في حال فوزه بالانتخابات... هل يمكن أن يحكم ترمب أميركا من السجن؟

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (إ.ب.أ)
TT

في حال فوزه بالانتخابات... هل يمكن أن يحكم ترمب أميركا من السجن؟

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (إ.ب.أ)

قد يحكم على الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بالسجن قريباً، وقد يفوز أيضاً بولاية رئاسية أخرى في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. لكن من المرجح أنه لن يضطر إلى فعل الأمرين في الوقت نفسه، بحسب ما ذكره خبراء قانونيون.

وأصبح ترمب أول رئيس أميركي سابق يُدان بارتكاب جريمة الأسبوع الماضي، عندما أدانته هيئة محلفين في نيويورك بتزوير وثائق للتستر على مبلغ مالي لشراء صمت ممثلة إباحية عن علاقة بينهما قبل انتخابات عام 2016.

وستصدر المحكمة حكمها في 11 يوليو (تموز)، أي قبل أيام من انطلاق المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في ميلووكي، الذي من المتوقع أن يشهد الإعلان رسمياً عن ترشيح ترمب لخوض الانتخابات المقبلة.

ولن تمنع عقوبة السجن ترمب من الاستمرار في حملته الانتخابية، لكن من شأنها أن تطرح مشاكل عملية واضحة إذا فاز ترمب بالانتخابات في نوفمبر. فالمسؤوليات الأساسية للرئيس، مثل إدارة اجتماعات مجلس الوزراء، وتلقي الإحاطات الاستخباراتية، والاجتماع مع زعماء العالم، ليس من الممكن القيام بها من زنزانة السجن.

وبحسب صحيفة «بوليتيكو» الأميركية، إذا حُكم عليه بالسجن وفاز أيضاً في الانتخابات، فسيؤدي هذا السيناريو إلى تصادم غير مسبوق بين المصالح الدستورية: مصلحة ولاية نيويورك في إنفاذ قوانينها ومطالبة المجرمين المدانين بقضاء عقوباتهم بشكل كامل وسريع من ناحية، ومصلحة الأمة في أن يتمكن الرئيس المنتخب من أداء واجباته كمسؤول عن البلاد.

ويرى خبراء قانونيون أن فكرة حكم ترمب البلاد من السجن «غير محتملة»، مشيرين إلى أن «المصلحة الوطنية في وجود رئيس غير مقيد سوف تسود وتنتصر بالتأكيد».

وقال راندال إلياسون، المدعي الفيدرالي السابق، والمحاضر في كلية الحقوق بجامعة جورج واشنطن: «لا أستطيع أن أتخيل بأي شكل من الأشكال أنه سيتم السماح لمحاكم نيويورك بسجن ترمب إذا تم انتخابه».

وأضاف أنه «إذا حاولت محاكم نيويورك القيام بذلك، فمن المرجح أن تتدخل المحاكم الفيدرالية وتحكم بتعليق العقوبة طوال مدة الرئاسة. وهذا من شأنه أن يؤدي لإحالته للسجن بعد مغادرته البيت الأبيض في عام 2029».

وحتى إذا تم إخضاع ترمب لحكم مخفف، مثل الخضوع للمراقبة، فإن ذلك الأمر سيؤثر سلباً على أدائه لواجباته، وفقاً للخبراء القانونيين. فعلى سبيل المثال، غالباً ما تكون لدى الأشخاص الخاضعين للمراقبة قواعد صارمة بشأن قدرتهم على السفر.

علاوة على ذلك، فإن ترمب في الأغلب سيستأنف الحكم الصادر بحقه، وفي هذه الحالة، فإنه لا يجوز أن يؤمر بقضاء العقوبة حتى يكتمل الاستئناف. وقد تستغرق هذه العملية سنوات.

وقال ستان براند، المستشار السابق لمجلس النواب: «إنه أمر مربك للغاية. هذه المسألة غير مسبوقة ولم يتم التفكير فيها من قبل».

الملاحقة الجنائية للرؤساء

على الرغم من أن الدستور لا يتضمن نصاً صريحاً يعفي الرئيس من عواقب الملاحقة الجنائية، فإن المحكمة العليا أكدت مراراً وتكراراً أن منصب الرئاسة يتمتع بحماية خاصة من بعض أنواع الملاحقات القضائية.

وكتبت المحكمة العليا في قضية أقيمت عام 1982 ورفضت دعوى مدنية ضد الرئيس السابق ريتشارد نيكسون: «إن الرئيس يحتل موقعاً فريداً في المخطط الدستوري».

ومن المرجح أن يحكم القضاة بأنه «نظراً لأن الدستور ينص على أن القانون الفيدرالي له السيادة فوق حقوق الولايات في إنفاذ قوانينها، فإن نيويورك لا يمكنها وضع ترمب في السجن أثناء خدمته رئيساً»، حسبما قال علماء القانون.

وقال إلياسون: «عندما يكون هناك صراع، فإن القانون الفيدرالي هو الذي ينتصر أو يسود، ولا يمكنك السماح للولايات بالتدخل في بعض الوظائف الفيدرالية فائقة الأهمية».

ومن جهته، قال جيد شوغرمان، أستاذ القانون بجامعة بوسطن، إنه لا يمكن تجاهل الصعوبات العملية التي قد تنتج عن سجن رئيس أميركي.

وأضاف قائلاً: «إنه أمر مستحيل من الناحية اللوجيستية».

ويبدو أن خوان ميرشان، القاضي المشرف على قضية ترمب، يدرك هذه الصعوبات. فقبل عدة أسابيع، أثناء مناقشة انتهاكات الرئيس السابق المتكررة لأمر حظر النشر في القضية، قال ميرشان لترمب: «من المهم أن تفهم أن آخر شيء أريد فعله هو وضعك في السجن. أنت الرئيس السابق للولايات المتحدة وربما الرئيس المقبل أيضاً. هناك كثير من الأسباب التي تجعل سجنك هو الملاذ الأخير بالنسبة لي».

وأضاف: «لكنني لدي عمل وواجب عليّ أن أقوم به»، مهدداً بسجن ترمب بتهمة الازدراء إذا استمر في انتهاك أمر حظر النشر.

عوامل قد تؤثر على الحكم

وفقاً لبعض الخبراء القانونيين، قد يستنتج ميرشان أن عقوبة السجن ليس لها ما يبررها، لأن ترمب ليست لديه إدانات جنائية أخرى، كما أن التهم التي يواجهها تندرج في «أدنى مستوى من الجنايات» في نيويورك، كما أن عمره سيكون 78 عاماً في اليوم الذي من المقرر أن يُحكم فيه عليه.

لكن، من ناحية أخرى، لم يُظهر ترمب أي ندم على دفع الأموال لشراء صمت الممثلة الإباحية، وقد استخف بشكل متكرر بالقاضي والنظام القانوني في نيويورك، واستمر في اختبار حدود أمر حظر النشر. وكل هذه العوامل قد تدفع ميرشان إلى فرض عقوبة شديدة عليه، بحسب خبراء قانونيين آخرين.

وحتى العقوبة المخففة، مثل المراقبة، من المرجح أن تشعل تحديات قانونية، خصوصاً إذا تم انتخاب ترمب وزعم أن أي عقوبات تفرضها ولاية نيويورك تمس بواجباته.


مقالات ذات صلة

لمن سينصت ترمب... روبيو أم ماسك؟

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)

لمن سينصت ترمب... روبيو أم ماسك؟

قال موقع «بولتيكو» إن كبار المسؤولين الأوروبيين المجتمعين في هاليفاكس للأمن الدولي قلقون بشأن الأشخاص في الدائرة المقربة من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول في بورصة نيويورك يرتدي قبعة دعماً للجمهوري دونالد ترمب بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الأميركية (رويترز)

سوق السندات الأميركية تُطلِق إنذاراً بشأن خطط خفض الضرائب

يلوح في الأفق تحذير شديد من سوق ديون الخزانة الأميركية، التي تبلغ 28 تريليون دولار، ضد إضافة مزيد من العبء على الدين الذي ينمو بمقدار تريليونَي دولار سنوياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
مشاة في إحدى الطرقات بالحي المالي وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ب)

بكين تستقبل وفد شركات أميركية كبرى... وتغازل أوروبا

قالت غرفة التجارة الأميركية في الصين إن مجموعة من المسؤولين التنفيذيين من الشركات الأجنبية والصينية التقت رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، في بكين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)

ترمب يعد حزمة دعم واسعة النطاق لقطاع الطاقة الأميركي

يعمل الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، على إعداد حزمة واسعة النطاق في مجال الطاقة، لطرحها خلال أيام من توليه المنصب.

الاقتصاد أوراق نقدية من فئة 100 دولار أميركي (رويترز)

الدولار الأميركي ينخفض بعد ترشيح ترمب بيسنت وزيراً للخزانة

انخفض الدولار الأميركي، يوم الاثنين، بعد أن رشح الرئيس المنتخب دونالد ترمب، سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة، مما أوقف الارتفاع الحاد للعملة بعد الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

لمن سينصت ترمب... روبيو أم ماسك؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)
TT

لمن سينصت ترمب... روبيو أم ماسك؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)

قال موقع «بولتيكو» إن كبار المسؤولين الأوروبيين المجتمعين في هاليفاكس للأمن الدولي قلقون بشأن الأشخاص في الدائرة المقربة من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، ورؤيتهم لعلاقات واشنطن بالعالم.

وذكر أن المنتدى يجتمع به وزراء الخارجية والدفاع والمشرعون ومسؤولو حلف شمال الأطلسي (الناتو) لمناقشة قضايا الأمن العالمي، وطرح أحد كبار الدبلوماسيين من دولة عضو في «الناتو» سؤالاً: «ماركو روبيو وزير الخارجية، ولكن هل سيستمع إيلون ماسك إلى ترمب بشأن أوكرانيا؟ هل سيكون لمايك والتز أو دونالد جونيور أو تاكر كارلسون الكلمة الأخيرة بشأن سياسة حلف شمال الأطلسي؟ نحن منشغلون بهذه الأسئلة، وبصراحة هي مرهقة بالفعل ولكن لا يمكننا تجاهل ذلك؛ فهو لا يزال مهماً».

تم منح الدبلوماسي، مثل الآخرين في هذه القصة، عدم الكشف عن هويته لمناقشة آرائه بصراحة.

ولفت إلى أنه في الوقت الذي كان فيه الحاضرون يجلسون لتناول العشاء، ليلة الجمعة، بعد يوم من المناقشات حول مستقبل الديمقراطية وما هي السياسات التي يمكن توقُّعها من الرئيس المنتخب، كان ترمب في جنوب فلوريدا يعلن عن مزيد من الترشيحات بسرعة البرق؛ حيث عين أشخاصاً لـ7 مناصب في أقل من 90 دقيقة، وكان من بين هؤلاء أليكس وونغ نائب مستشار الأمن القومي وسيباستيان جوركا لمنصب مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض.

ترمب ونجله دونالد جونيور (أ.ف.ب)

وقال جيم تاونسند، وهو مسؤول كبير سابق في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في عهد إدارة باراك أوباما، ويعمل الآن في مركز أبحاث الأمن الأميركي الجديد: «نحن مثل خبراء الكرملين الآن».

وكان يشير إلى كيف درس المسؤولون الغربيون من كثب قطع المعلومات القادمة من الاتحاد السوفياتي الخاضع لسيطرة مشددة في عصر الحرب الباردة، محاولين التكهن بمن كان له نفوذ داخل الكرملين بناءً على صور من وقف بجانب من في العروض العسكرية.

وقال تاونسند عن ترمب: «نحن نقرأ من يلعب الغولف معه ومن لم يعد كذلك»، وأضاف ضاحكاً: «يبدو الأمر سخيفًا أن تكون في موقف خبير في شؤون الكرملين بينما نحاول معرفة بلدنا».

ويؤكد النقاش على القلق المتنامي تحت السطح بشأن ما تعنيه عودة ترمب إلى البيت الأبيض لحلفاء الولايات المتحدة وسط غزو موسكو الكامل لأوكرانيا، والحرب في الشرق الأوسط والتعاون المتزايد بين الخصوم الغربيين مثل روسيا والصين وإيران، كما يعكس كيف يخطط المسؤولون الأجانب لإحراز تقدم مع كل من فريق ترمب الرسمي - أعضاء حكومته ومجلس الأمن القومي - ومجموعة المستشارين غير الرسميين، مثل إيلون ماسك.

وتحدث كثير من الحاضرين في المنتدى بشكل خاص عن النفوذ المحتمل لماسك في مجال السياسة الخارجية نظراً لمصالحه التجارية في جميع أنحاء العالم، وعن مدى اعتماد بعض البلدان بالفعل على تقنية أقمار ستارلينك الاصطناعية لأغراض أمنية.

وخلال حلقة نقاش حول أمن القطب الشمالي، أقر وزير خارجية النرويج إسبن بارث إيدي بأن ستارلينك «جزء» من شبكة أقمار بلاده الاصطناعية «ما دام إيلون ماسك سعيداً، على ما أعتقد».

ومع ذلك، حظي اختيار ترمب وزيراً للخارجية ومستشاراً للأمن القومي، بقبول جيد إلى حد كبير، ولكن هناك مخاوف بشأن تأثير الشخصيات الأكثر انعزالية، بمن في ذلك نائب الرئيس جيه. دي. فانس، وسيباستيان جوركا، الذي أعلن ترمب، ليلة الجمعة، أنه سيشغل منصباً كبيراً في مجلس الأمن القومي.

وقال أحد كبار المسؤولين السابقين في إدارة ترمب: «الفريق غير الرسمي هو الذي يهم قد يتغير هذا بمجرد أن يستقر ترمب في منصبه في واشنطن، ولكن في الوقت الحالي، يعد دون جونيور أكثر أهمية من ماركو روبيو».

وتكهن أحد المسؤولين الأوروبيين، متذكراً معدل تغيير الموظفين المرتفع في ولاية ترمب الأولى، مع زملائه حول المدة التي قد يستمر فيها روبيو وتوقع المسؤول 8 أشهر.

ويقول كثير من المسؤولين الأوروبيين إنه على عكس عام 2016، فإنهم مستعدون للتعامل مع فريق ترمب - بشرط أن يتمكنوا من معرفة لديه أكبر نفوذ.