حراك دبلوماسي مكثف لإقرار تمويل أوكرانيا

تحذيرات ديمقراطية للمشرعين من خطورة الرفض

يعارض الجمهوريون إقرار مساعدات لأوكرانيا من دون ضمان أمن الحدود (إ.ب.أ)
يعارض الجمهوريون إقرار مساعدات لأوكرانيا من دون ضمان أمن الحدود (إ.ب.أ)
TT

حراك دبلوماسي مكثف لإقرار تمويل أوكرانيا

يعارض الجمهوريون إقرار مساعدات لأوكرانيا من دون ضمان أمن الحدود (إ.ب.أ)
يعارض الجمهوريون إقرار مساعدات لأوكرانيا من دون ضمان أمن الحدود (إ.ب.أ)

يتخبط الكونغرس في دوامة تجاذبات حزبية تنامت فيها الاعتراضات على تمويل الحرب في أوكرانيا. فالتمويل الطارئ الذي أرسله الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المشرعين في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والذي تضمن أكثر من 61 ملياراً من مساعدات لكييف لا يزال عالقاً، بسبب الاعتراضات الجمهورية، من دون انفراجة واضحة تضمن إقراره.

ولم تنفع تحذيرات البيت الأبيض من نفاد الأموال المخصصة لأوكرانيا نهاية العام في تغيير المواقف المعارضة، الأمر الذي دفع بزعيم مجلس الشيوخ تشاك شومر إلى دعوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للحديث مع المشرعين، في دائرة تلفزيونية مغلقة يوم الثلاثاء، لإقناعهم بضرورة إقرار التمويل تحت طائلة خسارة الحرب بوجه روسيا. كما زار رئيس مجلس النواب الأوكراني روسلان ستيفانشيك «الكابيتول» في اليوم نفسه، للحديث مع أعضاء مجلس الشيوخ والنواب، في محاولة لتغيير مواقف معارضي التمويل.

زيلينسكي خلال زيارة له الى مجلس الشيوخ في 21 سبتمبر 2023 (أ.ب)

ولم تتوقف المساعي عند هذا الحد؛ إذ أرسل البيت الأبيض كلاً من: وزير خارجيته أنتوني بلينكن، ومديرة الاستخبارات الوطنية أفريل هاينز، إلى مجلس النواب، لعقد اجتماع مغلق مع أعضائه الذين أعربوا بأغلبيتهم علناً عن معارضتهم الشرسة لإقرار التمويل.

وحذّر مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جايك سوليفان، الاثنين، من أن وقف المساعدات الأميركية لكييف سيسمح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين «بالانتصار» في حرب أوكرانيا. وقال سوليفان: «على الكونغرس أن يقرر ما إذا كان سيواصل دعمه للقتال من أجل الحرية في أوكرانيا (...) أم أنه سيتجاهل الدروس التي تعلمناها من التاريخ، ويترك بوتين ينتصر... الأمر بهذه البساطة».

وفي رسالة وجّهتها، الاثنين، إلى مايك جونسون، رئيس مجلس النواب؛ حيث الغالبية بيد الجمهوريين، حذّرت مديرة الموازنة في البيت الأبيض شالاندا يونغ من أنه «إذا لم يتحرك الكونغرس بحلول نهاية العام، فستنفد لدينا الموارد اللازمة لتسليم مزيد من الأسلحة والمعدات إلى أوكرانيا، وتقديم المعدات من المخزونات العسكرية الأميركية».

وجاء نشر رسالة مديرة الموازنة في البيت الأبيض، في وقت تقر فيه أوكرانيا بفشل هجومها المضاد الذي بدأ في يونيو (حزيران)، في حين تهاجم القوات الروسية مدينة أفدييفكا الواقعة في شرق أوكرانيا من اتجاهين جديدين.

أمن الحدود قبل تمويل أوكرانيا

لكن رغم هذه التحركات والتحذيرات، يصرّ الجمهوريون على موقفهم الرافض لإقرار التمويل، من دون تغيير حاسم في سياسة الهجرة غير الشرعية وأمن الحدود. وقد دفع هذا بالسيناتور الجمهوري ليندسي غراهام الذي كان يعد من الداعمين الشرسين لتمويل كييف، إلى الإعلان عن رفضه إقرار أي تمويل من دون تغيير في سياسة الهجرة. وقال غراهام في تصريح مفاجئ لشبكة «سي إن إن»: «لن أصوّت لصالح أي مساعدة حتى نؤمِّن حدودنا... لن أساعد أوكرانيا حتى نساعد أنفسنا». لهجة صادمة من سيناتور عُرف بدعمه الدائم لكييف في وجه موسكو؛ لكنها خير دليل على إصرار الجمهوريين على عدم تقديم تنازلات هذه المرة، من دون الحصول على ضمانات جذرية من الإدارة بخصوص ملف الهجرة.

يطالب الجمهوريون بضمان أمن الحدود مقابل إقرار تمويل أوكرانيا (إ.ب.أ)

وقد تحدث السيناتور الجمهوري جون كورنين عن استراتيجية حزبه في مجلس الشيوخ، قائلاً: «إنها استراتيجية ضغط. فهناك أغلبية من الأشخاص هنا الذين يريدون إقرار هذه المساعدات؛ لكننا ننظر إلى الأمر كفرصة لنا».

ويتمثل هذا الضغط في رفض الجمهوريين دعم تصويت تمهيدي لمجلس الشيوخ لإقرار الموازنة الطارئة التي أرسلها البيت الأبيض للكونغرس، والتي بلغت قيمتها نحو 106 مليارات دولار، وتتضمن مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان.

مرفي يتحدث مع الصحافيين في الكونغرس في 4 ديسمبر 2023 (إ.ب.أ)

تحذيرات ديمقراطية

ويحذّر الديمقراطيون من هذه المناورات الجمهورية، ويتهمون الجمهوريين بـ«التلاعب بالأمن القومي» للولايات المتحدة، ويقول السيناتور الديمقراطي كريس مرفي: «أعتقد أن العالم يجب أن يقلق جداً حيال ما يحصل هنا. فالجمهوريون قرروا احتجاز تمويل أوكرانيا رهينة لسياسة داخلية، يعتبر التوصل إلى حل لها من أصعب الأمور على صعيد السياسات الداخلية».

وهذا ما كرره البيت الأبيض الذي اتهم «كل عضو في الكونغرس لا يدعم تمويل أوكرانيا بالتصويت لصالح سيناريو يسهّل من فوز بوتين»، على حد تعبير مستشار الأمن القومي جايك سوليفان الذي أضاف: «التصويت ضد التمويل الإضافي لأوكرانيا سوف يؤذي أوكرانيا ويساعد روسيا... إنه درس خاطئ للتاريخ، وعلى كل ديمقراطي وجمهوري التصويت لدعم التمويل».

لكن المعضلة أمام البيت الأبيض لا تكمن في مجلس الشيوخ؛ حيث من المتوقع أن يتوصل أعضاؤه في نهاية المطاف إلى تسويات سياسية تضمن إقرار التمويل بعد المناورات الجمهورية؛ بل إن التحدي الأكبر يكمن في مجلس النواب؛ حيث أعرب كثير من الجمهوريين عن رفضهم التام لإقرار أي تمويل من دون استراتيجية واضحة من قبل الإدارة لإنهاء الحرب. وهذا ما تحدث عنه رئيس مجلس النواب مايك جونسون الذي قال: «لقد فشلت إدارة بايدن في التطرق إلى التحفظات المشروعة لحزبي حول غياب استراتيجية واضحة في أوكرانيا، ومسار لحل النزاع، وخطة للتحقق من المساعدات التي يقدمها دافع الضرائب الأميركي». وتابع جونسون في تصريح له على «إكس» (تويتر سابقاً): «النواب الجمهوريون قرروا أن أي تمويل للأمن القومي يجب أن يبدأ بحدودنا».


مقالات ذات صلة

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)

موسكو تؤكد عزمها الرد على التصعيد الأميركي «غير المسبوق»

أكدت موسكو، الأحد، عزمها الرد على ما سمّته التصعيد الأميركي «غير المسبوق»، فيما دعا الرئيس الأوكراني إلى تعزيز الدفاعات الجوية لبلاده بعدما أسقطت وحدات الدفاع…

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا القوات الروسية تتقدم بأسرع وتيرة بأوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022 (تاس)

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

قال مدونون ووسائل إعلام روسية إن موسكو أقالت جنرالاً كبيراً في أوكرانيا لتقديمه تقارير مضللة عن تقدم في الحرب، بينما يحاول وزير الدفاع إقصاء القادة غير الأكفاء.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

قال الكرملين، الأحد، إن موسكو يجب أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته واشنطن، بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب يختار بوندي لـ«العدل» بعد انسحاب غايتز

بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)
بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)
TT

ترمب يختار بوندي لـ«العدل» بعد انسحاب غايتز

بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)
بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بام بوندي، المقربة منه والعضوَ في فريق الدفاع عنه خلال محاولة عزله الأولى عام 2020، لتولي منصب وزيرة العدل بعد انسحاب مرشحه المثير للجدل النائب السابق مات غايتز.

وكتب ترمب على منصته «تروث سوشال» بعد انسحاب غايتز: «يُشرّفني أن أعلن المدعية العامة السابقة لفلوريدا، بام بوندي، لتكون وزيرة العدل المقبلة»، مضيفاً: «لفترة طويلة جداً، استُخدمت وزارة العدل أداة ضدي وضد جمهوريين آخرين، لكن ليس بعد الآن. ستعيد بام تركيز وزارة العدل على هدفها المقصود المتمثل في مكافحة الجريمة وجعل أميركا آمنة مرة أخرى».

في سياق آخر، منح القاضي في المحكمة العليا لولاية نيويورك، خوان ميرشان، أمس، ترمب، الإذن بالسعي إلى إسقاط قضية «أموال الصمت»، وأرجأ بذلك النطق بالحكم الذي كان مقرراً الأسبوع المقبل.