خبراء يوصون بعدم التسرع في الحكم على أهلية بايدن لولاية ثانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ف.ب)
TT

خبراء يوصون بعدم التسرع في الحكم على أهلية بايدن لولاية ثانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ف.ب)

أمام زلّات لسان الرئيس الأميركي جو بايدن وصعوبات نطقه وغيرها من العلامات التي يراقبها حاليًا كثيرون، يحذر خبراء علميون من التوصل إلى استنتاجات متسرّعة بشأن حالته الصحية، ويوصون مع ذلك بخضوعه لفحوص طبية إضافية.

ويرى هؤلاء الخبراء ضرورة نشر نتائج هذه الاختبارات لوضع حدّ للتكهنات إذا لم تؤكد المخاوف الحالية. ويقولون إنهم يتفهمون المخاوف، لكنهم يؤكدون أن وحدهم أطباء بايدن يمكنهم إجراء تشخيص صحيح ودقيق له.

فمنذ أدائه الكارثي قبل أسبوعين خلال مناظرة ضد دونالد ترمب (78 عامًا) منافسه الجمهوري في الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني)، يتم التشكيك في صوابية ترشيح الرئيس الديموقراطي لولاية ثانية.

يقول طبيب الأعصاب الأميركي دينيس سيلكو لوكالة الصحافة الفرنسية إن المسألة الفعلية تكمن في التمييز «بين ما يُعتبر جزءًا من العملية الطبيعية للتقدم في السن» وهو يبلغ 81 عامًا و«ما يمثل مرضًا عصبيًا».

ويضيف الأستاذ في كلية الطب في جامعة هارفارد «ارتكاب خطأ في قول اسم لا يُعدّ تلقائيًا علامة على الإصابة بالخرف أو مرض ألزهايمر، حتى لو تكرر ذلك».

لكن جو بايدن «يظهر كأنه في المراحل الأولى من مرض باركنسون» بحسب الخبير بالأمراض التنكسية العصبية. ويوضح «ترونه يتكلّم بصوت منخفض ولديه تصلّب في الحركة ويتحرك ببطء».

* الاختبار الإدراكي

في فبراير (شباط) خضع بايدن لفحص طبي شامل استبعد تقرير عنه نُشر لاحقاً إصابته بمرض باركنسون. لكن ما لم ينشر حينها كان طبيعة الفحوص التي أُجريت ونتائجها بالتفصيل.

فهل يمكن أنه أصيب بعدها بمرض عصبي تطور خلال الأشهر الخمسة الماضية؟

يقول سيلكو إنه كان يمكن اكتشاف بوادر المرض منذ فبراير لو كانت الاختبارات دقيقة بما فيه الكفاية، وهو ما يجهله.

في مارس (آذار) دعت مجلة «ذي لانسيت» العلمية إلى اعتماد إجراءات موحدة لفحص الرؤساء الأميركيين من أجل التصدي «للمعلومات المضللة والتكهنات».

وجاء في النص الذي نشرته المجلة حينها «في غياب وسيلة فعّالة لتقييم صحة الرؤساء ... تبقى عامة الشعب في الولايات المتحدة معتمدة على التقارير الصادرة طوعًا عن الأطباء الشخصيين».

من جهته، يدعو الأستاذ في الصحة العامة في جامعة إيلينوي في شيكاغو جاي أولشانسكي إلى «شفافية كاملة».

بايدن خلال لقاء انتخابي في ديترويت (أ.ب)

ويقول الخبير في الشيخوخة «حان الوقت لكي يخضع كلّ من المرشحَين الرئاسيين لاختبار إدراكي» يمكن تضمينه في فحص عصبي أو استخدامه كفحص أولي.

ويؤكد بايدن أنه يخضع لفحوص إدراكية يومية لمجرّد أنه رئيس للولايات المتحدة.

لكن «الحالة ليست نفسها» حسبما يعتقد سولكي. ويوضح «يمكنه أن يتعامل مع تعقيدات الحياة السياسية إذا كان يتمتع بخبرة طويلة، لكن (هذه التعقيدات) تختلف عمّا يمكن أن نطلب منه خلال فحص عصبي أو نفسي عصبي»، وهو ما يمكن أن يكون مثلًا تكرار قائمة من كلمات قيلت قبل خمس دقائق.

وفي مؤتمر صحافي الخميس، أكّد بايدن أنه سيخضع لفحص عصبي مجددًا إذا رأى أطباؤه ضرورة في ذلك، مضيفًا «لم يقترح علي أحد ذلك حاليًا».

* بنية الدماغ

ومن المعلوم أنه مع تقدّم العمر، تطرأ «تغيّرات على بنية الدماغ»، تشرح أليسون سيكولر رئيسة مستشفى «بايكريست» المتخصص في الشيخوخة.

وفي محاولة لتبسيط المفهوم، تقول إنه مع مرور الوقت «تتراكم الفضلات في الدماغ» و«يتقلّص» حجمه. ويمكن للضعف الإدراكي البسيط أن يتحول في ما بعد إلى مرض مثل ألزهايمر.

وتشير إلى أن بايدن وترمب «أظهرا صعوبة في ما يتعلق بالقدرة على التركيز على الأسئلة» خلال المناظرة، مضيفة «لكننا في الواقع نتحدث فقط عن واحد منهما لأنه يتوافق أكثر مع الصورة النمطية للشيخوخة لدينا». وتوصي بأن يخضع كلاهما للفحص.

وينوّه أولشانسكي إلى التمييز «الصارخ» على أساس السنّ بحقّ بايدن، خصوصًا بعدما نشرت مجلة «ذي إيكونوميست» الأسبوع الماضي على غلافها صورة جهاز «ووكر» للمساعدة على المشي وعليه شعار الرئاسة الأميركية.

غير أن «الذكاء المتبلور» أي القدرة على استخدام المعارف المكتسبة في التفكير المنطقي، «يزداد شدّة مع التقدّم بالعمر» بحسب الخبير. لذلك «حُدّد حدّ أدنى لسنّ تولي منصب رئيس الولايات المتحدة (35 عامًا) لكن لم يُحدّد حد أقصى».

وبحسب دراسة نُشرت في 2020 وشارك أولشانسكي في إعدادها، كان لجو بايدن فرصة بنسبة 95% للبقاء على قيد الحياة حتى انتهاء ولايته الأولى، مع الأخذ في الاعتبار متوسط العمر المتوقع لفئته العمرية وعوامل الخطر الشخصية.

أمّا بالنسبة لولاية ثانية محتملة، فتراجعت فرصته إلى 75% نظرًا لتقدّمه بالعمر أربعة أعوام منذ تلك الدراسة.


مقالات ذات صلة

بايدن يصافح نتنياهو خلال لقاء بالبيت الأبيض في 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

بايدن يهنئ نتنياهو على اتفاق وقف إطلاق النار

تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتهنئته على اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس والإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم الحركة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية  رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

نتنياهو يشكر ترمب وبايدن بعد التوصل لاتفاق غزة

وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء، الشكر للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب على ضمان التوصل لاتفاق لإعادة الرهائن في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأمريكي جو بايدن محاطاً بنائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس... ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين يتحدث بعد أن توصل المفاوضون إلى اتفاق على مراحل لوقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحماس (رويترز)

بايدن ينسب نجاح التوصل لاتفاق غزة إلى الدبلوماسية المكثفة وجهود أفراد إدارته

أعرب الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن عن سعادته الكبيرة بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل و«حماس».

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ جو بايدن مخاطباً شعبه في خطاب من المكتب البيضاوي 24 يوليو (أ.ب)

بايدن يلقي خطاب الوداع وسط مستويات تأييد منخفضة

يُلقي بايدن مساء الأربعاء خطابه الوداعي والأخير من المكتب البيضاوي محاولاً تذكير الأميركيين بما قدمه على مدار مسيرته السياسية التي استمرت نصف قرن.

هبة القدسي (واشنطن)

روبيو: الصين «التهديد الأكبر»... والنظام العالمي تحوّل «سلاحاً ضدّنا»

روبيو خلال جلسة الاستماع أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ 15 يناير (رويترز)
روبيو خلال جلسة الاستماع أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ 15 يناير (رويترز)
TT

روبيو: الصين «التهديد الأكبر»... والنظام العالمي تحوّل «سلاحاً ضدّنا»

روبيو خلال جلسة الاستماع أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ 15 يناير (رويترز)
روبيو خلال جلسة الاستماع أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ 15 يناير (رويترز)

حرص ماركو روبيو، الذي اختاره دونالد ترمب لوزارة الخارجية في إدارته الجديدة، أمام مجلس الشيوخ، الأربعاء، على مهاجمة الصين التي اتهمها «بالغش» و«السرقة»، وعدّها «التهديد الأكبر» للولايات المتحدة. وقال روبيو، الذي يبلغ 53 عاماً، أمام لجنة الشؤون الخارجية إنّ الصين «غشّت» لكي تصبح قوة عظمى، وإنّ النظام الليبرالي العالمي «عفّى عليه الزمن».

ويُنظر إلى روبيو على أنه أكثر مرشح دفع به ترمب لمناصب وزارية رفيعة، يحظى بقبول جمهوري وديمقراطي. وتأتي أولى جلسات المصادقة على روبيو غداة جلسة شديدة التوتّر للمصادقة على المرشّح لمنصب وزير الدفاع، بيت هيغسيث.

النظام العالمي «سلاح»

قال روبيو إنّ «النظام العالمي بعد الحرب لم يُعفِّ عليه الزمن فحسب، بل بات سلاحاً يُستخدم ضدّنا». وأضاف السيناتور عن ولاية فلوريدا: «لقد رحّبنا بالحزب الشيوعي الصيني في هذا النظام العالمي، فاستغلّوا كلّ فوائده ومنافعه، لكنّهم تجاهلوا كلّ واجباتهم ومسؤولياتهم... بدلاً من ذلك، مارسوا الكذب والخداع وتسللوا وسرقوا لبلوغ مكانة القوة العظمى العالمية، على حسابنا».

روبيو خلال جلسة الاستماع أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ 15 يناير (أ.ب)

وتابع روبيو أن «الديكتاتوريين في موسكو وطهران وبيونغ يانغ يزرعون الفوضى وعدم الاستقرار». وقال إن سياسته الخارجية ستسعى إلى اعتماد «الدبلوماسية القوية» لإنهاء الغزو الروسي لأوكرانيا. وأضاف أن الإدارة الأميركية الجديدة ستعتمد سياسة خارجية مدفوعة فقط بما إذا كانت القرارات تجعل الولايات المتحدة أكثر أماناً وقوة وازدهاراً. وأكد أنه «في حين استمرت أميركا في كثير من الأحيان في إعطاء الأولوية للنظام العالمي على حساب مصالحنا الوطنية الأساسية، استمرت الدول الأخرى في التصرف بالطريقة نفسها كما فعلت دائماً وستظل تفعل دائماً، وفق ما ترى فيه مصلحتها الفضلى».

تحذير للصين

وروبيو، المولود في ميامي لأبوين كوبيّين، معروف بمواقفه المعادية لكلّ من الصين وإيران، وسيكون حال المصادقة على تعيينه أول وزير خارجية من أصول أميركية لاتينية، وأول وزير خارجية يتحدث الإسبانية بطلاقة. ووزير الخارجية المقبل مؤيّد شرس لتايوان، وقد فرضت عليه الصين عقوبات بسبب معارضته الحادة لسياسات بكين في منطقتي شينغيانغ وهونغ كونغ.

وقال روبيو، الأربعاء، إن الصين يجب أن تدرك أنها ستدفع ثمناً باهظاً إذا غزت تايوان، مشيراً إلى أن بكين، إذا لم يتم تحذيرها بشكل كافٍ، فقد تهاجم بحلول نهاية العقد. وتابع روبيو في الجلسة: «أعتقد أننا بحاجة إلى أن ندرك حقيقة مفادها أنه ما لم يحدث تغيّر لافت، مثل حدوث توازن (بين الصين وتايوان)، يجعلهم يستنتجون أن تكاليف التدخل في تايوان مرتفعة للغاية، فسوف نضطر إلى التعامل مع هذا قبل نهاية هذا العقد».

إيران «نظام إرهابي»

روبيو في لقاء مع رئيسة الوزراء الإيطالية خلال زيارتها لمارلاغو في 5 يناير 2025 (أ.ف.ب)

أما في الملف الإيراني، فروبيو حاسم في موقفه: إيران «نظام إرهابي» و«لإسرائيل حق الرد عليه بقوة»، ما يعكس أيضاً مواقفه الداعمة بشراسة لإسرائيل. ويعود للذاكرة مشهد مواجهته لأحد المعارضين لحرب غزة في الكونغرس، عندما قال إنه يعارض وقف إطلاق النار ويدعم سعي إسرائيل لـ«تدمير كل عنصر من (حماس)».

ولعلّ الملف الأبرز الذي قد يشهد بعض التجاذبات بين روبيو من جهة، وترمب وفريقه من جهة أخرى، هو ملف الحرب الروسية - الأوكرانية. فروبيو دعم كييف في بداية الحرب، واستمر في مواقفه المعارضة لروسيا، لكن هذا الدعم بدأ بالتراجع تدريجياً عندما صوّت ضد حزمة بقيمة 6 مليارات دولار لتمويل لأوكرانيا، ليؤكد بعد ذلك ضرورة إنهاء هذه الحرب «واتخاذ قرارات صعبة جداً» على حد قوله، في إشارة إلى تقارب موقفه أكثر فأكثر من موقف ترمب.

ونظراً للدعم الواسع لروبيو من قبل الحزبين، يتوقع أن تتم عملية المصادقة عليه قريباً، على أن ينضم إلى فريق ترمب في البيت الأبيض يوم التنصيب في العشرين من يناير (كانون الثاني).

وجه مألوف

روبيو يتحدث مع الصحافيين في الكونغرس في 13 يناير 2025 (أ.ف.ب)

روبيو ليس غريباً عن مجلس الشيوخ، فهو السيناتور الحالي عن ولاية فلوريدا، وخدم في المجلس منذ عام 2011، وقبل ذلك في مجلس النواب. يعرفه زملاؤه من الحزبين جيداً ويحظى باحترامهم، كما يعلمون مواقفه الثابتة نسبياً في ملفات السياسة الخارجية، وهي مواقف غير مفاجئة عرضها بالتفصيل في جلسات استماع سابقة بصفته عضواً في لجنة العلاقات الخارجية.

ويُصنّف روبيو أنه من صقور الجمهوريين في السياسة الخارجية، ويعد الصين أكبر تهديد بالنسبة للولايات المتحدة، ويدعم فرض عقوبات قاسية عليها، كما يُدافع بشراسة عن تايوان. ووصلت معارضته الحادة للصين، لدرجة جعلت بكين تحظر عليه دخول البلاد وفرضت عقوبات عليه. وبشكل عام، يعارض روبيو بحدة الأنظمة الشيوعية خاصة في أميركا اللاتينية، إذ لديه شغف بهذا الملف نظراً لكونه ابناً لمهاجرين كوبيين أتيا إلى الولايات المتحدة في عام 1956 في عهد باتيستا. وسيكون في حال المصادقة عليه وزير الخارجية الأول من أصول لاتينية.

ومن المتوقع أن يباشر روبيو عمله بسرعة. وتقول مصادر إن الاستعدادات جارية لاجتماع رباعي فوري، الثلاثاء، في واشنطن مع نظراء روبيو من الحوار الأمني الرباعي (كواد) أستراليا والهند واليابان. ولطالما عدّت الصين «كواد» منصّة تقودها الولايات المتحدة لتطويقها، على الرغم من نفي زعماء تلك الدول.