هل حسم ترمب الانتخابات التمهيدية الجمهورية؟

تكهّنات حول هوية «نائبه»... وانتقادات حادّة لبايدن حول الهجرة وغزة

ترمب في حدث انتخابي في نيو هامبشاير في 20 يناير 2024 (أ.ب)
ترمب في حدث انتخابي في نيو هامبشاير في 20 يناير 2024 (أ.ب)
TT

هل حسم ترمب الانتخابات التمهيدية الجمهورية؟

ترمب في حدث انتخابي في نيو هامبشاير في 20 يناير 2024 (أ.ب)
ترمب في حدث انتخابي في نيو هامبشاير في 20 يناير 2024 (أ.ب)

مع انجلاء غبار عاصفة نيو هامبشاير، بات من الواضح أن الرئيس السابق دونالد ترمب هو المرشح الجمهوري المفضل. ففوزه الساحق في أول ولايتين تعقدان انتخابات تمهيدية وتجمعات انتخابية، هو الثاني فقط منذ 50 عاماً لمرشح جمهوري، الأول كان للرئيس الجمهوري جيرالد فورد في عام 1976. واقع أتى ليثبت أن ترمب، ورغم كل المشاكل والقضايا المحيطة به، تحدى كالعادة التوقعات، ولا يزال الجمهوري المفضل لدى الأميركيين الذين أرسلوا رسائل واضحة لمنافسيه دفعتهم للانسحاب واحداً تلو آخر وإعلان الولاء للرئيس السابق.

يستعرض تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، ما إذا كان ترمب قد ضمن فعلياً ترشيح حزبه، وينظر في لائحة المرشحين لاستلام منصب نائب أو نائبة له، بالإضافة إلى استعدادات الرئيس الحالي جو بايدن لمواجهة الخصم الجمهوري.

ترمب يحيي مناصريه خارج محكمة نيويورك في 25 يناير 2024 (رويترز)

ترمب هو المرشح الجمهوري

يرى مدير مكتب صحيفة «ذي غارديان» البريطانية في واشنطن، ديفيد سميث، أن السباق لانتزاع ترشيح الحزب الجمهوري انتهى فعلياً بفوز دونالد ترمب، مشيراً إلى فوز ترمب في تجمع أيوا بفارق وصل إلى 30 في المائة وتفوقه في نيو هامبشاير بأكثر من 10 في المائة. وقال: «لقد مرّت عقود كثيرة على فوز مرشّح بهذه الطريقة من دون أن يتم ترشيحه عن حزبه»، متابعاً: «هل سيترجم ذلك في الانتخابات العامة بفوزه؟ هذه مسألة مختلفة جداً. لكن مما لا شك فيه أن الحزب الجمهوري هو حزب دونالد ترمب».

إلا أن الخبيرة الاستراتيجية الديمقراطية والمديرة السياسية لمنظمة «فوروارد ماجوريتي»، تشاينا ديكرسن، تخالف سميث الرأي، وترى أن المفاجآت لا تزال واردة. كما استبعدت انسحاب المرشحة الجمهورية نيكي هايلي المتبقية في السباق، فتقول: «نحن في زمن الانتخابات المعاصرة في هذه البلاد حيث من الممكن لأي شيء أن يحصل في أي وقت».

موقف يختلف معه مدير حملة ترمب السابق في ولاية أريزونا، براين سايتشيك، الذي يرى أن «السباق انتهى فعلياً». ويفسّر سايتشيك الأسباب عارضاً الفوارق الكبيرة بين القاعدتين الانتخابيتين في ولايتي أيوا ونيو هامبشاير، فيقول: «هناك نسبة أعلى بكثير من المسيحيين المحافظين في أيوا، بينما تعد نيو هامبشاير أكثر اعتدالاً، مع العلم أن هناك أيضاً ناخبين مستقلين وديمقراطيين فيها، والواقع هو أن ترمب فاز في الولايتين... سواء أعجبنا الأمر أم لا».

ويرى سايتشيك أن الدعاوى القضائية التي يواجهها ترمب في المحاكم أسهمت في دفع الناخب الجمهوري إلى دعمه والتعاطف معه، وهو أمر يوافق معه سميث الذي أشار إلى أنه، في بداية السباق، بدا وكأن الحزب الجمهوري «أصبح مستعداً للابتعاد عن ترمب»، لكن أداء المرشحين الجمهوريين «الضعيف»، وتقدّم ترمب في استطلاعات الرأي مقابل بايدن، بالإضافة إلى قضايا المحاكم «زادت من حدة حملته» وأمّنت له الفوز.

متظاهرون معارضون لموقف بايدن حيال إسرائيل أمام البيت الأبيض في 13 يناير 2024 (أ.ف.ب)

نقاط ضعف بايدن

تظهر استطلاعات الرأي الأخيرة أن الهجرة تتصدر لائحة اهتمامات الناخب الجمهوري، كما أن السياسة الخارجية باتت تشكل عاملاً أساسياً في الانتخابات على خلاف الأعوام الماضية. ويؤكد سايتشيك أنه إذا ما استمر ملف الهجرة على حاله مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، «فهذا سيشكل مشكلة كبيرة لجو بايدن». ويشير إلى أن ترمب يظهر «صرامة» في مسألة الهجرة، بينما يظهر بايدن بمظهر «الضعيف جداً» فيما يتعلق بالحدود. ويضيف: «بالطبع هذه مسألة تعود بالفائدة على ترمب والحزب الجمهوري، فكلما زاد التركيز على مسألة الحدود، ساءت الأمور بالنسبة إلى جو بايدن».

وفي هذا السياق، يرى سميث أن الاستراتيجية الجمهورية ستتمحور، في الأيام والأشهر المقبلة، حول محاولة عرقلة أي مساعٍ في الكونغرس لحل أزمة الحدود، رغم المفاوضات الجارية بين الحزبين لمحاولة التوصل إلى تسوية. وأشار إلى صعوبة حل أي قضية خلال العام الانتخابي، مضيفاً: «هناك الكثير من الديمقراطيين الذين سيتهمون الجمهوريين بوقف إصلاح ملف الهجرة عن قصد، لأن ذلك يصب في مصلحتهم السياسية».

ولا يتوقف الأمر عند ملف الهجرة، إذ يبدو أن شعبية بايدن في تدهور مستمر بسبب سياساته الخارجية خاصة تجاه إسرائيل وأوكرانيا، مع تراجع دعم الأميركيين للحرب هناك. وتقول ديكرسن: «ملف الهجرة لا يُقارن بما يجري في إسرائيل وفلسطين، ومساعدة الولايات المتحدة لأوكرانيا... فلأول مرة منذ وقت طويل، أعتقد أن هذه الانتخابات ستتمحور حول المسائل الدولية، لذا يتوجب على الديمقراطيين السيطرة على ذلك». وتضيف ديكرسن، محذرة: «بايدن لا يتمتع بأي شعبية بسبب مواقفه حيال إسرائيل وفي أوكرانيا وعلى الحدود..».

أميركية داعمة لوقف إطلاق النار في غزة تقاطع خطاب بايدن في فيرجينيا في 23 يناير (أ.ف.ب)

ويتحدث سميث عن ازدياد اهتمام الأميركيين بالسياسة الخارجية، مشيراً إلى أن تراجع شعبية بايدن بدأ مع «الانسحاب الفاشل من أفغانستان، ويبدو أنه لم يتخطَّ ذلك حتى الآن»، على حد قوله. ويؤكد سميث أن الانقسام الحاد حول غزة وأوكرانيا «سيكلّفه أصوات الشباب وغير البيض»، مضيفاً: «لاحظنا ازدياد المقاطعة من متظاهرين اتهموا بايدن بأنه مجرم حرب بسبب دعمه الشديد لإسرائيل وتجاهل الكارثة الإنسانية في غزة، وهذا قد يكلّفه في الانتخابات».

ويفسّر سميث أن دخول مرشح من حزب ثالث في الانتخابات من داعمي وقف إطلاق النار مثلاً، من شأنه أن يسلب أصواتاً من بايدن، مذكّراً بأن النتيجة ستحسم بحسب نظام المجمع الانتخابي، وليس الأصوات الشعبية بهوامش ضيقة في نحو 6 ولايات متأرجحة.

وتذكر ديكرسن في هذا الإطار أهمية ولاية ميشيغن، حيث يواجه بايدن معارضة متزايدة من قبل داعميه السابقين بسبب موقفه من حرب غزة، واتهامات بأنه «مجرم حرب»، لكنها أيضاً تذكر أن الناخبين في ولايات أخرى سينظرون إلى الإنفاق الأميركي الهائل على أوكرانيا وإسرائيل، وتأثيره على السياسات الداخلية. وتقول: «صحيح أن السياسية الخارجية لا تتمتع عادة بشعبية كافية لكي تُحدث فارقاً في الانتخابات الرئاسية، لكنها بدأت تؤثر على السياسات الداخلية».

النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك من أبرز المرشحين لمنصب نائب ترمب (رويترز)

مَن سيختار ترمب نائباً؟

ومع اقتراب ترمب من انتزاع ترشيح حزبه، تزداد التكهنات حول خياراته لمنصب نائب الرئيس. وبينما يتكرر اسم النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك، رجّح سميث أن يختار ترمب امرأة على بطاقته، وذلك «بسبب حاجته لاستقطاب الناخبين المستقلين في الضواحي». ويفسّر سميث: «لدى ترمب مشكلة مع الكثير من النساء بسبب الصورة التي يعكسها، حيث عدّته محكمة مذنباً بتهمة الاعتداء الجنسي، بالإضافة إلى الأمور التي قالها وقام بها على مر السنوات... هذا يشكل إحباطاً كبيراً لملايين النساء الأميركيات. لذا، مع وجود نائبة له قد تتغير صورته إلى حد ما».

ويستبعد سميث أن يختار ترمب هايلي نائبة له، مشيراً إلى الفوارق الكبيرة في مواقفهما المتعلقة بالسياسة الخارجية. ويضيف أن الاحتمال الآخر هو أن يختار شخصاً من غير البيض، كالسيناتور تيم سكوت من كارولاينا الجنوبية، وهو الجمهوري الوحيد في مجلس الشيوخ من أصول أفريقية.

ورغم حظوظ ستيفانيك العالية في انتزاع المنصب، يذكر سايتشيك خيارات أخرى مثل حاكمة ولاية داكوتا الشمالية كريستي نويم، وهي من الداعمين الشرسين لترمب، بالإضافة إلى النائب الجمهوري من أصول أفريقية بايرون دونالدز المعروف بولائه للرئيس السابق، لكن سايتشيك الذي عمل إلى جانب ترمب لفترة طويلة يحذّر: «تذكروا أن هذا ترمب، لا يمكننا أن نجزم خياراته... فهناك دائماً احتمال حصول أمر غير وارد».


مقالات ذات صلة

ستارمر يشيد بـ«الأسس الثابتة» للتحالف بين لندن وواشنطن

أوروبا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (يمين) والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ستارمر يشيد بـ«الأسس الثابتة» للتحالف بين لندن وواشنطن

قدّم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر «أحر التهاني» للرئيس دونالد ترمب بمناسبة عودته إلى البيت الأبيض، مشيداً بـ«الأسس الثابتة» للتحالف «التاريخي» بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

بعد ساعات من إطلاقها... عملة ترمب الرقمية ترتفع بمليارات الدولارات

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إطلاق عملته المشفرة التي تحمل اسمه، ما أثار موجة شراء زادت قيمتها الإجمالية إلى عدة مليارات من الدولارات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الاستعدادات جارية لحفل تنصيب ترمب أمام مبنى الكابيتول في 12 يناير 2025 (أ.ف.ب)

ترمب في عهده الثاني: نسخة جديدة أم تكرار لولايته الأولى؟

يأمل كبار السياسيين بواشنطن في أن تكون إدارة دونالد ترمب الثانية مختلفة عن الأولى، وأن يسعى لتحقيق توازن في الحكم ومدّ غصن زيتون للديمقراطيين.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ عرض الأعلام الأميركية على الواجهة الغربية لمبنى الكابيتول الأميركي حيث يتم إجراء مراسم التنصيب الرئاسي تقليدياً في 17 يناير 2025 بالعاصمة الأميركية واشنطن (أ.ف.ب)

الحفل الثاني لتنصيب ترمب... صقيع قطبي واستنفار أمني وعمالقة التكنولوجيا

سيصبح دونالد ترمب الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة يوم الاثنين في واشنطن التي تشهد ذروة فعاليات تمتد أربعة أيام وسط درجات حرارة قطبية متوقعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن (إ.ب.أ)

بايدن يخفف أحكاماً صادرة بحق 2500 شخص

أعلن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، الجمعة، تخفيف أحكام صادرة بحق نحو 2500 شخص أُدينوا بجرائم مخدرات غير عنيفة، في أكبر قانون عفو في يوم واحد بتاريخ أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بايدن يدعو الأميركيين إلى «الحفاظ على إيمانهم بأيام أفضل»

بايدن يلقي كلمته بعيد قداس في الكنيسة المعمدانية التبشيرية الملكية وهي كنيسة تاريخية للسود في شمال تشارلستون (أ.ف.ب)
بايدن يلقي كلمته بعيد قداس في الكنيسة المعمدانية التبشيرية الملكية وهي كنيسة تاريخية للسود في شمال تشارلستون (أ.ف.ب)
TT

بايدن يدعو الأميركيين إلى «الحفاظ على إيمانهم بأيام أفضل»

بايدن يلقي كلمته بعيد قداس في الكنيسة المعمدانية التبشيرية الملكية وهي كنيسة تاريخية للسود في شمال تشارلستون (أ.ف.ب)
بايدن يلقي كلمته بعيد قداس في الكنيسة المعمدانية التبشيرية الملكية وهي كنيسة تاريخية للسود في شمال تشارلستون (أ.ف.ب)

توجه جو بايدن إلى ولاية كارولاينا الجنوبية الأحد، في آخر يوم له بصفته رئيسا للولايات المتحدة، وحض من هناك الأميركيين على «الحفاظ على الإيمان بأيام أفضل مُقبلة» أثناء احتفاله بالعيد الوطني لتكريم رمز الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ جونيور.

وقبل يوم واحد فقط من تسليمه البيت الأبيض إلى دونالد ترمب، حضر بايدن قداسا في الكنيسة المعمدانية التبشيرية الملكية، وهي كنيسة تاريخية للسود في شمال تشارلستون. وبعد أن وعد بأنه «لن يذهب إلى أي مكان»، قال بايدن للمصلين إن أميركا «يجب أن تظل ملتزمة ويجب أن نحافظ دائما على الإيمان بيوم أفضل مقبل».

في آخر رحلة رسمية لهما، أمضى جو وجيل بايدن يومهما في مدينة تشارلستون التاريخية في ولاية كارولاينا الجنوبية التي عانت العبودية والتمييز العنصري، وفي عام 2015 وقعت فيها مذبحة عنصرية مروعة بحق مرتادي كنيسة من السود. وقد حُكم على الجاني، وهو من العنصريين البيض، بالإعدام. وذهب الرئيس الديموقراطي، وهو كاثوليكي متدين، إلى الكنيسة المعمدانية التبشيرية الملكية البروتستانتية لحضور قداس. وقال بايدن «في كل مرة أقضي فيها وقتا في كنيسة للسود، أفكر في شيء واحد: كلمة الأمل».

والاثنين هو يوم عطلة وطنية أميركية لتكريم مارتن لوثر كينغ جونيور، الحائز جائزة نوبل للسلام والذي دعا إلى مقاومة غير عنيفة في كفاح الأميركيين السود من أجل المساواة في الحقوق، وقد اغتيل عام 1968. وأضاف بايدن (82 عاما) «اعتاد والدي أن يقول إن الخطيئة الكبرى هي إساءة استخدام السلطة»، من دون أن يذكر اسم دونالد ترمب. وتابع «الإيمان يعلمنا أن أميركا التي نحلم بها هي دائما أقرب مما نعتقد».

وختم كلمته وسط تصفيق الحاضرين في الكنيسة قائلا «فلنحافظ على الإيمان بأيام أفضل!». وكانت ولاية كارولاينا الجنوبية ومجتمعها الأميركي من أصل إفريقي حاسمة بالنسبة إلى بايدن خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي لعام 2020.