هل تستطيع هاريس هزيمة ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية؟

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (رويترز)
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (رويترز)
TT

هل تستطيع هاريس هزيمة ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية؟

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (رويترز)
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (رويترز)

أصبحت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، مصدر قلق للجهات المتبرّعة للحزب الجمهوري، في الوقت الذي بدأ فيه عدد من كبار الشخصيات بالحزب الديمقراطي في الاصطفاف خلفها.

ووفق تقرير نشرته وكالة «رويترز»، يقول ديمقراطيون بارزون، إن هاريس ستكون الخليفة الطبيعي للرئيس جو بايدن، إذا رضخ للضغوط المتزايدة وتخلّى عن ترشيح الحزب الديمقراطي له، في الانتخابات المقرّرة في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي.

واليوم يتساءل المتبرّعون والناشطون والمسؤولون في الحزب الديمقراطي: هل لدى هاريس فرصة أفضل من بايدن، للتغلب على الرئيس السابق والمرشح الجمهوري الحالي دونالد ترمب؟

إذا أصبحت هاريس (59 عاماً)، وهي عضو سابق بمجلس الشيوخ الأميركي، وسبق أن شغلت منصب المدعي العام لولاية كاليفورنيا، مرشحة الحزب الديمقراطي، وفازت في انتخابات الخامس من نوفمبر، فستكون أول رئيسة في تاريخ الولايات المتحدة، وهاريس حالياً هي أول أميركية من أصل أفريقي وآسيوي تشغل منصب نائب الرئيس.

تولّت هاريس عملها في البيت الأبيض قبل 3 سنوات ونصف السنة، واتسمت تلك الفترة ببداية باهتة لاضطلاعها بمهام منصبها، وإحلال موظفين بآخرين، والتبكير بتولّي مهام سياسية، منها ملف الهجرة من أميركا الوسطى، الذي لم يتحقّق فيه الكثير من النجاح.

وخلال العام الماضي عبّر كثيرون داخل البيت الأبيض، وفريق حملة بايدن بشكل خاص، عن قلقهم من أن تمثّل هاريس عائقاً أمام نشاط الحملة، لكن، وفقاً لمسؤولين ديمقراطيين، تغيّر الوضع بشكل كبير منذ ذلك الحين؛ إذ تحركت هاريس في ملف حقوق الإجهاض، وبدأت في التودد إلى الناخبين الشبان.

تأييد هاريس في بعض استطلاعات الرأي

تشير استطلاعات رأي حديثة إلى أن أداء هاريس يمكن أن يكون أفضل من بايدن، في مواجهة المرشح الجمهوري ترمب، غير أنها ستواجه منافسة شديدة.

وأظهر استطلاع أجرته شبكة «سي إن إن»، ونشرت نتائجه في الثاني من يوليو (تموز)، أن الناخبين يفضّلون ترمب على بايدن بـ6 نقاط مئوية، وبنسبة 49 بالمائة مقابل 43 بالمائة، كما كان التأييد لهاريس بنسبة 45 بالمائة، مقابل 47 بالمائة لترمب، وهو فارق يدخل ضمن هامش الخطأ في الاستطلاع.

وأظهر الاستطلاع كذلك أن التأييد لهاريس من المستقلّين بلغ 43 بالمائة، مقابل 40 بالمائة لترمب، كما أن الناخبين المعتدلين من كلا الحزبَين أيدوها بنسبة 51 بالمائة، مقابل 39 بالمائة لترمب.

وأظهر استطلاع أجرته «رويترز/إبسوس»، بعد المناظرة التلفزيونية التي جرت الأسبوع الماضي بين ترمب وبايدن، الذي تعثّر خلالها، أن هاريس وترمب متعادلان تقريباً؛ إذ أيّدها 42 بالمائة، وأيّده 43 بالمائة.

وكانت السيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما، التي لم تعبّر قط عن أي اهتمام بدخول السباق الرئاسي، هي الشخصية الوحيدة التي حصلت على نتائج أعلى بين البدائل المحتملة لبايدن.

ويُظهر استطلاع داخلي نشرته حملة بايدن بعد المناظرة، أن هاريس لديها نفس فرص فوز بايدن على ترمب؛ إذ قال 45 بالمائة من الناخبين، إنهم سيصوتون لها، مقابل 48 بالمائة لترمب.

وقال ديمقراطيون مؤثرون، إن هاريس ستكون المنافس الديمقراطي الأفضل إذا اختار بايدن التنحي، ومن هؤلاء النائب جيم كلايبرن، الرجل الذي كان سبباً رئيسياً في فوز بايدن عام 2020، والنائب غريغوري ميكس، عضو الكونغرس عن نيويورك، وكذلك العضو البارز في كتلة السود بالكونغرس، والنائبة الديمقراطية عن بنسلفانيا سمر لي.

وقال أحد المساعدين في الكونغرس، إن زعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز، تحدّث برأي مماثل إلى زملائه.

وقال اثنان من المتبرّعين للحزب الجمهوري لـ«رويترز»، إنهما يأخذان مسألة ترشح هاريس على محمل الجد، وإنهما يفضّلان أن يواجه ترمب بايدن بدلاً منها.

وقالت بولين لي، وهي إحدى جامعات التبرعات لترمب في نيفادا، بعد مناظرة 27 يونيو (حزيران): «أفضّل أن يظل بايدن في السباق»، لا أن تحل هاريس محله، معبّرة عن اعتقادها أن بايدن أثبت أنه «غير كفء».

وبدأ البعض في «وول ستريت»، وهو مركز مهم لجمع التبرعات للحزب الديمقراطي، في التعبير والإدلاء بآرائهم حول المرشح المفضل.

وقال سونو فارجيز، الخبير الاستراتيجي لدى شركة الخدمات المالية «كارسون غروب»: «بايدن يتخلف عن ترمب بالفعل، ومن غير المرجّح أن يتمكن من سد هذه الفجوة بالنظر إلى وضع حملته حالياً، وسيؤدي وجود هاريس على الأرجح إلى تحسين احتمالات سيطرة الديمقراطيين على البيت الأبيض». وأضاف: «من المحتمل أن تكون فرصها أفضل من فرص بايدن في هذه المرحلة».

وينظر غالبية الأميركيين إلى هاريس نظرة سلبية مثلما ينظرون إلى بايدن وترمب.

ووجد استطلاع أجرَته مؤسسة «فايف ثيرتي إيت»، أن 37.1 بالمائة من الناخبين يؤيدون هاريس، مقابل معارضة 49.6 بالمائة، وأن 36.9 بالمائة يؤيدون بايدن، مقابل 57.1 بالمائة، في حين حصل ترمب على نسبة تأييد 38.6 بالمائة، مقابل 53.6 بالمائة.

النساء والناخبون السود وأنصار غزة

منذ أن ألغت المحكمة العليا الحق الدستوري للنساء في الإجهاض في 2022، أصبحت هاريس الصوت الأبرز في إدارة بايدن بشأن حقوق الإنجاب، وهو ملف يراهن عليه الديمقراطيون؛ لمساعدتهم في الفوز في انتخابات 2024.

يعتقد بعض الديمقراطيين أن هاريس بمقدورها أن تبثّ الحماس لدى المجموعات ذات الميول الديمقراطية التي تَراجع حماسها لبايدن، بما يشمل الناخبين السود والشبان، ومن لا يوافقون على طريقة تعامل بايدن مع الحرب التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزة.

وقال تيم ريان عضو الكونغرس الديمقراطي السابق، من ولاية أوهايو، في مقال رأي نُشر مؤخراً: «ستبث الحماس لدى الأعضاء من السود وأصحاب البشرة السمراء، ومن تعود أصولهم لمنطقة آسيا والهادي في تحالفنا... ستجتذب على الفور المحبَطين من الشبان في بلادنا ليعودوا للمشهد».

وأضاف أنه يعتقد أن النساء المقيمات في الضواحي قد يكنّ أكثر ارتياحاً لهاريس مقارنةً بترمب أو بايدن.

أما استراتيجية هاريس العلنية تجاه إسرائيل بصفتها نائبة للرئيس، فهي متطابقة مع بايدن، لكنها كانت أول شخصية سياسية بارزة في الحكومة الأميركية تدعو لوقف إطلاق النار في مارس (آذار).

وقال عباس علوية، وهو عضو في حركة «غير ملتزم»، التي حجبت أصوات التأييد لبايدن في الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح الحزب، بسبب دعمه إسرائيل: «مجرد تغيير المرشح لا يعالج مبعث القلق الرئيسي» للحركة.

وإذا تنحّى بايدن فقد تنشب منافسة بين ديمقراطيين آخرين للحصول على ترشيح الحزب.

وإذا اختار الحزب مرشحاً آخر وفضّله على هاريس، يقول بعض الديمقراطيين إن ذلك قد يكبّد الحزب خسارة الكثير من السود الذين كانت أصواتهم حاسمة في فوز بايدن بانتخابات 2020.

وقالت أدريان شروبشاير، المديرة التنفيذية لمجموعة «بلاكباك» للتواصل بين الناخبين السود: «لا بديل غير كامالا هاريس».

يسارية أكثر مما ينبغي؟

لكن بعض المتبرّعين للحزب الديمقراطي يقولون، إن هاريس قد تواجه صعوبات في اجتذاب الديمقراطيين المعتدلين، والناخبين المستقلين الذين تروقهم سياسات بايدن الوسطية، ويتنافس الحزبان على أصوات الناخبين المستقلين؛ لتساعد في دفع مرشح الحزب ليفوز بالرئاسة.

ويقول دميتري ميلهورن، وهو من جامعي الأموال والتبرعات، ومستشار ريد هوفمان، المؤسّس المشارك لمنصة «لينكد إن»، والمتبرع الكبير للحزب الديمقراطي: «أكبر نقطة ضعف لديها هي أن صورتها لدى الناس ارتبطت مع الجناح اليساري المتطرف من الحزب الديمقراطي... والجناح اليساري من الحزب الديمقراطي لا يمكنه أن يفوز بانتخابات على مستوى البلاد بأكملها... هذا هو التحدي الذي سيكون عليها تخطّيه إذا أصبحت مرشحة الحزب».

يمكن لهاريس أن تستفيد من الأموال التي جمعتها بالفعل حملة بايدن الانتخابية، وترث البنية التحتية القائمة للحملة الانتخابية، وهي ميزة حاسمة قبل 4 أشهر فقط على يوم التصويت في الخامس من نوفمبر.

لكن محلّلين استراتيجيين يقولون إن أي حملة انتخابية للحزب الديمقراطي ستحتاج، رغم ذلك، لجمع مئات الملايين من الدولارات قبل التصويت، لتكلل جهودها بالنجاح.

وقال مصدر في اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي: «أستطيع أن أقول لكم إننا نواجه صعوبة كبيرة في جمع الأموال تأييداً لها».

وخلال ترشحها للرئاسة قبل انتخابات 2020، لم تتمكن هاريس من جمع ذات التمويل الذي تمكّن بايدن من جمعه، وانسحبت من السباق في ديسمبر (كانون الأول) 2019، وهو ذات الشهر الذي أعلنت حملتها الانتخابية جمع مساهمات بلغت 39.3 مليون دولار إجمالاً، أما حملة بايدن فقد تمكّنت من جمع 60.9 مليون دولار في ذات الفترة.

وعلى الرغم من ذلك، فإن حملة بايدن تمكّنت من جمع مبلغ قياسي هو 48 مليون دولار في 24 ساعة، بعد إعلان اختيار هاريس نائبة لبايدن على بطاقته الانتخابية في السباق الرئاسي 2020.

وقال بعض الديمقراطيين، إن خلفية هاريس في ممارسة العمل في مجال الادّعاء العام، قد تُعطي بريقاً لشخصيتها ومواقفها في مناظرة مباشرة مع ترمب.

ويرى ميلهورن أن «لديها تركيزاً مبهراً، وهي قوية وذكية، وإذا تولّت عرض قضية الادّعاء في مواجهة مخالفات دونالد ترمب فسوف تُطيح به».

وزادت هجمات الجمهوريين على هاريس منذ أن ورد احتمال أنها قد تحل محل بايدن، ويُعيد مقدّمو برامج من المحافظين تداول أوجه نقد تعرّضت لها خلال سباق 2020، بما يشمل ما قاله بعض الديمقراطيين عن أنها تضحك أكثر من اللازم، ولم تُختبَر حقاً بعد، وغير مؤهّلة.

تقول كيلي ديتمار، وهي أستاذة علوم سياسية في جامعة روتجرز، إن تلك الانتقادات الشرسة تأتي في إطار تاريخ طويل من التقليل من قدر النساء الملوّنات، وإهانتهن في المجال السياسي.

وأضافت: «للأسف، الاعتماد على الهجمات العنصرية والمنحازة جنسياً، واستخدام تشبيهات مناهضة للنساء المرشحات لمنصب، أمر شائع في التاريخ، ومستمر حتى يومنا هذا».


مقالات ذات صلة

نيفادا... «ولاية الفضّة» التي تحمل الرؤساء الأميركيين إلى البيت الأبيض

الولايات المتحدة​ ترمب خلال تجمّع انتخابي في لاس فيغاس بنيفادا في 13 سبتمبر (رويترز)

نيفادا... «ولاية الفضّة» التي تحمل الرؤساء الأميركيين إلى البيت الأبيض

ارتدت نيفادا، المعروفة بـ«ولاية الفضّة» لأهمية هذا المعدن في اقتصادها، مرات اللون الأحمر الجمهوري، ومرات أخرى الأزرق الديمقراطي.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ القلق من تأثير المعلومات المضللة على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية يسيطر على أغلب الناخبين (إ.ب.أ)

الناخبون الأميركيون يخشون الأخبار المضللة الصادرة عن السياسيين أنفسهم

قبل شهر من الانتخابات الرئاسية الأميركية، تواجه البلاد سيلاً من المعلومات الزائفة، وأكثر ما يخشاه الناخبون التضليل الإعلامي الصادر عن السياسيين أنفسهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وزوجته ميلانيا (د.ب.أ)

ميلانيا ترمب: لا أتفق مع كل قرارات زوجي

كشفت ميلانيا ترمب في مذكراتها الجديدة أنها لا تتفق مع كل قرارات زوجها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال لقاء سابق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

تقرير: ترمب طلب نصيحة بوتين بشأن تسليح أوكرانيا في عام 2017

كشف تقرير صحافي أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب طلب نصيحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن تسليح الولايات المتحدة لأوكرانيا في عام 2017.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ انضمّ ماسك إلى الرئيس السابق خلال فعالية انتخابية في باتلر - بنسلفانيا يوم 5 أكتوبر الحالي (أ.ف.ب)

ترمب يعود إلى مكان محاولة اغتياله: لن أستسلم أبداً

احتشد أنصار الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، لحضور تجمع انتخابي في الموقع نفسه الذي نجا فيه المرشح الجمهوري من رصاصة كادت تقتله.

«الشرق الأوسط» (بيتسبرغ (الولايات المتحدة))

ترمب يعود إلى بنسلفانيا... وهاريس تغازل الناخبين العرب

متطوّع ينهي الاستعدادات لفعالية ترمب في بتلر ببنسلفانيا مرتدياً زيّ «العم سام» يوم 5 أكتوبر (أ.ف.ب)
متطوّع ينهي الاستعدادات لفعالية ترمب في بتلر ببنسلفانيا مرتدياً زيّ «العم سام» يوم 5 أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

ترمب يعود إلى بنسلفانيا... وهاريس تغازل الناخبين العرب

متطوّع ينهي الاستعدادات لفعالية ترمب في بتلر ببنسلفانيا مرتدياً زيّ «العم سام» يوم 5 أكتوبر (أ.ف.ب)
متطوّع ينهي الاستعدادات لفعالية ترمب في بتلر ببنسلفانيا مرتدياً زيّ «العم سام» يوم 5 أكتوبر (أ.ف.ب)

سعت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية في انتخابات الرئاسة، في الآونة الأخيرة، إلى تكثيف اتصالاتها بالجالية العربية والمسلمة، المعترضة على مواقف إدارة الرئيس جو بايدن من الحرب في غزة والتصعيد في لبنان.

وبعدما اجتمع مستشار أمنها القومي، فيل غوردون، (الأربعاء) افتراضياً، بقيادات من المسلمين والعرب والفلسطينيين في الولايات المتحدة، التقت هاريس، (الجمعة)، عدداً من هذه القيادات في مدينة فلينت بولاية ميشيغان، التي تعدّ من بين أبرز الولايات المتأرجحة، وتسكنها واحدة من أكبر الجاليات العربية في البلاد.

ونقل عدد من وسائل الإعلام الأميركية، أن هاريس استمعت خلال الاجتماع، الذي دام نصف ساعة، إلى وجهات نظر هؤلاء بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة، وكذلك الحرب في كل من غزة ولبنان.

في المقابل، أعربت هاريس عن «قلقها إزاء حجم المعاناة في غزة، وقلقها العميق بسبب الخسائر المدنية والنزوح في لبنان». وناقشت نائبة الرئيس جهودها لإنهاء حرب غزة، بحيث تكون «إسرائيل آمنة، ويتم إطلاق سراح الرهائن (لدى حماس)، وتنتهي المعاناة في غزة، ويدرك الشعب الفلسطيني حقه في الكرامة والحرية وتقرير المصير».

تصحيح سياسات بايدن

عبّر ديمقراطيون عن قلقهم من جدول هاريس الانتخابي «الخفيف» في الولايات المتأرجحة (أ.ب)

ونقلت وكالة «رويترز» عن وائل الزيات، المدير التنفيذي لمنظمة «إنغيدج أكشن»، التي أبدت في الآونة الأخيرة تأييدها لهاريس، أن المشاركين في الاجتماع عبّروا عن خيبة أملهم الشديدة إزاء طريقة تعامل الولايات المتحدة مع هذه الأزمة. ودعوا نائبة الرئيس إلى بذل كل ما في وسعها لإنهاء الحرب وإعادة ضبط السياسة الأميركية في المنطقة. وأضاف الزيات: «طلبنا من نائبة الرئيس هاريس إقناع الرئيس بايدن بالحاجة الملحة إلى وضع حد فوري للعنف» في غزة ولبنان، مشيراً إلى أن هاريس «تتفق (معنا) على أن هاتين الحربين يجب أن تنتهيا». وقال إد غابرييل، رئيس «مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان»، إنّ تبادلاً قيّماً للآراء جرى خلال الاجتماع حول قضايا، أبرزها «الحاجة إلى وقف إطلاق النار، والدعم المطلوب من الولايات المتحدة وحلفائها لمعالجة الأزمة الإنسانية، وفراغ القيادة الرئاسية في لبنان، والدور المهم للقوات المسلحة اللبنانية». وأضاف: «أبدت هاريس كثيراً من التعاطف، وسنرى ما سيحدث... كان حواراً قيّماً».

احتمال خسارة ميشيغان

هاريس خلال تجمّع انتخابي في فلينت بميشيغان يوم 4 أكتوبر (رويترز)

قال علي داغر، وهو محامٍ أميركي من أصل لبناني وأحد القياديين الأميركيين من أصل عربي: «ستخسر هاريس ولاية ميشيغان... لن أصوّت لكاملا هاريس، ولن يصوّت لها أحد أعرفه. لا أجد أحداً في (مجتمعي) يدعمها».

وتواجه هاريس الرئيسَ الجمهوري السابق دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية يوم الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، في سباق تشير استطلاعات الرأي إلى أنه متقارب للغاية. ويعتقد بعض الأميركيين من أصول عربية بأن هاريس ستخسر أصواتاً كثيرة في الانتخابات الرئاسية؛ بسبب رفضها النأي بنفسها عن سياسات الرئيس بايدن في الشرق الأوسط، وسط تصعيد إسرائيل هجماتها. وذكرت مجلة «بوليتيكو» أن حملة هاريس «تحاول من جديد جذب الناخبين المسلمين»، من أجل التصدي لخسائر كبيرة بين الناخبين ذوي التوجهات اليسارية في الولايات المتأرجحة، الذين يشعرون بالغضب من موقفها بشأن إسرائيل، وسط تصاعد النزاع العسكري في الشرق الأوسط.

ووفقاً لمركز «بيو» للأبحاث، فإن عدد المسلمين الأميركيين في الولايات المتحدة يبلغ نحو 3.45 مليون شخص، ومن الصعب تقييم موقف هذه الجالية بدقة، لكن عادةً ما يتمتع الديمقراطيون بميزة كبيرة بين الناخبين الأميركيين من أصول عربية.

انتقاد لدور نتنياهو

بايدن خلال مؤتمر صحافي مع المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان - بيير في البيت الأبيض (رويترز)

مع ذلك، لا يزال بايدن متمسّكاً بمواقفه، على الرغم من «الانتقادات» التي وجّهها أخيراً لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو. وقال بايدن، خلال ظهور مفاجئ له في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض، الجمعة، إنه «غير متأكد مما إذا كان نتنياهو يؤجل الموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة من أجل التأثير في الانتخابات الأميركية». وقال ردّاً على سؤال: «لا أعرف ما إذا كان يحاول التأثير في الانتخابات، لكنني لا أعوّل على ذلك». ثم وجّه كلمة مقتضبة إلى حليفه القديم، وقال: «لم تساعد أي إدارة إسرائيل أكثر مني... لا أحد، لا أحد. وأعتقد بأنه (نتنياهو) يجب أن يتذكر ذلك».

شبح كلينتون يهيمن

يعرب بعض الديمقراطيين عن قلقهم حيال جدول حملة هاريس «الخفيف» نسبياً، وعقدها فعاليات انتخابية أقل من ترمب، وتجنبها التعاطي المباشر مع الناخبين والصحافة.

ومع بدء التصويت المبكر عبر البريد أو شخصياً في أكثر من نصف ولايات البلاد، قضت هاريس 3 أيام فقط في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر (أيلول) في الولايات التي تشهد منافسة حادّة. وفي حين ألقى ترمب في يوم واحد، خطاباً في ويسكونسن قبل أن يسافر إلى ولاية ألاباما لحضور مباراة كرة قدم بين جورجيا وألاباما، كانت هاريس تحضر حملة لجمع التبرعات في مدينة سان فرنسيسكو بولاية كاليفورنيا المضمونة سلفاً للديمقراطيين.

أنصار الحملة الديمقراطية لدى حضورهم فعالية انتخابية ينظّمها دوغ إيمهوف زوج هاريس في بيتسبيرغ ببنسلفانيا يوم 4 أكتوبر (إ.ب.أ)

وقال ديفيد أكسلرود، المستشار السابق لباراك أوباما، الذي ساعد في قيادة حملاته الرئاسية: «هناك وقت يتعين فيه على المرشّح اقتحام ساحات القتال». وأضاف: «هذه السباقات عبارة عن سباقات مباشرة، وهناك كثير من الأحداث، وعليك أن تشارك فيها جميعاً؛ لأن الناس يريدون اختبارك».

وتعكس هذه النقاشات داخل الحزب الديمقراطي، القلق المتزايد بشأن السباق، في ظل استطلاعات الرأي المتقاربة، خصوصاً في الولايات المتأرجحة التي ستقرر مصير الانتخابات. وهو ما أعاد شبح تكرار انتخابات 2016، حين بدا الديمقراطيون مطمئنين إلى فوز هيلاري كلينتون التي امتنعت، على سبيل المثال، عن زيارة ولاية ويسكونسن، وخسرتها في نهاية المطاف أمام ترمب، الذي يركز عليها بشكل كبير هذا العام أيضاً.

بنسلفانيا «درة تاج» حملة ترمب

ترمب متحدّثا في فعالية انتخابية بمدينة فاييتفيل في نورث كارولاينا يوم 4 أكتوبر (رويترز)

إلى جانب ويسكونسن، يسعى ترمب إلى تكثيف حملته في ولاية بنسلفانيا التي تُعدّ «درة تاج» الولايات المتأرجحة. وتحظى بنسلفانيا بـ19 صوتاً في المجمع الانتخابي، ما يجعلها من أعلى الأصوات بين جميع الولايات. ويعود ترمب، اليوم، مرة ثانية إلى مدينة باتلر، التي تعرّض فيها لأول محاولة لاغتياله، حيث أُصيب برصاصة في أذنه كادت تودي بحياته خلال خطاب ألقاه فيها في يوليو (تموز) الماضي. وينضم إليه الملياردير إيلون ماسك، مالك منصّة «إكس» وشركة «تسلا»، وذلك للمرة الأولى منذ أن أعلن دعمه له وزاد من تبرعاته المالية لحملته.

وتتعاون لجنة العمل السياسي الأميركية، التي تدعم ترمب ويُموّلها ماسك شهرياً بقيمة 45 مليون دولار، مع مجموعات من المحافظين في كثير من الولايات، من بينها ويسكونسن وبنسلفانيا لحشد الناخبين.

وأصبح ماسك من أكثر المنتقدين للديمقراطيين، بمَن فيهم هاريس، بعد دعمهم لسنوات. وقال عنها، إنه كان «سجّل تصويتها عندما كانت في مجلس الشيوخ على يسار بيرني ساندرز... وتم تصنيفها على أنها الأكثر يساراً من بين جميع أعضاء مجلس الشيوخ المائة. هي ليست معتدلة على الإطلاق».

وبينما أعلن ترمب أنه عاد إلى بتلر من أجل تكريم كوري كومبيراتوري، رجل الإطفاء الذي قُتل في الحشد على يد مطلق النار الذي حاول اغتيال الرئيس السابق، كان واضحاً سعيه لإعادة استخدام محاولة اغتياله لحشد الناخبين المترددين. كما ينضمّ إلى ترمب في تجمعه، نائبه السيناتور جيه دي فانس، و7 من أعضاء مجلس النواب الجمهوريين، والسيناتور عن ولاية ميسوري إريك شميت.

النساء يثقن بهاريس أكثر

على صعيد آخر، أظهر استطلاع جديد أجرته الجامعة الأميركية، أن هاريس تتفوق على ترمب بين النساء، بنسبة 15 نقطة مئوية، بما في ذلك في واحدة من أقوى قضاياه: الاقتصاد. ووجد الاستطلاع الذي نشرته مجلة «بوليتيكو»، أن غالبية النساء يثقن بهاريس أكثر من ترمب لمعالجة التضخم وخفض تكاليف المعيشة. ويفضل 46 في المائة هاريس، مقابل تفضيل 38 في المائة ترمب في التعامل مع الاقتصاد. وقال نحو ثلثي النساء اللاتي شملهن الاستطلاع إن التضخم والاقتصاد كانا القضية الأكثر أهمية بالنسبة لهن عندما قرّرن التصويت.

أنصار ترمب خلال فعالية انتخابية بمدينة فاييتفيل في نورث كارولاينا يوم 4 أكتوبر (أ.ب)

وقالت ليندسي فيرميين، التي أجرت الاستطلاع، إن هاريس «قضت على ميزة ترمب فيما يتعلق بالتضخم، وقلصتها في الاقتصاد بشكل عام، ووسعت تلك الفجوة مع النساء». وقالت إنه «مؤشر حقيقي على حقيقة أن الاتصالات بدأت تؤتي ثمارها، وأن مناشداتها للناخبين، أو الناخبين المعتدلين، بدأت في الظهور أيضاً».

ويعكس الاستطلاع الفجوة المتزايدة بين الجنسين في الحملة الانتخابية، حيث كان أداء ترمب أفضل بكثير بين الرجال. لكنها كانت بمثابة أخبار جيدة بشكل عام للديمقراطيين، الذين يسعون إلى تعزيز تفوقهم مع النساء. وحسّنت هاريس تصنيفها بين النساء منذ ترشيحها، حيث إن 55 في المائة ممن شملهن الاستطلاع ينظرن إليها بشكل إيجابي، بينما ينظر إليها 41 في المائة سلباً. وفي الوقت نفسه، فإن 57 في المائة من النساء ينظرن إلى ترمب بشكل سلبي.

ولا يزال الاقتصاد نقطة ضعف رئيسية بالنسبة للديمقراطيين، قبل شهر من الانتخابات، لكنهم يحتفظون بتفوقهم في قضية الإجهاض التي تمثل قضية رئيسية بالنسبة للنساء.