ترمب يخوض رهاناً محفوفاً بالمخاطر في مسألة الإجهاض سعياً للرئاسة الأميركية

المرشح الرئاسي الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يصل إلى مطار هارتسفيلد-جاكسون أتلانتا الدولي في أتلانتا بجورجيا بالولايات المتحدة في 10 أبريل 2024 (رويترز)
المرشح الرئاسي الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يصل إلى مطار هارتسفيلد-جاكسون أتلانتا الدولي في أتلانتا بجورجيا بالولايات المتحدة في 10 أبريل 2024 (رويترز)
TT

ترمب يخوض رهاناً محفوفاً بالمخاطر في مسألة الإجهاض سعياً للرئاسة الأميركية

المرشح الرئاسي الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يصل إلى مطار هارتسفيلد-جاكسون أتلانتا الدولي في أتلانتا بجورجيا بالولايات المتحدة في 10 أبريل 2024 (رويترز)
المرشح الرئاسي الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يصل إلى مطار هارتسفيلد-جاكسون أتلانتا الدولي في أتلانتا بجورجيا بالولايات المتحدة في 10 أبريل 2024 (رويترز)

يؤكد الموقف المنتظر حيال الإجهاض لدونالد ترمب، الرئيس الأميركي السابق ومرشح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، على الاستراتيجية التي يتبعها لإعادة انتخابه، وإن كانت تثير حفيظة فئة مهمة من قاعدته الانتخابية؛ وهم المحافظون المعارضون للإجراء، حسب وكالة «الصحافة الفرنسية».

وبعدما صدرت عنه مؤشرات مختلطة على مدى شهور، أوضح المرشح الجمهوري للرئاسة موقفه الاثنين، بشأن مسألة تعد حساسة بالنسبة لسباق الوصول إلى البيت الأبيض. ولم يأتِ في تسجيل مصوّر على ذكر حظر وطني على الإجهاض، وقال إنه يتعيّن ترك القرار بشأن حقوق الإجهاض للولايات.

وأثارت هذه التصريحات غضب بعض الجمهوريين المحافظين.

وقال نائب الرئيس في عهده مايك بنس، وهو مسيحي إنجيلي ساعده في جذب اليمينيين المتدينين عندما فاز في 2016، إن «تراجع الرئيس ترمب بشأن الحق في الحياة يشكّل صفعة في وجوه ملايين الأميركيين المؤيدين للحياة ممن صوّتوا له في 2016 و2020».

وأفاد ليندسي غراهام، السيناتور الجمهوري المقرب من ترمب، بأنه لا يتفق مع الرئيس السابق، وشدد على ضرورة وجود مدة تشكّل «الحد الأدنى (للسماح) بالإجهاض تكون هي المعيار على الصعيد الوطني ولا تتجاوز 15 أسبوعاً».

وألغت المحكمة الأميركية العليا الحق الفيدرالي في الإجهاض عام 2022، في حكم مفاجئ يعود الفضل فيه إلى ترمب، نظراً إلى أنه عيّن 3 قضاة محافظين ساعدوا في جعل الأمر ممكناً.

وترك القرار الذي تخلى عن حكم «رو ضد ويد» التاريخي لكل ولاية على حدة تقرير حقوق الإجهاض لديها. وفرضت بعض الولايات المحافظة التي يحكمها الجمهوريون حظراً كاملاً تقريباً، في ظل تحرّك قوي ضمن الحزب لإدراج حظر وطني في القوانين.

وقالت رئيسة مجموعة «سوزان بي. أنتوني» المناهضة للإجهاض مارغوري دانينفيلسر: «نشعر بخيبة أمل عميقة حيال موقف الرئيس ترمب».

الرهان

وفي مارس (آذار)، أشار ترمب الذي بدّل مواقفه مراراً بشأن دعم ومعارضة الإجهاض على مدى مسيرته السياسية، إلى أنه سيؤيّد حظراً وطنياً على الإجهاض بعد مرور 15 أو 16 أسبوعاً على الحمل.

ومن خلال تراجعه عن موقفه هذا، يسعى ترمب إلى تجنّب تهميش الناخبين من النساء اللاتي يشعرن بالقلق من حظر الإجهاض.

وكلّف قرار المحكمة العليا عام 2022، الجمهوريين سياسياً. وكان أداء الحزب مخيّباً للآمال في انتخابات منتصف الولاية في ذلك العام، وخسر المحافظون مراراً في الاستفتاءات وغيرها من أشكال التصويت المرتبطة بالإجهاض.

ودعا ترمب على منصته «تروث سوشيال» حلفاءه إلى «التحرّك لمساعدة الجمهوريين على الفوز في الانتخابات، بدلاً من جعل تحقيق ذلك أمراً مستحيلاً بالنسبة إليهم». وأضاف: «يخسر كثير من الجمهوريين الجيّدين الانتخابات بسبب هذه القضية».

ويخوض ترمب رهاناً عبر موقفه الجديد الساعي لإيجاد توازن بين إرضاء قاعدته الانتخابية اليمينية المتشددة وعدم تهميش الوسطيين، يقوم على أنه حتى وإن أغضب المسيحيين الإنجيليين الآن لعدم اتّخاذه موقفاً أكثر تشدداً ضد الإجهاض، فإنهم سيصوّتون له مقابل خصمه الرئيس جو بايدن بكل الأحوال.

وكتب المعلّق المحافظ مارك ثيسين الثلاثاء في «واشنطن بوست»: «أتفهم خيبة الأمل كمحافظ مؤيد للحق في الحياة. لكن ترمب على حق».

وأضاف: «إذا نجح الديمقراطيون في استخدام تهديد الحظر الفيدرالي على الإجهاض للإبقاء على سيطرتهم على مجلس الشيوخ في نوفمبر، فإن قضية تأييد الحق في الحياة يمكن أن تتعرّض إلى ضربة لا يمكن إصلاحها».

وتابع ثيسين الذي كان مساعداً للرئيس السابق جورج بوش الابن، أن الاستطلاعات تظهر أن معظم الأميركيين يرغبون بأن يبقى الإجهاض قانونياً.

وبجميع الأحوال، يأمل ترمب في إبعاد النقاش خلال حملته عن الإجهاض ليكون بإمكانه التركيز على قضاياه الأساسية لمهاجمة إدارة بايدن: التضخم والهجرة عند الحدود مع المكسيك والجريمة.

لكن ما زال غير واضح إطلاقاً إن كان بإمكان ترمب تشكيل النقاش بهذه الطريقة، أم لا، إذ إن قضية الإجهاض ما زالت في الواجهة، بينما تصدر ولاية تلو الأخرى قوانين أو أحكاماً في هذا الصدد.

على سبيل المثال، أيّدت أعلى محكمة في أريزونا التي فاز فيها بايدن بفارق ضئيل عام 2020، قانوناً يعود إلى عام 1864 يفرض حظراً كاملاً تقريباً على الإجهاض.

وأما الديمقراطيون، فاستغلوا دفاعهم عن الإجهاض وسيواصلون اتباع تكتيكهم القائم على تصوير ترمب على أنه يمثل خطراً على حقوق الإجهاض.

وقالت رئيسة منظمة «بلاند بيرنتهود» (Planned Parenthood) أليكسيس ماكغل جونسون: «يوم جديد وكذبة جديدة غير مرغوب بها من قبل ترمب. لا يخدعنا ولا يخدع الناخبين».

وأضافت: «إنه مسؤول عن أزمة حق الوصول إلى الإجهاض، وإذا مُنح فرصة أخرى فسيضغط أكثر من أجل حظر وطني».


مقالات ذات صلة

أميركا: «تيك توك» يجمع البيانات ويتلاعب بالمحتوى

الولايات المتحدة​ علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

أميركا: «تيك توك» يجمع البيانات ويتلاعب بالمحتوى

فصل جديد من الرفض الأميركي للتطبيق الصيني «تيك توك» انطلاقاً من كونه «يشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا وزير الخارجية الصيني وانغ يي في لاوس (أ.ف.ب)

تحذير صيني للفلبين من نشر صواريخ أميركية

حذر وزير الخارجية الصيني وانغ يي الفلبين من نشر الصواريخ الأميركية متوسطة المدى، قائلاً إن هذه الخطوة قد تغذي التوترات الإقليمية وتشعل سباق تسلح.

«الشرق الأوسط» (بكين)
حصاد الأسبوع كمالا هاريس... أمام الأختبار السياسي الأكبر (رويترز)

اختيار هاريس قد لا يكفي لتجنيب الديمقراطيين الهزيمة

هل نجح انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن من سباق الرئاسة في تجنيب الديمقراطيين هزيمة... كانت تتجمع نُذُرها حتى من قبل «مناظرته الكارثية» مع منافسه الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب بكثير؟ الإجابة عن هذا السؤال، لا يختصرها الإجماع السريع الذي توافقت عليه تيارات الحزب لدعم كامالا هاريس، نائبة الرئيس الحالية. ذلك أن الصعوبات التي يواجهها الديمقراطيون، والأزمات التي لم يتمكنوا بعد من ابتكار الحلول لها، أكبر من أن يحتويها استعاضتهم عن مرشح مسنّ ضعيف وغير ملهم، بمرشحة شابة ملوّنة. ولكن مع ذلك، يبدو أن الديمقراطيين مقتنعون الآن بأنه باتت لديهم الفرصة لإعادة تصوير السباق على أنه تكرار لهزيمة مرشح «مهووس بالغرور والانتقام»، في حين يعيد خصومهم الجمهوريون تشكيل سياسات حزبهم، وفق أجندة قد تغير وجهه ووجهة أميركا، التي عدّها البعض، «دعوة للعودة إلى الوراء».

الولايات المتحدة​ 
ترمب ونتنياهو قبل بدء اجتماعهما أمس (د.ب.أ)

نتنياهو يستكمل «مظلته» الأميركية بلقاء ترمب

بلقائه الرئيس الأميركي السابق، وربما اللاحق، دونالد ترمب، أكمل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس، مظلته الأميركية، التي شملت وقفة في الكونغرس

هبة القدسي (واشنطن) نظير مجلي (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ 
بايدن وهاريس في فيلادلفيا 3 فبراير 2023 (أ.ب)

بعد دعم أوباما... هاريس تقترب من الترشيح الديمقراطي

اقتربت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس من انتزاع ترشيح الحزب الديمقراطي رسمياً لخوض سباق الرئاسة أمام دونالد ترمب، بعد التأييد الذي حظيت به علناً من الرئيس.

علي بردى (واشنطن) هبة القدسي (واشنطن)

أميركا: «تيك توك» يجمع البيانات ويتلاعب بالمحتوى

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
TT

أميركا: «تيك توك» يجمع البيانات ويتلاعب بالمحتوى

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

طلبت وزارة العدل الأميركية في وقت متأخر أمس (الجمعة) من محكمة استئناف اتحادية رفض طعون قضائية بقانون يلزم شركة «بايت دانس»، ومقرها الصين، ببيع أصول تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة بحلول 19 يناير (كانون الثاني) أو مواجهة حظر.

وقالت الوزارة في الطلب إن خضوع تطبيق «تيك توك» للملكية الصينية يشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي بسبب قدرته على الوصول إلى بيانات شخصية واسعة للأميركيين.

وأضافت الوزارة: «التهديد الخطير للأمن القومي الذي يشكله (تيك توك) حقيقي... يقدم (تيك توك) للحكومة الصينية وسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي بطريقتين رئيسيتين: جمع البيانات والتلاعب الخفي بالمحتوى».

وطلبت إدارة الرئيس جو بايدن من محكمة الاستئناف في مقاطعة كولومبيا رفض دعاوى أقامتها منصة «تيك توك» وشركة «بايت دانس» المالكة لها ومجموعة من صناع المحتوى على «تيك توك» لمنع سن القانون الذي من شأنه حظر التطبيق الذي يستخدمه 170 مليون أميركي.

ودأبت المنصة على نفي أنها ستشارك بيانات المستخدمين الأميركيين مع الصين، أو أنها تتلاعب بنتائج مقاطع الفيديو.

وتسرد دعوى وزارة العدل بالتفصيل المخاوف واسعة النطاق المتعلقة بالأمن القومي إزاء ملكية «بايت دانس» لـ«تيك توك».

وقالت الحكومة: «تتضمن استراتيجية الصين الجيوسياسية على المدى الطويل تطوير أصول وتجهيزها سلفاً ليتسنى نشرها في اللحظات المناسبة».

وأقرت الحكومة في إعلان منفصل بأنها لا تملك معلومات عن حصول الحكومة الصينية على بيانات لمستخدمي «تيك توك» في الولايات المتحدة، لكنها قالت إن خطر حدوث ذلك مرتفع للغاية. وأضافت: «الولايات المتحدة ليست ملزمة بالانتظار حتى يتخذ خصمها الأجنبي تحركات ضارة بعينها قبل الرد على التهديد».