«الأمن عبر الأطلسي لا يحدث صدفة وإنما يحدث بالاختيار»... استعار مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان هذه العبارة المنسوبة للرئيس الأميركي الأسبق هاري ترومان في حديثه أمام غرفة التجارة الأميركية مساء الثلاثاء على هامش قمة حلف الأطلسي، مشدداً على أن كل حليف في الناتو يجب أن يستمر في اتخاذ خطوة تلو أخرى لتعزيز الدفاع المشترك للحلف، وجعل الناتو أقوى وأكثر اتحاداً وديناميكية في مواجهة التهديدات واتخاذ وضع الاستعداد للحرب.
وفي رسالة مباشرة لكل من روسيا والصين، لوَّح مستشار الأمن القومي الأميركي باستعدادات حلف الناتو للتحول إلى وضع الحرب في وقت سريع وحشد القوات والأسلحة لإرسال رسالة قوية إلى العالم أن الناتو مستعد للدفاع عن كل شبر من أراضي الناتو الآن وفي المستقبل. وأشار إلى التعاون الدفاعي بين روسيا وإيران والصين وكوريا الشمالية لتوسيع صناعة الدفاع الروسي بأكبر توسع منذ ذروة الحرب الباردة، محذراً من أن حلف شمال الأطلسي يستطيع مواجهة هذا التحدي دون أي أضرار لاقتصاديات دول الحلف مع تنفيذ الحلف لخطة عمل إنتاج دفاعي، وإنفاق دفاعي متزايد وزيادة الإنتاج في الذخيرة.
واستعرض سوليفان أربع خطوات اتخذتها إدارة بايدن لتقوية الحلف، ركزت الخطوات الثلاث الأولى على تقوية أوكرانيا وقدرات حلف الناتو العسكرية والمالية فيما ركزت الخطوة الرابعة على مواجهة الصين وتعزيز الأمن في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وقال مستشار الأمن القومي الأميركي: «الخطوة الأولى كانت العمل على تحديث التحالفات في الردع والدفاع لأنه حينما تولى الرئيس بايدن منصبه كانت تحالفاتنا قد ضمرت وقمنا خلال ثلاث سنوات ونصف ببذل الجهد لدفع الحلفاء للاستثمار في حلف شمال الأطلسي ما يزيد عن 500 مليار دولار في مجال الدفاع وخلال عام 2020 استثمر حلفاؤنا في الناتو ما يزيد على 325 مليار دولار، أي بزيادة 175 مليار».
وأضاف: «حينما تولى بايدن منصبه كان تسعة حلفاء فقط أوفوا باستثمار 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي ومع انعقاد قمة واشنطن في الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس الناتو يستثمر 23 حليفاً 2 في المائة لمواجهة التحديات في الإرهابيين إلى الطغاة إلى التكنولوجيا».
استعدادات الحرب
وشدد مستشار الأمن القومي الأميركي على أهمية خطوة تحديث هيكل الناتو وحصول الحلف على الأسلحة التي يحتاجها لمواجهة التهديدات من اتجاهات متعددة في وقت واحد، والاستعداد لتسهيل قدرات القيادة والسيطرة لمواجهة أي أزمة والتحول إلى وضع الحرب وما يستدعيه الأمر من تعريف القوات منذ اللحظة الأولى، وتلقي الأوامر من خلال تنفيذ نموذج للقوات، وبالتالي يعرف الحلفاء عدد القوات التي من المتوقع أن يتم حشدها وسرعة حشد تلك القوات. وأعطى سوليفان مثالاً قائلاً: «يمكن في غضون عشرة أيام أن يكون لدى الحلفاء 100 ألف جندي يتم حشدهم في غضون شهر ويتضاعف العدد في الأسابيع التالية حتى يصل إلى 500 ألف جندي».
وأشار سوليفان إلى أهمية خطوة الاستثمار في الترسانة العسكرية للحلف من غواصات وسفن حربية وأنظمة مدفعية لرفع وضع الاستعداد في كل المجالات البرية والبحرية والجوية والإلكترونية وتحويل مراكز حلف الناتو إلى مراكز جاهزة للدفع عن أراضي الحلفاء.
وأكد سوليفان على فشل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سعيه الإمبريالي لإخضاع أوكرانيا، مما أدى إلى تعظيم وحدة الناتو وانتشار تحالف يضم أكثر من 50 شريكاً بقيادة الولايات المتحدة للوقوف مع أوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي. وأوضح أن القمة ستعلن عن إجراءات جديدة منها إنشاء قيادة عسكرية جديدة لحلف شمال الأطلسي في ألمانيا وإطلاق برامج تدريب وتجهيز وتطوير القوات الأوكرانية وتقدم 40 مليار يورو من المساعدات الأمنية من الحلف سنوياً، إضافة إلى تعيين ممثل للحلف في كييف يختاره الأمين العام ستولتنبرغ وتوفير طائرات «إف 16» لبناء القوة الجوية لأوكرانيا.
الخطوة الرابعة
وركزت الخطوة الرابعة في التصور الذي طرحة سوليفان على تعميق تعاون حلف شمال الأطلسي مع الشركاء في منطقة المحيط الهادئ والهندي، مشيراً إلى أن ما يحدث في أوروبا يؤثر على المحيطين الهندي والهادئ، والعكس صحيح، وأشار إلى قيام كوريا الشمالية بتوفير الصواريخ الباليستية لروسيا التي تستخدمها في قتل المدنيين الأوكرانيين وإلى التجارة بين الصين وروسيا في مجال الإلكترونيات الدقيقة المستخدمة في صواريخ كروز التي تمكن آلة الحرب الروسية، مشيراً إلى أن مشاركة أستراليا واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية في القمة واستعداد تلك الدول إلى استثمار 2 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي في المجال الدفاعي.