مؤتمر ميلووكي يفوض ترمب رمزاً لا مرشحاً فقط

هتافات وأهازيج احتفاءً بـ«رجل أميركا القوي»... وجمهوريون عدّوه «تعويذة» لبلادهم

الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة لعام 2024 دونالد ترمب خلال حضوره اليوم الأول من المؤتمر الوطني العام للحزب الجمهوري في ميلووكي (رويترز)
الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة لعام 2024 دونالد ترمب خلال حضوره اليوم الأول من المؤتمر الوطني العام للحزب الجمهوري في ميلووكي (رويترز)
TT

مؤتمر ميلووكي يفوض ترمب رمزاً لا مرشحاً فقط

الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة لعام 2024 دونالد ترمب خلال حضوره اليوم الأول من المؤتمر الوطني العام للحزب الجمهوري في ميلووكي (رويترز)
الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة لعام 2024 دونالد ترمب خلال حضوره اليوم الأول من المؤتمر الوطني العام للحزب الجمهوري في ميلووكي (رويترز)

أدى حضور الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، بضمادة صغيرة تغطي جرحاً في أذنه اليمنى بعد نجاته من محاولة اغتيال، مع مرشحه لمنصب نائب الرئيس جيمس ديفيد فانس للانتخابات المقررة بعد أقل من أربعة أشهر، إلى ضخ زخم استثنائي في نشاطات المؤتمر الوطني العام للحزب الجمهوري.

وما إن ظهر ترمب للمرة الأولى أمام جمهور حزبه المتجمعين بالآلاف في مدينة ميلووكي في ولاية ويسكونسن، للمرة الأولى منذ إصابته، السبت الماضي، حتى ارتفعت الهتافات والأهازيج احتفاء بـ«رجل أميركا القوي»، وفقاً للتعبير الذي استخدمه كاميرون، وهو عضو في جماعة ضغط تعمل لمصلحة الجمهوريين.

وبعدما طلب عدم نشر اسمه الكامل بسبب طبيعة عمله، قال كاميرون لـ«الشرق الأوسط» إنه أتي من تامبا بولاية فلوريدا ووصل قبل مجيء ترمب إلى قاعة المؤتمر، التي استقطبت 2400 من المندوبين، بالإضافة إلى آلاف آخرين يعتنقون شعار «فلنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى»، أو ما بات يعرف اختصاراً بعبارة «ماغا!».

يرى كاميرون أن «الأميركيين سئموا من عجز (الرئيس جو) بايدن» الذي «بلغ من الضعف حداً غير معقول»، مضيفاً أن «ترمب وحده يمكن أن يُعيد لأميركا عظمتها وهيبتها بعدّها بلداً لا نظير له عبر العالم. دعنا نعترف بهذه الحقيقة!».

الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة لعام 2024 دونالد ترمب خلال حضوره اليوم الأول من المؤتمر الوطني العام للحزب الجمهوري في ميلووكي (د.ب.أ)

ومثل كاميرون الذي تفاخر بقبعة وقعها له الرئيس السابق بقلم «شاربي» الذي لا يبهت حبره ولا يمّحي، كان هناك كثيرون ممن ارتدوا ثياباً حمراء - تعكس اللون الرسمي المعتمد من الحزب - ويرقصون فرحاً احتفالاً بترمب ويرفعون الأعلام الأميركية تمجيداً للولايات المتحدة. «ترمب من الآن، اختاره الله ليكون الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة، بعدما كان الرئيس الخامس والأربعين!».

خطوات ترمب «ذكية»

وبدا واضحاً أن مؤتمر الحزب الجمهوري صمم لاجتذاب أوسع تأييد ممكن من خارج القاعدة الشعبية المضمونة لترمب، بمن في ذلك الشباب والنساء والأميركيون من ألوان وأعراق مختلفة، مثل السود والهيسبانيك والآسيويين ومن الجاليات العربية المتململة من سياسات الرئيس جو بايدن وإدارته الديمقراطية.

وأشاد كثيرون بأن ترمب اختار جاي دي فانس لبطاقة نائب الرئيس، وهو شاب آيديولوجي اعتنق الشعارات اليمينية المحافظة ومنها «ماغا» و«أميركا أولاً» بعدما كان وجه انتقادات لاذعة لترمب خلال انتخابات عام 2016.

الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة مع مرشحه لمنصب نائب الرئيس جاي دي فانس خلال اليوم الأول من المؤتمر الوطني العام للحزب الجمهوري (رويترز)

وكثيراً ما أشار الحضور إلى حيوية فانس الذي درس إدارة الأعمال والقانون في جامعتي شيكاغو ويال وتمكن من استقطاب كثير من الأموال والتبرعات لحملة ترمب، الذي جعله نجماً، رغم أنه وافد جديد إلى النخب السياسية في واشنطن، ثم ألف كتاباً بعنوان «مرثاة لفتاة الجبل» حظي بمبيعات ضخمة.

ولفتت إحداهن إلى «الخطوة الذكية» التي قام بها ترمب البالغ من العمر 78 عاماً باختيار فانس البالغ من العمر 39 عاماً تعزيزاً لعملية «ضخ دماء جديدة» في قيادات «الحزب القديم العظيم»، وهو الاسم التاريخي للحزب الجمهوري.

من أجل البيت الأبيض

ومع إطلالة ترمب على الشاشة خلف الكواليس، ثم خروجه إلى القاعة العامة للمؤتمر، هاج الجمهور وماج. وتأثر بشدة عندما غنى لي غرينوود: «فليبارك الله الولايات المتحدة الأميركية». ووقف ترمب أكثر من مرة ليحيي الحاضرين ويشكرهم على عاطفتهم وتأييدهم، وهتف معهم عندما رددوا عبارته: «قاتلوا، قاتلوا!»، ورفعوا قبضاتهم على غرار ما فعله فور إصابته في الجزء الأعلى من أذنه عندما حاول الشاب الأميركي توماس ماثيو كروكس اغتياله خلال مهرجان انتخابي في بنسلفانيا عصر السبت الماضي.

وشاركهم أيضاً في هتافات هادرة: «يو إس إيه، يو إس إيه، يو إس إيه». ولكنه لم يلق أي كلمة أمام المؤتمر، علماً أنه حصل في اليوم ذاته على تفويض كاسح لترشيح المندوبين له ولفانس في معركة العودة إلى البيت الأبيض عبر انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ويتوقع أن يلقي ترمب خطاباً يوصف بأنه «مهم للغاية» في ختام المؤتمر ليل الخميس.

ويعكس مشهد ترشيح ترمب رسمياً عمق شعبيته بين الناشطين الجمهوريين. وعندما أجاز العدد اللازم من المندوبين من الولايات الأميركية المختلفة، ظهرت على شاشات التلفزيون العملاقة في المكان عبارة «فوق الذُروة» بينما صدحت أغنية «سيليبرايشن»، أي «احتفال»، التي رقص على وقعها المندوبون ولوحوا بلافتات ترمب وشعاراته.

الرئيس الأميركي السابق ترمب والسيناتور عن ولاية أوهايو فانس يظهران على الشاشة خلال اليوم الأول من مؤتمر الحزب الجمهوري في ميلووكي بويسكونسن (أ.ف.ب)

وفي الافتتاح الذي شهد عشرات الخطابات، قال رئيس الحزب الجمهوري مايكل واتلي: «يجب أن نتحد بوصفنا حزباً، وعلينا أن نتحد بوصفنا أمة»، مضيفاً: «يجب أن نظهر القوة والمرونة نفسهما اللتين يتمتع بهما الرئيس ترمب ونقود هذه الأمة إلى مستقبل أعظم». لكن واتلي وغيره من القادة الجمهوريين استدركوا أن دعواتهم إلى رأب الصدع الأميركي الكبير لا تصل إلى الرئيس جو بايدن وحزبه الديمقراطي.

ساحة معركة

وكذلك تحدث السيناتور رون جونسون، مرحباً بانعقاد مؤتمر الحزب في ولايته ويسكونسن التي تعد ساحة معركة رئيسية، فاز بها ترمب عام 2016 لكنه خسرها أمام بايدن عام 2020، بأن «سياساتهم (الديمقراطيين) تشكل خطراً واضحاً وقائماً على أميركا، وعلى مؤسساتنا وقيمنا وشعبنا».

واستشهد العديد من المتحدثين بصور دينية لمناقشة مشهد ترمب ومحاولة الاغتيال. وقال السيناتور تيم سكوت: «جاء الشيطان إلى بنسلفانيا وهو يحمل بندقية. لكن أسداً أميركياً نهض مرة أخرى على قوائمه!».

وكانت مندوبة ولاية وايومينغ شيريل فولاند من الذين تبنوا هتاف «قاتلوا» بعد رؤية ترمب على قيد الحياة السبت. وقالت: «كنا نعلم حينها أننا سنعتمد ذلك كأنشودة لنا. ليس فقط لأننا أردناه أن يقاتل، وأن الله كان يقاتل من أجله. لقد فكرنا، أليس من واجبنا قبول هذا التحدي والقتال من أجل بلدنا؟». وأضافت أن المسألة «أكبر من ترمب. إنها تعويذة لبلدنا».

ترمب بعد محاولة اغتياله خلال حدث انتخابي في بنسلفانيا في 13 يوليو 2024 (رويترز)

وحدد الجمهوريون هدف المؤتمر بالوصول إلى الأشخاص خارج قاعدة الحزب. وسعت حملة ترمب إلى عرض رسالة أكثر ليونة وأكثر تفاؤلاً، مع التركيز على الموضوعات التي من شأنها أن تساعد الزعيم الشعبوي المثير للجدل على توسيع جاذبيته بين الناخبين المعتدلين والأشخاص الملونين.

استقطاب الديمقراطيين

في حلقة مخصصة لتحفيز الاقتصاد الأميركي، استمع المندوبون والحاضرون إلى متحدثين تصفهم حملة ترمب بأنهم «أميركيون عاديون» كان أحدهم ديمقراطياً ويدعم الآن ترمب.

وكان بينهم عدد لا بأس به من الجمهوريين السود الذين يدعمون جهود حملة ترمب للفوز بمزيد من الأصوات في الدوائر الانتخابية الديمقراطية الأساسية.

وقال النائب ويسلي هانت إن ارتفاع أسعار البقالة والطاقة يضر بمدخرات الأميركيين. واقتبس من الرئيس الأميركي سابقاً رونالد ريغان وصفه للتضخم بأنه «أقسى ضريبة على الفقراء»، عادّاً أن بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس «لا يبدو أنهما يفهمان المشكلة». وقال: «يمكننا إصلاح هذه الكارثة بانتخاب ترمب وإعادته إلى حيث ينتمي، إلى البيت الأبيض».

وشدد سكوت، الذي ربما يكون المشرع الأسود الأكثر شهرة في الحزب الجمهوري، على أنّ «أميركا ليست دولة عنصرية».

ورغم الدعوات إلى التناغم، فإن اثنين من المتحدثين في الافتتاح، وهما النائبة مارجوري تايلور غرين والمرشح لمنصب حاكم ولاية نورث كارولاينا مارك روبنسون - معروفان بأنهما من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في الحزب، والانقسام في أميركا.


مقالات ذات صلة

«خبر سيئ» لأوكرانيا... خبراء أوروبيون يحذرون من اختيار فانس نائبا للرئيس

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري للانتخابات دونالد ترمب إلى جانب جي دي فانس (رويترز)

«خبر سيئ» لأوكرانيا... خبراء أوروبيون يحذرون من اختيار فانس نائبا للرئيس

يُعدّ اختيار المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية، دونالد ترمب، جيمس ديفيد (جي دي) فانس لمنصب نائب الرئيس سبباً في إثارة المخاوف في أوروبا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتحدث الى الملياردير إيلون ماسك (أرشيف - أ.ب)

ما تأثيرات فوز ترمب بالرئاسة على إمبراطورية إيلون ماسك؟

من المتوقع أن يكون لتأييد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، لدونالد ترمب تأثير كبير على إمبراطوريته، وفقاً لما رجحه تقرير صحافي جديد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

تغريدات وتوسط حلفاء وربما «إيلون ماسك»... نتنياهو يحاول إصلاح علاقته بترمب

كشف تقرير نشره موقع «أكسيوس» الإخباري عن قيام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالعمل بشكل مكثف خلف الكواليس لإصلاح علاقته بترمب

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني (أ.ف.ب)

إيران تنفي الضلوع في مخطط لاغتيال ترمب

رفضت إيران الأربعاء الاتهامات «المغرضة» الواردة بالإعلام الأميركي بضلوعها في مخطط لاغتيال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب

«الشرق الأوسط» (طهران )

بايدن يدعو لحظر نوع السلاح المُستخدم في محاولة اغتيال ترمب

الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث خلال اجتماع لـ«الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين» في لاس فيغاس (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث خلال اجتماع لـ«الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين» في لاس فيغاس (رويترز)
TT

بايدن يدعو لحظر نوع السلاح المُستخدم في محاولة اغتيال ترمب

الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث خلال اجتماع لـ«الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين» في لاس فيغاس (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث خلال اجتماع لـ«الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين» في لاس فيغاس (رويترز)

دعا الرئيس الأميركي جو بايدن، يوم الثلاثاء، إلى حظر الأسلحة النارية نصف الآلية من النوع الذي استُخدم، السبت، في محاولة اغتيال منافسه الجمهوري في الانتخابات الرئاسية دونالد ترمب.

ووفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية، قال بايدن في اجتماع لـ«الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين» في لاس فيغاس «انضمّوا إليّ في إخراج أسلحة الحرب هذه من شوارع أميركا. تمّ استخدام سلاح من طراز إيه آر-15 بإطلاق النار على دونالد ترمب... حان الوقت لحظره».

وتعهد الرئيس الأميركي بمواصلة مسعاه للفوز بفترة جديدة في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) وهاجم سجل ترمب كرئيس، في أول خطاب سياسي له منذ محاولة اغتيال منافسه الجمهوري حيث استُقبل بهتاف «أربع سنوات أخرى».

وقال بايدن إنه ممتن لأن ترمب لم يُصب بأذى كبير خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا، يوم السبت، لكنه انتقده بشدة على مجموعة مختلفة من الجبهات منها طريقة تعامله مع الاقتصاد خلال جائحة فيروس كورونا.

وأضاف «دعوني أكرر ذلك لأن ترمب يكذب بشدة بشأن هذا الأمر، فقد وصلت البطالة بين السود إلى مستوى قياسي منخفض في ظل إدارة بايدن و(نائبة الرئيس كاملا) هاريس».

ووبخ ترمب لزعمه في مرحلة ما أن الرئيس السابق باراك أوباما ليس مواطناً أميركياً، ولإشارته إلى «وظائف السود» في مناظرتهما يوم 27 يونيو (حزيران).

ودفعت محاولة اغتيال ترمب، يوم السبت، حملة بايدن إلى سحب إعلاناتها التلفزيونية وإلغاء الهجمات اللفظية على الرئيس السابق والتركيز بدلاً من ذلك على رسالة الوحدة.

وكانت استراتيجية الحملة في السابق هي التركيز على الانتقادات الشديدة لترمب باعتباره تهديداً للديمقراطية الأميركية وتسليط الضوء على عدم الاعتراف بخسارته في انتخابات عام 2020 وإداناته بارتكاب جرائم.

وهي تحاول الآن التعبير عن رسالة أقل تشدداً لا تزال تقوم على إظهار التناقض بين نهج المرشحين ومواقفهما.

والجمعية الوطنية للنهوض بالملونين أقدم وأكبر منظمة للحقوق المدنية في الولايات المتحدة، وهي دائرة انتخابية رئيسية للحزب الديمقراطي. وبينما أقبل الناخبون السود بكثافة للتصويت لصالح بايدن في 2020، أظهرت استطلاعات الرأي تراجع دعمهم له في هذه الانتخابات.