واشنطن تساند ضربة إسرائيلية «قوية ومحدودة» ضد «حزب الله» دون توسيع الصراع

البيت الأبيض يستبعد حرباً واسعة ويَعُدها توقعات مبالغاً فيها  

أعمدة الدخان تتصاعد من موقع استهدفه الجيش الإسرائيلي في قرية كفركلا الحدودية بجنوب لبنان في 29 يوليو 2024 وسط اشتباكات حدودية مستمرة بين القوات الإسرائيلية ومقاتلي «حزب الله» (أ.ف.ب)
أعمدة الدخان تتصاعد من موقع استهدفه الجيش الإسرائيلي في قرية كفركلا الحدودية بجنوب لبنان في 29 يوليو 2024 وسط اشتباكات حدودية مستمرة بين القوات الإسرائيلية ومقاتلي «حزب الله» (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تساند ضربة إسرائيلية «قوية ومحدودة» ضد «حزب الله» دون توسيع الصراع

أعمدة الدخان تتصاعد من موقع استهدفه الجيش الإسرائيلي في قرية كفركلا الحدودية بجنوب لبنان في 29 يوليو 2024 وسط اشتباكات حدودية مستمرة بين القوات الإسرائيلية ومقاتلي «حزب الله» (أ.ف.ب)
أعمدة الدخان تتصاعد من موقع استهدفه الجيش الإسرائيلي في قرية كفركلا الحدودية بجنوب لبنان في 29 يوليو 2024 وسط اشتباكات حدودية مستمرة بين القوات الإسرائيلية ومقاتلي «حزب الله» (أ.ف.ب)

ألقت كل من إسرائيل والولايات المتحدة بالمسؤولية على «حزب الله»، واتهمته بإطلاق صاروخ فلق إيراني الصنع، باتجاه بلدة مجدل شمس في مرتفعات الجولان السورية التي تحتلها إسرائيل، الذي أدى إلى مقتل 12 طفلاً درزياً في ملعب كرة قدم. وهددت إسرائيل برد انتقامي قوي؛ مما أدى إلى تصعيد التوتر في المنطقة، مع ضغوط أميركية تستهدف تحجيم التصعيد غير المنضبط، ومطالبة المواطنين الأميركيين مغادرة لبنان على الفور.

وبعد اتصالات أميركية إسرائيلية مكثفة من جانب، وأميركية لبنانية وإقليمية من جانب آخر، تتجه الأنظار إلى شكل الرد الإسرائيلي ومداه وتداعياته، مع حسابات أميركية حول كيفية محاصرة أي محاولات لتوسيع الصراع. وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن إسرائيل ترفض رداً محدوداً يستنتج منه «حزب الله» أنه قادر على قتل المدنيين دون أن يواجه ضربة قوية، كما ترفض إسرائيل محاولات «حزب الله» إلقاء ظلال من الشكوك حول هذا الحادث ونفي مسؤوليته عن الحادث.

وتخشى الولايات المتحدة رداً إسرائيلياً قوياً يؤدي إلى تدمير بنى تحتية لبنانية، ويفاقم من الأزمة الاقتصادية في لبنان، كما يؤدي إلى هجمات متعددة من عدة جبهات تابعة لإيران، وتصعيد هجمات صاروخية وطائرات دون طيار من قبل «حزب الله» ضد إسرائيل.

توقعات مبالغ بها

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، إن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين أجروا محادثات على «مستويات متعددة»، خلال نهاية الأسبوع في أعقاب الهجوم، وإن خطر اندلاع نزاع شامل «مبالغ فيه». وأضاف في اتصال مع الصحافيين، ظهر الاثنين: «لا أحد يريد حرباً أوسع نطاقاً، وأنا واثق من أننا سنكون قادرين على تجنب مثل هذه النتيجة»، وتابع: «لقد سمعنا جميعاً عن هذه الحرب الشاملة في فترات متعددة على مدى الأشهر العشرة الماضية، وكانت تلك التوقعات مبالغاً فيها في ذلك الوقت. وبصراحة، نعتقد أنه مبالغ فيها الآن».

وقد انغمست الإدارة الأميركية في اتصالات مكثفة مع الجانبين الإسرائيلي واللبناني، بشأن الرد الذي تناقشه حكومة الحرب الإسرائيلية، مع استنفار في المنشآت الأميركية في المنطقة؛ خوفاً من أي تصعيد ضد المواقع الأميركية في سوريا والعراق ومنطقة الخليج.

وأصدرت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، أدريان واتسون، بياناً، مساء الأحد، أشارت فيه إلى أن «الإدارة الأميركية منخرطة في مناقشات مستمرة مع نظرائنا الإسرائيليين واللبنانيين منذ الهجوم المروع الذي وقع أمس في شمال إسرائيل، والذي أسفر عن مقتل العديد من الأطفال الذين كانوا يلعبون كرة القدم». وأشار البيان إلى أن «هذا الهجوم نفذه (حزب الله) اللبناني»، قائلاً: «كان صاروخهم وأطلقوه من منطقة يسيطرون عليها. وينبغي إدانته عالمياً». وأضاف البيان: «إن دعمنا لأمن إسرائيل قوي وثابت ضد جميع التهديدات المدعومة من إيران، بما في ذلك (حزب الله)، وتعمل الولايات المتحدة أيضاً على التوصل إلى حل دبلوماسي على طول الخط الأزرق من شأنه أن ينهي جميع الهجمات مرة واحدة وإلى الأبد، ويسمح للمواطنين على جانبي الحدود بالعودة بأمان إلى ديارهم».

ورسم البيان خطاً واضحاً للرؤية الأميركية لأي رد انتقامي إسرائيلي؛ بحيث يكون قوياً لكن محدوداً، واعترف البيان بسيطرة «حزب الله» على لبنان، كما أشار محللون إلى أن الاتفاق البحري بين إسرائيل ولبنان، الذي أشرفت عليه الولايات المتحدة عام 2022، لم يؤدِّ إلى خفض التوترات كما كانت الإدارة الأميركية تُبشِّر له في ذلك الوقت.

هل تتغير قواعد الاشتباك

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (الثاني من اليمين) يتحدث في اجتماع مجلس الوزراء الأمني. تستعد الحكومة الإسرائيلية لشن ضربة انتقامية ضد حزب الله في لبنان في أعقاب الهجوم الصاروخي المدمر على مرتفعات الجولان المحتلة من قبل إسرائيل، حيث قُتل ما لا يقل عن 12 طفلاً يوم السبت. (د.ب.ا)

وتتزايد مستويات القلق الأميركي من أهداف «حزب الله» الذي يدعي الحق في مهاجمة إسرائيل وقتما يشاء، ويربط وقف هجماته بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة. وقال مسؤول أميركي لوكالة «أكسيوس» إن الهجوم على مجدل شمس قد يكون الشرارة التي كانت الولايات المتحدة تخشاها، وتقلق من إمكانية توسيع الصراع وحاولت تجنبها على مدى 10 أشهر، متوقعاً رداً من إسرائيل يستهدف كثيراً من المواقع العسكرية لـ«حزب الله» على نطاق أوسع عن ذي قبل.

وتريد إسرائيل إزالة التهديد الذي يشكله «حزب الله» بشكل كامل، وإعادته إلى ما وراء نهر الليطاني، وتطبيق قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي أنهى آخر حرب بين الجانبين في عام 2006.

وقال داني دانون، السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، في تصريحات لشبكة «فوكس نيوز»، الاثنين، إن رد إسرائيل سيكون سريعاً وقاسياً ومؤلماً. وأضاف: «نحن نقوم بتحديد الأهداف الآن، وأعتقد أنه في الأيام القليلة المقبلة سيتعلم (حزب الله) الدرس»، وتابع: «إن إسرائيل ليس لديها نيات لشن حرب شاملة».

لكن العديد من المسؤولين الأميركيين يستبعدون اندلاع حرب أوسع في المنطقة، مشيرين إلى أنه ليس في مصلحة أحد توسيع الصراع؛ لأنه سيكون ضاراً بإسرائيل وبـ«حزب الله» وإيران والولايات المتحدة. وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الذي تحدث مع الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، الاثنين: «إن الولايات المتحدة ملتزمة بأمن إسرائيل ضد التهديدات من المنظمات الإرهابية المدعومة من إيران، بما في ذلك (حزب الله)». وشدد بلينكن، خلال مؤتمر صحفي من اليابان، على أنه «لا يوجد مبرر للإرهاب، ولا نريد أن نرى الصراع يتصاعد»، داعياً إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب التصعيد والتوصل إلى حل دبلوماسي».

وزاد من مستويات القلق قيام عدد من شركات الطيران بتعليق رحلاتها إلى مطار بيروت الدولي في لبنان، وتحذيرات كثير من الدول لرعاياها بعدم السفر إلى لبنان ودعوة مواطنيها في لبنان إلى المغادرة بسرعة.

وأشار آرون ديفيد ميلر، الزميل بمؤسسة كارنيغي للسلام، لشبكة «سي إن إن» إلى «مخاوف متزايدة لدى المجتمع الدولي من الفشل في تهدئة التوترات بين إسرائيل و(حزب الله) مع ما يملكه (حزب الله)، ويصل لأكثر من 150 ألف صاروخ، مشيراً إلى أن المواجهة بين إسرائيل و(حزب الله) قد تخلق وضعاً لم نشهده من قبل في المنطقة، ومن شأنها أن تدمر لبنان وتلحق أضراراً جسيمة بإسرائيل، وتشعل حرباً إقليمية كبرى قد تؤدي إلى مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران».


مقالات ذات صلة

بعد اقتحام متظاهرين لمجمعين عسكريين... الجيش الإسرائيلي يعلق مناقشات الجبهة الشمالية

شؤون إقليمية اشتبك جنود إسرائيليون مع متظاهرين من اليمين بعد اقتحامهم قاعدة «بيت ليد» العسكرية بسبب احتجاز جنود احتياطيين للتحقيق معهم للاشتباه في إساءة معاملتهم لمعتقل من «حماس» بعد هجوم 7 أكتوبر (أ.ف.ب)

بعد اقتحام متظاهرين لمجمعين عسكريين... الجيش الإسرائيلي يعلق مناقشات الجبهة الشمالية

أشارت صحيفة «إسرائيل اليوم» إلى أن رئيس هيئة الأركان العامة الإسرائيلية هيرتسي هاليفي علق اجتماعاً عملياتياً بشأن الجبهة الشمالية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني (رويترز)

رئيسة وزراء إيطاليا تحذر إسرائيل من السقوط في «فخ» الرد الانتقامي

ناشدت رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، اليوم (الثلاثاء)، إسرائيل عدم السقوط في «فخ» الرد الانتقامي.

«الشرق الأوسط» (بكين)
المشرق العربي وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (رويترز)

وزير الدفاع الإسرائيلي: «حزب الله» سيتحمل المسؤولية عن هجوم الجولان

أبلغ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، نظيره الأميركي لويد أوستن، اليوم الاثنين، أن «حزب الله» سيتحمل المسؤولية عن هجوم صاروخي على مجدل شمس في الجولان.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي رجال دين من مختلف الطوائف للتضامن مع مجدل شمس (السويداء 24)

أجواء سورية محمومة في أطرافها الثلاثة

تشهد سوريا أجواءً محمومة بأطرافها الثلاثة؛ مواجهات واشتباكات شرقاً وشمالاً، واستنفار وتوتر جنوباً، ما يمثل صدى للتوتر بالمنطقة، والتصعيد بين إسرائيل وحزب الله.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بالقرب من الحدود اللبنانية مع إسرايل عقب قصف إسرائيلي (د.ب.أ)

واشنطن: هضبة الجولان جزء من إسرائيل ولها الحق في الرد على هجوم «حزب الله»

قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي اليوم الاثنين إن إسرائيل لها كل الحق في الرد على جماعة حزب الله اللبنانية بعد هجوم صاروخي على هضبة الجولان

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

إيلون ماسك يرد على حملة هاريس بعد نشر فيديو مزيّف: السخرية قانونية في أميركا

إيلون ماسك مالك منصة التواصل الاجتماعي «إكس» (أ.ب)
إيلون ماسك مالك منصة التواصل الاجتماعي «إكس» (أ.ب)
TT

إيلون ماسك يرد على حملة هاريس بعد نشر فيديو مزيّف: السخرية قانونية في أميركا

إيلون ماسك مالك منصة التواصل الاجتماعي «إكس» (أ.ب)
إيلون ماسك مالك منصة التواصل الاجتماعي «إكس» (أ.ب)

رد إيلون ماسك، مالك منصة التواصل الاجتماعي «إكس»، على الاتهامات الموجهة إليه بشأن نشره فيديو تم التلاعب به رقمياً لكامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي، قائلا إن «السخرية قانونية في أميركا».

كانت حملة كامالا هاريس الانتخابية اتهمت ماسك بنشر أكاذيب ومعلومات مضللة عبر حسابه على منصة «إكس»، مشيرة إلى مقطع الفيديو المُزيّف؛ إذ تظهر نائبة الرئيس وهي تقول إنها اُختيرت لأنها امرأة، وأنها سمراء، وأن من ينتقدها يُعدّ متحيزاً جنسياً وعنصرياً.

وحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، اتهمت إيمي كلوبوشار، عضوة مجلس الشيوخ الديمقراطي أيضاً، ماسك بانتهاك سياسات المنصة التي تحظر على المستخدمين مشاركة أي مواد تم التلاعب بها، أو قد تخدع الناس أو تربكهم.

كما نشر حاكم كاليفورنيا الديمقراطي جافين نيوسوم على «إكس»، مساء الأحد، أن مقطع الفيديو الذي تم التلاعب به لهاريس «غير قانوني»، وأنه سيوقّع قريباً على مشروع قانون يحظر مثل هذه الوسائط، في إشارة واضحة إلى اقتراح يدعمه المشرعون في كاليفورنيا لحظر عمليات التزييف العميق للانتخابات.

وقال أحد خبراء التزييف العميق، لوكالة «أسوشييتد برس»، إن مقطع فيديو هاريس أظهر قوة الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق.

وقال هاني فريد، أستاذ لدى جامعة كاليفورنيا في بيركلي: «الصوت الناتج عن الذكاء الاصطناعي جيد جداً. وعلى الرغم من أن معظم الناس لن يصدقوا أنه صوت نائبة الرئيس هاريس، فإن الفيديو أقوى بكثير عندما تكون الكلمات بصوتها».