لماذا يتمسك الرؤساء الأميركيون بخطاب «حالة الاتحاد»؟

اختلفت التقاليد الرئاسية حول أساليب إلقائه على مر العقود

أعضاء «الكونغرس» يحضرون خطاب «حالة الاتحاد» الذي يلقيه الرئيس الأميركي جو بايدن في مبنى «الكابيتول» (أ.ف.ب)
أعضاء «الكونغرس» يحضرون خطاب «حالة الاتحاد» الذي يلقيه الرئيس الأميركي جو بايدن في مبنى «الكابيتول» (أ.ف.ب)
TT

لماذا يتمسك الرؤساء الأميركيون بخطاب «حالة الاتحاد»؟

أعضاء «الكونغرس» يحضرون خطاب «حالة الاتحاد» الذي يلقيه الرئيس الأميركي جو بايدن في مبنى «الكابيتول» (أ.ف.ب)
أعضاء «الكونغرس» يحضرون خطاب «حالة الاتحاد» الذي يلقيه الرئيس الأميركي جو بايدن في مبنى «الكابيتول» (أ.ف.ب)

يولي الرؤساء الأميركيون المتعاقبون على البيت الأبيض أهمية خاصة لخطاب «حالة الاتحاد»، بينما يترقب خصومهم وأنصارهم في الكونغرس لما يحمله من أجندة سياسية واقتصادية، وتوجهات داخلية وخارجية. ومع أن الخطاب مبني على قاعدة دستورية راسخة، إلا أن الإجراءات المحيطة بأسلوب إلقائه وفحواه وانفتاحه على الناخبين الأميركيين تطورت على مدى أكثر من قرنين.

أسس دستورية

تنص المادة الثانية من القسم الثالث من دستور الولايات المتحدة على أنه «يتعين على الرئيس الأميركي، من وقت إلى آخر، أن يقدّم إلى الكونغرس معلومات عن حالة الاتحاد، وأن يوصي بالنظر في التدابير التي يراها ضرورية وملائمة». ورغم أن لغة الدستور اكتفت بعبارة «من وقت إلى آخر»، فإن الرئيس جورج واشنطن أرسى سابقة مفادها أن يكون التقرير سنوياً.

الرئيس فرانكلين روزفلت لدى إلقائه الخطاب أمام الكونغرس في 1941 (غيتي)

وكان أول رئيس أميركي ألقى خطاباً عن حال الاتحاد هو الرئيس جورج واشنطن في 8 يناير (كانون الثاني) 1790، حين وقف في القاعة الفيدرالية في مدينة نيويورك وألقى خطاب «حالة الاتحاد» تناول خلاله مجموعة متنوعة من المواضيع، بما في ذلك الدفاع الوطني، والسياسة الخارجية، والاقتصاد، والتعليم. وكان خطاباً قصيراً؛ لم يتجاوز 10 دقائق.

اختلاف التقاليد

واختلفت طريقة إلقاء الخطاب مع الرئيس توماس جيفرسون، الذي أرسى تقليداً مختلفاً اكتفى فيه بإرسال نسخة مكتوبة من الخطاب إلى الكونغرس. وباشر جيفرسون هذا التقليد في 8 ديسمبر (كانون الأول) 1801، حين أراد تبسيط ما كان يعتقد أنه تقليد أرستقراطي لخطاب العرش الذي يلقيه العاهل البريطاني، والذي كان يعتقد أنه غير مناسب للجمهورية الأميركية. واستمرت ممارسة إرسال نسخ مكتوبة إلى الكونغرس لأكثر من قرن من الزمان.

أوباما مخاطباً الكونغرس حول «حال الاتحاد» في 2016 (أرشيف)

واستأنف الرئيس الأميركي وودرو ويلسون لاحقاً تقليد إلقاء الرسالة السنوية شخصياً في 8 أبريل (نيسان) 1913. كما يُنسب إليه الفضل في تحويل الخطاب من تقرير عن نشاط السلطة التنفيذية، إلى عرض أجندة الرئيس التشريعية.

أما اسم خطاب «حال الاتحاد»، فلم يكن هو الاسم الذي يتم إطلاقه على خطاب الرئيس الأميركي. ففي البداية، كان الخطاب يعرف بـ«الرسالة السنوية» للرئيس إلى الكونغرس. وكان الرئيس فرانكلين روزفلت في ثلاثينات القرن الماضي هو أول من استخدم عبارة «حالة الاتحاد»، ومنذ ذلك الحين أصبح مصطلحاً شائعاً.

مواكبة التقنية

وكان الرئيس الأمريكي كالفين كوليدج أول رئيس يُبَث خطابه عبر الراديو في عام 1923. وكان خطاب الرئيس هاري ترومان في عام 1947 أول خطاب يُبث على شاشة التلفزيون. وقد أدرك الرئيس ليندون جونسون أهمية وجود جمهور واسع للخطاب، عندما نقل توقيت إلقاء الخطاب من فترة منتصف بعد الظهر إلى الساعة التاسعة مساءً في عام 1965؛ لجذب أكبر عدد من المشاهدين. وكان خطاب جورج دبليو بوش عام 2002 هو الأول المتاح كبث حي على شبكة الإنترنت على موقع البيت الأبيض.

وهناك سنوات لم يقم فيها الرؤساء الأميركيون بإلقاء خطابات رسمية عن حالة الاتحاد في عامهم الأول في المنصب؛ ومنهم رونالد ريغان في عام 1981، وجورج بوش الأب في عام 1989، وبيل كلينتون في عام 1993، وجورج دبليو بوش في عام 2001، وباراك أوباما في عام 2009، ودونالد ترمب في عام 2017، وجو بايدن في عام 2021. ويعود السبب بشكل أساسي إلى أن تقارب موعد خطابي حالة الاتحاد وخطاب التنصيب.

بيلوسي مزّقت نسخة من خطاب الرئيس ترمب في فبراير 2020 (رويترز)

وكانت المرتان الوحيدتان اللتان لم تشهدا خطاباً عن حالة الاتحاد، في عهد الرئيس ويليام هنري هاريسون الذي توفي بعد 32 يوماً من تنصيبه في عام 1841، وجيمس أ. غارفيلد، الذي اغتيل في عام 1881 بعد 199 يوماً في منصبه.

ولعل أبرز اللقطات التي التقطتها كاميرات التليفزيون لخطاب «حالة الاتحاد» في السنوات الماضية، هي صورة رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي وهي تمزّق ورقة خطاب «حال الاتحاد» الذي ألقاه الرئيس السابق دونالد ترمب، في تعبير قوي عن الاعتراض والانتقاد لسياساته.


مقالات ذات صلة

الرئاسة الفلسطينية: الإدارة الأميركية تتحمل مسؤولية المجازر اليومية بحق شعبنا

المشرق العربي الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة (وكالة الأنباء الفلسطينية- وفا)

الرئاسة الفلسطينية: الإدارة الأميركية تتحمل مسؤولية المجازر اليومية بحق شعبنا

أعلن الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن «الضوء الأخضر الذي حصل عليه بنيامين نتنياهو من الإدارة الأميركية جعله يستمر في عدوانه».

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
الولايات المتحدة​ غيّرت حملة ترمب استراتيجيتها لمواجهة هاريس (أ.ف.ب)

هاريس توحّد صفوف الديمقراطيين وتستعد لمواجهة «حتمية» مع ترمب

نجحت حملة كامالا هاريس في توحيد صفوف حزبها وحشد دعم واسع، لكن هل يستمر حماس الناخبين الديمقراطيين تجاهها؟ وما حظوظها في الفوز على دونالد ترمب؟

رنا أبتر (واشنطن)
شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو وبتسلئيل سموتريتش (يمين) وإيتمار بن غفير (يسار) (وسائل إعلام إسرائيلية)

الاستطلاعات تُبيّن أن نتنياهو قائد إسرائيل الأول

لم يكسب حزب الليكود شيئاً من خطاب زعيمه بنيامين نتنياهو في الكونغرس الأميركي، فيما استفاد منه المتطرفان إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.

نظير مجلي (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لدى إلقاء خطابه أمام الكونغرس في واشنطن أمس (أ.ف.ب)

إلقاء يرقات داخل فندق نتنياهو في واشنطن (فيديو)

أطلق ناشطون مؤيدون لفلسطين آلاف اليرقات وديدان الطحين والصراصير داخل فندق ووترغيت في واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة نانسي بيلوسي (أ.ب)

بيلوسي: خطاب نتنياهو في الكونغرس هو الأسوأ مقارنة بأي شخصية أجنبية

وصفت رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء الإسرائيلي في الكونغرس بأنه «الأسوأ»، مقارنة بأي شخصية أجنبية أخرى تمت دعوتها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«عجوز غريب» و«ليبرالية مجنونة»... حرب التصريحات تشتعل بين هاريس وترمب

دونالد ترمب وكامالا هاريس (شبكة «سي إن إن» الأميركية)
دونالد ترمب وكامالا هاريس (شبكة «سي إن إن» الأميركية)
TT

«عجوز غريب» و«ليبرالية مجنونة»... حرب التصريحات تشتعل بين هاريس وترمب

دونالد ترمب وكامالا هاريس (شبكة «سي إن إن» الأميركية)
دونالد ترمب وكامالا هاريس (شبكة «سي إن إن» الأميركية)

وصفت كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي نفسها بأنها «ليست المرشحة للفوز» في الانتخابات الرئاسية، ووصفت خصمها الجمهوري دونالد ترمب بأنه «غريب تماماً»، في حين وصف ترمب هاريس بأنها «ليبرالية مجنونة» بينما بدأ المتنافسان سلسلة من الفعاليات في إطار حملتهما الانتخابية.

ويأتي هذا التراشق بعد أسبوع عاصف شهد صعود هاريس إلى قمة بطاقة الترشيح عن الحزب الديمقراطي بعد أن تخلى الرئيس جو بايدن (81 عاماً) عن مسعاه للفوز بولاية ثانية تحت ضغط متزايد من رفاقه الديمقراطيين.

وتشير سلسلة من استطلاعات الرأي إلى أن دخول هاريس السباق محا التقدم الذي كان يتمتع به ترمب على بايدن في غضون أيام، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

عجوز غريب للغاية

وقالت هاريس في كلمة لها في فعالية خاصة لجمع التبرعات شارك فيها المغني وكاتب الأغاني جيمس تايلور في بيتسفيلد بولاية ماساتشوستس، إن الكثير مما يقوله ترمب والسيناتور الأميركي جيه دي فانس المرشح نائباً على بطاقته الانتخابية «غريب تماماً».

ويعد استخدامها لكلمة «غريب» لوصف خصومها جزءا من استراتيجية جديدة من الديمقراطيين. ووصفت حملة هاريس ترمب بأنه «عجوز وغريب للغاية» بعد ظهوره على قناة «فوكس نيوز»، يوم الخميس، وظهر مؤيد واحد على الأقل خلال فعالية، أمس السبت، حاملاً لافتة مكتوب عليها «ترمب غير طبيعي».

ومثلما فعلت خلال سلسلة من فعاليات الحملة الانتخابية خلال الأيام القليلة الماضية، قارنت هاريس مرة أخرى بين سجلها كمدعية عامة وسجل ترمب كمجرم مدان، وقالت إن مسعاها يتعلق بالمستقبل بينما يريد ترمب إعادة البلاد إلى «الماضي المظلم».

«أسوأ» من بايدن

وبعد ساعات، أطلق ترمب وابلاً من الهجمات في تجمع حاشد في سانت كلاود بولاية مينيسوتا، حول قضايا تتراوح من السلامة العامة إلى الهجرة.

وقال ترمب «إذا تمكنت ليبرالية مجنونة مثل كاملا هاريس من الوصول إلى السلطة، فإن الحلم الأميركي سيموت»، مضيفاً أن هاريس «أسوأ» من بايدن.

ووصف قرار بايدن بالتخلي عن مسعاه الرئاسي بأنه «انقلاب» دبره الحزب الديمقراطي.

وجاءت الفعالية التي شارك فيها الرئيس السابق في ساحة لهوكي الجليد تضم ما يقرب من ثمانية آلاف مقعد متوافقة مع توصية جهاز الخدمة السرية الأميركي بتجنب الأحداث الكبيرة في الهواء الطلق بعد محاولة اغتياله في تجمع جماهيري في بنسلفانيا قبل أسبوعين.

وقال ترمب، أمس السبت، على موقعه «تروث سوشيال» إنه سيستمر في عقد التجمعات في الهواء الطلق وإن جهاز الخدمة السرية «وافق على تكثيف عملياته بشكل كبير» لحمايته.

تنشيط الحملة الديمقراطية

ولم تختر ولاية مينيسوتا مرشحاً رئاسياً من الحزب الجمهوري منذ 52 عاماً، لكن حملة ترمب تعتقد على نحو متزايد أن بالإمكان الفوز بأصوات الولاية بعد تراجع التأييد لبايدن في أعقاب أدائه الكارثي في المناظرة التي جرت في 27 يونيو (حزيران).

لكن ظهور هاريس على الساحة بدلاً من بايدن، أعاد تنشيط حملة الحزب الديمقراطي التي تعثرت بشدة وسط شكوك الديمقراطيين بشأن احتمالات فوز بايدن على ترمب البالغ من العمر (78 عاماً) أو قدرته على الاستمرار في الحكم إذا قدر له النجاح.

وجمعت هاريس، أول امرأة سوداء وأول أميركية آسيوية تشغل منصب نائب الرئيس، أكثر من 100 مليون دولار في غضون 36 ساعة بعد أن قرر بايدن عدم خوض السباق. وقالت حملتها إن حملة جمع التبرعات، أمس السبت، جمعت أكثر من 1.4 مليون دولار من حوالي 800 مشارك.

وتجرى انتخابات الرئاسة الأميركية في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني).