كيف استخدمت واشنطن الذكاء الاصطناعي لمواجهة «طالبان»؟

قوات من «طالبان» في كابل (أ.ب)
قوات من «طالبان» في كابل (أ.ب)
TT

كيف استخدمت واشنطن الذكاء الاصطناعي لمواجهة «طالبان»؟

قوات من «طالبان» في كابل (أ.ب)
قوات من «طالبان» في كابل (أ.ب)

في الوقت الذي شكك فيه كثيرون من فائدة من الحرب التي استمرت 20 عاماً في أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي، واستيلاء «طالبان» اللاحق على السلطة، أفادت تقارير أميركية بكيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لتتبُّع الهجمات الإرهابية من قِبل «طالبان».

في عام 2019، بدأت القوات الأميركية وقوات التحالف في تقليص وجودها العسكري في جميع أنحاء أفغانستان؛ ما ترك القوات المتبقية مقيدة بقدرتها على الحفاظ على شبكات الاستخبارات البشرية المستخدمة لمراقبة تحركات «طالبان».

أحد أفراد أمن «طالبان» يحمل بندقيته بينما كان ينتظر ركوب حبل الانزلاق بالقرب من بحيرة قرغا على مشارف كابل في 4 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

بحلول نهاية عام 2019، ارتفع عدد هجمات «طالبان» التي شنتها القوات الأميركية وقوات التحالف إلى مستويات لم يشهدها الصراع القائم منذ العقد السابق؛ ما دفع قوات الأمن في أفغانستان إلى تطوير برنامج الذكاء الاصطناعي المعروف باسم «رافين سينتري (Raven Sentry)»، وفقاً لما ذكره موقع «فوكس نيوز» الإخباري الأميركي.

وفي تقرير صدر في وقت سابق من هذا العام، استشهدت الكولونيل توماس سبار، رئيسة قسم الاستراتيجية العسكرية والتخطيط والعمليات في كلية الحرب التابعة للجيش الأمريكي، بقول إيه. جي. بي. تايلور: «كانت الحرب دائماً أُم الاختراع».

مقاتل من «طالبان» يحرس نساءً خلال تلقي الحصص الغذائية التي توزعها مجموعة مساعدات إنسانية في كابل (أ.ب)

وأشارت سبار إلى أن تطوير الدبابات خلال الحرب العالمية الأولى، والسلاح الذري في الحرب العالمية الثانية، واستخدام الذكاء الاصطناعي لتتبُّع الاستخبارات مع اقتراب أطول حرب أميركية من نهايتها، كانت دائماً وسائل تُستخدم للانتصار.

سعى برنامج «رافين سينتري» إلى تخفيف العبء عن المحللين البشريين من خلال فرز كميات هائلة من البيانات المستمدة من أنماط الطقس، والتقويم، والنشاط المتزايد حول المساجد أو المدارس الدينية، والنشاط حول مناطق التجمع التاريخية.

حاجز لـ«طالبان» قبل عيد الفطر في قندهار (إ.ب.أ)

وعلى الرغم من بعض التحديات الأولية عندما جرى تطوير تكنولوجيا البرنامج لأول مرة، اجتمع فريق من ضباط الاستخبارات لتشكيل مجموعة أطلق عليها اسم «خزانة المهووسين» لتطوير نظام يمكنه «التنبؤ بشكل موثوق به» بالهجمات الإرهابية.

وبحلول عام 2019، كانت البنية التحتية للنظام الرقمي قد تقدمت، وأصبح التقدم في أجهزة الاستشعار وأدوات الذكاء الاصطناعي الأولية قادراً على اكتشاف هذه المؤشرات المتفرقة للهجمات الإرهابية وتنظيمها بسرعة، وفق ما أفاد به الكولونيل سبار.

وسيطرت «طالبان» على أفغانستان في 14 أغسطس (آب) 2021 بعد أن سقطت العاصمة كابل في أيدي الجماعة المسلحة دون قتال، وهو ما جاء استكمالاً لسيطرة «طالبان» على أغلب أراضي البلاد مع بدء الانسحاب الأميركي.

ورغم أن برنامج الذكاء الاصطناعي قد توقف بسبب الانسحاب الكامل في 30 أغسطس2021، فإن نجاحه يُعزى إلى التسامح مع الإخفاقات المبكرة والخبرة التكنولوجية.

وقال سبار إن الفريق الذي يطور برنامج «رافن سينتري» «كان على دراية بمخاوف كبار القادة العسكريين والسياسيين بشأن الرقابة المناسبة والعلاقة بين البشر والخوارزميات في أنظمة القتال».

كما أشار إلى أن اختبار الذكاء الاصطناعي «محكوم عليه بالفشل» إذا لم تتسامح القيادة مع التجريب في أثناء تطوير البرامج.

وبحلول أكتوبر (تشرين الأول) 2020، أي قبل أقل من عام من الانسحاب، وصل برنامج «رافن سينتري» إلى دقة 70 في المائة في التنبؤ بموعد ومكان وقوع الهجوم على الأرجح.

وقال سبار أيضاً إنه إذا أرادت الولايات المتحدة وحلفاؤها الحفاظ على قدرة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على المنافسة، فيجب عليها «موازنة التوتر بين سرعة الكمبيوتر والحدس البشري» من خلال تثقيف القادة الذين يظلون متشككين في التكنولوجيا الناشئة باستمرار.

وعلى الرغم من النجاح الذي حققه برنامج الذكاء الاصطناعي في أفغانستان، فإن سبار حذرت من أن «الحرب في نهاية المطاف إنسانية، وأن الخصم سوف يتكيف مع التكنولوجيا الأكثر تقدماً، وغالباً بحلول بسيطة وسليمة».

يُذكر أن الغزو الأميركي لأفغانستان جاء بذريعة القضاء على الجماعات الإرهابية التي نفذت هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، وفقاً لما ذكره موقع «بي بي سي» البريطانية، وقُتل على مدار السنوات العشرين منذ الغزو الأميركي نحو 2461 أميركياً بين مدني وعسكري علاوة على إصابة نحو 20 ألف أميركي في أفغانستان في تلك الفترة.


مقالات ذات صلة

صعود جماعات مسلحة جديدة على الحدود الباكستانية ـ الأفغانية

آسيا حركة طالبان الباكستانية تحرس نقطة التفتيش التابعة لها في مكان ما بالمناطق القبلية (وسائل الإعلام الباكستانية والحكومة الباكستانية)

صعود جماعات مسلحة جديدة على الحدود الباكستانية ـ الأفغانية

تشهد المناطق الحدودية الباكستانية ـ الأفغانية ظهور جماعات مسلحة جديدة في الوقت الراهن، ويعتقد خبراء أن هذه الجماعات، في الأغلب، واجهة لجماعة «طالبان».

عمر فاروق (إسلام آباد)
آسيا جندي باكستاني يقف حارساً على نقطة تفتيش عسكرية في المناطق القبلية (الداخلية الباكستانية)

«طالبان الباكستانية» نحو تكتيك «حرب العصابات» في المناطق الحدودية مع أفغانستان

غيرت حركة «طالبان الباكستانية» بشكل جذري من تكتيكاتها العسكرية في مناطق التمرد الذي تشنّه ضد حكومة باكستان في المناطق الحدودية مع أفغانستان.

عمر فاروق (إسلام أباد)
آسيا استنفار أمني في العاصمة إسلام آباد بعد هجوم إرهابي من عناصر «طالبان باكستان» (متداولة)

الجيش الباكستاني يقتل أربعة من قادة حركة «طالبان باكستان»

في شهر يوليو الجاري قتلت قوات الأمن الباكستانية أربعة من كبار قادة حركة «طالبان باكستان» في هجمات عسكرية شنتها في أجزاء مختلفة من المناطق الحدودية

عمر فاروق ( إسلام آباد)
آسيا صورة تظهر أعضاء مسلحين من «حركة طالبان باكستان» المحظورة (رويترز)

«طالبان الأفغانية» تبني مستوطنات دائمة للجماعات الإرهابية

شرعت حكومة طالبان الأفغانية في بناء 4 مستوطنات كبيرة في ولاية غزني، ويجري بناء إحدى هذه المستوطنات لمقاتلي تنظيم «القاعدة».

عمر فاروق (إسلام آباد)
آسيا قوات الأمن الباكستانية في بيشاور 15 يوليو 2024 (إ.ب.أ)

باكستان تستدعي مبعوث «طالبان» عقب هجوم على قاعدة عسكرية

استدعت وزارة الخارجية الباكستانية، نائب رئيس بعثة «طالبان»، وحثّت إدارة الحركة على اتخاذ إجراءات ضد جماعات متشددة متمركزة في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)

الخلافات بين ترمب وهاريس تهدد مناظرتهما التلفزيونية

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)
TT

الخلافات بين ترمب وهاريس تهدد مناظرتهما التلفزيونية

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)

انسحبت الخلافات بين المرشحَين الرئاسيين الأميركيين الجمهوري دونالد ترمب والديمقراطية كامالا هاريس على موعد المناظرة التلفزيونية المرتقبة بينهما، في حين يسعى الرئيس السابق إلى كبح الزخم الذي تكتسبه حملة نائبة الرئيس.

ليل الجمعة - السبت، أعلن ترمب أنه اتفق مع شبكة «فوكس نيوز» لتنظيم مناظرة في الرابع من سبتمبر (أيلول)، مع منافسته الديمقراطية في انتخابات الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني).

لكن هاريس التي ضمنت منذ الجمعة بطاقة الترشح للرئاسة عن الحزب الديمقراطي، بحصدها تأييد أكثر من نصف مندوبيه، في تصويت أُجرِي عبر الإنترنت، لم توافق.

فبعدما اتّهمت الملياردير الجمهوري بأنه «خائف»، قالت حملة هاريس إن على ترمب الالتزام بالموعد المحدد مسبقاً لمناظرته مع بايدن على شبكة «إيه بي سي».

وكتبت هاريس عبر منصة «إكس»: «سأكون حاضرة في 10 سبتمبر (أيلول)، كما وافق سابقاً... آمل في أن أراه».

لكن ترمب ردَّ السبت على موقف نائبة الرئيس بالقول إنها «لا تمتلك القدرات الذهنية لخوض مناظرة حقيقية ضدي... سأراها في الرابع من سبتمبر، أو لن أراها على الإطلاق»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وكان مدير التواصل في حملة هاريس مايكل تايلر قال في وقت سابق السبت إن على ترمب «أن يقلع عن هذه اللعبة، وأن يحضر إلى المناظرة التي تعهد بالمشاركة فيها في العاشر من سبتمبر على شبكة (إيه بي سي)».

وكان بايدن البالغ 81 عاماً قد انسحب من السباق الرئاسي قبل أسبوعين بعد أدائه الكارثي في مناظرة أولى مع ترمب على شبكة «سي إن إن»، في يونيو (حزيران).

وفي حين كان من المتوقَّع الإبقاء على هذه المناظرة الثانية، أعلن الناطق باسم ترمب ستيفن تشانغ، الأسبوع الماضي، أنه «من غير المناسب» أن يتم الاتفاق على المناظرة قبل ترشيح هاريس رسمياً.

وفق ترمب، ستجري المناظرة على شبكة «فوكس نيوز» في بنسلفانيا وأمام حضور. وقال المرشح الجمهوري إن موعد الرابع من سبتمبر «مريح ومناسب»، إذ يأتي قبيل بدء التصويت المبكر في الانتخابات الرئاسية.

جولة في ولايات مفصلية

يسعى الرئيس السابق إلى استعادة تقدّمه، إذ منذ إعلان انسحاب بايدن تستفيد هاريس من ظروف مواتية مع جمعها تبرعات تخطت تلك التي جمعها خصمها، وتعبئة أكثر زخماً، ناهيك بتحقيقها نتائج أفضل في الاستطلاعات.

وشارك ترمب، عصر السبت، في تجمّع انتخابي بمدينة أتلانتا في ولاية جورجيا، مع جي دي فانس، مرشّحه لمنصب نائب الرئيس.

وهاجم ترمب هاريس السيناتورة السابقة عن ولاية كاليفورنيا واصفاً إياها بـ«المدعية العامة الماركسية» و«اليسارية المتطرفة المخبولة»، قائلاً إنها «فيلم رعب، ستدمر بلادنا».

كما استحضر مواضيعه المفضلة التي من شأنها برأيه أن تهدد الولايات المتحدة، وتتمثل في الهجرة غير المنضبطة، والجريمة، ومخاطر «الحرب العالمية الثالثة» و«كساد مثلما حصل عام 1929».

ويُفترض أن تقبل هاريس رسمياً في الأيام المقبلة ترشيح الحزب الديمقراطي لها للرئاسة التي ستجري انتخاباتها في نوفمبر (تشرين الثاني)، وذلك بعد انتهاء تصويت المندوبين المرتقب أن يُختتم الاثنين.

كذلك يُفترض أن تختار هاريس في الأيام المقبلة شخصية لتولي منصب نائب الرئيس في حال فازت بالرئاسة.

وينطلق الثنائي بعد ذلك اعتباراً من الثلاثاء في جولة تشمل ما لا يقل عن سبع ولايات مفصلية خلال خمسة أيام، وفق ما أعلنت حملتها.