محاولة اغتيال ترمب تهز أميركا

البحث عن دوافع المنفذ... وإجماع واسع على رفض العنف وسيلةً للعمل السياسي

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يرفع قبضته بينما يحيط به عملاء «الخدمة السرية» لمساعدته على الخروج من المسرح خلال تجمع انتخابي في باتلر (بنسلفانيا) بعد إطلاق النار عليه مساء السبت (أ.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يرفع قبضته بينما يحيط به عملاء «الخدمة السرية» لمساعدته على الخروج من المسرح خلال تجمع انتخابي في باتلر (بنسلفانيا) بعد إطلاق النار عليه مساء السبت (أ.ب)
TT

محاولة اغتيال ترمب تهز أميركا

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يرفع قبضته بينما يحيط به عملاء «الخدمة السرية» لمساعدته على الخروج من المسرح خلال تجمع انتخابي في باتلر (بنسلفانيا) بعد إطلاق النار عليه مساء السبت (أ.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يرفع قبضته بينما يحيط به عملاء «الخدمة السرية» لمساعدته على الخروج من المسرح خلال تجمع انتخابي في باتلر (بنسلفانيا) بعد إطلاق النار عليه مساء السبت (أ.ب)

أحدثت المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس الأميركي السابق المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة المقبلة دونالد ترمب، مساء السبت، صدمة وزلزالاً سياسيين داخل الولايات المتحدة وخارجها.

فقد أقدم شاب مسلح في العشرينات من العمر، حدد «مكتب التحقيقات الفيدرالي» اسمه بأنه توماس ماثيو كروكس، على إطلاق النار على الرئيس السابق خلال تجمع حاشد في مقاطعة باتلر بولاية بنسلفانيا. وأعلنت السلطات مقتل الشاب إضافة إلى مقتل اثنين من الحاضرين، وإصابة اثنين آخرين بجروح خطرة.

نقل المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب إلى خارج المسرح بعد محاولة اغتياله خلال تجمع حاشد في باتلر بولاية بنسلفانيا مساء السبت (أ.ف.ب)

وسجلت كاميرات التلفزيون حالة الذعر بعد إطلاق وابل من الرصاص في اتجاه الرئيس ترمب أدى إلى إصابة أذنه اليمني وسقوطه على الأرض لمدة 25 ثانية قبل أن يحيط به عملاء «الخدمة السرية»، ويتمكن من الوقوف على قدميه مرة أخرى ووجهه ملطخ بالدماء، ويرفع قبضته عالياً في الهواء ليؤكد لمناصريه أنه بخير، ويسرع به عملاء «الخدمة السرية» إلى سيارته لنقله إلى المستشفى.

ومرت ساعات عصيبة ما بين متابعة حالة ترمب الصحية وتلقيه العلاج، وظهوره يترجل من طائرته إلى منتجعه الصيفي في ولاية نيوجيرسي. وأكدت حملة ترمب أن المرشح الجمهوري «بخير» بعد أن اخترقت رصاصة الجزء العلوي من أذنه اليمني. وقال ترمب عبر منصة «تروث سوشيال»: «علمت على الفور أن هناك خطراً بمجرد سماعي صوت طلقات. شعرت على الفور بالرصاصة. حدث نزف، وأدركت وقتها ما يحدث». واختتم ترمب منشوره عبر المنصة قائلاً: «من غير المعقول أن يحدث عمل كهذا في بلدنا».

وأكد «مكتب التحقيقات الفيدرالي» توصيف الحادث بأنه محاولة اغتيال، وحُدّدت هوية مطلق النار بأنه توماس ماثيو كروكس، وهو في العشرين من العمر، ويقيم بمدينة بيتل بارك في ولاية بنسلفانيا، وينتمي إلى الحزب الجمهوري. وقالت السلطات إنها لا تزال تبحث عن دوافعه. ولم يتضح على الفور ما إذا كان أقدم على محاولة الاغتيال بشكل منفرد أم لديه شركاء. وبثت وسائل الإعلام فيديو مصوراً لمطلق النار، وهو يردد أنه يكره الجمهوريين ويكره الرئيس دونالد ترمب.

وبينما عثرت سلطات إنفاذ القانون على بندقية من طراز «إيه آر15 (AR15)» في مكان الحادث، فقد قال شهود عيان إن مطلق النار تمكن من الوصول إلى سطح بناية قريبة من المنصة التي يقف عليها الرئيس السابق، وعلى مسافة تتراوح بين 120 و150 متراً، مما أثار تساؤلات حول الإخفاق الأمني في تأمين المنطقة المحيطة بالتجمع الانتخابي، ودفع بالجمهوريين إلى الإعلان عن فتح تحقيقات داخل الكونغرس واستدعاء رئيسة «الخدمة السرية» للإدلاء بشهادتها حول هذا الإخفاق الأمني. ودعا المشرعون من كلا الحزبين إلى إجراء تحقيقات حول الحادث. وأشار رئيس لجنة الرقابة في مجلس النواب، جيمس كومر، إلى أنه يخطط لعقد جلسات استماع حول الحادث. وقال في بيان: «لقد اتصلت بـ(الخدمة السرية) للحصول على إحاطة، وأدعو مديرة (الخدمة السرية)، كيمبرلي شيتل، إلى الحضور لجلسة استماع».

الرئيس الأميركي جو بايدن يدلي بتصريحات من شاطئ «ريهوبوث» بولاية ديلاوير مساء السبت عقب حادث محاولة اغتيال سلفه ومنافسه دونالد ترمب (رويترز)

بايدن يدين العنف

وخرج الرئيس الأميركي، جو بايدن، بعد ساعتين من الحادث ليعلن في خطاب مصوّر أنه لا يوجد مكان في أميركا لهذا النوع من العنف. وأضاف أن ما حدث «أمر مقزز، ويتعين على الجميع إدانة العنف السياسي». وفي وقت لاحق أعلن مسؤول بالبيت الأبيض أن بايدن تحدث إلى منافسه الجمهوري ترمب، وأنه قرر قطع إجازته في منزله بشاطئ «ريهوبوث» بولاية ديلاوير والعودة إلى البيت الأبيض لمتابعة التقارير حول الحادث.

كما تفاعل عدد كبير من قادة الحزب الديمقراطي والرؤساء السابقين في إدانة محاولة الاغتيال الفاشلة. وقال الرئيس الأسبق باراك أوباما على منصة «إكس» إنه «لا مكان للعنف السياسي في ديمقراطيتنا». وأضاف: «يجب أن نشعر بارتياح أن الرئيس السابق ترمب لم يصب بجروح بالغة، وعلينا أن نستغل هذه اللحظة لتجديد التزامنا بإظهار التحضر والاحترام في السياسة». كما قال الرئيس الأسبق بيل كلينتون: «لا مكان للعنف في أميركا، خصوصاً في عملنا السياسي». وأضاف: «نشعر أنا وهيلاري بالامتنان لأن الرئيس ترمب بخير». بدورها، أعربت الرئيسة السابقة لمجلس النواب، نانسي بيلوسي، عن امتنانها لسلامة الرئيس السابق ترمب، وقالت إنها تدعو له وتصلي من أجل سلامته. وأدان وزير الدفاع لويد أوستن الحادث، وقال: «هذه ليست الطريقة التي تحل بها الخلافات في أميركا». كما قال وزير الخارجية أنتوني بلينكن إنه «يشعر بالصدمة».

وأثار الحادث حالة من الاستنفار الأمني الواسع؛ إذ انتشرت قوات الأمن لتأمين محيط البيت الأبيض في العاصمة واشنطن، وحول «برج ترمب» في مدينة نيويورك، وفي بعض المقار الانتخابية للحزبين.

غضب جمهوري

وسرعان من ألقى بعض الجمهوريين باللوم في محاولة اغتيال الرئيس ترمب، على خطاب بايدن وحلفائه الديمقراطيين، وشددوا على أن هجمات بايدن المستمرة ضد ترمب ووصفه بأنه تهديد للديمقراطية خلفت بيئة سامة أدت إلى تصاعد هذا العنف السياسي. وأشار بعضهم إلى تعليق أدلى به بايدن للمانحين في 8 يوليو (تموز) الحالي قال فيه إنه حان الوقت لوضع ترمب في مركز الهدف، وإلى تصريح آخر تعهد فيه بايدن بمنع ترمب من الوصول إلى البيت الأبيض، وقال فيه: «ترمب لن يصل إلى البيت الأبيض، ولو على جثتي».

وأشار كثير من النواب الجمهوريين والخبراء إلى أن الحادث الذي تعرض له الرئيس ترمب، سيجعل الطريق نحو البيت الأبيض أسهل أمامه. وقال النائب الجمهوري ديريك فان أوردن إن «الرئيس ترمب نجا من هذا الهجوم. لقد فاز في الانتخابات».

ويعدّ هذا الحادث أخطر محاولة لاغتيال رئيس ومرشح رئاسي منذ إطلاق النار على الرئيس الأسبق رونالد ريغان عام 1981. وقد سلط الحادث الأضواء على حالة الاستقطاب السياسي المزدادة قبل أقل من 4 أشهر من الانتخابات الرئاسية الأميركية، وقبل ساعات من انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في مدينة ميلووكي.

تحذيرات ومخاوف

صَدْرا صفحتين رئيسيتين في بريطانيا تظهران رد الفعل على حادث محاولة اغتيال دونالد ترمب (أ.ب)

وبعد ساعات قليلة من الحادث، حذرت هيئة تحرير صحيفة «نيويورك تايمز» من الانزلاق نحو مزيد من العنف والخطاب المتطرف الذي يغذي هذا العنف. وأعربت عن إدانتها محاولة الاغتيال والعنف الذي يتعارض مع الديمقراطية، وطالبت الصحيفة بألا يؤخذ هذا الهجوم على أنه استفزاز أو توصيفه بأنه مجرد انحراف عن المسار. وكتبت أيضاً أن أعمال العنف خيّمت على الديمقراطية الأميركية لفترة طويلة وأصبحت أكثر قتامة في الآونة الأخيرة، وأن الاستقطاب الثقافي والسياسي وانتشار الأسلحة والتطرف عبر الإنترنت ساهم في إشعال هذا الخطر الداخلي، وأنه يتعين الالتزام بالحل السلمي للخلافات السياسية.

وطالبت الصحيفة الزعماء السياسيين من الحزبين، وكذا الأميركيين بشكل فردي وجماعي، بأن يرفضوا الانزلاق نحو مزيد من العنف، ووصفت الهجوم بأنه مأساة، وشددت على أن التحدي الذي يواجه الأميركيين الآن هو منع هذه الحظة من أن تصبح بداية لمعاناة كبرى.


مقالات ذات صلة

بايدن يدعو لحظر نوع السلاح المُستخدم في محاولة اغتيال ترمب

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث خلال اجتماع لـ«الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين» في لاس فيغاس (رويترز)

بايدن يدعو لحظر نوع السلاح المُستخدم في محاولة اغتيال ترمب

دعا الرئيس الأميركي جو بايدن، الثلاثاء، إلى حظر الأسلحة النارية نصف الآلية من النوع الذي استُخدم، السبت، في محاولة اغتيال منافسه الجمهوري دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ضمادة تغطي الأذن اليمنى لدونالد ترمب (أ.ف.ب)

«سي إن إن» تنشر معلومات عن مؤامرة إيرانية لاغتيال ترمب

أعلن البيت الأبيض، الثلاثاء، ان مسؤولي الإدارة الأميركية يتابعون التهديدات التي وجهتها إيران ضد المسؤولين السابقين في إدارة دونالد ترمب.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ أفراد من الشرطة خارج المركز الذي عقد فيه الحزب الجمهوري مؤتمره في ميلووكي بولاية ويسكونسن (أ.ف.ب)

80 % من الأميركيين يخشون انزلاق البلاد إلى الفوضى

خلص استطلاع للرأي أجرته «رويترز- إبسوس»، الثلاثاء، إلى أن الأميركيين يخشون انزلاق بلادهم إلى الفوضى بعد محاولة اغتيال الرئيس السابق دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب يعقد السبت أول تجمع لحملته الانتخابية منذ محاولة اغتياله

أعلن المرشح الجمهوري دونالد ترمب، اليوم (الثلاثاء)، أنه سيعقد تجمعاً انتخابياً، السبت، في ولاية ميشيغان، بعد أسبوع من محاولة اغتياله.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في ميلووكي خلال مؤتمر الحزب الجمهوري الاثنين (أ.ب)

«سي إن إن»: واشنطن تلقّت معلومات مخابراتية عن مؤامرة إيرانية لاغتيال ترمب

ذكرت شبكة «سي إن إن»، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن الولايات المتحدة تلقّت معلومات في الأسابيع الماضية عن مؤامرة إيرانية لمحاولة اغتيال الرئيس السابق دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

محكمة أميركية تدين سيناتوراً ديمقراطياً بتُهَم فساد

السيناتور روبرت ميننديز أمام محكمة نيويورك الثلاثاء (إ.ب.أ)
السيناتور روبرت ميننديز أمام محكمة نيويورك الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

محكمة أميركية تدين سيناتوراً ديمقراطياً بتُهَم فساد

السيناتور روبرت ميننديز أمام محكمة نيويورك الثلاثاء (إ.ب.أ)
السيناتور روبرت ميننديز أمام محكمة نيويورك الثلاثاء (إ.ب.أ)

دانت هيئة محلّفين في محكمة نيويورك، السيناتور الديمقراطي عن ولاية نيوجيرسي روبرت ميننديز، في جميع التهم الـ16 الموجّهة إليه، التي تضمّنت تلقي رشى، وفساداً، وإعاقة العدالة، والعمل عميلاً لدول أجنبية.

وبعد 3 أيام من المداولات، وبعد جلسات المحاكمة التي استمرت 9 أسابيع، أصدر المحلّفون قرارهم بإدانة السيناتور الديمقراطي البارز بتلقي هدايا فخمة بما يخالف القانون الأميركي.

وكان ميننديز يشغل منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ. ومن المقرّر أن يُصدر القاضي سيدني شتاين حكمه بالعقوبة خلال أسابيع، فيما تم تأجيل محاكمة زوجة السيناتور الديمقراطي نادين حتى تتعافى من الإصابة بسرطان الثدي من الدرجة الثالثة.

ويقول خبراء إن العقوبة المنصوص عليها في هذه الحالة يمكن أن تصل إلى السجن 20 عاماً. ولم يتّضح فوراً ما إذا كان السيناتور سيحاول الطعن في حكم الإدانة ورفع استئناف، لكن من المرجّح أن الإدانة أنهت حياته السياسية بعدما عضواً في مجلس الشيوخ على مدى 18 عاماً، كما يُرجّح أن يضغط عليه أعضاء الحزب الديمقراطي لتقديم استقالته، والتخلّي عن فكرة ترشيح نفسه لإعادة انتخابه في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.