هل يتخلّى ترمب عن دعم تايوان في ولايته الثانية؟

تصريحاته أثارت قلق طوكيو وسيول... ومخاوف من حرب تجارية مع بكين

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في 2018 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في 2018 (أ.ف.ب)
TT

هل يتخلّى ترمب عن دعم تايوان في ولايته الثانية؟

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في 2018 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في 2018 (أ.ف.ب)

أثار الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية دونالد ترمب قلقاً بين حلفاء بلاده في آسيا، بعد تعليقات ألقاها حول موقفه من تايوان وكوريا الجنوبية والصين. وفجّرت تصريحات ترمب مخاوف من أن يعطي الضوء الأخضر للصين لغزو تايوان، وأن يُقوّض التحالفات مع كوريا الجنوبية واليابان مع اتجاهه لعلاقات دافئة مع كوريا الشمالية وزعيمها كيم جونغ أون.

الصين «الخطر الأكبر»

عكس اختيار ترمب لجي دي فانس نائباً له على البطاقة الجمهورية، توجّهات السياسة الخارجية للإدارة الأميركية المقبلة، في حال فاز ترمب بالانتخابات الرئاسية.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ (أرشيفية - رويترز)

وكان فانس قد لفت الأنظار بتصريحات انتقد فيها «التركيز المفرط» لكبار الاستراتيجيين الجمهوريين والديمقراطيين على روسيا، و«إهمالهم» التهديد الذي تمثله الصين. وأصدر فانس عدة إشارات لتصوير تأثير الصين السلبي على الاقتصاد الأميركي، واتهم إدارة جو بايدن بإغراق السوق الأميركية بالسلع الصينية الرخيصة ومُخدّر الفنتانيل القاتل. وقال فانس، الذي أعلنه ترمب نائباً له في المؤتمر الوطني لحزب الجمهوريين في ميلووكي: «سنبني المصانع مرة أخرى وسنحمي أجور العمال الأميركيين، ونمنع الحزب الشيوعي الصيني من بناء طبقته المتوسطة على حساب المواطنين الأميركيين».

إلى ذلك، أدت تصريحات ترمب حول رفع الرسوم الجمركية المفروضة على بكين قلقاً واسعاً. وقال الرئيس السابق في مقابلة مع «بلومبرغ نيوزويك»: «سأفرض رسوماً جديدة على الصين بين 60 و100 في المائة، و10 في المائة على الواردات من الدول الأخرى».

وكانت قد هيمنت مخاوف حرب تجارية واسعة بين بكين وواشنطن على فترة إدارة ترمب السابقة، التي طبعتها زيادة نسبة الرسوم الجمركية وتهديدات تجارية قد تعرقل وصول الواردات الصينية إلى السوق الأميركية. ولم يقدّم ترمب أي مؤشرات على تراجعه عن هذه المواقف، رغم تحذير خبراء اقتصاديين من تداعيات رفع الرسوم الجمركية على أكبر اقتصادين في العالم.

الدفاع عن تايوان

وحظيت تايوان بدورها، بحصة من تصريحات الرئيس السابق، الذي قال لـ«بلومبرغ»، إنه يجب على الجزيرة أن تدفع مقابل الدفاع عنها. وذكر ترمب أن الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي، «تبعد 9500 ميل عن الولايات المتحدة، بينما تبعد عن الصين 68 ميلاً فقط». وفيما عُدّ تلميحاً لتعليق واشنطن التزامها بالدفاع عن تايوان، قال ترمب إن الخطوات التي ستتخذها الولايات المتحدة في حال غزو صيني في ظل رئاسته، «سيعتمد على الوضع والظروف». كما برّر مطالبته لتايوان بدفع مقابل الدفاع الأميركي عنها بقوله إن الجزيرة «اعتمدت في صناعة الرقائق الإلكترونية والشرائح على الولايات المتحدة، و«أصبحت ثرية للغاية».

وتقول الصين إنها ستعيد تايوان إلى السيادة الصينية، حتى لو لزم الأمر استخدام القوة.

جانب من تدريبات عسكرية صينية - روسية مشتركة بجنوب الصين في 14 يوليو (أ.ب)

وسارع مسؤولون تايوانيون إلى الرد على هذه التصريحات. وقال رئيس مجلس الدولة التايواني، تشو جونغ تاي، إن الجزيرة مستعدة لتحمل مسؤولية الدفاع عن نفسها، وإن «إنفاقها الدفاعي بلغ 2.5 في المائة من الناتج القومي الإجمالي، كما تعمل على تحديث جيشها».

ونقلت صحيفة «نيوزويك» عن زيكون تشو، أستاذ العلوم السياسية بجامعة باكنيل بولاية بنسلفانيا، أن ترمب لم يكن من أشد المعجبين بالدفاع عن تايوان، مرجّحاً ألا تتدخل الولايات المتحدة إذا هاجمت الصين الجزيرة. وقال: «تراقب تايوان الحرب الروسية - الأوكرانية، وتدرك أنه ليس من الجيد الاعتماد بشكل كامل على الولايات المتحدة للدفاع عنها».

وتتبنّى الولايات المتحدة سياسة الغموض الاستراتيجي تجاه تايوان، مما يعني أنها تدعم الدفاع عن الجزيرة دون الالتزام رسمياً بالتدخل عسكرياً في حال تعرضها للغزو من قبل الصين. وبينما تدعم واشنطن الحكم الذاتي في تايوان، فإنها تعترف بسياسة «الصين الواحدة».

الإنفاق العسكري

لم تقتصر تصريحات ترمب حول علاقة بلاده بآسيا على الصين وتايوان، بل ذهب الرئيس السابق أبعد من ذلك بانتقاد أقرب الحلفاء لبلاده في المنطقة.

ترمب وفانس خلال المؤتمر الوطني الجمهوري في 13 يوليو (أ.ب)

وكرّر ترمب مطالبته لكل من اليابان وكوريا الجنوبية بدفع مزيد من الأموال مقابل استمرار انتشار القوات الأميركية على أراضيهما. ويُرجّح محللون أن تمارس إدارة ترمب الجديدة ضغوطاً على كوريا الجنوبية واليابان لزيادة إنفاقهما الدفاعي، بطريقة تُقلّل العبء المالي الذي تتحمله الولايات المتحدة. وتخشى سيول بشكل خاص، والتي شهدت تدهوراً حادّاً في علاقتها من جارتها الشمالية، من خفض ترمب مستوى انتشار القوات الأميركية أو حتى الانسحاب منها بالكامل. وقد أشار ترمب في مقابلة مع مجلة «تايم»، في أبريل (نيسان) الماضي، إلى إمكانية سحب القوات الأميركية لقواتها في كوريا الجنوبية «ما لم يقدم الحليف الآسيوي مزيداً من المساهمات المالية».

التطبيع مع كيم

خصّص ترمب جزءاً من خطاب قبول ترشيحه في المؤتمر الوطني الجمهوري، لكوريا الشمالية وزعيمها، مشيراً إلى أن عودته إلى البيت الأبيض ستنعكس إيجاباً على «سلوك بيونغ يانغ».

واستمرّ ترمب في التباهي بعلاقاته الشخصية مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، مما رفع المخاوف من أنه قد يحاول استئناف دبلوماسيته المباشرة مع نظام بيونغ يانغ لمعالجة الملف النووي. وكانت جهود ترمب، الذي التقى بكيم 3 مرات، قد فشلت بعد انهيار محادثات قمة هانوي عام 2019، حيث طالب الزعيم الكوري الشمالي برفع كامل العقوبات الأميركية.

دونالد ترمب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقد يكون ترمب أكثر استعداداً للتضحية بقوة تحالفات بلاده في آسيا، مقابل التوصل إلى اتفاق تاريخي مع كوريا الشمالية. لكن الأمر يتوقف أيضاً على ما إذا كان الزعيم الكوري الشمالي سيوافق، أم لا، على دعوة ترمب لاستئناف الحوار، خصوصاً مع التحسن الكبير في علاقات بيونغ يانغ مع موسكو، والتي قد تجعلها مترددة في إعادة التعامل مع واشنطن. كما يبقى من المستبعد أن تقبل واشنطن الاعتراف بكوريا الشمالية دولة مسلحة نووياً.

ويقول هال براندز، البروفسور بكلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية، إنه إذا استمرّ ترمب في مواقفه تجاه تايوان والصين خلال فترة ولاية ثانية، فمن المرجح أن تمر تايوان بـ4 سنوات صعبة. وينطبق الأمر ذاته على دول منطقة المحيطين الهندي والهادي، مع تشدد ترمب في تطبيق شعار «أميركا أولاً».

بدوره، يرى ديفيد ساكس، الباحث بمجلس العلاقات الخارجية، أن تصريحات ترمب تُجسّد «الترمبية» السياسية، وتعكس وجهة نظره التجارية البحتة للسياسة الخارجية. لكن كريغ سنغلتون، مدير برنامج الصين في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، يعتقد أن لدى تايوان بعض أوراق اللعب الرابحة؛ «فاستثمارات تايوان في مجال أشباه المواصلات بولايات مهمة مثل أريزونا، إضافة إلى مشتريات تايوان الكبيرة من المعدات العسكرية الأميركية، سيكونان عاملين مفيدين لها خلال التعامل في السياسات المتقلبة لإدارة ترمب المحتملة».

وشدد الدبلوماسي الأميركي السابق، روبرت رابسون، على أن سياسات ترمب تجاه كوريا الشمالية ومنطقة آسيا «ستظلّ تحمل قدراً من عدم اليقين حتى يتم انتخاب ترمب فعلياً، وعودته إلى المكتب البيضاوي»، عادّاً حالة عدم اليقين «سمة مميزة لسياسات ترمب في إدارته السابقة».


مقالات ذات صلة

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن «حزنها» لعودة دونالد ترمب إلى السلطة وتذكرت أن كل اجتماع معه كان بمثابة «منافسة: أنت أو أنا».

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة.

«الشرق الأوسط» (أوستن (تكساس))
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي آنذاك جون كينيدي يلوح بيده من سيارته في موكب سيارات قبل دقيقة واحدة تقريباً من إطلاق النار عليه، في 22 نوفمبر 1963 في دالاس، الولايات المتحدة (أ.ب)

ترمب يتعهد مجدداً برفع السرية عن وثائق اغتيال جون كينيدي

ينصح أولئك الذين فحصوا سجلات ملف اغتيال كينيدي التي تم الكشف عنها حتى الآن، بعدم توقع أي كشف صادم، حتى لو تم رفع السرية عن الملفات المتبقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

بايدن: أوامر اعتقال الجنائية الدولية ضد زعماء إسرائيل «أمر شائن»

ندد الرئيس الأميركي جو بايدن بإصدار الجنائية الدولية أوامر لاعتقال نتنياهو وغالانت، وقال في بيان: «سنقف دوماً إلى جانب إسرائيل ضد التهديدات التي تواجه أمنها».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ السيناتور الجمهوري لينزي غراهام (أ.ف.ب)

سيناتور جمهوري: أي دولة تدعم قرارات الجنائية الدولية ستواجه موقفاً أميركياً صارماً

عبّر السيناتور الجمهوري الأميركي البارز لينزي غراهام عن رفضه الشديد لقرار المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه السابق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

روسيا: تصرفات بايدن بشأن أوكرانيا محاولة لـ«إفساد» عمل إدارة ترمب

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)
TT

روسيا: تصرفات بايدن بشأن أوكرانيا محاولة لـ«إفساد» عمل إدارة ترمب

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)

نقلت وكالة «سبوتنيك» للأنباء عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله اليوم (الجمعة) إن تصرفات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن أوكرانيا محاولة لـ«إفساد» عمل الرئيس المنتخب دونالد ترمب مستقبلاً.

ونقلت الوكالة عن الوزير قوله: «بايدن، من خلال السماح بضرب العمق الروسي، يسعى إلى ترك إرث سيئ قدر الإمكان للإدارة القادمة... تصرفات إدارة بايدن محاولة لإفساد عمل إدارة ترمب في المستقبل».

وأضاف لافروف خلال مؤتمر صحافي: «الديمقراطيون يريدون ترك إرث سيّئ قدر المستطاع للإدارة الأميركية المقبلة».

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية في وقت سابق اليوم أنها استخدمت للمرة الأولى في أعمال قتالية صاروخاً «باليستياً» فرط صوتي من طراز «أوريشنيك» خلال هجوم على مركز صناعي في دنيبروبيتروفسك بأوكرانيا أمس.