني المستمر بالرد على اغتيال إسماعيل هنية.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي آليات عسكرية أميركية في قاعدة عين الأسد الجوية في الأنبار بالعراق (أرشيفية - رويترز)

إصابة 5 جنود أميركيين في هجوم صاروخي على قاعدة عين الأسد بالعراق

قال مسؤولون أميركيون لرويترز إن ما لا يقل عن خمسة جنود أميركيين أصيبوا في هجوم على قاعدة عسكرية في العراق اليوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (بغداد )
المشرق العربي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

واشنطن تبعث برسائل تطالب إيران بعدم التصعيد

حض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في اتصالات أجراها، الاثنين، جميع الأطراف في الشرق الأوسط على تجنب «التصعيد».

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

«مشروع 2025» سيف مصلت بيد ترمب… إذا فاز بالانتخابات

جانب من فعالية انتخابية ضمن حملة إعادة انتخاب ترمب في مونتانا خلال 9 أغسطس (أ.ب)
جانب من فعالية انتخابية ضمن حملة إعادة انتخاب ترمب في مونتانا خلال 9 أغسطس (أ.ب)
TT

«مشروع 2025» سيف مصلت بيد ترمب… إذا فاز بالانتخابات

جانب من فعالية انتخابية ضمن حملة إعادة انتخاب ترمب في مونتانا خلال 9 أغسطس (أ.ب)
جانب من فعالية انتخابية ضمن حملة إعادة انتخاب ترمب في مونتانا خلال 9 أغسطس (أ.ب)

لم يأخذ كثيرون من الحزبين «الجمهوري» و«الديمقراطي» على محمل الجد محاولات الرئيس السابق دونالد ترمب التنصل من «مشروع 2025»، الذي أعدته مؤسسة «هيريتدج»، بهدف إحكام سيطرة المحافظين على مؤسسات الدولة الأميركية، إذا فاز في انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

على الرغم من تكرار تصريحاته وتغريداته على منصته «تروث سوشيال» للتواصل الاجتماعي بأنه «ليس لديّ أي فكرة عمّن يقف وراء» المشروع، وهو خطة مؤلّفة من 900 صفحة، يورد النص المعنون «تفويض القيادة... الوعد المحافظ» صراحة أسماء المشاركين في كتابته أو التعاون لإنجازه، وبينهم ستة وزراء سابقين في عهد ترمب وأربعة أفراد رشّحهم سفراء، وعدد من الذين نفّذوا حملته المثيرة للجدل ضد المهاجرين، فضلاً عن النائب الأول لكبير الموظفين لديه خلال وجوده في البيت الأبيض. وقال ترمب: «أنا لا أتفق مع بعض الأمور التي يقولونها، وبعض الأشياء التي يقولونها سخيفة ومزرية تماماً. أي شيء يفعلونه، أتمنى لهم الحظ، لكن ليس لديّ أي علاقة بهم».

مبنى مؤسسة «هيريتدج فاوندايشن» في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

وتبيّن من تحقيقات استقصائية صحافية أن ما لا يقل عن 140 شخصاً عملوا في إدارة ترمب لهم يد في «مشروع 2025» للسلطة التنفيذية، الذي أداره بول دانس، الذي كان رئيساً لمكتب إدارة الموظفين حين كان ترمب رئيساً. وكتب المسؤول السابق في إدارة ترمب، راسل فوغت، فصلاً رئيسياً في الوثيقة، وهو يعمل أيضاً مدير سياسة منصة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري لعام 2024، ومن الذين قدّموا المشورة إلى المشروع، كبير موظفي ترمب في البيت الأبيض مارك ميدوز، ومستشاره ستيفن ميلر، ومحاميه في قضية العزل جاي سيكولو، واثنان من المهندسين القانونيين لمحاولته الفاشلة قلب نتائج انتخابات عام 2020. وهما كليتا ميتشل وجون إيستمان. بالإضافة إلى الأشخاص الذين عملوا بصورة مباشرة مع ترمب، شارك آخرون ممن عيّنهم الرئيس السابق في مناصب مستقلة، مثل مفوض الاتصالات الفيدرالية بريندان كار، الذي ألّف فصلاً كاملاً عن التغييرات المقترحة، والمناهضة للإجهاض ليزا كورينتي، التي عيّنها ترمب مندوبة في لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة.

وتنبع الخشية من «مشروع 2025» من أن ترمب، إذا انتُخب، سيتولى منصبه عام 2025 بعد أن تعلّم الدروس من السنوات الأربع السابقة خلال ولايته الأولى، التي كان موظفوه خلالها عديمي الخبرة، وأنه اتخذ سياسات متهورة، وأنه لم يكن يكترث كثيراً بشأن كيفية عمل الحكومة الفيدرالية، مما جعل أجندته عُرضة بصفة خاصة للتحديات القانونية.

النأي بالنفس

وتعليقاً على محاولات ترمب النأي بنفسه عن المشروع، قالت المستشارة السابقة لدى البيت الأبيض أوليفيا تروي، التي عملت مع نائب الرئيس، آنذاك، مايك بنس، إن محاولة ترمب إبعاد نفسه عن «مشروع 2025» مدفوعة بأن وصفاته السياسية المثيرة للجدل يمكن أن تغرق جهود إعادة انتخابه.

وعندما سألتها شبكة «سي إن إن» الأميركية عما إذا كان يمكن الوثوق بنكران ترمب علاقته بالمشروع، أجابت أن «هذا سخيف. إذا نظرت إلى المتعاونين ومؤلفي هذه الخطة (...) كثيرون من هؤلاء الأشخاص (...) خدموا في حكومة ترمب في أثناء إدارته». وسمت شخصيات مختلفة شاركت في المشروع، وبينها مدير موظفي البيت الأبيض في عهد ترمب جون ماكنتي، وميلر، ووزير الإسكان والتنمية الحضرية بن كارسون، ونائب وزير الأمن الداخلي السابق كين كوتشينيلي. ورأت أن المشروع يجب أن يُنظر إليه على أنه تهديد، ليس فقط للديمقراطيين وإنما أيضاً للمحافظين المعتدلين. وقالت: «إذا قرأتم هذه الخطة حقاً، فستجدون أنها تجاوز كامل من الحكومة الفيدرالية لحرياتنا الفردية».

المرشح الرئاسي الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب متحدثاً في أتلانتا بجورجيا (أ.ب)

وتشمل المقترحات الأكثر إثارة للجدل في «مشروع 2025» طرد الآلاف من موظفي الخدمة المدنية الدائمين واستبدال محافظين موالين لترمب بهم، وتفكيك وزارة التعليم، وتأكيد السلطة الرئاسية على وزارة العدل التي تحظى باستقلالية نسبية، وتوسيع سلطات الرئيس، وخفضاً شاملاً على الضرائب، وحظر حبوب الإجهاض.

وحاول السيناتور الجمهوري ماركو روبيو دعم جهود ترمب للنأي بنفسه عن المشروع، فقال: «تقوم مؤسسات الفكر بأعمال فكرية. إنهم يأتون بأفكار ويقولون أشياء. لكن مرشح حزبنا للرئاسة هو دونالد ترمب».

وبالفعل، من الشائع أن تقترح مراكز الأبحاث في واشنطن ما يعدّه البعض «لوائح تمنيات سياسية للحكومات المقبلة». وأصدرت مؤسسة «هيريتدج» نفسها لأول مرة خططاً سياسية للإدارات الجمهورية في عام 1981 حين كان الرئيس رونالد ريغان على وشك تولي منصبه. كما أنتجت وثائق مماثلة فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية اللاحقة، بما في ذلك عام 2016 عندما فاز ترمب بالرئاسة. وبعد مرور عام على ولايته، تباهت مؤسسة «هيريتدج» بأن البيت الأبيض في عهد ترمب تبنّى نحو ثلثي مقترحاتها.

4 أهداف رئيسية

تؤكد مؤسسة «هيريتدج» أن أكثر من 100 منظمة محافظة أسهمت في «مشروع 2025»، ومنها منظمات عدة يُتوقع أن تكون مؤثرة للغاية في واشنطن إذا استعاد الجمهوريون البيت الأبيض.

وتحدّد وثيقة المشروع أربعة أهداف سياسية رئيسية؛ هي استعادة الأسرة بصفتها جوهر الحياة الأميركية، وتفكيك الدولة الإدارية، والدفاع عن سيادة الأمة وحدودها، وتأمين الحقوق الفردية الممنوحة من الله للعيش بحرية.

وهنا بعض المقترحات الرئيسية في المشروع:

طرد آلاف الموظفين

البيت الأبيض استعرض ألوان العلم الأميركي في 26 يوليو (أ.ف.ب)

يقترح «مشروع 2025» وضع البيروقراطية الفيدرالية بأكملها، بما في ذلك الوكالات المستقلة مثل وزارة العدل، تحت السيطرة الرئاسية المباشرة، وهي فكرة مثيرة للجدل تُعرف باسم «نظرية السلطة التنفيذية الموحدة».

وفي الممارسة العملية، من شأن ذلك تبسيط عملية صنع القرار، مما يسمح للرئيس بتنفيذ السياسات بصفة مباشرة في عدد من المجالات. وتدعو المقترحات أيضاً إلى إلغاء حماية الوظائف لآلاف الموظفين الحكوميين، الذين يمكن استبدال معينين سياسيين بعد ذلك بهم. ويصف المستند مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» بأنه «منظمة متغطرسة وخارجة عن القانون بشكل متزايد». ويدعو إلى إصلاحات جذرية لهذه الوكالة وعديد من الوكالات الفيدرالية الأخرى، فضلاً عن القضاء التام على وزارة التعليم.

في المقابل، يتضمّن برنامج الحزب الجمهوري اقتراحاً بـ«رفع السرية عن السجلات الحكومية، واستئصال المخالفين، وطرد الموظفين الفاسدين»، مع تعهد خفض التنظيم والإنفاق الحكومي. ولكن هذا المشروع لم يصل إلى حد اقتراح «إصلاح شامل» للوكالات الفيدرالية كما هو موضح في «مشروع 2025».

ويحتوي جزء من «مشروع 2025» على فحص لآلاف الموظفين المحتملين لخدمة البيروقراطية الفيدرالية في إدارة ترمب المستقبلية. ويعتقد أن المفتاح لتحقيق أهداف التحالف المحافظ هو المناورة المعروفة باسم «الجدول إف» الذي من شأنه أن يحرم عشرات الآلاف من الموظفين الفيدراليين من حماية الخدمة المدنية، وتحويل شريحة كبيرة من البيروقراطية الفيدرالية إلى معينين سياسيين. وكان ترمب وقّع في ولايته الأولى على أمر تنفيذي يضع «الجدول إف» حيز التنفيذ، لكنه لم يُنفّذ بالكامل بحلول الوقت الذي ترك فيه منصبه.

الجدار الحدودي

مهاجرون يصطفون على الحدود الأميركية - المكسيكية في 6 يونيو (رويترز)

تقترح الوثيقة زيادة التمويل لبناء جدار على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، في تماثل مع أحد مقترحات ترمب منذ عام 2016، على أن يشمل ذلك تفكيك وزارة الأمن الداخلي ودمجها مع وحدات إنفاذ قوانين الهجرة الأخرى في وكالات أخرى، ما يخلق عملية شرطة حدودية أكبر وأكثر قوة. وتشمل المقترحات الأخرى إلغاء فئات التأشيرات لضحايا الجريمة والاتجار بالبشر، وزيادة الرسوم المفروضة على المهاجرين والسماح بالتطبيقات السريعة للمهاجرين الذين يدفعون علاوة.

وبالمقارنة مع برنامج الحزب الجمهوري، يتبيّن أن العناوين الرئيسية العامة متشابهة؛ لأن الحزب يتوعّد بتنفيذ «أكبر برنامج ترحيل في تاريخ أميركا».

المناخ والاقتصاد

مدير «مشروع 2025» لدى مؤسسة «هيريتدج فاوندايشن» بول دانس استقال بعد غضب ترمب من تقارير تربطه بمشروع المحافظين (أ.ب)

يقترح «مشروع 2025» خفض الأموال الفيدرالية المخصصة للبحث والاستثمار في الطاقة المتجددة، ويدعو الرئيس المقبل إلى «وقف الحرب على النفط والغاز الطبيعي».

ويحدد رؤيتين متنافستين حيال التعريفات الجمركية، وينقسم حول ما إذا كان ينبغي للرئيس القادم أن يحاول تعزيز التجارة الحرة أو رفع الحواجز أمام الواردات. ولكن المستشارين الاقتصاديين يقترحون أن تخفّض إدارة ترمب الثانية الضرائب على الشركات والدخل، وتلغي الاحتياطي الفيدرالي، بل حتى تفكر في العودة إلى العملة المدعومة بالذهب.

ولا يذهب برنامج الحزب الجمهوري إلى ما يدعو إليه «مشروع 2025» في هذه المجالات السياسية. بل يتحدث بدلاً من ذلك عن خفض التضخم وزيادة عمليات الحفر لاستخراج النفط بغية تقليل تكاليف الطاقة، ولكنه يفتقر إلى مقترحات سياسية محددة.

أنصار ترمب يتابعون كلمته خلال فعالية انتخابية بمونتانا في 9 أغسطس (أ.ف.ب)

وحول الإجهاض والأسرة، لا يدعو «مشروع 2025» صراحة إلى حظر الإجهاض على مستوى البلاد. ولكنه يقترح سحب حبوب الإجهاض من السوق، واستخدام القوانين القائمة، ولكن التي لا تطبّق بشكل كبير لمنع إرسال الدواء عبر البريد.

وتشير الوثيقة إلى أن وزارة الصحة والخدمات الإنسانية ينبغي لها أن «تحافظ على تعريف قائم على الكتاب المقدس ومعزز بالعلوم الاجتماعية للزواج والأسرة».

وفي هذه القضية على الأقل، تختلف الوثيقة بصفة كبيرة عن منصة الحزب الجمهوري، التي تذكر كلمة «الإجهاض» مرة واحدة فقط، على أن تُترك للولايات حرية اتخاذ القرار المناسب في شأن الإجهاض.