خبراء لـ«الشرق الأوسط»: الاستعصاء الأكبر يتمثل بـ«عقدة الحكم» في غزة والضفة

تبني واشنطن تدمير «حماس» يقوّي موقف نتنياهو الرافض لوقف النار

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يصافح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في إسطنبول في 6 يناير الحالي (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يصافح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في إسطنبول في 6 يناير الحالي (إ.ب.أ)
TT

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: الاستعصاء الأكبر يتمثل بـ«عقدة الحكم» في غزة والضفة

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يصافح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في إسطنبول في 6 يناير الحالي (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يصافح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في إسطنبول في 6 يناير الحالي (إ.ب.أ)

بعد جولة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأخيرة في دول المنطقة التي يزورها أيضاً المبعوث الأميركي الرئاسي الخاص بريت ماكغورك، تصاعد الحديث عن «خطة عمل أميركية» تتجاوز إحراز تقدم في المفاوضات الجارية مع قطر ومصر لتأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في غزة، وجعل هذا الأمر جزءاً من صفقة شاملة، يمكن أن تؤدي إلى إنهاء الأعمال العدائية.

عقدة حكم الأراضي الفلسطينية

غير أن العقدة الرئيسية التي ما زالت تحول دون الإعلان صراحة عن وقف لإطلاق النار، تتمثل فيما بات يسمى «اليوم التالي» بعد انتهاء الحرب في غزة، وسط ضبابية تلف مشهد المنطقة. وقالت مصادر أميركية إن «عقدة حكم» كل من قطاع غزة والضفة الغربية، تعد الاستعصاء الأكبر، في ظل تفكك السلطة الفلسطينية، وعجز أي من الأطراف المعنية، بما فيها إسرائيل، عن وضع تصور واضح لطبيعة السلطة التي ستحكم الأراضي الفلسطينية. ورجحت المصادر ذاتها أن زيارة الوزير بلينكن إلى تركيا، التي لم تكن مدرجة في برنامج جولته الأخيرة، شهدت على الأرجح نقاشاً مع المسؤولين الأتراك في الفكرة التي يطرحونها بخصوص لعب دور في قطاع غزة والضفة الغربية.

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال اجتماعه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب في أكتوبر الماضي (رويترز)

مقترحات منفصلة عن الواقع

وقال ريتشارد غولدبيرغ، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي في إدارة الرئيس دونالد ترمب، وكبير الباحثين في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن المقترحات التي تتصور وقفاً لإطلاق النار، قبل تفكيك قيادة «حماس» وبنيتها التحتية في غزة، أو سحب كامل قوات الأمن الإسرائيلية، أو تسليم السيطرة على غزة إلى السلطة الفلسطينية التي لم يتم إصلاحها، هي مقترحات منفصلة عن وجهات نظر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية والرأي العام الساحق في إسرائيل، بحسب ما قال لـ«الشرق الأوسط».

في المقابل، قال بول سالم، رئيس «معهد الشرق الأوسط» في واشنطن، لـ«الشرق الأوسط»، إن الخلاف بين الرئيس جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يدور على كل شيء عموماً. وأضاف أن مشكلة إدارة بايدن أنها قامت بتبني هدف إسرائيل بتدمير «حماس» منذ بدء الحرب على غزة، ولا تزال عالقة فيه، ولم تدع بعد إلى وقف لإطلاق النار، وهو أمر يقوّي موقف نتنياهو الرافض لذلك.

دبابات الجيش الإسرائيلي تتحرك نحو قطاع غزة (أ.ف.ب)

عدم الاستقرار

وبينما يراهن البعض على أن إسرائيل قد تكون مجبرة على القبول بحل دائم لضمان استقرارها واستقرار المنطقة على المدى الأوسع، أشار سالم إلى أن الاستقرار ليس مشكلة إسرائيل فقط، بل كل دول المنطقة. فالمجتمع الإسرائيلي كما مجتمعات الدول الأخرى، متعايش مع هذا الواقع، ومتمسك بهويته وتاريخه الخاص، مع فارق رئيسي، أن نظام إسرائيل السياسي مستقر، واقتصادها كبير، وعلاقاتها الدولية متينة، من أميركا وأوروبا إلى الهند والصين.

ولفت غولدبيرغ إلى استطلاع رأي أصدره معهد الدوحة هذا الشهر، جاء فيه أن صفراً في المائة من فلسطينيي الضفة الغربية يعدون «مذبحة» 7 أكتوبر «غير شرعية». وقال: «سيكون أمراً مذهلاً وصادماً أن تزعم واشنطن أن الطريق إلى السلام يمر عبر رام الله». لكنه أضاف أن مفهوم الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، التي تسبقها إصلاحات داخلية كبيرة في السلطة الفلسطينية، ليس مستبعداً.

خلاف بايدن - نتنياهو

وأكد سالم، من جهته، أن الخلاف بين واشنطن وتل أبيب على المدى الأبعد، هو على حل الدولتين؛ حيث تدعو إدارة بايدن للتعامل مع الدول العربية كشريكة. لكن نتنياهو يرفض ذلك مستنداً إلى موقف إسرائيلي يشكك في جدوى وشرعية وضمانة إقامة دولة فلسطينية. ورغم ذلك لا تستطيع إسرائيل الاستمرار بوصفها دولة محتلة، والدعوات لحل الدولتين ستأخذ بعداً أكبر في المرحلة المقبلة، بحسب سالم.


مقالات ذات صلة

«حماس» جاهزة لاتفاق في غزة بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»

المشرق العربي فلسطينيون ينعون أقاربهم الذين قُتلوا في غارة جوية إسرائيلية بمستشفى الأهلي العربي «المعمداني» بغزة (أ.ف.ب)

«حماس» جاهزة لاتفاق في غزة بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»

أكد مصدر قيادي بـ«حماس»، الأربعاء، أن الحركة الفلسطينية «جاهزة» لإبرام اتفاق مع إسرائيل بشأن هدنة في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

بايدن: اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» سيدخل حيز التنفيذ صباح الغد

أكّد الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم (الثلاثاء) على أن التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان «نبأ سار وبداية جديدة للبنان».

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده في اشتباكات بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك بشمال غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل أحد جنوده، اليوم (الثلاثاء)، في اشتباكات بشمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يعقد مؤتمراً صحافياً في ختام اجتماع وزراء خارجية «مجموعة السبع» في فيوجي بوسط إيطاليا في 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب) play-circle 01:03

بلينكن: محادثات اتفاق إطلاق النار في لبنان «في مراحلها الأخيرة»

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الثلاثاء، أنّ الجهود الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان «في مراحلها النهائية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير خارجية إيطاليا أنطونيو تاياني في مؤتمر صحافي بختام أعمال اجتماع وزراء «مجموعة السبع» في فيوجي الثلاثاء (أ.ف.ب)

«مجموعة السبع» لـ«حل دبلوماسي» في لبنان

أنهى وزراء خارجية «مجموعة السبع» اجتماعها الذي استمر يومين في فيوجي بإيطاليا، وقد بحثوا خلاله القضايا الساخنة في العالم.

«الشرق الأوسط» (روما)

القضاء يردّ دعوى التآمر المرفوعة ضد ترمب بتهمة محاولة قلب نتائج الانتخابات

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

القضاء يردّ دعوى التآمر المرفوعة ضد ترمب بتهمة محاولة قلب نتائج الانتخابات

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

وافقت قاضية أميركية، يوم الاثنين، على طلب النيابة العامة ردّ الدعوى المرفوعة ضدّ الرئيس المنتخب دونالد ترمب بتهمة محاولة قلب نتائج الانتخابات الرئاسية التي خسرها قبل أربع سنوات.

وكان المدّعي الخاص جاك سميث طلب، في وقت سابق الاثنين، من القاضية تانيا تشوتكان ردّ هذه الدعوى لأنّ سياسة وزارة العدل تنصّ على عدم ملاحقة رئيس يمارس مهام منصبه، وهو ما ستكون عليه الحال مع ترمب بعد أن يؤدي اليمين الدستورية في 20 يناير (كانون الثاني).

ووافقت القاضية على طلب المدّعي الخاص لكن ضمن قاعدة «حفظ الحقوق» أي مع حفظ إمكانية إعادة إحياء هذه الدعوى ما أن يغادر ترمب السلطة بعد أربع سنوات.

وقالت القاضية في قرارها إنّ «ردّ الدعوى مع حفظ الحقوق هو قرار مناسب هنا»، معتبرة أنّ «الحصانة الممنوحة لرئيس يمارس مهام منصبه هي حصانة مؤقّتة وتنتهي عند مغادرته منصبه»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

الجلسات لم تبدأ

وترمب البالغ 78 عاماً متّهم بالتآمر لقلب نتائج انتخابات 2020 التي خسرها أمام جو بايدن، وبالاحتفاظ على نحو غير قانوني بوثائق مصنّفة سرّية بعد مغادرته البيت الأبيض، لكن لم تبدأ الجلسات في أيّ من هاتين القضيتين.

وقال سميث في مذكرة رفعها إلى القاضية تشوتكان التي تتولى القضية إنه يجب ردّ الدعوى في ضوء سياسة وزارة العدل بعدم توجيه الاتهام إلى رئيس في منصبه أو مقاضاته.

كذلك أعلن سميث أنه وللسبب عينه لن يلاحق ترمب بتهمة حيازته وثائق سرية بعد مغادرته البيت الأبيض عام 2021.

كان سميث استأنف قرار القاضية الفيدرالية إيلين كانون في فلوريدا بإلغاء الإجراءات في يوليو (تموز) على أساس أن تعيين المدعي الخاص في القضية غير دستوري.

إلا أنه عاد وعلّق في هذا الشهر الإجراءات في قضية التآمر لقلب نتائج الانتخابات، بعد فوز ترمب على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس في استحقاق الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني).

وفيما يخص قضية الوثائق السرية، قال سميث إنه سيمضي قدماً فيها ضد اثنين من المتهمين الآخرين، مساعد ترمب والت ناوتا ومدير دارة الرئيس في مارالاغو كارلوس دي أوليفيرا.

«انتصار كبير»

وفي تعليق على منصته «تروث سوشيال»، علّق ترمب بقوله إن هذه القضايا «فارغة ولا أسس قانونية لها وما كان يجب رفعها».

وقال ترمب «لقد تم إهدار أكثر من 100 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب في معركة الحزب الديمقراطي ضد خصمهم السياسي، الذي هو أنا»، مشدداً على أن «أمراً كهذا لم يسبق أن حدث في بلدنا».

ورحّب مدير التواصل في فريق ترمب، ستيفن تشونغ، بخطوة رد قضية التدخل في الانتخابات، واصفاً إياها بأنها «انتصار كبير».

وجاء في بيان لتشونغ «يريد الشعب الأميركي والرئيس ترمب نهاية فورية لتسييس نظامنا القضائي ونتطلع إلى توحيد بلدنا».

وترمب متهم بالتآمر لقلب نتائج الانتخابات الأميركية والتآمر لعرقلة إجراء رسمي ألا وهو انعقاد الكونغرس للمصادقة على فوز بايدن. وخلال تلك الجلسة التي عًقدت في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021، اقتحم مناصرو ترمب مقر الكونغرس.

وترمب متّهم أيضاً بالسعي إلى حرمان ناخبين أميركيين من حق التصويت بادعاءاته الكاذبة بأنه فاز في انتخابات 2020.

إرجاء وتجميد

إلى ذلك يواجه ترمب، سلف بايدن وخلفه، دعويين في ولايتي نيويورك وجورجيا.

وأدين ترمب بارتكاب 34 تهمة جنائية في مايو (أيار) بعد أن خلصت هيئة محلفين إلى أنه قام بالتلاعب بشكل احتيالي بسجلات تجارية للتغطية على دفع مبالغ لنجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز مقابل صمتها عن علاقة جنسية مفترضة حتى لا تضر بحملته في انتخابات عام 2016.

وأرجأ القاضي خوان ميرشان إصدار الحكم في قضية الاحتيال المالي للبت في طلب محامي الدفاع عن ترمب الذين دفعوا بأن أي إدانة يجب أن تلغى عملاً بقرار المحكمة العليا الصادر في يوليو (تموز) والقاضي بتمتع الرؤساء السابقين بحصانة شاملة تحميهم من الملاحقة القانونية.

وفي جورجيا، يواجه ترمب تهمة الابتزاز على خلفية جهوده لقلب نتائج انتخابات 2020 في الولاية الجنوبية، لكن من المرجح تجميد هذه القضية خلال ولايته.