هجوم ترمب على هاريس يُربك حملة الجمهوريين الانتخابية

مشرّعون في حزبه يخشون تأثير تصريحاته على فرص فوزهم

ترمب حاملاً لوحة للحظة محاولة اغتياله خلال فعالية انتخابية في جورجيا بأتلانتا 3 أغسطس (أ.ف.ب)
ترمب حاملاً لوحة للحظة محاولة اغتياله خلال فعالية انتخابية في جورجيا بأتلانتا 3 أغسطس (أ.ف.ب)
TT

هجوم ترمب على هاريس يُربك حملة الجمهوريين الانتخابية

ترمب حاملاً لوحة للحظة محاولة اغتياله خلال فعالية انتخابية في جورجيا بأتلانتا 3 أغسطس (أ.ف.ب)
ترمب حاملاً لوحة للحظة محاولة اغتياله خلال فعالية انتخابية في جورجيا بأتلانتا 3 أغسطس (أ.ف.ب)

لا تزال حملة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة، تحاول «احتواء واستيعاب» المفاجأة التي أحدثها انسحاب الرئيس جو بايدن من السباق، بعد توحد الديمقراطيين السريع حول ترشيح نائبته كامالا هاريس. وبينما تعمل الحملة على بلورة استراتيجية لمواجهة هاريس، تجد الحملة نفسها في صراع مع ترمب أيضاً، الذي بدا أنه لا يريد الالتزام بالضوابط التي دعا إليها كبار الجمهوريين؛ فقد عاد ترمب إلى أسلوبه القديم في اللجوء إلى الهجمات الشخصية على خصومه، مثيراً قضايا طالما أثارت ردود فعل سلبية حتى في بعض الأوساط الجمهورية.

ويُحذّر كثير من الاستراتيجيين الجمهوريين من أن تلك الهجمات، كالتي شنّها أخيراً على أساس عرق هاريس وجنسها، بدلاً من أن تفيده، قد تعطي الديمقراطيين مادة تحريضية تدعم حملتهم التي تُركّز على شخصية ترمب «الإشكالية والمقسمة للبلاد»، بما يحول الانتخابات الرئاسية مرة أخرى إلى استفتاء على شخصيته، بدلاً من أن تكون حول سياسات الحزب.

صعود هاريس يقلب التوقعات

أنصار هاريس خلال حملة انتخابية نظّمها حاكما بنسلفانيا جوش شابيرو وميشيغان غريتشن ويتمور في أمبلر 29 يوليو (رويترز)

أثار صعود هاريس، التي تستعد لاختيار نائبها والحصول على بطاقة ترشيح الحزب رسمياً خلال أيام، حماساً واسعاً بين الديمقراطيين. وعُدّ صعودها في استطلاعات الرأي، وحصولها على دعم الكثير من النقابات العمالية والمهنية، مؤشراً على حركة سياسية جديدة تُذكّر بتلك التي رافقت صعود باراك أوباما، وقد تؤدي إلى قلب التوقعات التي كانت شبه محسومة لصالح عودة ترمب إلى البيت الأبيض. وتسلّط كثير من التقارير الضوء على موجة التعاطف الشخصي مع هاريس، خصوصاً في الولايات المتأرجحة التي يقول الديمقراطيون بأنها قد تصوت مرة أخرى لصالح الديمقراطيين، كما فعلت عام 2020.

وردّت هاريس على مقابلة ترمب في مؤتمر الرابطة الوطنية للصحافيين السود في شيكاغو، الأربعاء الماضي، بعدما شكّك في انتمائها العرقي، قائلة إنها «تعليقات مثيرة للانقسام، وتُذكّر بالعرض القديم نفسه». وبدلاً من ذكر هجمات ترمب بشكل خاص، ركز بيان حملتها الذي صدر بعد ذلك، على شجب «عدائيته» و«هجماته الشخصية» و«إهاناته» و«الفوضى والانقسام» التي قالت إنه يثيرهما.

ويرى البعض أن هجمات ترمب أثبتت فاعليتها في الماضي بتشتيت انتباه وامتصاص الأكسجين السياسي لمعارضيه، مُجبراً إياهم على قضاء الوقت في الدفاع عن أنفسهم والرد على هجماته بدلاً من التركيز على القضايا. وينطبق هذا بشكل خاص على المرشحات، بل ويمثل تحدياً أكبر بالنسبة لهاريس، التي تواجه هجمات حول جنسها وأيضاً هويتها كامرأة أميركية هندية وسوداء.

الجمهوريون في موقف دفاعي

ترمب مصافحاً بعض أنصاره خلال فعالية انتخابية بأتلانتا جورجيا في 3 أغسطس (أ.ف.ب)

لكن مع التغيير الذي طرأ على السباق الرئاسي، وأمام إصرار ترمب على العودة إلى تلك التعليقات، وجد الجمهوريون أنفسهم في موقف دفاعي لاحتواء التداعيات، في حين أنهم يحاولون إبقاء التركيز على القضايا، في بلد تغيّر كثيراً منذ 8 سنوات.

ورغم ذلك، بدا أن ترمب يضاعف من هجماته على هاريس؛ إذ شارك، الخميس، منشوراً على موقعه «تروث سوشيال»، لإحدى حليفاته، جادلت فيه بشأن شهادة ميلاد هاريس التي لم يذكر فيها كلمة «أسود»، بل فقط أن والدها جامايكي. وكتب ترمب على المنشور المصاحب للصورة التي ظهرت فيه هاريس ترتدي زياً هندياً، قائلاً: «إن صداقتك وحبك لتراثك الهندي موضع تقدير كبير».

ونقلت وسائل إعلام عدة، تعليقات عدد من المشرعين والاستراتيجيين والناشطين الجمهوريين في الساعات الماضية، بما في ذلك الموالون لترمب، تُحذّر من أن مضاعفة الهجمات على أساس العرق ليست استراتيجية انتخابية رابحة. وجادلوا بأن ترمب لديه قضايا قوية ليطرحها، مثل الاقتصاد والهجرة، وبأن التساؤل عما إذا كانت هاريس سوداء حقاً قد لا يُحفّز سوى قاعدته الحزبية، ولن يساعده على الفوز في الانتخابات.

وقال باريت مارسون، الخبير الاستراتيجي في الحزب الجمهوري، لمجلة «بوليتيكو»: «كلما زادت ملاحقات ترمب لهاريس على هذا الأساس، قلت ملاحقته لها فيما يتعلق بالاقتصاد والهجرة. وهو يحتاج حقاً إلى التوفيق بين الأمرين».

الديمقراطيون «متفائلون»

هاريس برفقة حاكم بنسلفانيا جوش شابيرو في فيلادلفيا 13 يوليو (رويترز)

في المقابل، يعتقد الديمقراطيون أن خطاب ترمب يُحفّز قاعدتهم أيضاً. ويقولون إن ذلك يعزز قضيتهم بشكل أكبر مع سكان الضواحي المعتدلين الذين يؤيدون في الغالب سياساته، لكنهم غير مرتاحين لشخصيته، وكذلك الناخبون من الأقليات العرقية الذين يحاول ترمب استمالتهم.

وقال مورغان جاكسون، الخبير الاستراتيجي الديمقراطي: «لقد عاد ترمب إلى النقطة الأولى. وهذا أمر جيد بالنسبة للحماس الديمقراطي وللناخبين المتأرجحين في الضواحي». وأضاف: «إذا كان السؤال أمام الناخب في نوفمبر (تشرين الثاني) هو: هل أريد حقاً أن يعود ترمب إلى منصبه أم لا؟ أعتقد أن هذا مكان جيد للديمقراطيين».

وكشف إحجام أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين عن الحديث عن تصريحات ترمب حول هاريس، عن رغبة في عدم الانجرار وراء هجماته، مُفضّلين الحديث عن السياسة؛ خوفاً من تأثيرها على انتخاباتهم الخاصة في نوفمبر أيضاً. ووصف السيناتور الجمهوري كيفن كريمر، من ولاية نورث داكوتا، تصريحات ترمب بأنها «غير ضرورية»، و«تخاطر بالتفسير، والارتباك، وكل ما لا ليس ضرورياً». بدوره، رأى السيناتور الجمهوري جون كورنين، من ولاية تكساس، أن الجمهوريين بحاجة إلى التحدث أكثر عن «سياسات هاريس الفاشلة، وسجّل إدارتها مع بايدن».


مقالات ذات صلة

بعد اقتراب ترشيحها رسمياً... مَن أبرز المتنافسين على منصب «نائب هاريس»؟

الولايات المتحدة​ نائبة الرئيس الأميركي المرشّحة الديمقراطية كامالا هاريس مع حاكم بنسلفانيا جوش شابيرو خلال مناسبة في فيلادلفيا 13 يوليو (رويترز)

بعد اقتراب ترشيحها رسمياً... مَن أبرز المتنافسين على منصب «نائب هاريس»؟

تستعد نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس لأسبوع سياسي حافل، حيث يتوقّع أن يُنصّبها الحزب الديمقراطي رسمياً مرشحته الرئاسية بعد إغلاق التصويت الإلكتروني الاثنين.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)

الخلافات بين ترمب وهاريس تهدد مناظرتهما التلفزيونية

انسحبت الخلافات بين المرشحَين الرئاسيَّيْن الأميركيَّين الجمهوري دونالد ترمب والديمقراطية كامالا هاريس على موعد المناظرة التلفزيونية المرتقبة بينهما.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، في حدث انتخابي في أتلانتا بولاية جورجيا (رويترز)

ترمب يهنئ بوتين على «الصفقة الرائعة» لتبادل السجناء

قال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، في حدث انتخابي في أتلانتا بولاية جورجيا الأميركية: «أود أن أهنئ فلاديمير بوتين على إتمام صفقة رائعة أخرى».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تتحدث عن إطلاق بول ويلان وإيفان غيرشكوفيتش وألسو كورماشيفا وفلاديمير كارا مورزا، في مطار جورج بوش الدولي في هيوستن، تكساس (رويترز)

هاريس تنتزع ترشيح حزبها... وترمب يوافق على مناظرتها بشروط

حصلت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس على الأصوات الكافية من الديمقراطيين لخوض السباق الرئاسي، وبدأت بإجراء مقابلات مع ستة مرشحين محتملين لمنصب نائب الرئيس.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المدير الجديد لجهاز الخدمة السرية الأميركي رونالد رو (رويترز)

بعد حادثة ترمب... جهاز الخدمة السرية سيستخدم المزيد من مسيّرات المراقبة

سيعزز جهاز الخدمة السرية الأميركي استخدامه لمسيّرات المراقبة والاستطلاع، بعد محاولة الاغتيال التي استهدفت الرئيس السابق دونالد ترمب منتصف يوليو (تموز) الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الخلافات بين ترمب وهاريس تهدد مناظرتهما التلفزيونية

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)
TT

الخلافات بين ترمب وهاريس تهدد مناظرتهما التلفزيونية

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)

انسحبت الخلافات بين المرشحَين الرئاسيين الأميركيين الجمهوري دونالد ترمب والديمقراطية كامالا هاريس على موعد المناظرة التلفزيونية المرتقبة بينهما، في حين يسعى الرئيس السابق إلى كبح الزخم الذي تكتسبه حملة نائبة الرئيس.

ليل الجمعة - السبت، أعلن ترمب أنه اتفق مع شبكة «فوكس نيوز» لتنظيم مناظرة في الرابع من سبتمبر (أيلول)، مع منافسته الديمقراطية في انتخابات الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني).

لكن هاريس التي ضمنت منذ الجمعة بطاقة الترشح للرئاسة عن الحزب الديمقراطي، بحصدها تأييد أكثر من نصف مندوبيه، في تصويت أُجرِي عبر الإنترنت، لم توافق.

فبعدما اتّهمت الملياردير الجمهوري بأنه «خائف»، قالت حملة هاريس إن على ترمب الالتزام بالموعد المحدد مسبقاً لمناظرته مع بايدن على شبكة «إيه بي سي».

وكتبت هاريس عبر منصة «إكس»: «سأكون حاضرة في 10 سبتمبر (أيلول)، كما وافق سابقاً... آمل في أن أراه».

لكن ترمب ردَّ السبت على موقف نائبة الرئيس بالقول إنها «لا تمتلك القدرات الذهنية لخوض مناظرة حقيقية ضدي... سأراها في الرابع من سبتمبر، أو لن أراها على الإطلاق»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وكان مدير التواصل في حملة هاريس مايكل تايلر قال في وقت سابق السبت إن على ترمب «أن يقلع عن هذه اللعبة، وأن يحضر إلى المناظرة التي تعهد بالمشاركة فيها في العاشر من سبتمبر على شبكة (إيه بي سي)».

وكان بايدن البالغ 81 عاماً قد انسحب من السباق الرئاسي قبل أسبوعين بعد أدائه الكارثي في مناظرة أولى مع ترمب على شبكة «سي إن إن»، في يونيو (حزيران).

وفي حين كان من المتوقَّع الإبقاء على هذه المناظرة الثانية، أعلن الناطق باسم ترمب ستيفن تشانغ، الأسبوع الماضي، أنه «من غير المناسب» أن يتم الاتفاق على المناظرة قبل ترشيح هاريس رسمياً.

وفق ترمب، ستجري المناظرة على شبكة «فوكس نيوز» في بنسلفانيا وأمام حضور. وقال المرشح الجمهوري إن موعد الرابع من سبتمبر «مريح ومناسب»، إذ يأتي قبيل بدء التصويت المبكر في الانتخابات الرئاسية.

جولة في ولايات مفصلية

يسعى الرئيس السابق إلى استعادة تقدّمه، إذ منذ إعلان انسحاب بايدن تستفيد هاريس من ظروف مواتية مع جمعها تبرعات تخطت تلك التي جمعها خصمها، وتعبئة أكثر زخماً، ناهيك بتحقيقها نتائج أفضل في الاستطلاعات.

وشارك ترمب، عصر السبت، في تجمّع انتخابي بمدينة أتلانتا في ولاية جورجيا، مع جي دي فانس، مرشّحه لمنصب نائب الرئيس.

وهاجم ترمب هاريس السيناتورة السابقة عن ولاية كاليفورنيا واصفاً إياها بـ«المدعية العامة الماركسية» و«اليسارية المتطرفة المخبولة»، قائلاً إنها «فيلم رعب، ستدمر بلادنا».

كما استحضر مواضيعه المفضلة التي من شأنها برأيه أن تهدد الولايات المتحدة، وتتمثل في الهجرة غير المنضبطة، والجريمة، ومخاطر «الحرب العالمية الثالثة» و«كساد مثلما حصل عام 1929».

ويُفترض أن تقبل هاريس رسمياً في الأيام المقبلة ترشيح الحزب الديمقراطي لها للرئاسة التي ستجري انتخاباتها في نوفمبر (تشرين الثاني)، وذلك بعد انتهاء تصويت المندوبين المرتقب أن يُختتم الاثنين.

كذلك يُفترض أن تختار هاريس في الأيام المقبلة شخصية لتولي منصب نائب الرئيس في حال فازت بالرئاسة.

وينطلق الثنائي بعد ذلك اعتباراً من الثلاثاء في جولة تشمل ما لا يقل عن سبع ولايات مفصلية خلال خمسة أيام، وفق ما أعلنت حملتها.