المساعدات الأميركية تحدث فرقاً في الحرب الأوكرانية لكن تأثيرها ليس حاسماً بعد

كييف تواجه عجزاً في سلاح المدفعية وموسكو خسرت 60 مليار دولار من المعدات

الرئيس الأميركي جو بايدن يصافح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبيل اجتماعهما في باريس الجمعة (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن يصافح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبيل اجتماعهما في باريس الجمعة (أ.ف.ب)
TT

المساعدات الأميركية تحدث فرقاً في الحرب الأوكرانية لكن تأثيرها ليس حاسماً بعد

الرئيس الأميركي جو بايدن يصافح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبيل اجتماعهما في باريس الجمعة (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن يصافح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبيل اجتماعهما في باريس الجمعة (أ.ف.ب)

كشفت تقارير إخبارية وعسكرية وخرائط الأقمار الصناعية لساحة المعركة، جمعتها مجموعات مراقبة مستقلة، وتحليلات مراكز أبحاث متخصصة، أن عودة تدفق الأسلحة الغربية، وخصوصاً الأميركية، بدأت تحدث فرقاً في أوكرانيا. جاء ذلك بعد أيام من إعطاء الرئيس الأميركي جو بايدن الإذن لأوكرانيا باستخدام الأسلحة التي قدّمتها الولايات المتحدة في استهداف الأراضي الروسية الحدودية التي تنطلق منها الهجمات، وخصوصاً على مدينة خاركيف، في تراجع عن قيود دامت أكثر من عامين، حاولت تجنب تصعيد الصراع مع روسيا المسلحة نووياً.

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مصادر في الجيش الأوكراني أن الأسلحة الأميركية بدأت تحدث فرقاً، مقابل القوات الروسية التي كانت لا تزال تحاول دفع سلاح مدفعيتها إلى مناطق حدودية قريبة من خاركيف، للاستفادة من تفوقها في هذا المجال.

مدفع «هاوتزر» أوكراني يطلق النار على مواقع روسية في كوبيانسك (رويترز)

ونشرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، الجمعة، قائمة مفصلة بالأسلحة والمعدات التي قدمتها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا، والتي بلغت قيمتها نحو 52 مليار دولار منذ بداية إدارة بايدن، بما في ذلك أكثر من 51 مليار دولار منذ الغزو الروسي في 24 فبراير (شباط) 2022. وتشمل بطاريات الدفاع الجوي «باتريوت» و«ناسامس» و«هوك» وصواريخ «ستينغر»، وطائرات مسيرة من أنواع مختلفة، وأنظمة الرادار، وصواريخ «هيمارس» ومدافع «هاوتزر»، ومدافع هاون من عيارات مختلفة، ودبابات «أبرامز» وناقلات الجند «برادلي» ومعدات حماية وإزالة ألغام. وشملت القائمة لائحة طويلة من المعدات، التي تظهر أن الولايات المتحدة كانت ولا تزال أكبر داعم للجيش الأوكراني حتى الآن.

ومع سعي بايدن لمواصلة حشد الدعم لأوكرانيا خلال زيارته المستمرة إلى فرنسا، فقد وصلت الذخائر والأسلحة من حزمة المساعدات التي وافق عليها الكونغرس الشهر الماضي إلى الجبهة بكميات كافية للمساعدة في إعادة استقرار خطوط الدفاع الأوكرانية، بحسب الجيش الأوكراني.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رفقة وزير القوات المسلحة الفرنسية سيباستيان ليكورنو أمام مركبة تحمل راداراً عسكرياً في باريس (أ.ف.ب)

استهداف تجمعات الروس

ويؤكد الجنود الأوكرانيون أن أطقم مدفعيتهم بات بإمكانها الآن إطلاق القذائف بشكل مستقر، مستهدفة تجمعات القوات الروسية القريبة، بعد توفر الذخيرة، وهو ما أدى إلى وقف التقدم الروسي إلى حد كبير في منطقة خاركيف، بعد الهجوم الذي بدأ في 10 مايو (أيار) الماضي.

ولكن إلى الجنوب، وخصوصاً في منطقة دونباس، جدّدت روسيا هجماتها على الخطوط الأوكرانية. ورغم ذلك، تؤكد تقارير عسكرية وصور الأقمار الصناعية أن خط الجبهة بشكل عام لم يتغير منذ أكثر من أسبوعين، على الرغم من القتال العنيف.

وبعدما كانت القوات الروسية تتقدم بشكل سريع نسبياً، مستفيدة من سلاح مدفعية الميدان الذي تتفوق فيه، وتدفع لتقريب مرابضها لقصف خاركيف، بشكل أكثر كثافة وفاعلية، بات عليها الآن الاعتماد على القنابل الجوية والصواريخ بعيدة المدى، الأكثر تكلفة من قذائف المدفعية. ومع استعادة القوات الأوكرانية لمخزوناتها من قذائف المدفعية والسماح لها باستهداف تجمعات القوات الروسية خلف الحدود القريبة، بات على الجيش الروسي القيام مرة أخرى بهجمات أكثر حدة وخطورة وتكلفة، عمّا كان عليه الحال الشهر الماضي.

وفيما حاولت روسيا الاستفادة من إجبار الأوكرانيين على سحب كثير من وحداتهم من مناطق الجنوب، لدعم دفاعات خاركيف، بما يؤدي إلى إضعاف دفاعاتهم في دونباس، يؤكد الجيش الأوكراني فشل هذه الخطة. وقال إن مدفعيته غيّرت تكتيكاتها، وهي الآن تستهدف مرة أخرى الهجمات على الخطوط الأوكرانية التي تشنها وحدات روسية صغيرة، يجري التضحية بها، مجبراً الجيش الروسي على الدفع بوحدات أكبر، يمكن كشفها بسهولة.

جمود في دونباس

وفي منطقة دونباس، فقد سجّلت صور الأقمار الصناعية هدوءاً لافتاً على الجبهات التي لم يطرأ عليها أي تغيير منذ أكثر من أسبوع، وهو ما عدّه معهد أبحاث السياسة الخارجية علامة على أن القوات الروسية «لم تستفد من هجوم خاركيف»، على الرغم من أنها تمكنت من إقناع أوكرانيا بنقل عدد من القوات من دونباس. وشهدت منطقة دونباس الجنوبية أعنف قتال في الأسابيع الأخيرة، بحسب خرائط الأقمار الصناعية.

ورغم ذلك، فقد حقّق الجيش الروسي ليل الأربعاء إلى الخميس تقدماً صغيراً بالقرب من قرية سوكيل، وفقاً للجنود الأوكرانيين. وقال محللون إن وصول المساعدات الغربية سهّل على أوكرانيا الدفاع عن مواقعها، لكن لم يكن له تأثير حاسم بعد. وقال المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: «لقد أحدث قرار بايدن التغيير الرئيسي، ليس في ساحة المعركة، ولكن بين جميع الدول الأخرى التي حذت حذوها». وأضاف أن روسيا احتفظت بميزة كبيرة في القوة البشرية والقوة النارية. ومن المرجح أن تظل في موقع الهجوم معظم العام. وأضاف: «لكن في مرحلة ما، قد تواجه نقصاً في الدبابات والمركبات المدرعة، حيث تنشر عدداً كبيراً منها على جبهة أفدييفكا منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن ربما لا تكون قادرة على تحمل معدلات خسائر مستدامة فيها على المدى الطويل».

قوات أوكرانية في دونباس (أ.ف.ب)

60 مليار دولار خسائر في معدات روسيا

ونقلت مجلة «نيوزويك» عن مصادر عسكرية أوكرانية وغربية أن إجمالي خسائر المعدات الروسية منذ بداية الحرب بلغ أكثر من 60 مليار دولار. وأضافت أن نجاح روسيا في تجديد كثير من آلياتها العسكرية، بعدما حوّلت قاعدتها الصناعية إلى حالة الحرب، سيكون قاصراً على تجديد المعدات عالية التقنية أو تعويضها بسبب تكلفتها العالية.

القادة العسكريون الأوكرانيون متهمون بقصف إقليم دونباس الأوكراني الذي تحتله روسيا (رويترز)

وفقد أسطول روسيا في البحر الأسود في الأسابيع الأولى من الحرب الطراد «موسكفا»، الذي كان يعد جوهرة الأسطول، وتصل قيمته إلى 750 مليون دولار، بعدما استهدف بصواريخ نبتون الأوكرانية المضادة للسفن. وفي سبتمبر (أيلول) 2023، ضربت صواريخ «ستورم شادو» البريطانية الفرنسية قاعدة أسطول البحر الأسود في سيفاستوبول في القرم، وأصابت غواصة «روستوف أون دون» بأضرار لا يمكن إصلاحها، وتصل قيمتها إلى 300 مليون دولار. وألحقت أوكرانيا أضراراً أو دمرت كثيراً من سفن الإنزال الروسية باهظة الثمن، بما في ذلك «مينسك» و«نوفوتشركاسك» و«أولينيغورسكي غورنياك»، المعروفة أيضاً باسم «المشروع 775» أو «سفن فئة روبوتشا». ولا يمكن استبدال هذه السفينة مباشرة بسفينة جديدة، وتبلغ تكلفتها أكثر من 214 مليون دولار. وعملياً، أدت الهجمات الأوكرانية على أسطول البحر الأسود الروسي إلى إخراجه من المنطقة وتحييده من المشاركة في قصف الجنوب الأوكراني.

كما دمّر الجيش الأوكراني نظام القيادة والتحكم بالحرب الإلكترونية الروسي النادر، المعروف باسم «آر بي 109 إيه بايلينا»، في يناير (كانون الثاني) الماضي، ويعد خسارة «كبيرة جداً».


مقالات ذات صلة

تغريم «أبوت» 495 مليون دولار بسبب حليب للخُدَّج يتسبب في مشكلات معوية

صحتك شعار شركة «أبوت» للأدوية (رويترز)

تغريم «أبوت» 495 مليون دولار بسبب حليب للخُدَّج يتسبب في مشكلات معوية

غُرِّمت شركة «أبوت» للأدوية 495 مليون دولار، بسبب حليب للأطفال الخُدَّج صنّعته المجموعة الأميركية تسبب في مرض معوي خطير لدى طفل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزيرا الدفاع والخارجية الأميركيان يلتقيان نظيريهما اليابانيين في طوكيو اليوم (أ.ب)

تنديد أميركي - ياباني بتحركات بكين في بحر الصين الجنوبي

يواصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم (الأحد) في اليابان جولة آسيوية ماراثونية تهدف إلى تعزيز تحالفات بلاده وشراكاتها في مواجهة الصين.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب وكامالا هاريس (شبكة «سي إن إن» الأميركية)

«عجوز غريب» و«ليبرالية مجنونة»... حرب التصريحات تشتعل بين هاريس وترمب

وصفت نائبة الرئيس الأميركي نفسها بأنها «ليست المرشحة للفوز» في الانتخابات الرئاسية، في حين وصفها خصمها بأنها «أسوأ» من الرئيس جو بايدن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزيرا خارجية الصين وأميركا خلال لقائهما على هامش اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)

محادثات «صريحة ومثمرة» أميركية ــ صينية

أجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن محادثات «صريحة ومثمرة» مع نظيره الصيني، وانغ يي، في لاوس أمس، على هامش اجتماع «آسيان»، أعرب خلالها عن مخاوف بلاده.

«الشرق الأوسط» (فينتيان (لاوس))
الولايات المتحدة​ جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)

جمهوريون يتساءلون عمّا إذا كان اختيار ترمب لفانس ملائماً

لم تمض سوى أيام على اختيار جيمس دي فانس، نائباً للمرشح الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب، حتى بدأت الاعتراضات تتصاعد عن احتمال أن يكون هذا الاختيار خاطئاً.

إيلي يوسف (واشنطن)

حريق كاليفورنيا قد يصبح الأضخم في تاريخ الولاية

الحريق التهم ما يقرب من 142 ألف هكتار بحلول وقت متأخر من صباح السبت (أ.ف.ب)
الحريق التهم ما يقرب من 142 ألف هكتار بحلول وقت متأخر من صباح السبت (أ.ف.ب)
TT

حريق كاليفورنيا قد يصبح الأضخم في تاريخ الولاية

الحريق التهم ما يقرب من 142 ألف هكتار بحلول وقت متأخر من صباح السبت (أ.ف.ب)
الحريق التهم ما يقرب من 142 ألف هكتار بحلول وقت متأخر من صباح السبت (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات الأميركية أنّ الحريق المستعر شمال كاليفورنيا منذ 3 أيام أصبح أحد أكبر الحرائق المسجّلة على الإطلاق في تاريخ هذه الولاية الواقعة غرب الولايات المتحدة.

يعد هذا الحريق سابع أكبر حريق في تاريخ هذه الولاية (رويترز)

وقالت وكالة «كال فاير» التابعة للولاية إنّ حريق «بارك فاير» - أشد حرائق الغابات التي تضرب كاليفورنيا هذا الصيف - التهم ما يقرب من 142 ألف هكتار بحلول وقت متأخر من صباح السبت، ليصبح بذلك سابع أكبر حريق في تاريخ هذه الولاية.

والحريق الذي أجبر أكثر من 4000 شخص على إخلاء منازلهم اندلع في منطقة ريفية وجبلية بالقرب من بلدة تشيكو الصغيرة، على بُعد نحو 145 كيلومتراً شمال سكرامنتو، عاصمة الولاية.

في عام 2018 دُمر أكثر من 18 ألف مبنى وقتل 85 شخصاً في بلدة بارادايس القريبة عندما حاصر حريق كامب الآلاف من الناس وأصبح أعنف وأكثر الحرائق تدميراً في تاريخ كاليفورنيا (رويترز)

وأضافت الوكالة أنّ «الظروف القاسية لهذا الحريق لا تزال تمثّل تحدّياً لعناصر الإطفاء. في الوقت الحالي، لم تتمّ السيطرة عليه سوى بنسبة 0 في المائة فقط»، على الرغم من جهود نحو 2500 شخص وأكثر من 10 مروحيات وعدد من الطائرات، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويتمدّد الحريق بسرعة رجل يمشي، في منطقة ريفية تقع على بعد 3 ساعات بالسيارة شمال شرقي سان فرنسيسكو.

أدت الرياح القوية والنباتات الجافة إلى تأجيج الحريق الذي انفجر على مساحة 70 ألف فدان في أول 24 ساعة بعد أن دفع رجل سيارة مشتعلة في وادٍ لإشعال الحريق عمداً (أ.ف.ب)

وأعلن حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم مساء الجمعة، حالة الطوارئ في مقاطعتين مهددتين بالحرائق، بهدف تسريع إجراءات السلطات.

وتقع بلدة تشيكو على بعد نحو 20 كلم إلى الغرب من بلدة بارادايس التي دمّرها في عام 2018 حريق غابات قضى فيه 85 شخصاً، وكان الحريق الأكثر حصداً للأرواح في تاريخ كاليفورنيا. والمنطقة حالياً في حالة تأهب ويستعد سكانها لأي احتمال.