يصل وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إلى واشنطن، الأحد، للقاء كبار مسؤولي السياسة الخارجية والدفاع، في مهمة تستمر ثلاثة أيام وتستهدف رأب الصدع الذي أحدثته انتقادات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن، حول تأخر الأسلحة الأميركية، ومناقشة تطورات الحرب في غزة، واحتمالات نشوب حرب مع «حزب الله» في لبنان.
ومن المتوقع أن يلتقي غالانت مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، وبعض كبار المسؤولين في البيت الأبيض، رغم عدم تأكيد جدول اللقاءات. ويحاول غالانت تهدئة التوترات المتزايدة بين واشنطن وتل أبيب، ومناقشة مستقبل الحرب في غزة وسياسات ما بعد انتهاء العمليات العسكرية، ومبيعات الأسلحة، والسياسة تجاه إيران، والتوترات في الجبهة الشمالية مع «حزب الله».
وأشارت مصادر عدة إلى أن الأزمة التي أثارتها انتقادات نتنياهو لواشنطن ستلقي بظلال قاتمة على زيارة غالانت، وما يتعلق بمطالب إسرائيل الحصول على موافقة أميركية لشراء طائرات «إف 15»، فيما يحاول مسؤولون من الجانبين؛ الإسرائيلي والأميركي، رأب الصدع التي تسببت به انتقادات نتنياهو.
وأثار مقطع فيديو باللغة الإنجليزية نشره نتنياهو، الثلاثاء، وانتقد فيه تأخر مبيعات الأسلحة الأميركية لإسرائيل، غضب البيت الأبيض، وقال جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية، للصحافيين، الخميس، إن الإدارة الأميركية لديها خيبة أمل من تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، وإن الفيديو جاء بمثابة مفاجأة للبيت الأبيض، موضحاً أن الإدارة الأميركية أعربت عن إحباطها بشأن محتوى الفيديو بشكل واضح على مختلف المستويات، ومن خلال وسائل مختلفة.
إحباط أميركي
ودافع كيربي عن سجل إدارة بايدن في تقديم الدعم العسكري واللوجيستي والسياسي لإسرائيل، موضحاً أن فيديو نتنياهو كان مزعجاً ومخيباً للآمال، وتضمن أموراً غير صحيحة. وأكد مسؤولون في البنتاغون أن الولايات المتحدة سلّمت إسرائيل مواد دفاعية بعد أن أوقف بايدن شحنة من القنابل تزن ألفي رطل شديدة التدمير، علماً بأن وزير الخارجية بلينكن أوضح أن وقفها كان بسبب مخاوف واشنطن من قيام إسرائيل باستخدامها في مناطق مكتظة بالسكان في قطاع غزة.
وأثارت تصريحات نتنياهو أيضاً قلقاً داخل إسرائيل والجيش الإسرائيلي ومؤسسة الدفاع التي انزعجت من انتقاداته العلنية لواشنطن حول تسريع الحصول على الأسلحة بدلاً من التعامل معها بذكاء وهدوء. ورد نتنياهو، الخميس، برسالة عبر منصة «إكس» قال فيها إنه سعيد بتحمل الهجمات الشخصية ما دامت إسرائيل تتلقى شحنة الأسلحة التي تحتاجها بشدة في هذه الحرب التي وصفها بأنها «وجودية».
تحذيرات أميركية
ومع إحباط الإدارة الأميركية من تصريحات نتنياهو، كرر مسؤولو البيت الأبيض التحذيرات ضد فتح إسرائيل جبهة ثانية في الشمال مع «حزب الله»، وقال كيربي إن المبعوث الأميركي آموس هوكستين تنقل ذهاباً وإياباً بين تل أبيب وبيروت لخفض التصعيد. وقال ماثيو ميللر، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، الخميس، إن الإدارة الأميركية تسعى للتوصل إلى حل دبلوماسي، ومنع المزيد من التصعيد، وستستمر في هذه الجهود.
هل تتورط أميركا في الحرب؟
ورغم التحذيرات الأميركية، فإن واشنطن تضع احتمالات نشوب حرب نصب أعينها، ويأمل مسؤولون أميركيون بإمكانية احتواء هذا التصعيد، وتمكين الإسرائيليين من العودة إلى منازلهم في الشمال على الحدود مع لبنان قبل بدء العام الدراسي في سبتمبر (أيلول) المقبل.
وفي هذا الإطار، التقى مستشار الأمن القومي جيك سوليفان ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بوزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، وكان التصعيد مع «حزب الله» اللبناني في صدارة النقاشات. وأشار المسؤولون إلى أن النقاشات التي جرت، الخميس، تطرقت إلى خطط إسرائيل نقل الموارد العسكرية من جنوب قطاع غزة إلى شمال إسرائيل؛ استعداداً لهجوم محتمل ضد «حزب الله» إذا نفذ الحزب تهديداته بهجوم واسع النطاق باستخدام أسلحة إيرانية موجهة بدقة خزّنها منذ سنوات. وهناك تقديرات أن «حزب الله» لديه ما يقرب من 150 ألف صاروخ وقذيفة، والآلاف من الذخائر الدقيقة.
وحذر المسؤولون الأميركيون أن هجوماً إسرائيلياً في الشمال قد يؤدي إلى صراع إقليمي واسع بمشاركة إيرانية مباشرة. وفي المقابل اقترح المسؤولون الإسرائيليون القيام بهجمات تشبه الحرب الخاطفة، لكن الجانب الأميركي أبدى شكوكاً كبيرة في إمكانية تنفيذ هجمات خاطفة لا تؤدي إلى حرب أوسع. وأوضحت وزارة الخارجية الأميركية في بيان أن بلينكن أكد التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل، وشدد على أهمية تجنب مزيد من التصعيد في لبنان، والتوصل إلى حل دبلوماسي يسمح للعائلات الإسرائيلية واللبنانية بالعودة إلى منازلهم.