نورما أندرسون... جمهورية تسعينية تتحدى ترمب لاستبعاده من الانتخابات

نورما أندرسون (رويترز)
نورما أندرسون (رويترز)
TT

نورما أندرسون... جمهورية تسعينية تتحدى ترمب لاستبعاده من الانتخابات

نورما أندرسون (رويترز)
نورما أندرسون (رويترز)

تحتفظ نورما أندرسون (91 عاماً) في حقيبتها بنسخة من الدستور الأميركي الذي أمضت حياتها تدرسه سواء خلال العقود التي قضتها بوصفها مشرّعة في الحزب الجمهوري أو عندما كانت جالسة في منزلها تتابع التلفزيون... وهي مصممة الآن على إبعاد دونالد ترمب عن العملية الانتخابية، بحسب تقرير أعدته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وباعتبارها المدعية الرئيسية في الشكوى الرامية لاستبعاد دونالد ترمب عن الاقتراع في كولورادو، فهي واثقة من أمر واحد: يتعيّن ألا يتولى الرئيس السابق المثير للجدل أي منصب رسمي مرّة أخرى.

وقالت لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «انتهك الدستور وحاول قلب مسار الانتخابات... بالنسبة لي، يعني ذلك بأن ديمقراطيتنا في أزمة إذا تم انتخابه» مرة أخرى.

في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021، عندما اقتحم أنصار ترمب الكابيتول سعياً لمنع المصادقة على فوز الديمقراطي جو بايدن، لجأت أندرسون إلى نسختها من الميثاق التأسيسي.

وأكدت أنه «في تلك الليلة، عدت وقرأت هذا الجزء»، في إشارة إلى البند الذي يحظر على أي مسؤول منتخب شارك في تمرّد تولي أي منصب مرة أخرى.

وتعد أندرسون بحزم أن ما قام به ترمب في فترة 6 يناير يجعله غير مؤهل لتولي المنصب، حتى إنها انضمت للمساعي القانونية من أجل استبعاده من الاقتراع الرئاسي في ولايتها كولورادو.

حكم قضاة الولاية لصالحها، مشيرين إلى أنه لا يمكن للرئيس السابق خوض الانتخابات التمهيدية المقبلة للحزب الجمهوري في الخامس من مارس (آذار).

وتقدّم فريق ترمب القانوني بطعن ضد الحكم أمام المحكمة الأميركية العليا التي يتوقع أن يصدر قضاتها التسعة حكمهم قريباً جداً.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ويمكن لهذا الحكم أن يؤثر بشكل هائل على مسار الانتخابات الرئاسية هذا العام، في ظل تحرّكات قانونية في عدة ولايات أخرى، حيث يسعى ناشطون ومحامون لمنع نجم تلفزيون الواقع السابق المثير للجدل من العودة إلى السلطة.

«أمل»

وتعد المادة الرابعة عشرة من الدستور الأميركي، وهي من بين الإضافات الأوسع تأثيراً في الدستور، في صلب القضية.

وتتعلق المادة التي أقرت عام 1868 بعد الحرب الأهلية بمسائل مرتبطة بالمحاكمات العادلة، والجنسية، إلى جانب قضايا أخرى.

لكنها تستبعد من السلطة أي شخص سبق وأقسم بدعم الدستور لكنه «انخرط في تمرّد» ضد الولايات المتحدة.

وتم تفسير المادة على نطاق واسع بأنها محاولة لاستبعاد قادة الكونفدرالية السابقين من السلطة في القرن التاسع عشر، لكن أندرسون وغيرها من مقدّمي الدعوى في هذه القضية يصرّون على أن الأمر ينطبق على ترمب.

وخلال مرافعات المحكمة العليا الشفهية في وقت سابق هذا الشهر، بدا غالبية القضاة مشككين في الأسس الموضوعية لاستبعاد مرشّح يحظى بشعبية من الانتخابات.

وأعرب أعضاء أعلى محكمة في البلاد، سواء المحافظين أو الليبراليين، عن قلقهم حيال ترك كل ولاية تقرر أي مرشح يمكنه المشاركة في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني).

وعلّقت أندرسون على ذلك بالقول: «عليهم ألا يقلقوا حيال ذلك».

وأضافت: «الولايات تدير الانتخابات. لا تدير الحكومة الفيدرالية انتخاباتنا. كل ولاية تدير الانتخابات وتقرر الشخصيات المرشحة».

كما أكدت أن مجرّد إصدار ولاية حكماً بأنه لا يمكن لاسم شخص ما أن يدرج على قائمة المرشحين، لا يعني أن بإمكانها التأثير على ما يمكن لولاية أخرى القيام به.

وأشارت إلى أن هناك عادة مرشحين ديمقراطيين وجمهوريين في كل ولاية، لكن يصعب عادة على مرشحي أحزاب ثالثة الترشح في بعض الولايات.

وسألت: «ما الذي يجعل الجمهوري أو الديمقراطي أفضل من مرشح حزب ثالث؟»، لتجيب: «لا شيء. يجب أن يتم التعامل معنا جميعاً بشكل متساوٍ».

ورغم الرياح المعاكسة التي يبدو أنها ستواجهها في المحكمة العليا، لا تزال أندرسون متفائلة حيال إمكانية نجاح مسعاها القانوني.

وقالت أول امرأة تشغل منصب زعيمة الأكثرية في مجلسي النواب والشيوخ في كولورادو: «يبقى لدي أمل على الدوام إلى أن يقولوا لي كلا».

«مثل بوتين»

ورأت أندرسون التي كانت طوال حياتها في الحزب الجمهوري فكرة عودة ترمب إلى البيت الأبيض مروّعة؛ إذ ترى أنه نقيض لكل مبدأ تأسست عليه الولايات المتحدة.

وقالت إنه «يحب أن يكون تماماً مثل (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين، أو كملك. سلوكه يثبت ذلك، وكل شيء يقوله يثبت ذلك». وأضافت وهي تضحك: «ما كان الآباء المؤسسون (للولايات المتحدة) ليكونوا لطفاء معه... كانوا ليسجنوه على الأرجح».

ومنذ أطلقت أندرسون تحرّكها القانوني، أشارت حملة ترمب لها على أنها RINO أي جمهورية بالاسم فحسب.

لكنها تؤكد أنها تحظى بتأييد من أفراد من أنحاء مختلفة من البلاد.

وسواء أيدت المحكمة العليا مسعاها أم لا، ترى أندرسون أن تحرّكها حقق نتائج.

وقالت في إشارة إلى ترمب: «بغض النظر عن أي شيء آخر، فإننا على الأقل لفتنا الأنظار إلى حقيقته... أعرف أن ما نقوم به صحيح».


مقالات ذات صلة

المدعي الخاص جاك سميث: ترمب كان سيُدان لو لم يُنتخب رئيساً

الولايات المتحدة​ صورة مركبة تجمع بين الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والمستشار القانوني الخاص لوزارة العدل جاك سميث (رويترز)

المدعي الخاص جاك سميث: ترمب كان سيُدان لو لم يُنتخب رئيساً

أفاد تقرير للمدعي الأميركي الخاص جاك سميث نشره الإعلام الأميركي بأن الرئيس المنتخب دونالد ترمب كان سيدان لو أنه لم يُنتخب رئيساً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ السيدة الأولى المقبلة ميلانيا مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ميلانيا ترمب تقول إنها حزمت حقائبها ومستعدة للعودة إلى البيت الأبيض

قالت السيدة الأولى المقبلة ميلانيا ترمب إنها حزمت حقائبها واستعدت للعودة إلى البيت الأبيض، حيث سيكون لابنها بارون غرفة نوم.

«الشرق الأوسط» (فلوريدا)
الولايات المتحدة​ علم غرينلاند يرفرف في مستوطنة إيجاليكو (رويترز)

تصريحات ترمب عن غرينلاند تدق ناقوس الخطر في أوروبا

أثارت اقتراحات ترمب بأنه يمكن إعادة ترسيم الحدود الدولية - بالقوة حال لزم الأمر - استفزازات في أوروبا على نحو خاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال جنازة الرئيس الراحل جيمي كارتر (أ.ب)

المحكمة العليا الأميركية تنظر طلب ترمب تأجيل الحكم في قضية «شراء الصمت»

رفضت محكمة الاستئناف في نيويورك طلب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب تأجيل النطق بالحكم بشأن إدانته بتهم جنائية تتعلق بدفع أموال لشراء صمت ممثلة إباحية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الولايات المتحدة​ ترمب في مؤتمر صحافي في مارالاغو في 7 يناير 2025 (أ.ف.ب)

ترمب إلى الكونغرس للدفع بأجندته

عمد ترمب إلى زيارة المشرعين الجمهوريين في معقلهم في مجلس الشيوخ لإجراء لقاء مغلق يهدف إلى رسم استراتيجية منسقة لتسهيل إقرار أجندته الطموحة.

رنا أبتر (واشنطن)

«لاجئو تيك توك» في أميركا يجتاحون تطبيق «شاوهونغشو» الصيني المنافس

صورة تظهر أيقونتي تطبيقي الهواتف الذكية «تيك توك» و«شاوهونغشو» في بكين... 14 يناير 2025 (أ.ب)
صورة تظهر أيقونتي تطبيقي الهواتف الذكية «تيك توك» و«شاوهونغشو» في بكين... 14 يناير 2025 (أ.ب)
TT

«لاجئو تيك توك» في أميركا يجتاحون تطبيق «شاوهونغشو» الصيني المنافس

صورة تظهر أيقونتي تطبيقي الهواتف الذكية «تيك توك» و«شاوهونغشو» في بكين... 14 يناير 2025 (أ.ب)
صورة تظهر أيقونتي تطبيقي الهواتف الذكية «تيك توك» و«شاوهونغشو» في بكين... 14 يناير 2025 (أ.ب)

في ظل القلق من احتمال حظر تطبيق «تيك توك» المملوكة لمجموعة «بايت دانس» الصينية في الولايات المتحدة اعتبارا من الأحد، يُقبل مستخدمون أميركيون للإنترنت بأعداد كبيرة على تحميل تطبيق «شاوهونغشو» الصيني، مؤكدين أنهم لا يعبأون بالمخاوف إزاء مشاركة البيانات الشخصية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتتهم إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن «تيك توك» بالسماح لبكين بجمع بيانات المستخدمين والتجسس عليهم، وهي تهمة تنفيها الصين وشركة «بايت دانس».

ويمنح قانون جرى إقراره في أبريل (نيسان) 2024 المجموعة الصينية مهلة حتى 19 يناير (كانون الثاني) 2025 لبيع المنصة المخصصة لمقاطع الفيديو القصيرة، تحت طائلة حظرها على الأراضي الأميركية. ومن غير المرجح أن تتدخل المحكمة العليا الأميركية في اللحظات الأخيرة.

ومع اقتراب الموعد النهائي، قفز تطبيق صيني إلى صدارة قائمة التحميلات في متجر «أبل» للتطبيقات في الولايات المتحدة الاثنين: «شاوهونغشو» Xiaohongshu («الكتاب الأحمر الصغير» باللغة الصينية)، وهو أشبه بمزيج بين «إنستغرام» و«بنترست»، مع مقاطع فيديو قصيرة يمكن مشاهدتها واحدا تلو الآخر بتمرير الإصبع على نسق «تيك توك».

حقق تاغ «tiktokrefugee» («لاجئ من تيك توك») أكثر من مائة مليون استخدام حتى مساء الثلاثاء.

تظهر هذه الصورة الملتقطة في باريس بتاريخ 15 يناير 2025 تطبيق الهاتف الجوال «شاوهونغشو» المملوك للصين (أ.ف.ب)

وقال مستخدم للإنترنت يطلق على نفسه اسم penguinpepperpia لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إنهم يحاولون حظر (تيك توك) لأنهم يقولون إن الصين تسرق البيانات. لكنهم لا يمنعون أي شركة أميركية من سرقة بياناتنا».

ويقول صانع المحتوى هذا الذي يضم حسابه 264 ألف متابع، إنه اختار تحميل تطبيق «شاوهونغشو» Xiaohongshu بدلا من العودة إلى المنصات الأميركية مثل «إنستغرام» و«فيسبوك»، وهي تطبيقات «لكبار السن» و«تسرق البيانات الشخصية وتبيعها أيضا».

ويضيف penguinpepperpia: «لهذا السبب فإن الكثير من الأميركيين لم يعودوا يكترثون للموضوع، إذ نفضّل أن تحصل الصين على بياناتنا».

ويشارك مستخدمون آخرون يعرّفون عن أنفسهم كـ«لاجئين» من «تيك توك» المشاعر نفسها.

وقال أدهم، الذي انضم حديثا إلى «شاوهونغشو»، في مقطع فيديو نُشر الاثنين: «أعلم أن حكومتنا عنصرية بعض الشيء، لكنني أحبكم أيها الصينيون. لا يهمني إذا أخذتم بياناتي. خذوها».

تظهر هذه الصورة في باريس بتاريخ 15 يناير 2025 تطبيق الهاتف الجوال «شاوهونغشو» الصيني (رويترز)

«مثير للسخرية»

ويرى الأستاذ في كلية السياسات العامة في معهد جورجيا الأميركي للتكنولوجيا ميلتون مولر الذي قدّم مذكرة تعارض الحظر إلى المحكمة العليا، في تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن هذه الظاهرة تظهر مدى «غباء» الحظر.

ويقول: «من المثير للسخرية أن التهديد بالحظر يأتي بنتائج عكسية بهذه السرعة، حتى قبل تنفيذه».

وتقول روبين كابلان من جامعة ديوك في الولايات المتحدة: «يبدو الأمر وكأن حظر (تيك توك) يدفع المستخدمين إلى تطبيقات أخرى لا تفصل بوضوح كبير بين الحزب الشيوعي الصيني والتطبيق نفسه».

ولم يعلق تطبيق «شاوهونغشو» ولا «بايت دانس» على الموضوع.

بالنسبة لمنغ بينغ تشون، الأستاذة في كلية لندن للاقتصاد، فإن هذه الظاهرة تُظهر عدم فعالية الاستراتيجية الأميركية تجاه قطاع التكنولوجيا الصيني، والتي يمكن تلخيصها في عبارة «حديقة صغيرة، سياج كبير»، والتي تقوم على تقييد عدد صغير من التقنيات تُعتبر حساسة على صعيد الأمن القومي الأميركي.

وتقول منغ: «الحديقة تتوسع باستمرار فيما السياج يتعرض للاختراق»، وأضافت: «والأسوأ من ذلك، في هذه الحالة المحددة، هو أن أولئك الذين يعيشون داخل السياج يمكنهم الهجرة داخل الفضاء الرقمي».

كشك لتطبيق «شاوهونغشو» الصيني في معرض بمدينة شنغهاي... الصين 6 نوفمبر 2024 (رويترز)

«قصير الأمد»

حتى الاثنين، كان تطبيق «شاوهونغشو» (المعروف أيضا باسم «ريدنوت» RedNote باللغة الإنجليزية) يحظى بشعبية كبيرة بين مستخدمي الإنترنت الناطقين بالصينية. وبحلول نهاية عام 2023، بلغ عدد مستخدمي المنصة النشطين شهريا نحو 300 مليون.

وعلى عكس تطبيق «دويين» الشقيق لـ«تيك توك» أو موقع التدوينات القصيرة «ويبو»، يركز «شاوهونغشو» في المقام الأول على المحتوى الترفيهي.

وتبدو المنصة أقل تقييدا من غيرها: إذ تُنشر عليها محتويات مرتبطة بمجتمع المثليين أو نقاشات مرتبطة بالجوانب الإيجابية للعزوبية بالنسبة للنساء، وهي مواضيع تعتبر غالبا حساسة في الصين.

ومن طلبات المساعدة في أداء الواجبات المنزلية، إلى ترجمة المصطلحات الإنجليزية الشائعة... يوفر تدفق الأميركيين على المنصة لبعض مستخدمي «شاوهونغشو» الأقدم، فرصة للتبادل الثقافي، وفق ما تُبيّن منشورات على التطبيق.

وترى منغ بينغ تشون أن «ما نشهده اليوم هو رد فعل قصير الأمد أكثر من كونه اتجاها على المدى البعيد». ويكمن السؤال في معرفة ما إذا كان «شاوهونغشو سيتفاعل بسرعة كافية للاحتفاظ بالمستخدمين الجدد».