بايدن وشي لـ«التغيير نحو الأفضل» في العلاقات الأميركية - الصينية

يجتمعان اليوم على هامش «آبيك»... وواشنطن تتطلع إلى دور قيادي في آسيا والمحيط الهادئ.

صورة أرشيفية للرئيس الأميركي جو بايدن خلال لقائه الرئيس الصيني شي جينبينغ على هامش قمة قادة مجموعة العشرين في بالي (رويترز)
صورة أرشيفية للرئيس الأميركي جو بايدن خلال لقائه الرئيس الصيني شي جينبينغ على هامش قمة قادة مجموعة العشرين في بالي (رويترز)
TT

بايدن وشي لـ«التغيير نحو الأفضل» في العلاقات الأميركية - الصينية

صورة أرشيفية للرئيس الأميركي جو بايدن خلال لقائه الرئيس الصيني شي جينبينغ على هامش قمة قادة مجموعة العشرين في بالي (رويترز)
صورة أرشيفية للرئيس الأميركي جو بايدن خلال لقائه الرئيس الصيني شي جينبينغ على هامش قمة قادة مجموعة العشرين في بالي (رويترز)

يصل الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى الولايات المتحدة، الأربعاء، في مستهل زيارة يشارك خلالها في قمة زعماء منتدى التعاون لآسيا والمحيط الهادئ «آبيك» في مدينة سان فرانسيسكو، ولعقد اجتماع طال انتظاره مع الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي يرى المناسبة فرصة ليُظهر لزعماء العالم أن الولايات المتحدة لديها العزيمة والاهتمام والمال للتركيز على المنطقة الحيوية، حتى في الوقت الذي تتصارع فيه مع العديد من أزمات السياسة الخارجية والداخلية.

ويعد اجتماع الرئيسين بايدن وشي الحدث الرئيسي في المؤتمر السنوي، الذي يستمر أربعة أيام لزعماء الاقتصادات الـ21، وهو يحظى بأهمية كبيرة باعتبارهما زعيمي أكبر اقتصادين في العالم، اللذين يسعيان إلى إيجاد قدر من الاستقرار بعد عام صعب في العلاقات الأميركية - الصينية.

شخصان يسيران بجوار لافتة لقمة «آبيك» في سان فرانسيسكو (أ.ب)

لكن البيت الأبيض يريد أيضاً أن يثبت لقادة «آبيك» أن بايدن يمكن أن يستمر في التركيز على منطقة المحيط الهادئ، في الوقت الذي يحاول فيه منع توسيع الحرب بين إسرائيل و«حماس» وتحولها إلى صراع إقليمي، وإقناع المشرعين الجمهوريين بمواصلة إنفاق مليارات الدولارات الإضافية في سياق الجهود الأميركية لدعم أوكرانيا في حربها المستمرة منذ 21 شهراً مع روسيا.

تغيير الى الأفضل

وعشية القمة، أكد الرئيس بايدن، الثلاثاء، أن الولايات المتحدة لا تحاول النأي بنفسها عن الصين، بل تريد تحسين العلاقة معها. وقال: «لا نحاول الانفصال عن الصين. ما نحاول القيام به هو تغيير العلاقة إلى الأفضل»، آملاً في أن يساعد الاجتماع «في العودة إلى مسار طبيعي من التواصل، أي القدرة على رفع سماعة الهاتف وأن يتحدث كل طرف مع الآخر في حال وقوع أزمة».

إيماءة حماسة من الرئيس الأميركي جو بايدن (إ.ب.أ)

وقال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جايك سوليفان، إن الرئيس بايدن «سيقوم هذا الأسبوع بأكثر من مجرد الاجتماع مع الرئيس شي»، مضيفاً أن بايدن سيطرح رؤيته الاقتصادية للمنطقة، ويؤكد أن الولايات المتحدة هي «المحرك البارز للغاية» للنمو الاقتصادي المستدام في آسيا والمحيط الهادئ، ويجعل المنطقة ذات أهمية حاسمة للنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة.

مراكز قوى

ويفيد مسؤولو البيت الأبيض بأنهم يدركون أن دول «آبيك» ترغب في رؤية حوار أفضل بين الولايات المتحدة والصين لأنه يقلل من خطر الصراع الإقليمي. وفي الوقت نفسه، يعلمون أن الآخرين في المنطقة يشعرون بالقلق من أن المحيط الهادئ يُنظر إليه في كثير من الأحيان من خلال منظور تقوم فيه مراكز القوى المهيمنة في واشنطن وبكين باتخاذ القرارات المتعلقة بالمنطقة من دون مشاركة الدول الأقل قوة.

ولتحقيق هذه الغاية، يتوقع أن يكشف البيت الأبيض عن مبادرات جديدة لتعزيز استثمارات الاقتصاد النظيف، وتطوير سياسات مكافحة الفساد والضرائب من خلال المنتدى الاقتصادي للمحيطين الهندي والهادئ، وهي استراتيجية اقتصادية أعلنت العام الماضي بهدف مواجهة القوة التجارية لبكين في المنطقة.

وصممت هذه الاستراتيجية، المعروفة بالاختصار «أبيف»، لتعزيز التجارة وإظهار التزام الولايات المتحدة تجاه المنطقة، بعدما أعلن الرئيس السابق دونالد ترمب عام 2017 أن بلاده ستنسحب من اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ، أو «تي بي بي»، التي كانت أقرت في عهد الرئيس سابقاً باراك أوباما مع 12 دولة.

علمان أميركي وصيني يرفرفان في الصين (أ.ب)

التزام دائم

ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن المدير المساعد لمركز الاقتصاد الجيولوجي التابع لـ«أتلانتيك كاونسيل» نيلز غراهام، أن الولايات المتحدة «تهدف إلى استخدام آبيك وسيلةً لإظهار التزامها الاقتصادي الدائم تجاه المنطقة بشكل عام».

وقال الزميل البارز لشؤون جنوب شرقي آسيا في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي جوشوا كورلانتزيك إن معظم أعضاء المنظمة «فاترون في أحسن الأحوال»، فيما يتعلق بالمنتدى الدولي الذي يركز على البيئة والطاقة. وبينما انهارت الشراكة عبر المحيط الهادئ في عهد ترمب، شهدت المنطقة اتفاقيات تجارية كبرى في السنوات الأخيرة شملت الصين واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها من الاقتصادات الإقليمية الكبرى. ولدى أعضاء «آبيك» بعض الاهتمام بجوانب «أبيف»، مثل الجهود الرامية إلى تعزيز مرونة سلسلة للتوريد واقتصاد الطاقة النظيفة، لكنهم يريدون رؤية بايدن إفساح المجال أمام المزيد من الوصول إلى الأسواق الأميركية.

ورفض بايدن خلال فترة رئاسته متابعة اتفاقات التجارة الحرة الشاملة الجديدة مع الدول الأخرى. ويجادل مسؤولو الإدارة بهدوء بأنه في حين تعمل مثل هذه الاتفاقات على تعزيز التجارة العالمية، فإن الأميركيين وبعض أعضاء الكونغرس ينظرون إليها بعين الريبة باعتبارها وسيلة لإرسال وظائف المصانع إلى الخارج.

خلافات حول غزة

وكان بايدن استقبل، الاثنين، الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، وهو زعيم بلد عضو في «آبيك»، الذي انتقد بشدة العمليات الإسرائيلية في قطاع غزة.

في المقابل، لم يعتذر بايدن لوقوفه بقوة إلى جانب إسرائيل، مما دفع الرئيس الإندونيسي إلى التعبير عن أسفه لأن «حياة الإنسان تبدو بلا معنى» عندما يتعلق الأمر بإسرائيل.

وعلى رغم خلافاتهما في شأن الحرب، أوضح بايدن خلال اجتماعه مع ويدودو أنه يتطلع إلى تحسين العلاقات مع القوة الواقعة في جنوب شرقي آسيا بشأن مكافحة أزمة المناخ وقضايا أخرى.

ويمكن أن تتعقد جهود البيت الأبيض لدفع أعضاء «آبيك» للتوقيع على إعلان مشترك في ختام القمة، بسبب تباين وجهات النظر بين الأعضاء في شأن غزة وأوكرانيا.


مقالات ذات صلة

اتفاق وقف النار على 3 مراحل تبدأ بانسحابات متزامنة

خاص دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)

اتفاق وقف النار على 3 مراحل تبدأ بانسحابات متزامنة

أفادت مصادر بأن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب موافق على الخطوات التي تتخذها إدارة الرئيس جو بايدن لإقرار هدنة من 60 يوماً بين لبنان وإسرائيل.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن يستقبل الرئيس المنتخب دونالد ترمب في البيت الأبيض في 13 نوفمبر 2024 (أ.ب)

لن يرد بالمثل... بايدن يحضر حفل تنصيب ترمب

أعلن البيت الأبيض، الاثنين، أنّ الرئيس جو بايدن سيحضر حفل تنصيب دونالد ترمب في يناير، على الرغم من أنّ الأخير تغيّب قبل 4 سنوات عن مراسم أداء القسم الرئاسي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي ناشط من المستوطنين اليهود بحماية جنود إسرائيليين خلال احتفالات عيد المظال اليهودي في منطقة البلدة القديمة بالخليل (د.ب.أ)

تقرير: أميركا حذرت إسرائيل من تصاعد العنف بعد قرار وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين

نقل موقع «أكسيوس» الإخباري، اليوم (السبت)، عن مسؤولين أميركيين قولهم إن إدارة الرئيس جو بايدن حذرت إسرائيل من تصاعد العنف في الأراضي الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز) play-circle 01:41

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)

ترمب يتخلص من مشكلاته القانونية قبل تنصيبه

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

ترمب يتخلص من مشكلاته القانونية قبل تنصيبه

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

بعد فوزه في انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، يبدو أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب سيتخلّص من مشكلاته القانونية بعد طلب الادعاء إسقاط الدعوى المتعلقة بمحاولة قلب نتائج انتخابات 2020 استناداً إلى سياسة وزارة العدل التي تمنع محاكمة رئيس يشغل المنصب.

ووافقت القاضية تانيا تشوتكان على طلب المدّعي الخاص جاك سميث ردّ هذه الدعوى لأنّ سياسة وزارة العدل تنصّ على عدم ملاحقة رئيس يمارس مهام منصبه، وهو ما سيكون عليه ترمب بعد أن يؤدي اليمين الدستورية في 20 يناير (كانون الثاني).

ووافقت القاضية على ذلك مع حفظ إمكان إعادة إحياء هذه الدعوى بمجرد أن يغادر ترمب منصبه بعد 4 سنوات.

وأوضح سميث أنه بعد مشاورات، خلصت وزارة العدل إلى أن سياستها منذ «فضيحة ووترغيت» عام 1973 المتمثلة في عدم محاكمة رئيس في منصبه «تنطبق على هذا الوضع غير المسبوق»، مضيفاً أن هذا الاستنتاج «لا يعتمد على مدى خطورة الجرائم المحدّدة أو قوة قضية الادعاء أو أسس الملاحقة».

وقالت القاضية إنّ «الحصانة الممنوحة لرئيس يمارس مهام منصبه هي حصانة مؤقّتة، وتنتهي عند مغادرته منصبه».

من جهتها، كتبت المدعية السابقة باربرا مكويد على «إكس»: «بالطبع، ربما لا تكون هناك شهية للملاحقة القضائية في عام 2029، لكنّ ذلك يبقي هذا الاحتمال مفتوحاً».

والقضية الأخرى في فلوريدا ستواجه المصير نفسه؛ فقد أعلن سميث أنه، للسبب عينه، لن يلاحق ترمب بتهمة الاحتفاظ بوثائق سرية بعد مغادرته البيت الأبيض عام 2021.

وكان سميث قد استأنف قرار القاضية الفيدرالية إيلين كانون في فلوريدا بإلغاء الإجراءات في يوليو (تموز) على أساس أن تعيين المدعي الخاص في القضية غير دستوري.

حصانة

هكذا، تخلص ترمب من متاعبه القانونية، خصوصاً بعد الحكم التاريخي للمحكمة العليا الذي أُقِرَّ في الأول من يوليو بأن «طبيعة السلطة الرئاسية تمنح الرئيس السابق حصانة مطلقة من الملاحقة الجنائية عن الأفعال الرسمية التي يتخذها بوصفه رئيساً».

لذلك، اضطُرَّ سميث لتقديم لائحة اتهام منقحة في نهاية أغسطس (آب) لإثبات الطبيعة الخاصة للوقائع التي يتّهم ترمب بارتكابها، والتي، وفق قوله، لا تغطيها الحصانة الجنائية.

وضمنت المحكمة العليا بحكم الأمر الواقع عدم محاكمة ترمب في هذه القضية قبل انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو ما كان يريده.

وبمجرد دخوله البيت الأبيض، يستطيع دونالد ترمب التخلص من الدعويين أو حتى تجنّب إعادتهما إلى القضاء من خلال إصدار عفو عن نفسه.

لكن رغم ذلك، ربما تكون في انتظاره عقبة أخيرة في نيويورك قبل تنصيبه رسمياً في 20 نوفمبر عند النطق بالحكم عليه في المحاكمة الوحيدة من محاكماته الجنائية الأربع التي لم يتمكن محاموه من تأجيلها إلى ما بعد عام 2024.

وأدين ترمب بارتكاب 34 تهمة جنائية في مايو (أيار) بعدما خلصت هيئة محلفين إلى أنه قام بالتلاعب بشكل احتيالي بسجلات تجارية للتغطية على دفع مبالغ لنجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز مقابل صمتها عن علاقة جنسية مفترضة حتى لا تضر بحملته في انتخابات عام 2016.

لكن القاضي خوان ميرتشن الذي أرجأ النطق بالحكم مرات عدة، سمح لمحامي ترمب بتقديم استئناف لإلغاء الإجراءات بحلول الثاني من ديسمبر (كانون الأول).

كذلك يواجه ترمب في جورجيا تهمة الابتزاز على خلفية جهوده لقلب نتائج انتخابات 2020 في الولاية الجنوبية، لكن من المرجح تجميد هذه القضية خلال ولايته.