أمضى وكلاء الدفاع عن الرئيس السابق دونالد ترمب ساعات، الخميس، في استجواب الشاهد الرئيسي بقضية «أموال الصمت»، محاميه السابق مايكل كوهين، واضعين إياه على صفيح ساخن؛ سعياً إلى تكذيب أقواله وتقويض صدقيته أمام هيئة المحلفين التي ستكون لها الكلمة الفصل في الحكم على أول رئيس أميركي سابق يواجه محاكمة جنائية.
ويعد كوهين «الشاهد الملك» في التهم الجنائية الـ34 التي يواجهها ترمب أمام محكمة الجنايات في نيويورك؛ نظراً إلى كونه الشاهد الوحيد الذي يربط بصورة مباشرة بين رئيسه السابق والادعاءات بتزوير وثائق وسجلات تجارية لإخفاء دفع مبلغ 130 ألف دولار للممثلة الإباحية ستورمي دانيالز، واسمها الحقيقي ستيفاني كليفورد؛ بغية شراء سكوتها في خضم الحملة الانتخابية لعام 2016 عن علاقة وجيزة أقامتها مع ترمب عام 2006.
ومع انتهاء استجواب كوهين، وهو الشاهد الأخير للادعاء، يمكن لشهادته أن تُحدّد مصير ترمب بوصفه المرشح الوحيد عن الحزب الجمهوري مقابل المرشح الديمقراطي الرئيس جو بايدن في انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
حشد جمهوري
ورافق ترمب إلى الجلسة، الخميس، نجله إريك، والنواب الجمهوريون: مات غايتز، ولورين بويبرت، وبوب جود، وآنا بولينا لونا، وإيلاي كراين، وأندي بيغز. ولاحقاً انضم آخرون بينهم النواب: مايك والتز، وديانا هارشبارغر، ورالف نورمان، ومايكل كلاود، وأندرو أوغلز.
وقبيل دخوله إلى القاعة، أدلى ترمب بتصريحات يمكن اعتبارها انتهاكاً لأمر المحكمة بعدم التحدث عن الشهود والأشخاص الآخرين من ذوي الصلة بالقضية. فأشار أمام الصحافيين إلى ما بدا أنه أحد المدعين العامين ماثيو كولانجيلو، قائلاً إن «شخصاً قيادياً من وزارة العدل يجري المحاكمة (...) لذا، فإن مكتب بايدن يدير هذه المحاكمة».
واستخدم ترمب سابقاً لغة مماثلة لوصف كولانجيلو.
واشتكى ترمب أيضاً من الوجود الأمني خارج مبنى المحكمة في نيويورك، قائلاً إنه «في الخارج، يشبه الأمر فورت نوكس، لا يمكنك الوصول إلى ثلاث بنايات من هذا المكان إذا كنت مدنياً»، رغم أن المنطقة متاحة للجمهور.
ومنذ بداية الاستجواب المنتظر، سعى وكيل الدفاع عن ترمب، المحامي تود بلانش، إلى إحداث ثغرات رئيسية في شهادة كوهين، ودفعه إلى التعثر حيناً والاستفزاز طوراً؛ سعياً إلى تكذيب شهادته أمام القاضي المشرف على القضية خوان ميرشان وهيئة المحلفين المؤلفة من 12 شخصاً وستة بدلاء، مع اقتراب بداية النهاية لمحاكمة ترمب الجنائية التي بدأت في 15 أبريل (نيسان)، ويمكن أن تنتهي قبل نهاية مايو (أيار) الحالي.
وبدأ كوهين شهادته، الثلاثاء، من دون تمكين محامي ترمب من إثارته أو استفزازه أو دفعه إلى زلات لسان بسبب تعليقات سابقة مبتذلة عن ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي. وكان رد فعل كوهين في المحكمة هادئاً وواقعياً، متجنباً كل ما يمكن أن يضر بصدقيته.
هدوء كوهين
وبدأ بلانش من حيث توقف الثلاثاء، بسؤال كوهين عن رسائله النصية مع المحقق جيريمي روزنبرغ من مكتب المدعي العام، محاولاً عرضها على هيئة المحلفين، لكن القاضي ميرشان رفض ذلك، بعدما قال ممثلو الادعاء إنها «خارج السياق». وكان بلانش يحاول بذلك التلميح إلى أن روزنبرغ كان يزود كوهين بمعلومات داخلية من مكتب المدعي العام ألفين براغ، وأن كوهين وبراغ متحيزان ضد ترمب.
وعرض الدفاع أمام المحلفين مقاطع من «بودكاست» لكوهين وهو يناقش منذ سنتين التهم المحتملة ضد ترمب. وخلافاً لهدوئه وأجوبته المقتضبة في المحكمة، أظهرت التسجيلات الصوت الجهوري لكوهين، الذي استخدم في أحد المقاطع من أكتوبر (تشرين الأول) 2020، كلمة بذيئة عن ترمب قبل أن يضيف أنه يأمل حقاً في «أن ينتهي الأمر بهذا الرجل في السجن». وقال كوهين أيضاً إن «الانتقام هو الطبق الذي من الأفضل تقديمه بارداً».
سأل بلانش كوهين عما إذا كان يواصل مناداة ترمب بأسماء مختلفة في ملفاته الصوتية، فأجاب كوهين أنه فعل ذلك، ولا يزال. وعلى رغم سيل الأسئلة التي تعرض لها من بلانش، احتفظ كوهين بتوازنه وهدوئه إلى حد بعيد.
شهادة لترمب؟
ومع عدم تحديد موعد للإدلاء بشهادته، الجمعة، يتوقع أن يكون كوهين الشاهد الأخير، مما يوحي بأن المرافعات الختامية يمكن أن تبدأ الاثنين، علماً بأن الدفاع لم يستبعد إمكانية إدلاء ترمب بشهادته. لكن القيام بذلك محفوف بالمخاطر. وخلال اليوم ذاته سيحضر حفل تخرج ابنه بارون من المدرسة الثانوية، علماً بأن القاضي سمح له مسبقاً بعدم الحضور إلى المحكمة بسبب هذا العذر.
وعند نقطة ما، اعتذر القاضي خوان ميرشان للمحلفين عن التأخير في بدء الجلسة بسبب مشاورات جانبية مع طرفي الادعاء والدفاع. وقال القاضي ميرشان إنه قد يضطر إلى عقد جلسة، الأربعاء المقبل، بسبب الجدول الزمني.
ويواجه ترمب 34 تهمة جنائية تتعلق بتزوير سجلات تجارية تتعلق بتعويض كوهين مقابل «أموال الصمت». وحدد القرار الاتهامي تهمة واحدة عن كل من المستندات المعنية: 11 شيكاً، و11 فاتورة، و12 إدخالاً في دفتر الحسابات، للتغطية على العلاقة الوجيزة المزعومة مع دانيالز.