توترات الشرق الأوسط تهيمن على زيارة السوداني لواشنطن

يبحث مع بايدن وضع القوات الأميركية في العراق

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يحضر حفلاً في بغداد 9 يناير الماضي (أ.ب)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يحضر حفلاً في بغداد 9 يناير الماضي (أ.ب)
TT

توترات الشرق الأوسط تهيمن على زيارة السوداني لواشنطن

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يحضر حفلاً في بغداد 9 يناير الماضي (أ.ب)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يحضر حفلاً في بغداد 9 يناير الماضي (أ.ب)

تخيّم التوترات في منطقة الشرق الأوسط، من الحرب على غزة إلى هجمات إيران ضد إسرائيل، على محادثات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، مع الرئيس جو بايدن، بالمكتب البيضاوي، ظهر اليوم (الاثنين)، وتُكسبه في الوقت نفسه أهمية كبيرة بشأن النقاشات لإعادة الاستقرار الإقليمي، والخطط المتعلقة بمستقبل القوات الأميركية في العراق وفي المنطقة، وسبل تفعيل اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقَّعة بين واشنطن وبغداد.

وإضافةً إلى القضايا السياسية والأمنية المشتركة، يحمل السوداني معه ملفات مهمة تتعلق بقضايا اقتصادية وتجارية وطاقة، وهي ملفات أصبحت أولوية رئيسية للحكومة العراقية. ويصطحب السوداني معه وفداً عراقياً من كبار المسؤولين يضم وزراء النفط والطاقة والتخطيط والمالية ومحافظ البنك المركزي العراقي وعدداً من رجال الأعمال والمصرفيين.

ويشارك في الاجتماع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي اجتمع بالسوداني قبل اجتماع الأخير مع الرئيس بايدن. وينضم إلى اجتماع البيت الأبيض أيضاً مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، ومسؤول ملف الشرق الأوسط بمجلس الأمن القومي، بريت ماكغورك. وبعد الاجتماع مع بايدن يتجه السوداني والوفد المرافق به إلى مبنى البنتاغون، حيث يلتقي وزير الدفاع لويد أوستن، على أن يلي ذلك اجتماع للسوداني بوزارة الخزانة الأميركية مع والي إديبمو وكيل الوزارة، ثم اجتماع مع وزير الأمن الداخلي الأميركي أليخاندرو ماريوكاس. وقد التقى السوداني مساء الأحد، مسؤول ملف الشرق الأوسط بمجلس الأمن القومي بريت ماكغورك، ومستشار الرئيس لشؤون الطاقة آموس هوكستاين. ويلتقى رئيس الوزراء السوداني، صباح الثلاثاء، عدداً من أعضاء مجلسي النواب من ولايات ميشيغان وإلينوي وتكساس، ويعقد لقاءات مع الصحافة الأميركية والعربية. ويلتقي يوم الأربعاء بعض أعضاء مجلس الشيوخ في لجنة العلاقات الخارجية، وتنظم غرفة التجارة الأميركية حفل غداء له، ولقاءً مع ممثلي الشركات الأميركية.

مصالح أميركية في العراق

وأثارت توترات الشرق الأوسط الكثير من المخاوف الأمنية لدى الإدارة الأميركية بشأن المنشآت والقوات الأميركية الموجودة في العراق منذ ما يزيد على عقدين من الزمن، خصوصاً أن الطائرات من دون طيار والصواريخ التي أطلقتها إيران باتجاه إسرائيل مساء السبت، انتهكت المجال الجوي العراقي. وقال مسؤولون أميركيون إن بطارية باتريوت أميركية في أربيل العراق أسقطت صاروخاً باليستياً إيرانياً واحداً على الأقل خلال تلك الهجمات.

وقد تعرضت المصالح الأميركية في العراق وسوريا لهجمات عدة من فصائل تابعة لإيران أسفرت إحداها عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين في هجوم بطائرة من دون طيار في أواخر يناير (كانون الثاني) على البرج 22 في المنطقة الواقعة بين حدود العراق وسوريا والأردن. وأعقب ذلك ضربة أميركية أسفرت عن مقتل قائد في ميليشيا «كتائب حزب الله» الذي اتهمته واشنطن بالتخطيط والمشاركة في هجمات على القوات الأميركية.

وبعد الضربة الأميركية، هدأت وتيرة الهجمات من تلك الفصائل في العراق على المنشآت والمصالح الأميركية، إلا أن التوترات المتصاعدة في المنطقة دفعت مسؤولين في الإدارة الأميركية إلى وضع ملف مستقبل القوات الأميركية في المنطقة في صدارة النقاشات التي يتطرق إليها الرئيس بايدن مع السوداني، ويناقش تفاصيلها وزير الدفاع لويد أوستن.

عراقيّ يرفع علامة النصر ويحمل الأعلام خلال مسيرة بمناسبة يوم القدس في بغداد 5 أبريل الجاري (د.ب.أ)

وقد حثّت الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة، العراق على بذل مزيد من الجهد لمنع الهجمات على القواعد الأميركية في العراق وسوريا والتي زادت من اضطراب الشرق الأوسط في أعقاب هجوم «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول). وسلطت الهجمات التي شنتها إيران ليل السبت الماضي، على إسرائيل عبر المجال الجوي العراقي، الضوء على المخاوف الأميركية من نفوذ إيران الكبير في العراق.

التحالف لمكافحة «داعش»

وهناك تساؤلات أيضاً حول وضع قوات التحالف الدولي لمكافحة «داعش»، وهل تكتب زيارة السوداني لواشنطن الفصل الأخير في المحادثات المستمرة بين واشنطن وبغداد على مدى السنوات الثلاث الماضية حول إنهاء وجود قوات هذا التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، في العراق. وهذا الموضوع يثير جدلاً في بغداد وواشنطن على حد سواء، إذ يتعرض السوداني لضغوط من ائتلافه الحاكم الذي يتضمن فصائل شيعية موالية لإيران، لقطع العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة بوصفها قوة احتلال. وقد أعرب السوداني رغبته في إبقاء القوات الأميركية في البلاد في حدود مهام المشورة والتدريب وضمان عدم عودة «داعش» للظهور مرة أخرى.

وقد بدأت الولايات المتحدة والعراق محادثات رسمية في يناير الماضي حول إنهاء مهمة قوات التحالف ضد تنظيم «داعش»، مع بقاء نحو 2000 جندي أميركي في البلاد بموجب اتفاق مع بغداد. ويتعامل المسؤولون الأميركيون مع هذا الملف بحذر شديد خصوصاً أن النقاشات تركز على جدول زمني لا على الظروف التي قد تطرأ في المنطقة. ويقول مسؤولون إن الولايات المتحدة تبحث عن السيناريو الأمثل لتحقيق الاستقرار في العراق وضمان عدم عودة ظهور «داعش» قبل أن تُنهي القوات الأميركية وجودها وتنسحب بشكل كامل، ويؤكدون أن نهج إدارة بايدن هو انتظار الوقت المثالي للخروج، وأن الإدارة لا تستهدف إبقاء قواتها إلى الأبد في العراق.

ملفات الطاقة والاقتصاد

وأعلن نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية فؤاد حسين، في لقاء مع الصحافيين نهاية الشهر الماضي، أن قضايا الاقتصاد والطاقة وجذب الاستثمارات الأميركية إلى العراق من القضايا التي تحتل مساحة مهمة من نقاشات السوداني، خصوصاً ما يتعلق بإيجاد طرق لدفع الأموال لإيران التي تصل إلى 12 مليار دولار مقابل استيراد الغاز الإيراني الذي يعتمد عليه العراق بنسبة تتجاوز 40 في المائة لتوليد الكهرباء وطرح فكرة تحويل المتأخرات المالية العراقية إلى دولة ثالثة.

ومن بين الملفات المهمة أيضاً الملف المالي، وما يتعلق بقرارات الخزانة الأميركية فرض عقوبات على مصارف أهلية عراقية تتهمها السلطات الأميركية بعمليات غسل أموال وتهريب الدولار إلى إيران.

وتعد العلاقة بين بغداد وأربيل من الملفات الشائكة التي سيجري طرحها على طاولة لقاءات السوادني مع المشرعين بالكونغرس، حيث يشكّل ملف تصدير النفط العراقي من كردستان دون موافقة بغداد، ومسألة رواتب الموظفين في الإقليم عاملاً في إثارة الخلافات بين العاصمة العراقية وحكومة إقليم كردستان.

المخطوفة

من جانب آخر، قال مسؤول أميركي كبير إن هناك اهتماماً أميركياً بحادثة اختطاف إليزابيث تسوركوف، وهي طالبة دكتوراه إسرائيلية - روسية في جامعة «برينستون»، يقال إنها اختفت قبل عام في أثناء إجرائها أبحاثاً في العراق، ويُعتقد أنها محتجَزة لدى «كتائب حزب الله». وقال المسؤول: «نحن قلقون بشأن هذه القضية ونتابعها عن كثب. لقد أدنَّا بشدة اختطافها، ونواصل حث كبار المسؤولين العراقيين على العثور على إليزابيث وتأمين إطلاق سراحها في أقرب وقت ممكن».


مقالات ذات صلة

ماذا سيذكر التاريخ عن ولاية الرئيس الـ46 وإرثه التاريخي؟

الولايات المتحدة​ أيام قليلة ويغادر الرئيس الأميركي بايدن البيت الأبيض تاركاً وراءه سجلاً من الإنجازات والإخفاقات التي سيذكرها ويقيمها التاريخ (أ.ف.ب)

ماذا سيذكر التاريخ عن ولاية الرئيس الـ46 وإرثه التاريخي؟

يترك الرئيس جو بايدن منصبه بعد ولاية واحدة فقط، وقد شهدت السنوات الأربع كثيراً من الأحداث الدولية والمحلية والصراعات الحزبية والحروب.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الكراسي تظهر في ناشيونال مول أمام مبنى الكابيتول الأميركي قبيل حفل التنصيب (أ.ف.ب)

بين أبرد يوم وأقصر خطاب... حقائق لا تعرفها عن مراسم تنصيب الرؤساء الأميركيين

سيؤدي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب اليمين الدستورية ظهر يوم الاثنين على الجبهة الغربية لمبنى الكابيتول.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الفنان الكوميدي زاك سيج أقام جنازة وهمية لتطبيق «تيك توك» وشجع رواد المتنزهات على توديعه (أ.ف.ب)

«تيك توك» يحذر من وقف خدمته في أميركا عند بدء حظره الأحد

من المقرر أن يمضي حظر «تيك توك» في الولايات المتحدة قدماً يوم الأحد بعد أن رفضت المحكمة العليا استئنافاً من التطبيق الصيني الشهير.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس دونالد ترمب متوسطاً الرئيس المكسيكي إنريكي بينيا نييتو ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في أثناء استعدادهم لتوقيع اتفاقية جديدة في بوينس آيرس عام 2018 (أ.ب)

ترمب يبحث الانسحاب من منظمات دولية في ولايته الثانية

في ولايته الثانية، يُهدّد ترمب بالانسحاب بالعديد من المنظمات، بينها الاتحاد البريدي العالمي ومنظمة التجارة العالمية ومعاهدة أميركا الشمالية.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن (إ.ب.أ)

بايدن يخفف أحكاماً صادرة بحق 2500 شخص

أعلن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، الجمعة، تخفيف أحكام صادرة بحق نحو 2500 شخص أُدينوا بجرائم مخدرات غير عنيفة، في أكبر قانون عفو في يوم واحد بتاريخ أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

استنفار أمني في واشنطن عشية تنصيب ترمب

عزّزت السلطات الأميركية الانتشار الأمني في العاصمة عشية تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
عزّزت السلطات الأميركية الانتشار الأمني في العاصمة عشية تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

استنفار أمني في واشنطن عشية تنصيب ترمب

عزّزت السلطات الأميركية الانتشار الأمني في العاصمة عشية تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
عزّزت السلطات الأميركية الانتشار الأمني في العاصمة عشية تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

حذّرت وكالات الأمن الأميركية من أن حفل تنصيب الرئيس المنتخب، دونالد ترمب، سيكون «هدفاً محتملاً جذاباً» لتهديدات إرهابية، سواء من متطرفين في الداخل أو من أشخاص مدفوعين من الخارج، رغم عدم وجود تهديدات محددة ذات صدقية حتى الآن.

ونشرت وسائل إعلام أميركية عدة تقييمات أمنية لتلك التهديدات، صادرة من وكالات الاستخبارات وإنفاذ القانون، تفيد بأن الأفراد المحتملين، خصوصاً أولئك الذين لديهم «مظالم تتعلّق بالانتخابات»، قد يرون أن أداء الرئيس المنتخب لقسم اليمين هو «فرصتهم الأخيرة للتأثير في نتائج الانتخابات من خلال العنف».

بيئة سياسية أكثر توتراً

وتعكس مخاوف الوكالات الأمنية، البيئة السياسية المتوترة التي سيتولّى فيها ترمب السلطة، في ظل تصاعد العنف الذي كاد يودي بحياة ترمب نفسه، عندما تعرّض لمحاولتي اغتيال خلال حملته الانتخابية الصيف الماضي.

ومع توقع مشاركة الكثير من الشخصيات والمسؤولين في حفل التنصيب، فإن مهمة توفير الأمن في 20 يناير (كانون الثاني) لا تقتصر على حماية ترمب. واستعانت السلطات الأمنية في العاصمة واشنطن بأعداد كبيرة من رجال الأمن من الولايات كافّة، بلغ عددهم 4 آلاف، فضلاً عن ألف رجل آخرين لدعم شرطة مبنى «الكابيتول». وسيبلغ مجموع عدد رجال الأمن والعسكريين الذين سيتولون توفير الأمن لحفل التنصيب نحو 25 ألفاً، بتنسيق مع «البنتاغون» و«الحرس الوطني» في العاصمة.

ومنذ محاولتي اغتيال ترمب، أصبح مسؤولو الأمن في حالة تأهب قصوى، زاد من حدّتها الهجوم الإرهابي في نيو أورليانز ليلة رأس السنة؛ وهو ما فرض على وكالات الأمن وضع سيناريوهات عدة، قد ينفذّها إرهابيون أجانب أو متطرفون محليون وذئاب منفردة، يمكن أن تبدأ بعمليات خداع عن وجود قنابل كاذبة أو تهديدات باقتحام الحشود، أو باستخدام طائرات مسيّرة أو الدهس بمركبات.

مظاهرات... وتهديدات إيران

ومع تقديم عدد من المجموعات السياسية طلبات للحصول على تصاريح لتنظيم مظاهرات خلال يوم التنصيب، يخشى المسؤولون أيضاً من أن تتحول إلى احتجاجات واضطرابات في محيط موقع التنصيب. كما يتخوّفون من احتجاجات متعلّقة بالحرب في غزة من دون سابق إنذار، بعد سوابق أدت إلى تعطيل مبنى «الكابيتول» العام الماضي، خصوصاً إذا لم تصمد الهدنة التي اتفقت عليها إسرائيل وحركة «حماس».

إلى ذلك، يخشى المسؤولون من تهديدات إيران ضد ترمب، التي يتّهمونها بمحاولة قتله أو مستشاريه للأمن القومي، انتقاماً لمقتل قائد «الحرس الثوري» قاسم سليماني، الذي أمر به ترمب خلال ولايته الأولى.

وحسب التقييمات الأمنية، كان هناك أكثر من 700 ألف مستخدم لتطبيق التواصل الاجتماعي «تلغرام»، هددوا باغتيال ترمب في اليوم التالي لفوزه في الانتخابات، وذلك رداً على مقطع فيديو نشرته مؤسسة إعلامية داعمة لـ«الحرس الثوري» الإيراني.

وتعتقد وكالات الأمن أن البيئة السياسية والأمنية هذا العام أخطر بكثير من تلك التي كانت سائدة في حفل تنصيب جو بايدن قبل أربع سنوات، رغم اقتحام أنصار ترمب مبنى «الكابيتول» في 6 يناير 2021.

وفي الأسبوع الماضي فقط، ألقت شرطة «الكابيتول» القبض على رجل حاول إدخال ساطور وثلاثة سكاكين إلى مركز الزوار، في حين كان جثمان الرئيس جيمي كارتر مسجى في المبنى. وفي اليوم نفسه، ألقت الشرطة القبض على رجل آخر أشعل النار في سيارة بالقرب من «الكابيتول» خلال وجود ترمب في المبنى.