تعرض الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لمحاولة اغتيال خلال تجمع انتخابي في باتلر بولاية بنسلفانيا أصيب فيها بجروح في أذنه، في حادث قد تكون له تداعيات كبيرة على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة.
وشوهد الرئيس الأميركي السابق (78 عاماً) وهو يرفع قبضته أمام الحشد بعد الهجوم، والدم يسيل على وجهه، في رد فعل أظهره في صورة القائد القوي، في تناقض كبير مع الضعف الذي ظهر به الرئيس الحالي جو بايدن خلال المناظرة التي أُجريت بينه وبين ترمب قبل أسابيع.
ونقلت مجلة «فورتشن» عن إيان بريمر، رئيس «مجموعة أوراسيا»؛ وهي مؤسسة لأبحاث واستشارات المخاطر السياسية، قوله إن «محاولة الاغتيال الواضحة حدثت في الوقت الذي كانت فيه البلاد بالفعل مستقطبة بشدة. وتتناقض صورة ترمب وهو يرفع قبضته في الهواء والدماء تسيل على وجهه بينما يخرجه عملاء الخدمة السرية إلى بر الأمان، بشكل كبير مع صورة الرئيس جو بايدن الذي بدا ضعيفاً ومرتبكاً خلال المناظرة» الأخيرة بينهما.
وأضاف: «هذا يزيد من احتمالية فوز ترمب؛ لأن رد فعله بعد إطلاق النار أظهره في صورة الشخص القوي».
وحذر بريمر بأن هذا الحادث «ينذر بمزيد من العنف السياسي وعدم الاستقرار الاجتماعي في المستقبل».
من جهته، أعلن الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك «تيسلا» و«سبيس إكس»، بعد وقوع الحادث، أنه يؤيد ترمب رسمياً في السباق الانتخابي في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وكتب ماسك على منصة «إكس»: «أنا أؤيد تماماً الرئيس ترمب، وأتمنى له الشفاء العاجل».
وأضاف: «آخر مرة كان لدى أميركا مرشح بهذه القوة كان ثيودور روزفلت».
ووفق صحيفة «التلغراف» البريطانية، فقد بنى ترمب حملته الانتخابية على فكرة مفادها بأن الجميع يسعون إلى النيل منه. واتهم المدعين الفيدراليين والقضاة ومسؤولي الانتخابات والسياسيين المنافسين والصحافيين بمحاولة إسقاط حملته ومنع عودته إلى البيت الأبيض.
وطُعن في كثير من هذه الادعاءات. ولكن بعد الحادث الذي وقع في ولاية بنسلفانيا لا يستطيع حتى أشد أعداء ترمب أن ينكروا أن هناك من يريد التخلص منه.
ردود فعل الجمهوريين ومؤيدي ترمب
وفي غضون دقائق من إطلاق النار، تحول غضب الجمهوريين من الحادث إلى إعجاب برد فعل ترمب ورفعه قبضته التي عدّوها «علامة تحدٍّ»، وفق ما نقلته صحيفة «بوليتيكو».
ويزعم أنصار ترمب أن محاولة الاغتيال كانت أحدث معركة في «حربه لإنقاذ الولايات المتحدة». وقبل الإعلان عن هوية مطلق النار المتوفى، كان الجمهوريون يلومون خصومهم السياسيين علانية على الحادث.
وقال النائب مايك كيلي (وهو جمهوري عن ولاية بنسلفانيا)، الذي كان حاضراً في التجمع: «لن نتسامح مع هذا الهجوم من اليسار»، فيما أشار السيناتور جي دي فانس (وهو جمهوري من ولاية أوهايو) إلى أن «الأمر لا يتعلّق اليوم بمجرّد حدث منعزل. الفرضيّة الأساسيّة لحملة بايدن هي أنّ الرئيس دونالد ترمب فاشيّ استبدادي يجب إيقافه بأيّ ثمن. وقد أدّى هذا الخطاب مباشرةً إلى محاولة اغتيال الرئيس (السابق) ترمب».
وانضم السيناتور مايك لي (جمهوري من ولاية يوتا) إلى روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي السابق لترمب، إلى دعوة بايدن لإسقاط جميع التهم الفيدرالية الموجهة ضد الرئيس السابق، في جزء من الجهود الرامية إلى «خفض التوترات السياسية».
وكان رد فعل نجل الرئيس السابق، دونالد ترمب جونيور، على الحادث يظهر شعوره بالانتصار وليس الصدمة، حيث شارك منشوراً على الإنترنت يظهر فيه صورة والده وهو يرفع قبضته ووجهه ملطخ بالدماء، والعلم الأميركي في الخلفية، وعلق على الصورة بقوله: «لن يتوقف والدي أبداً عن القتال من أجل إنقاذ أميركا».
وسارع آخرون؛ بمن فيهم أعضاء الكونغرس الحاليون، إلى نشر الصورة نفسها أو صور مشابهة، تظهر ترمب بطلاً.
وحتى قبل المناظرة التي أُجريت بين الرئيس بايدن وترمب الشهر الماضي، والتي كان لها تأثير «كارثي» على صورة الرئيس الحالي، كان ترمب حريصاً على إظهار نفسه شخصية سياسية قوية تواجه مرشحاً ضعيفاً ومتقدماً في السن.
ومن المنتظر أن يستقبل مؤتمر ترشيح الحزب الجمهوري في الأسبوع المقبل ترمب استقبال الأبطال.
وتوقع مايك ميرفي، الخبير الاستراتيجي في الحزب الجمهوري، أن «قبضة ترمب المرفوعة ستصبح الرمز الأيقوني للمؤتمر».
ورجح ميرفي أنه «سيكون هناك تعاطف أميركي عميق مع ترمب» وأن تميل استطلاعات الرأي بشكل أكبر إلى كفة الرئيس السابق، مع احتمال إعلان مزيد من المستقلين تأييده في الفترة المقبلة.
هل سيزيد الحادث الضغوط على بايدن للانسحاب؟
ليس من الواضح ما إذا كان إطلاق النار سيؤدي إلى تسريع دعوات الديمقراطيين لبايدن بالانسحاب من السباق الرئاسي. فقد رد معظم الديمقراطيين المنتخبين على حادث إطلاق النار بإدانة العنف السياسي، ولم يرغب سوى عدد قليل منهم في مناقشة كيف يمكن أن يتردد صدى ذلك على الحملة الانتخابية للرئيس الحالي.
وعلق بايدن على محاولة اغتيال ترمب بقوله إنّه «يجب على الجميع إدانة» ما حدث، مضيفاً: «لا مكان لهذا النوع من العنف في أميركا. يجب علينا أن نتّحد، بصفتنا أمّة، لإدانته».
من جهتها، وصفت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، الحادث بـ«البغيض»، وقالت إنها «مرتاحة» لأن ترمب لم «يُصب بجروح خطرة».
أما الرئيس الأميركي الأسبق الديمقراطي باراك أوباما فقد قال إنه «لا مكان على الإطلاق للعنف السياسي في ديمقراطيّتنا. يجب أن نستغلّ هذه اللحظة لتجديد التزامنا بإظهار التحضُّر والاحترام في السياسة».