الجمهوريون صوتوا ضد تمرير المساعدات الطارئة لكييف

البنتاغون: الأموال المتبقية تكفي أوكرانيا في معارك فصل الشتاء

الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أثناء لقائهما في البيت الأبيض (أ.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أثناء لقائهما في البيت الأبيض (أ.ب)
TT

الجمهوريون صوتوا ضد تمرير المساعدات الطارئة لكييف

الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أثناء لقائهما في البيت الأبيض (أ.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أثناء لقائهما في البيت الأبيض (أ.ب)

فشل مجلس الشيوخ الأميركي في تصويت جرى، مساء الأربعاء، في تمرير مشروع قانون إنفاق طارئ لتمويل الحرب في أوكرانيا، طلبته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن. وسلط هذا الفشل الضوء على جدية تراجع دعم أوكرانيا في الكونغرس، وفسح المجال أمام تكهنات عدة، حول مستقبل الجهود الأميركية والغربية في مواصلة دعم الحرب التي تخوضها كييف ضد موسكو.

زيلينسكي خلال زيارة إلى مجلس الشيوخ في 21 سبتمبر 2023 (أ.ب)

وفيما حذر مسؤولون في إدارة بايدن من أن الفشل في تمرير تلك المساعدات يهدد قدرة واشنطن على مواصلة دعمها لأوكرانيا، مع اقتراب نفاد الأموال المخصصة في نهاية هذا العام، شكك مسؤولون في البنتاغون بذلك، وقالوا إن الإدارة ستكون قادرة على مواصلة مساعدة أوكرانيا عسكرياً خلال فصل الشتاء، من خلال توزيع المبلغ المتبقي البالغ 4.8 مليار دولار من سلطة السحب الرئاسي لإرسال أسلحة إلى كييف من مخزونات وزارة الدفاع.

أوكرانيا مقابل الحدود

زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ السيناتور تشاك شومر (رويترز)

وأوقف الجمهوريون في مجلس الشيوخ مشروع قانون الإنفاق الطارئ، بقيمة 111 مليار دولار، لتمويل الحرب في أوكرانيا، ودعم إسرائيل وتايوان وأمن الحدود، مطالبين إدارة بايدن بفرض قيود صارمة على أمن الحدود والهجرة. ولم يتمكن المجلس من تمرير المشروع على الرغم من حصوله على 51 صوتاً، مقابل 49، بسبب امتناع كل الجمهوريين من الانضمام إلى الديمقراطيين، للحصول على الـ60 صوتاً، اللازمة لتمرير هذا النوع من القوانين. ورغم تعثر المشروع بسبب ربطه بنزاع داخلي غير ذي صلة بسياسة الهجرة، فإن المقاومة التي واجهها في الكونغرس تعكس تضاؤل رغبة الجمهوريين لدعم أوكرانيا، حيث تظهر استطلاعات الرأي أن الأميركيين فقدوا اهتمامهم بتقديم المساعدة المالية.

زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل (أ.ب)

ومما زاد من حساسية ربط قضية المساعدات لأوكرانيا بأمن الحدود، على المفاوضات الجارية بين الحزبين، تصريحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، المرشح الأوفر حظاً للجمهوريين في انتخابات 2024، التي قال فيها إنه سيتصرف مثل «الديكتاتور» لفرض حملة قمع على المهاجرين. وقال ترمب، في رده على سؤال المضيف في قناة «فوكس نيوز» شون هانيتي، مساء الثلاثاء، عمّا إذا كان سيسيء استخدام سلطته إذا تم انتخابه لولاية ثانية: «يقول هذا الرجل: لن تصبح ديكتاتوراً، أليس كذلك؟ لا، لا، لا، بخلاف اليوم الأول. سنغلق ونحفر ونحفر، وبعد ذلك، أنا لن أكون ديكتاتوراً».

بايدن يَعِد بتنازلات كبيرة

بايدن وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 21 ديسمبر 2022 (أ.ب)

وكانت بوادر إخفاق التصويت على تمرير المشروع قد ظهرت، يوم الثلاثاء، عندما ألغى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كلمته أمام أعضاء مجلس الشيوخ، بعدما تأكد من استحالة حض الجمهوريين على التصويت على المشروع، بحسب العديد من المراقبين. وعارض الجمهوريون مشروع القانون، الذي سيوفر نحو 50 مليار دولار مساعدات أمنية لأوكرانيا، والمزيد من المساعدات الاقتصادية والإنسانية، و14 مليار دولار أخرى لتسليح إسرائيل في حربها ضد «حماس». وصوتوا بـ«لا» على الرغم من النداءات الأخيرة من الديمقراطيين ومناشدات الرئيس بايدن، الذي قال إنه مستعد لتقديم «تنازلات كبيرة» على الحدود، منتقداً إياهم عما عده «تخلياً عن أوكرانيا في ساعة حاجتها».

زيلينسكي طالب بمزيد من الأسلحة قبل حلول فصل الشتاء (إ.ب.أ)

وقال بايدن، الأربعاء، في البيت الأبيض، قبل ساعات قليلة من التصويت: «لا تخطئوا، تصويت اليوم سيبقى في الأذهان لفترة طويلة، وسيحكم التاريخ بقسوة على أولئك الذين أداروا ظهورهم لقضية الحرية». وقال إن الجمهوريين «مستعدون لإخضاع أوكرانيا حرفياً في ساحة المعركة، والإضرار بأمننا القومي في هذه العملية».

ومع فشل المشروع في مجلس الشيوخ، بدا أنه من غير المرجح أن تتمكن أوكرانيا من الحصول على المساعدات الأميركية الإضافية قبل نهاية العام، وربما إلى ما بعد ذلك بكثير. وقال مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، الأربعاء، إن «قدرة أوكرانيا على التقدم والدفاع ستكون مقيدة إلى حد كبير، إذا لم يوافق الكونغرس على التمويل الإضافي قريباً». وأضاف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «كان واضحاً جداً وصريحاً بشأن فكرته القائلة، بأنه إذا توقفت المساعدات العسكرية من الولايات المتحدة، فإن ذلك سيعني أن روسيا ستهزم أوكرانيا».

بوتين سيتقدم نحو أوروبا

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر افتراضي لقادة مجموعة السبع الأربعاء (أ.ف.ب)

وقال السيناتور تشاك شومر، زعيم الأغلبية الديمقراطية في انتقاده للجمهوريين جراء ربطهم المساعدات لأوكرانيا بقضية أمن الحدود: «آمل أن يتوصلوا إلى شيء جدي، بدلاً من السياسات المتطرفة التي قدموها حتى الآن». وأضاف أنهم «إذا لم يتعاملوا بجدية قريباً جداً بشأن حزمة الأمن القومي، فإن فلاديمير بوتين سوف يقوم بالسير عبر أوكرانيا نحو أوروبا مباشرة».

آثار تبادل قصف أوكراني روسي في دونيتسك (رويترز)

ورغم تلك التحذيرات، تمسك الجمهوريون بموقفهم، بمن فيهم الذين كانوا من أشد المدافعين عن تسليح أوكرانيا، ملقين باللوم على الديمقراطيين لرفضهم الرضوخ لمطالبهم بإجراء تغييرات كبيرة في سياسة الهجرة، بوصفها ثمناً لتأمين المزيد من المساعدة لكييف.

وقال السيناتور ميتش ماكونيل، زعيم الأقلية الجمهورية، في مجلس الشيوخ، والذي يعد من أبرز الداعمين لأوكرانيا، وقام في شهر مايو (أيار) الماضي بزيارة كييف: «من الواضح أن بعض زملائنا يفضلون السماح لروسيا بأن تدوس دولة ذات سيادة في أوروبا، بدلاً من القيام بما يلزم لفرض الحدود السيادية الأميركية». وأضاف في كلمته في قاعة المجلس، الأربعاء، «إنهم مقتنعون بأن الحدود المفتوحة تستحق تعريض الأمن في جميع أنحاء العالم للخطر».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يناقش العمليات العسكرية مع القادة العسكريين وتأثير نقص السلاح على المعركة مع روسيا (أ.ب)

غير أن الديمقراطيين رفضوا هذه الاتهامات، مشيرين إلى أكثر من 20 مليار دولار، مخصصة لتدابير أمن الحدود. واتهموا الجمهوريين باختلاق «أزمة كاذبة» من خلال استغلال مصير أوكرانيا، للترويج لأجندة حدودية، «لن تمر أبداً في مجلس الشيوخ الذي يقوده الديمقراطيون».

وقال السيناتور الديمقراطي بريان شاتز: «لا يمكنك أن تقول: أنا مع أوكرانيا، ولكن فقط إذا تم تفعيل هذه السياسة غير ذات الصلة على الإطلاق»، وأضاف: «لا يمكنك أن تؤيد منع بوتين من الاستيلاء على بلد بالقوة ثم التصويت ضد تزويد أوكرانيا بالموارد اللازمة للقيام بذلك».


مقالات ذات صلة

أوكرانيا: القوات الروسية أعدمت 5 من أسرى الحرب

أوروبا مظاهرات أوكرانية في كييف تطالب بتبادل الأسرى (أ.ف.ب)

أوكرانيا: القوات الروسية أعدمت 5 من أسرى الحرب

قال مفوض البرلمان الأوكراني لحقوق الإنسان، ديميترو لوبينيتس، اليوم الأحد، إن القوات الروسية أعدمت 5 من أسرى الحرب الأوكرانيين.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أحد عناصر الإطفاء يحاول إخماد حريق في روسيا (خدمة الطوارئ الروسية عبر تلغرام)

روسيا تشهد موجة من الحرائق المتعمدة

شهدت روسيا سلسلة محاولات لإشعال حرائق بشكل متعمد استهدفت مصارف ومراكز تسوق ومكاتب بريد ومباني حكومية خلال الأيام الثلاثة الماضية وفق وسائل إعلام

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماع في كييف بأوكرانيا 9 ديسمبر 2024 (أ.ب)

زيلينسكي يعلن أنه التقى مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في كييف

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، أنه التقى مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) في كييف، في إعلان رسمي نادر عن اجتماع بينهما.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا واجهة مطار قازان الروسي (أرشيفية - ريا نوفوستي)

إعادة تشغيل مطار قازان في روسيا عقب هجوم أوكراني

أعلنت الوكالة الاتحادية للنقل الجوي في روسيا (روسافياتسيا) إعادة فتح مطار مدينة قازان بعد إغلاقه مؤقتاً عقب هجوم بطائرات مسيّرة أوكرانية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس (د.ب.أ)

وزير الدفاع الألماني: لن نرسل جنوداً إلى أوكرانيا ما دامت الحرب لم تنتهِ

لم يستبعد وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس أن تضطلع بلاده بدور عقب وقف محتمل لإطلاق النار في الحرب الروسية على أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)

ترمب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما

TT

ترمب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما

تولت الولايات المتحدة مسؤولية بناء القناة وإدارة المنطقة المحيطة بالممر لعقود من الزمن (رويترز)
تولت الولايات المتحدة مسؤولية بناء القناة وإدارة المنطقة المحيطة بالممر لعقود من الزمن (رويترز)

اتهم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بنما، أمس (السبت)، بفرض رسوم باهظة مقابل استخدام قناة بنما، وقال إنه إذا لم تُدر بنما القناة بطريقة مقبولة، فسوف يطالب البلد الحليف للولايات المتحدة بتسليمها.

وفي منشور مسائي على موقعه للتواصل الاجتماعي «تروث سوشيال»، حذّر ترمب أيضاً من أنه لن يسمح للقناة بالوقوع في «الأيدي الخطأ»، وبدا كأنه يحذر من التأثير الصيني المحتمل على الممر المائي، وكتب أن القناة لا ينبغي أن تديرها الصين.

دونالد ترمب (أ.ف.ب)

كان هذا المنشور مثالاً نادراً للغاية لرئيس أميركي يقول إنه يستطيع الضغط على دولة ذات سيادة لتسليم أراضٍ. كما يؤكد التحول المتوقع بالدبلوماسية الأميركية في عهد ترمب، الذي لم يتردد من قبل في تهديد الحلفاء واستخدام الخطاب العدواني عند التعامل مع النظراء.

وتولت الولايات المتحدة مسؤولية بناء القناة وإدارة المنطقة المحيطة بالممر لعقود من الزمن. لكن الحكومة الأميركية سلمت السيطرة الكاملة على القناة إلى بنما في عام 1999، بعد فترة من الإدارة المشتركة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

الحكومة الأميركية سلمت السيطرة الكاملة على القناة إلى بنما في عام 1999 (أ.ف.ب)

وكتب ترمب، في منشور على موقع «تروث سوشيال»، أن «الرسوم التي تفرضها بنما سخيفة، خصوصاً بالنظر إلى الكرم الاستثنائي الذي قدمته الولايات المتحدة لها».

وأضاف: «لم يتم منحها (السيطرة) من أجل مصلحة الآخرين، بل بوصفها رمزاً للتعاون معنا ومع بنما. وإذا لم يتم اتباع المبادئ الأخلاقية والقانونية لهذه البادرة الكريمة، فإننا سنطالب بإعادة قناة بنما إلينا بالكامل، ودون أدنى شك».

ولم ترد سفارة بنما في واشنطن حتى الآن على طلب للتعليق. لكن عدداً من الساسة في بنما انتقدوا تصريحات ترمب وطالبوا الحكومة بالدفاع عن القناة. وقالت غريس هيرنانديز، النائبة في البرلمان عن حزب «إم أو سي إيه» المعارض، عبر منصة «إكس»: «على الحكومة واجب الدفاع عن استقلالنا كدولة مستقلة... تستلزم الدبلوماسية الوقوف في وجه (مثل هذه) التصريحات المؤسفة».

وشيدت الولايات المتحدة جزءاً كبيراً من القناة وتولت إدارة المنطقة المحيطة بالممر لعقود من الزمن. لكن الولايات المتحدة وبنما وقّعتا اتفاقيتين في عام 1977 مهدتا الطريق أمام عودة القناة إلى السيطرة البنمية الكاملة. وسلمت الحكومة الأميركية السيطرة الكاملة على القناة إلى بنما في عام 1999 بعد فترة من الإدارة المشتركة. ويمثّل الممر المائي الذي يسمح بعبور ما يصل إلى 14000 سفينة سنوياً 2.5 في المائة من التجارة العالمية المنقولة بحراً، وهو أمر بالغ الأهمية لواردات الولايات المتحدة من السيارات والسلع التجارية عن طريق سفن الحاويات من آسيا ولصادرات الولايات المتحدة من السلع، ومنها الغاز الطبيعي المسال. وليس من الواضح كيف سيسعى ترمب لاستعادة السيطرة على القناة، ولن يكون لديه أي سبيل بموجب القانون الدولي إذا قرر المضي قدماً في مسعاه للسيطرة على القناة.